بقلم : محمد حبوشة
عندما يسمع البعض اسم “زيوس” تقفز إلى ذهنه صورة لرجل ضخم القامة مفتول العضلات أشيب الشعر واللحية يتربع على عرشه فوق قمة جبل “الأوليمب” محيطا نصف جسده بشملته كاشفا عن عضلات جزعه الضخمة، وهو ممسك بصاعقة في وضع التأهب لإرسالها على الخاطئين من البشر..
ولقد بدا لي أن الدراما المعروضة في رمضان خلال السنوات الثلاثة الأخيرة افتقدت للخريطة الإدراكية الكلية في فهم أسباب الخطأ الظلم والفساد والاستغلال على طريقة “زيوس”، وذهبت لفتح الباب على مصراعيه أمام الأطفال للأفكار الهادمة في دائرة العنف والعجز المفرغة، والكم الهائل للشر والفساد الذى تجسده الدراما المصرية الآن، وللأسف ظهرت هذه الصورة بخاصة بعد أحداث 25 يناير، وانهيار صناعة الإنتاج الدرامي وابتعاد الدولة ومؤسساتها الإعلامية والثقافية عن الدور الريادي في هذا المجال.
الأمر المؤكد أن مسلسلاتنا ربّت نمطا جديدا في العنف القائم على أفعال الشيطان التي تحاول قسرا أن ترسخ لطبيعة الصراع الذي تعيشه مصر والمنطقة العربية من أحداث سياسية في صورة مغايرة للواقع كي تؤكد بالزيف أنها حقائق انعكست بالضرورة على حياة البسطاء في ربوع الوطن العربي، ربما كانت قادمة من قلب أحداث القتل والدم والعنف والترويع التي تتكرر يوميا في الشارع العربي في أعقاب حدوث حوادث الارهاب وصراع على السلطة وقيام أنظمة لذلك، ومن ثم فكر صناع الدراما في انعكاس ما يدور في الشارع المصري على طريقتهم الخاصة.
ويبدو أن الشياطين المصفدة في رمضان وجدت هذا العام مهربا إلى شاشة الدراما التليفزيونية، شياطين على كل لون وصورة، حتى وجدنا في رسمها لمسة مختلفة على مستوى الكتابة والأداء، وكأنها تحاول توجيه الجمهور لهذه الحياة الممتلئة بالدم، وحجة بعض المؤلفين والمخرجين “أن الشارع المصري أصبح عنيفًا وهذه ترجمة للواقع، مع أن مثل هذه الأعمال المليئة بالعنف تنزع من الإنسان الإحساس بالغير وسيأتي يوم يُقتل فيه الناس في الشارع ولا أحد يتحرك لنجدتهم.
وهنا لابد أن انبه أن مهمة الفن ليست رصد الإيجابيات أو السلبيات بحذفيرها كنوع من الواقعية، وإنما التنويه عنها حتى لا تصبح الصورة سوداء قاتمة، لكن مهمته الأساسية رصد الإيجابيات والسلبيات على حد سواء وعمل معالجة درامية من خلال هذا السلاح الناعم الذي يستطيع التغلغل في كل البيوت سواء بيوت البسطاء أم المسئولين، ولا يوجد أفضل من الموسم الرمضاني لضمان الحصول على أعلى نسبة مشاهدة وضمان النجاح، لذلك نجد أن الشر لم يعد ينحصر في تجار الممنوعات أو الدجالين والطريقة القديمة للعصابات الشريرة، لكنه تطور لعصابة رجال الأعمال والإعلام المزيفين وتجار الأراضي والأعضاء البشرية، وكأنها لم تكن موجودة حتى بدايات الألفية الجديدة.
