رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام
(الفستان الأبيض) يحكي بوعي وبدلالات الكادرات ما يحدث حين تبحث عن تحقيق الحلم

بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح

أتابع بشغف معظم ما يقدم في مصر الغالية من فنون وإبداع في كل المناحي، فقد استمتع أبناء جيلي بفنون الستينيات إلى ما يحدث الآن ونندهش نعم وقد نكتئب والبعض منا صامت والبعض يحاول، ولكن فعلاً وبكل صدق الامر أصبح يستحق المصارحة، فقد شاهدت أمس فيلم (الفستان الأبيض) الذب يستحق كل الاحتفاء والكتابه عنه.

جديد، ولكنه تواجد على أحد المنصات وشاهدته مذهولاً الفيلم باسم (الفستان الأبيض).. إبداع سينمائي لكاتبه ومخرجة أكيد أدرك عظمتها المنتج (محمد حفظي)، إنها (چيلان عوف) تذكروا معي هذا الاسم.

(الفستان الأبيض) يحكي بوعي وبدلالات الكادرات ما يحدث حين تبحث عن تحقيق الحلم، فحلم كل فتاة هو أن ترتدي في زفافها ويومها السعيد بالفستان الأبيض فيقدم لنا الفيلم في أحد الأحياء الشعبية رحلة (وردة) ياسمين رئيس و(بسمة) أسماء جلال للبحث عن (الفستان الأبيض) للزفاف.

بعد احتراق (الفستان الأبيض) قبل موعد الفرح بيوم وقبل العيد فتقرر الصديقتان البحث في القاهرة عن فستان ولو بالإيجار، ومن هنا تكتشف علاقتها بالمدينة الكبيرة، وتباين مناطقها وشخوصها.

يبدأ فيلم (الفستان الأبيض) بأول ظهور للبطلة (وردة) وهى أمام قلاية زيت تحاول تفادي لسعاته، وهنا تعبير عن معاناة البطله وانتبهت من اللقطه الأولي ودلالاتها الذكية.

ثم حين تعرف (وردة) بحريق (الفستان الأبيض)، وتحاول الأم والجيران مواساتها، تنظر (وردة) بعيونها ونجد المخرجه تقطع صوت ردود أفعال من حول (وردة)، لتأكيد أنها في عالم منفصل لا تستمع لما لا يأتي بنتائج لتتجاهله المخرجه فليس بأهمية لدى البطلة المهمومة بحريق (الفستان الأبيض) فرحة عمرها.

حين أرادت المخرجه المبدعة تأكيد حالة التوهان داخل القاهرة الكبيرة جعلت العريس (أحمد خالد صالح) يدور في حلقات يبحث عن الطريق الصحيح، ورغم وجود اللوكيشن إنه فهم لتوضيح (توهان وتيه)، وتقفل المشهد لتأكيد ذلك بشوت للعربه الصفرا الصغيرة من اعلا لتأكيد ضحالتها وسط الفراغ القاهري.

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام
حالة التيه لغة تعبر الصورة فيها عن واقع وتلك قيمة السينما

السينما تقدم إضافة واعية

وحالة التيه لغة تعبر الصورة فيها عن واقع وتلك قيمة السينما حين تقدم إضافة واعية ومخرجه تؤكد موهبتها، وتدرك أهمية الصورة والكادر لتأكيد المعنى الدرامي فتقدم لنا عمل يستحق الاحتفاء.

يقدم الفيلم حالة المعاناة التي قد تفرضها الحاله الاقتصادية على بدايه مشوار الحياة وتحقيق حلم الارتباط، ثم الخلافات التي تلازم بدايات الارتباط مكتوبة بوعي، فحين تتحدث (وردة) للعريس: أنت تعيش دور الراجل اللي مش مكفي   وبلاش فستان نجد رد:  

مينفعش تاخدي كل حاجه يا (وردة).

وترد: ومينفعش أعوزأي حاجه يا (عصام).. والتفكيرفي العيشة، ويأتي رد (عصام) احنا اتسرعنا ولا ايه؟.. وخلاف آخر. 

