رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مسرحية (أوار خامدة) لنور أبوسماقة.. حين تخرج المخرجة عن صمتها كأنها الخشبة ذاتها..!

مسرحية (أوار خامدة) لنور أبوسماقة.. حين تخرج المخرجة عن صمتها كأنها الخشبة ذاتها..!

مسرحية (أوار خامدة) لنور أبوسماقة.. حين تخرج المخرجة عن صمتها كأنها الخشبة ذاتها..!
جسد أدوار البطولة كل من الممثل (عمر الضمور) والممثلة  (أميرة شعبان)

كتب: محمد أبو سماقة

على مسرح (أسامة المشيني) في اللويبدة قدمت المخرجة المسرحية الشابة (نور أبو سماقة) عملها المسرحي (أوار خامدة) كمشروع التخرج من قسم الفنون/ التمثيل والاخراج/ كلية الفنون والتصميم من الجامعة الاردنية.

تم عرض مسرحية (أوار خامدة) بحضور الدكتور (علي أبوغنيمة) عميد كلية الفنون في الجامعة الأردنية والاستاذ الدكتور عدنان مشاقبة رئيس قسم الفنون في الكلية وعدد من الفنانين الأردنيين وجمهور من المهتمين، حيث حظيت المسرحية باهتمام المختصين والجمهور اثناء عرضها.

جسد أدوار البطولة كل من الممثل (عمر الضمور) والممثلة  (أميرة شعبان)، فمسرحية (أوار خامدة) جاءت رؤية اخراجية لتروي مسرحية (الخروج) للكاتبة (عادالت أغا أغلو)، حيث نفذت (نور أبو سماقة) السينوغرافيا والاخراج بإشراف الدكتور يحيى البشتاوي من كلية الفنون في الجامعة الأردنية كمشرفا عاما على مشروع التخرج.

وضم فريق عمل (أوار خامدة)  أيضا كل من أحمد إسماعيل في إعدادا الدراما تورجيا وتصميم الإضاءة يزن عيد والموسيقى لميريل عياش وإدارة خشبة المسرح كل من منى الرفوع وأية عياش.

وفي قراءة نقدية سريعة لمسرحية (أوار خامدة).. ونحن نشاهد الأداء على خشبة المسرح نلمس ونرى حين تخرج المخرجة من صمتها كأنها الخشبة ذاتها.. ففي العتمة التي سبقت العرض، كان في الهواء شيء يشبه الحذر.. كأن الخشبة تخشى أن تُفتح على أكثر مما تحتم

ثم بدأ (أوار خامدة).. وكأن نارًا مشتهاة كانت تنتظر أن تنفجر بهدوء.

مسرحية (أوار خامدة) لنور أبوسماقة.. حين تخرج المخرجة عن صمتها كأنها الخشبة ذاتها..!
(نور أبو سماقة).. هذه المخرجة الشابة، لم تطرق باب المسرح خجولة

هذه المخرجة الشابة

(نور أبو سماقة).. هذه المخرجة الشابة، لم تطرق باب المسرح خجولة، بل دفعته بكتفٍ مكسوٍّ بالإيمان لم تهمس.. بل كتبت حضورها على الجدران، بالضوء، بالصمت، وبأصواتٍ مأهولة بالأسئلة.

كانت امرأة تُدير وجعها بحرفية، كأنها تعيد ترتيب فوضى داخلية، وتتركها تتسرب إلينا نحن الجالسين هناك.. بلا حماية

حيث علق احد الحضور وقال: (ليست مسرحية فحسب، بل مرآةٌ تشظّت.. كل تفصيل في العرض بدا وكأنه مكتوب بأنفاسها: الطين، والدم، والمرأة التي تخشى أن تُنسى داخل علاقتها، داخل جسدها، داخل المجتمع.

كأنك وأنت تشاهد، تتورط.. تتذكر نفسك.. أو تنساها عمدا).

في هذا العمل، لم تُخرِج (نور) عملا مسرحيا  فقط، بل عاشت.. خاضت.. قالت ما لا يُقال.. قدّمت رؤية مشغولة على مهل، بخيوط من الوعي، والرغبة العميقة في أن يكون للمسرح لحمٌ حيّ، لا مجرد ديكور وأداء، ولأنها تعرف أن الضوء لا يُخلق من العتمة وحدها، بل من أن تجرؤ على النظر داخلها… فقد قدّمت عرضًا لا يُنسى.

مسرحية (أوار خامدة) لنور أبوسماقة.. حين تخرج المخرجة عن صمتها كأنها الخشبة ذاتها..!
نور أبو سماقة تعرف أن الفن ليس صدفة، بل اختيار، وجرح، ومخاض

الفن اختيار، وجرح، ومخاض

(أوار خامدة)، لم يكن عرضها الأول فقط، بل كان إعلانًا عن حضورها.. كامرأة تعرف أن الفن ليس صدفة، بل اختيار، وجرح، ومخاض وهى لا تصعد الخشبة لتُرى.. بل لتُضيء.

تجدها في كل تفاصيل العرض: في تكوينات المشهد، في إدارة الممثلين، في ضبط الإيقاع، وحتى في طريقة خروج الشخصيات من صمتها.. ما يميزها ليس فقط وعيها البصري، بل حساسيتها العالية تجاه المعنى.. كانت تعرف متى تصمت الخشبة، ومتى تصرخ.