في رمضان هذا العام انتقلت عدوى العنف – التي سيطر في آخر 10 سنوات في السينما إلى الدراما – وأصبح عنفا مصرحا به للتداول على الشاشات التي تطل على الأسرة، والتي تقذف المشاهدين بمشاهد المعارك الطاحنة وتعاطى المخدرات، ولا يكاد يخلو مسلسل في موسم الدراما الرمضانية هذا العام من فئة شياطين الإنس الذين برعوا في أدوار الشر، ودومًا هنالك إغواء للممثل والمشاهد وللمؤلف قبلهما في الجنوح نحو هؤلاء الشياطين وتجسيد هذه الأدوارعلى الشاشة، حتى أصبحت بمثابة مسارات آمنة للتعبير عما هو مكبوت بداخلك من رغبات مظلمة، رغبات لامستنا جميعًا من قبل في مواضع خفية في الروح، ربما أيضا هي نوع من التطهر، وبالنسبة للممثل بالذات شكلت هذه الشخصيات المسكونة بالظلال والأشباح اختبارًا لقدرته على التعبير والأداء.
ومن ثم أصبحنا ننظر إلى كيف يقدم الممثل الشر الممتع؟، تختلف التفاصيل، فهناك الشر النفسى الجوانى.. وهناك الشرير العنيف أو الشرير الكريه أو حتى الشرير الساذج، قدمت السينما المصرية عبر تاريخها، عددا من النجوم الذين ما زالوا يعيشون بيننا بأدوارهم الشريرة التى لطالما تظل فى أذهان الجميع، ولكن يظل عدد من النجوم يحتفظون بتألقهم وريادتهم فى أداء أدوار الشر، حتى خلفهم جيلا جديدا فى لعب هذه النوعية من الأدوار، والتى حققوا من خلالها نجاحا كبيرا وأصبحوا “أيقونات الشر” فى الدراما والسينما، وأدوار الشر دائما تكون الأكثر تأثيرا فى العمل الفنى وإما يكره المشاهدون من يقدمها ويتفاعلون معه وإما لا يقتنعون بأدائه ويرون أن ما يقدمه من شرغير مقنع، ومن أشهر هؤلاء النجوم، الذين قدموا الشر في خارطة رمضان 2020 (أحمد زاهر، محمد علاء، رحاب الجمل، روجينا، أحمد صلاح حسني، رياض الخولي، أحمد العوضى، ضياء عبد الخالق، محمد دياب، باسل خياط، وخالد سرحان وحلا شيحا)، وغيرهم من نجوم برعوا في ادوار الشر المطلق هذا الموسم.
هذا الأمر تجسد فى مسلسل “البرنس” الذى جمع أكبر كم من الشخصيات الشريرة التى حظيت بجاذبية وحققت نجاحا بسبب فرط الغل والكراهية الذى بثته على الشاشة، وعلى رأسهم “أحمد زاهر وروجينا ورحاب الجمل ومحمد علاء” فى مواجهة “قلة حيلة” أخيهم “رضوان البرنس” – محمد رمضان- الذى اضطر فى الحلقات الأخيرة من العمل بالحيلة والذكاء للانتقام بعد سجنه وقتل ابنه وزوجته وتشريد ابنته، ليكتسح فريق الممثلين ممن قدموا أدوار الشر الشاشة، وليطغوا فى نجاحهم على “رمضان” نفسه ومشاهد ظهوره فى المسلسل، وخاصة ثنائى الشر “فدوى” و”فتحى” أو روجينا وأحمد زاهر، خاصة أنهما غلفا أداءهما بلمسة كوميدية الطابع.
والطريف في الأمر أن قطاع كبير من الجمهور تفاعل مع تلك الشخصيات بشكل كبير لدرجة الغضب من أبطال مسلسل “البرنس” ووضع تعليقات سلبية على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وتلقى الفنان أحمد زاهر مكالمة غاضبة من أحد متابعى العمل تهدده بالانتقام لأنه ترك ابنة أخيه فى الشارع، ورغم تقبل “زاهر” الأمر بالضحك وحاول إفهام المتصلة أن ذلك “تمثيل فى تمثيل”، إلا أنها واصلت صب غضبها عليه، والإساءة له على الهواء مباشرة.
وفى مسلسل “الفتوة” كان لأدوار الشر حضورا استثنائى بداية من “عزمى صابر أبو شديد” – أحمد صلاح حسنى – الذى يدخل في صراع مرير مع “حسن الجبالى” – ياسر جلال – على الفتوّنة ويأكل حق الغلابة ويظلمهم، مرورا بالعوالم فى ذلك الزمن القديم ممن تنافسن على الإغواء والإيقاع بين الجميع وقدمت أدوراهن رشا أمين وغادة طلعت فى دور اثنتين من العوالم.