ينتهي انت راجل والسنين إلا تحسب عليك سبع سنين انتظار شكوى متأخرة، وفي الوقت غير المناسب وليلة العيد تستمر رحلة البحث عن (الفستان الأبيض)، وتدور الأحداث في أماكن طبيعيه تضيف صدق لواقع فبين الأحياء اختلافات وبين المدينه والمناطق الشعبية خلافات تظهرها رحلة البحث، فنشاهد المناطق وتباين الطباع بين سكانها ونتعرف على أماكن.

تأجير ملابس السينما وسط المدينة ونتعرف على الحاجة (عليا) وتقدم الفستان منها هدية وتخرج الفتيات مع (دعاء)، وهى من أخذتهم للحاجه (عليا) التي تعمل في تأجير الملابس للسينما.

وتتعاطف مع ورده وتعطيها الفستان ويخرجن ثلاثتهم سعداء إلى الشارع، ويتم التحرش بهما من بعض الشباب، ويتدخل صاحب مكتبه وتلك قيمه مضافة، ويحاول إنقاذهم، ولكن بعد سقوط الفستان على الأرض ودهسه ويضيع حلم ارتداء (الفستان الأبيض)، بعد بهدلة (دعاء)، ونسمع (آخرنا نمشي جنب الحيط) مهمشين

برعت المخرجه الشابه في التعبير عن الحارة واختيار أماكن التصوير بما يناسب الدراما وساعدتها موسيقي (خالد حماد) الواعية للتعبير عن تأكيد حالة المعاناة، فكان استخدام الشيلوو الفيولا وبساچات مع الكمان إضافه تأثير صدقاً للأحداث.

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام

حسين نوح يكتب: (الفستان الأبيض) فيلم يستحق الاهتمام
(أحمد خالد صالح) يؤكد كل عمل جديد أنه ممثل يذهب للشخصيات ويتقمصها بكل إدراك

مكنون النص بشكل واع

لم تستعرض المخرجه استخدام المونتاج أو حركة وشقاوة الكادرات، إنما تم توظيفها فقط لخدمه مكنون النص بشكل واع دون مبالغات.

أصبحت الغالبية من المشاهدين عجينة بشرية معطوبه تبحث عما يحقق أحلامها ولو بالعنف، وهنا اتجه معظم نجوم المرحله لتقديم أعمال لعنف وكوميديا تحرض على عدم إعمال العقل.

ويسأل البعض: (هل هذا واقع نعم يا سيدي واقع ينسل منه كثيراً من أعمال جيدة متكاملة المفردات، مثل فيلم (الفستان الأبيض)، ولكنها تتوه وسط أعمال تكريس الهطل.

(أحمد خالد صالح) يؤكد كل عمل جديد أنه ممثل يذهب للشخصيات ويتقمصها بكل إدراك مهني من الملابس (البلوفر) إلى الأداء المتقمص الواعي.

(ميمي جمال) أكدت نضج الأداء وايضاً (سلوى محمد علي، ولبنى ونس، وأروى جودة، وإنجي أبو السعود)، ومدير التصوير (عمرو أبو دومة)، وتصميم الملابس للرائعة (ريم العدل).

 لقد ترك الفيلم بداخلي علامات استفهام منها لماذا لا تحقق تلك النوعية من الأفلام الواعية نجاحات جماهيرية، وحين سألت كانت إجابة بعض المتخصصين: أن الفيلم نجح ونال إعجاب كل الجمهور في (مهرجان الجونة السينمائي – الدورة السابعة).

أعتقد ان ما حدث مع (الفستان الأبيض)، وفيلم (عيار ناري)، وكثيرآً من أفلام أراها تستحق الاهتمام لتعود السينما المصريه لتقدم فنون بحجم تاريخها العريق، فلدينا كل عناصر الفن السابع التي تستطيع ترك علامات سينمائية بديعة تضاف لتاريخ سينمائي مشرف.. مصر تنطلق وتستحق. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.