هذا الحضور الإخراجي الشاب، الآتي من خلفية أكاديمية وتجريبية، لايزال في بداياته، لكنه أثبت أنه قادر على التعامل مع مواد مسرحية معقدة، ومع تيمات تتطلب نضجًا فكريًا وشعوريًا المخرجة لم تكتفِ بفكرة، بل حملتها بصبر، وشكلتها بتأنٍّ، وأطلقتها كنداء داخلي على المسرح.

ربما تحتاج فقط لمن يذكّرها كل حين، أن هذا الطريق، بكل ما فيه من تعقيد وقلق، هو ما يصنع مسرحيين حقيقيين. وأن الحفاظ على جذوة الشغف، هو ما يبقي (الأوار) مشتعلة في روح الفن.

الفنان (محمد الضمور): استخدمت أدواتها كمخرجة واعدة لتقديم عرض يلامس الاحتراف برؤية إبداعية واضحة.

الفنان المخرج والممثل (محمد الضمور) كان أحد أبرز الحضور هو وعائلته قدم رأيه  كمخرج مسرحي ومديرا لدوائر الفنون والمسارح في وزارة الثقافة طيلة 30 عاما وأخرج العديد من الاعمال المسرحية، ويقول أن (نور أبو سماقة) تعيد إحياء مسرح أسامة المشيني .

وأضاف أنها استخدمت أدواتها كمخرجة واعدة لتقديم عرض يلامس الاحتراف برؤية إبداعية واضحة، فمن حيث النص، كان النص يجمع ما بين معادلة البساطة والغنى من حيث الجملة وفلسفة العرض الذي كتبه احمد اسماعيل.

أما السينوغرافيا فمن كان يصدق بأننا نرى هذه الجماليات والموظفة لخدمة العرض بمسرح أسامة المشيني المتواضع الإمكانيات، ولكن أبدعت نور ويزن عيد بتوظيف هذه الامكانيات لخدمة عرض (أوار خامدة).

ويسجل لها إدارتها لممثلين مسرحيين محترفين والذين تألقوا وملؤوا الفضاء المسرحي بأحساسيهم وادائهم الرائع (عمر الضمور وأميرة شعبان)، وجاء الديكور كمكمل لأدوات (نور) يؤدي وظيفته الحقيقية في بناء العرض لتكتمل الصورة بمسرحية (أوار خامدة) ونستمتع بعرض مختزل من حيث الزمن، حيث كان ايقاع العمل منضبطا الى درجة ان المشاهد لم يشعر بلحظة ملل واحدة.

ويختتم الفنان محمد الضمور حديثه بقولة (مبروك لنور ومبروك للساحة المسرحية ولادة مخرجة واعدة).

مسرحية (أوار خامدة) لنور أبوسماقة.. حين تخرج المخرجة عن صمتها كأنها الخشبة ذاتها..!
امتدح الدكتور أبو غنيمة تسلسلها الإخراجي، فهمها الدقيق لموقع كل تفصيل

الفن على محمل الروح

من جانبه يقول الأستاذ الدكتور (علي أبوغنيمة) عميد كلية الفنون في الجامعة الاردنية في تعليقه على المسرحية والمخرجة  إنها ليست غريبة عن الضوء، ولا عن الخشبة، ولا عن نظرات الإعجاب الأولى التي خُصّت بها يوم دخلت أبواب الكلية كممثلة سنة أولى، ثم خرجت منها بجائزة تُعطى لمن يأخذ الفن على محمل الروح.

وأضاف هى التي بدأت الطريق بخطوة واثقة، ثم واصلت بخطوتين، ثم بلهفة لا تُشبه سواها.. حتى باتت هى ذاتها، بعد عام، الممثلة التي لم تترك مكانًا للجائزة إلا وانتظرتها فيها من جديد.

حصدت الجوائز، نعم.

لكنها لم تكن تُريد الجوائز.. كانت تُريد أن تُصبح

وقال الدكتور (أبوغنيمة) أنها اليوم، وهى تقف خلف الكواليس، لا أمام الأضواء، تكتب حضورها كمخرجة لا تبحث عن تصفيق، بل عن صدق.

(هذه عظيمة)، قالها عميد الكلية أمام الجميع، لا بوصفه مسؤولاً، بل كفنان يعرف متى يكون العمل عابرًا، ومتى يكون عميقًا.

امتدح تسلسلها الإخراجي، فهمها الدقيق لموقع كل تفصيل، رؤيتها التي لا تتعامل مع المشهد كصورة، بل كنبض، كمعنى، كطبقة فوق طبقة، حتى نصل إلى القلب.

وأكد أنه لم يُدهشه العرض فقط، بل دهشته أنها مَن صنعته، مشيرا إلى أنها  المخرجة التي تعرف ماذا تفعل، وتفعل ما تعرفه بإيمان نادر.. تُخرج كمن يكتب رسالة حبّ طويلة للمرأة، للذات، للحقيقة.. تُضيء المسرح لا لتُرينا ما فيه، بل لتكشف ما فينا.. ولأنها لا تكرر نفسها، بل تنمو، وتتوسع، وتتعمق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.