ويبقى المعلم “سيد اللبان” هو الشرير الأكبر عديم المبادئ في مسلسل “الفتوة”، الذي جسد دوره الفنان القدير رياض الخولي، الذي كان واحدا من أبدع شخصيات رمضان هذا العام، حيث لعب دور الفتوة الذي يغدر بالجميع من أجل أطماعه الشخصية، لديه استعداد لبيع نفسه للشيطان للحصول على ما يريده، ترى الشر في عينيه وكأنه شاشة لعرض ما يدور في قلبه وعقله، ولعل وجود الفنان رياض الخولي في المسلسل قد أعطاه ثقلا فوق ثقل السيناريو المحبوك، وفوق ثقل الفنانين الآخرين المشاركين في العمل، فما زال الجمهور يتذكر جيدا العمدة “هارون صفوان عبد الرحيم” في سلسلة “سلسال الدم”، والذي تم عرضه على مدى السنوات السابقة، وأبدع فيه رياض الخولي في هذا الدور لدرجة تشعرك بأن هذه حقيقته.
كما جذب أداء عدد من الممثلين لأدوار الشر والإرهابيين فى مسلسل “الاختيار” الجمهور، يتقدمهم أحمد العوضى فى شخصية الإرهابى هشام عشماوى، ورغم انتقاد البعض لتقديمه أداء يعتمد على نظرية العينين وثبات انفعالاته المتجهمة، إلا أنه حقق نجاحا كبيرا من خلال الشخصية، ولفت الأنظار، وكذلك أحمد الرافعى الذى قدم شخصية مفتي الجماعة التكفيرية، وضياء عبد الخالق في دور أبو عبد الله أحد قادة التكفيريين فى المسلسل، ناهيك عن شخصيات أخرى لعبت أدوار تكفيريين أو خارجين عن السياق العام للأخلاق من بدو سيناء وغيرهم من الخونة لدينهم وبلادهم.
أيضا حظى “محمد دياب” فى مسلسل “فرصة تانية” بإشادات لأدائه دور الشر وتاجر المخدرات “مدحت” الذى يسىء لزوجته – هبة مجدى- ويؤذيها بالضرب طوال الوقت، كما يتزوج عليها ويرفض تطليقها، والطريف أن “دياب” نفسه قدم أيضا شخصية شريرة لقاتل بالأجر يعتدى على “رضوان” – محمد رمضان- فى مسلسل “البرنس” ولكنه تمكن من قتله ووضع إلى جوار شقيقه “فتحي” في سريره.
وعلى وتر الخيانة جاء الشر في مسلسل “خيانة عهد” لـ”يسرا” حيث قدمت فى بداية الحلقات شخصية محبة للجميع تلملم أفراد أسرتها وأبناء شقيقها، إلا أن الجميع وتحديدا عائلتها والمقربين منها تآمروا عليها، وتسببت شقيقتها “فرح” – حلا شيحة – فى وفاة ابنها إلى جانب أنها كانت وراء سقوطه فى الإدمان، وكل هذا بسبب ثأر تنفذه شقيقتها – حلا شيحة – لأنها كانت وراء متاعب لها فى حياتها، فهل فعلت حقا ما يستحق أن تدمر حياة شقيقتها بسببه؟.
انقلبت يسرا أو “عهد” سريعا لتنتقم هى الأخرى من شقيقيها حلا شيحة التى قدمت دورها بتعبيرات باردة لتعبر عن الشخصية الشريرة، وخالد سرحان المحامى الانتهازى الطامع حتى فى شقيقته وثروتها، ولتتحول إلى النقيض مما كانت عليه فى الحلقات الأولى من العمل، تتآمر وتمارس أشرس أنواع الشر للانتقام من شقيقيها اللذين تبدل حالهما بالانكسار والابتعاد عن شرهما، فى تبديل كامل للموقف، ولاقت شخصيات أخرى فى مسلسل “خيانة عهد” جاذبية كبيرة لإتقانهم أدوار الشر، ومنهم عبير صبرى فى دور المرأة الناعمة والزوجة الخائنة، ورمزى العدل رجل الأعمال المنافس لـ “عهد”، والذى يمارس كل الألاعيب غير الأخلاقية والقانونية لهدم كيان منافس له وهو مصنع وشركة “عهد”، وأيضا جومانة مراد “شيرين” المدمنة التى تتعاون مع “فرح” لتوقع ابن “عهد” فى الإدمان دون قلب أو إنسانية، ثم تشهد قتله بالخطأ وتعود لتتآمر مع “عهد” ضد شقيقتها “فرح”.
