قصة الفدائيين الثلاثة الذين استشهدوا، ولحن لهم (زياد الرحباني) أغنية (وحدن)

كتب: أحمد السماحي
منذ يومين طرحت المطربة السورية (شهد برمدا) أغنيتين من أشهر أغنيات الموسيقار العبقري الذي رحل عنا منذ أيام (زياد الرحباني) والذي لحنهما ووزعهما لوالته جارة القمر فيروز.
وهما (وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان) كلمات الشاعر الكبير (طلال حيدر)، و(كيفك أنت، ملا أنت) كلمات زياد الرحباني.
شهد برمدا أهدت الأغنيتين اللتين صورتهما كفيديو كليب مجمع إلى روح (زياد الرحباني)، وتم تنفيذ وتسجيل الأغنيتين في ستوديوالموزع الموسيقي (نزارتارك) في دمشق.

قصة الفدائئين في وحدن
كثير من القراء لا يعلم أن أغنية (وحدن) المليئة بالرومانسية والعاطفة، التى تجمع كثير من التناقضات التى تؤكد على قسوة الإنسان والطبيعة، مثل الحنان والقسوة، الرقة، والشدة.
والتى تثير الخيال، وتأخذنا إلى جو الثلج والذئاب، والتى إحتلت مكانة كبيرة في قلوب المستمعين، وراءها حكاية لا يعرفها الكثيرين، حيث تخبئ بين أحرف كلماتها قصة ثلاثة مقاومين عرب من ثلاثة جنسيات قاموا بعملية فدائية داخل الأراضي المحتلة.
وقصة الأغنية جاءت على لسان الشاعر اللبناني الكبير (طلال حيدر)، والتي أعاد ملحنها الموسيقار العبقري (زياد الرحباني)، سردَ تفاصيلها في أحد البرامج الإذاعية، قائلاً: (اعتاد الشاعر طلال حيدر شُرب فنجان قهوته الصباحي والمسائي على شرفة منزله المطلّة على غابة تقع على مقربة من منزله .
مرّت فترة من الزمن عندما كان (طلال حيدر) يشرب قهوته الصباحيّة، و هو يلاحظ دخول ثلاثة شبان إلى الغابة في الصباح، وخروجهم منها مساءً، و كلّما دخلوا وخرجوا سلّموا على طلال .
وكان هو يتساءل: ماذا يفعل هؤلاء الشبان داخل الغابة من الصباح إلى المساء؟ إلى أن أتى اليوم الذي ألقى الشبان التحية على (طلال حيدر) في الصباح ودخلوا الغابة، وفي المساء خرج (طلال حيدر) ليشرب قهوته لكنه لم يرَ الشبان يخرجون.
فانتظرهم لكنهم لم يخرجوا، فقلق عليهم، إلى أن وصله خبر يقول: إنّ ثلاثة شبّان عرب قاموا بعملية فدائيّة وسط الكيان الصهيوني، وفي اليوم التالي وعندما شاهد صور الشبّان الثلاثة فوجئ أنّ الشبان الذين استشهدوا هم أنفسهم الشبان الذين اعتاد أن يتلقى التحية منهم في الصباح والمساء.
وعُرفت تلك العملية بالعملية الخالصة، التي نُفذت في مستوطنة (كريات شمونة)، شمال فلسطين، في صباح 11 إبريل عام 1974.

أبطالها من مقاتلي الجبهة الشعبية
وكان أبطالها من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهم الفلسطيني (منير المغربي/ أبو خالد)، والسوري (أحمد الشيخ محمود)، والعراقي (ياسين موسى فزاع الحوزاني/ أبو هادي).
فكتب (طلال حيدر) كلمات لتخليد هؤلاء الفدائئين الثلاثة، فقال:
وحدن بيبقو متل زهر البيلسان
وحدهن بيقطفو وراق الزمان
بيسكروا الغابي
بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي
على بوابي، يا زمان
يا عشب داشر فوق هالحيطان
ضويت ورد الليل عكتابي
برج الحمام مسوروعالي
هج الحمام بقيت لحالي لحالي
يا ناطرين التلج ما عاد بدكن ترجعوا
صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعوا
وحدن بيبقوا متل هالغيم العتيق
وحدهن وجوهن وعتم الطريق
عم يقطعوا الغابة
وبإيدهن متل الشتي، يدقوا البكي وهني على بوابي

ألبوم وحدن
من المعروف أن ألبوم (وحدن) طرح عام 1979، ويعتبر أول ألبوم يطرح لجارة القمر فيروز، بعد انفصالها عن زوجها الموسيقار (عاصي الرحباني)، وكانت أغنياته الخمسة كلها من تلحين وتوزيع (زياد الرحباني).
وهذه الأغنية طرحت لأول مرة من خلال فيلم (نهلة) عام 1979، تأليف وإخراج الجزائري فاروق بلوفة، وشارك في بطولته مجموعة كبيرة من نجوم لبنان الشباب في هذه الفترة، منهم (روجيه عساف، ياسمين خلاط، لينا طبارة، فائق الحميسي).
وظهر (زياد الرحباني) ضمن أحداث الفيلم، وفي هذا الفيلم غنت المطربة اللبنانية (رونزا) بلسان البطلة ياسمين خلاط التى جسدت دور (نهلة) لأول مرة أغنية (وحدن)، وقبل أن تغنيها فيروز.

الانقلاب الذي فعله زياد الرحباني لفيروز
يحسب للموسيقار العبقري (زياد الرحباني) أنه قرب فيروز للشباب أكثر، حيث كسر الغلالة الشفافة التى رسمها والده وعمه لوالدته، واستبدالها بصورة إمرأة واقعية حقيقية راسخة في واقع المكان والزمان، وأقرب إلى صورة العصر.
كانت غالبية أغاني (الأخوان رحباني) لفيروز تتحدث عن حب لا جنس له، وعن حبيب مبهم الهوية هو (الحلو) كما جاء في أغنيات مثل (دق الهوا ع الباب قلنا حبايبنا، قلنا الحلو اللي غاب جايي يعاتبنا).
أو الأغنية التى تقول فيها (ماعاد راح يحكي الحلو معانا) أو الأغنية التى تقول في مقطع منها (شو يا حلو زعلان منا كيف) أو (صار لو زمان الحلو ما بان) و(عبر الحلو وحيا) وغيرها.
فصارت (فيروز) تمثل في أغانيها حالة الحب المطلق، فجاء (زياد الرحباني) بعبقريته وجعل (فيروز) تتمرد على الحلو القديم، وتغني قائلة (بتمرق علي إمرق، ما بتمرق، مس فارقة معايا!).