ربما لا يستطيع خيط الجريمة وحده أن يحمل عملا دراميا كاملا، بل يجب أن تسايره مجموعة من الخيوط الجانبية التي تتقاطع مصائرها مع القصة الأساسية، تماما كما لاحظنا في “لما كنا صغيرين”، فقد احتاج هذا العمل الدرامي المحكم إلى توظيف يجعله قريبا من الحياة اليومية دون إطالة أو افتعال، فالضحية والجاني يرتبطان بشبكة علاقات مجتمعية وإنسانية ويؤثران فيها ويتأثران بها، ومثال ذلك علاقة “سليم منصور” بكل من “دنيا، يحيى، نهى، حسن، وائل” من بداية تدريسه لهم بالجامعة الأمريكية وتطور العلاقة بينهم إلى حد توظيفهم جميعا معه في وكالته الإعلانية الكبيرة، ومن ثم أمكنه التحكم في مصائرهم جميعا إلى أن تم قتله في نهاية المطاف على يد “دنيا”.
وكان الشر هنا على نار هادئة ولم يبدو واضحا سوى في الحلقات الثلاثة الأخيرة حيث صدمنا الكاتب “ايمن سلامة في “دنيا” وطأة مواجهتها بجرائمها البشعة التي ارتبكتها، حيث بدت هادئة يعتريها قدر بسيط من الاضطراب وحاولت السيطرة على أعصابها بادئ الأمر، وتفاعلت مع المواقف التراجيدية المأساوية دون صراخ، رغم أنها قتلت ثلاثة من أصدقائها “سليم” رئيسها في العمل وقتلت صديقتها “نهي” تحت تهديدها وابتزازها الذي أخرج أسوأ ما فيها من عقد نفسية، وقتلت صديقها “وائل” الطيب الودود الشفاف بعد أن كشف سرها، رغم أنها كانت تكن له حبا كبيرا، ومن قبلهم جميعا قتلت والدها عن طريق الخطأ في لحظة اعتدائه على أمها بالضرب.
ولا تغيب عن الدراما السورية أدوار الشر، فهي هنا محركٌ أساس لتشييد الصراع الدرامي، تلوينه وتدعيمه وحياكته في تواتر متدفق من الأحداث والرغبات والأفكار، كما جاء في مسلسل “النحات” الذي لعب دور ثلاثة شخصيات “يامن – رند – عصمت”، وعلى قدر هدوء “عصمت” طيب القلب والسريرة، وابنه “يامن” المشغول طوال الوقت بالحث عن قاتل أبيه، إلا أن شخصية “رند” كانت تحمل كل مقومات الشر الذي أوقعه في شرك كثير من المشكلات التي جعلت مصيره مجهول حتى نهاية الحلقات التي وضعت المشاهد في حيرة، حيث لم توضح الحقائق كاملة، وربما تركها صناع العمل للجزء الثاني.
ومن ناحية أخرى رسخت كلمات أغانى التتر للعديد من الأعمال المشاركة فى السباق الرمضانى هذا العام هذه الفكرة التى تدعو للتراجع عن الطيبة، وأنها لا تحقق الهدف المرجو منها، حتى لو كانت مع المقربين، وأن اللجوء إلى الشر أفضل، فجاءت كلمات تتر “خيانة عهد” التى غناها مصطفى حجاج عن كلمات د.مدحت العدل وألحان عمرو مصطفى “الطيبين ما بيكسبوش
لكن اللى بيغير وشوش
كل يوم بوش شكل
ده اللى بيلم القروش
حاسب يا طيب من الزمن والناس
فى بشر بتخون بالضحكة والإِحساس
يبقا قريبك نصيبك
لكن لو طال يصيبك
كما قدم أحمد سعد عدة أغان تلعب على نفس الوتر، الخيانة من المقربين والجميع أشرار، وحقق نجاحا لافتا، وخاصة أغنية تتر البداية التى حملت اسم “العشم” كلمات عادل السيد، وألحان تامر كروان، وجاء بكلماتها
اللى قولت حبايبى
هما طلعوا كدبة وطلعوا غُمة
جرحوا فيا يا دنيا
ثم باعوا قلبى كمان رخيص
اللى ياما اتمنوا ودى
فجأة قلبوا وصبحوا ضدى
عدى يلا يا دنيا عدى
اتخدعت فى كام خسيس
كله لابس وش طيبة
والمعاملة بقت غريبة
واللى على نياته زيى
اتأذى ودفع الضريبة
كنت دايمًا أقول عنيا
حتى لو يوم جم عليا
كنت برده بقول وماله العشم زايد شوية
أهلى دول وإخوات ولمة!
ولّا دول تعابين وسامة!
شوفت قسوة وغدر منهم
جرحوا فيا ما حد سمى
كما طرح “سعد” أغانى تم توظيفها دراميا داخل مسلسل “البرنس” لنفس فكرة “الطيب ما بيكسبش”، منها أغنية “بقى دولا من دمى” التى تعاون فيها مع كل من الشاعر الغنائى والملحن هيثم نبيل والموزع الموسيقى عادل حقى.
يفسر استشاري الطب النفسي د. جمال فرويز حالة اتحاد الجمهور مع النماذج غير المألوفة خصوصا المظلومة منها ، بأن الجمهور عاطفي بطبعه، ويكره التصرفات الشريرة حتى لو كان يمارسها، من منطلق أن الجميع لا يعترف بخطئه، ويوضح أن مشاهدة تلك النماذج عبر الدراما يجعل الجمهور يتعاطف معها وينتظر الانتقام منها، خصوصاً مع صعوبة تحقق هذا الأمر في الواقع، بينما النماذج الخيرة الوفية يعتبرها الجمهور عادية ومألوفة.
ويعتبر “فرويز “أن الإنسان لا ينتبه لأمر سيئ لديه إلا عندما يراه في الآخر، ويقول: “بعض النساء اللاتي تابعن خيانة الصديقة صديقتها ربما بينهن من خانت صديقتها لكنها عندما ترى الأمر على الشاشة تكره تصرف الخيانة، بينما لا يستفزها نموذج الصديقة الوفية أو يحثها على الوفاء مثلا”
ولا تختلف د. سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، مع ما طرح “فرويز”،فـ “التفاعل مع النماذج الشريرة درامياً يكون أكثر من غيرها”، مشيرة إلى اختلاف رؤية كل جيل معها، خصوصاً الخيانة الزوجية، “فمثلا القاعدة لدى الجيل القديم من أمهاتنا أن الرجل يخون، ويفعل ما يحلو له وفي النهاية يعود إلى أحضان زوجته المستكينة، فيما لدى الجيل الحالي من الشابات قدر كبير من الوعي والاستقلالية والتعليم، جعلهن أكثر رغبة في الثأر، وهو ما يمكن تلمسه من ردود الفعل مع طرح تلك النماذج درامياً».
ونحن بدورنا نقول أن فضول الإنسان يشعل رغبته في متابعة الأعمال الدرامية في سبيل معرفة من سيكسب المعركة في النهاية الشيطان الذي تغلب طباعه ويذهب في أفعاله الرجيمة على جناح الشر المستطير، أم ذلك الإنسان الطيب البسيط الذي يحاول أن يعيش الحياة في هدوء وسكينة، رغم ما يواجهه من كم التراجيديا التي يتعرض لها في واقعه المرير .. تلك معادلة الدرما التي نحاول أن يعايشها في رمضان وغيره من موسم أخرى تحيا الخير والشر في سياق أحداث تتأرجح بين النعومة والخشونة في آن واحد.