
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
المطرب (أحمد سعد) الذي عاد من مؤخرا من أداء فريضة الحج التي أحيط أدائه لها بهالة من الاهتمام الاعلامي المبالغ فيه، مباشرة إلى إحياء أولى حفلاته في الساحل وما أدراك ما حفلات الساحل..
فنان مثير للجدل أراه رأس حربة في مشروع خبيث لتخريب القوة الناعمة المصرية من جهة، وتخريب منظومة القيم لدى الأجيال الجديدة.
قد يبدو للبعض أن ما ذكرته يندرج تحت نظرية المؤامرة التي نتهم نحن العرب دائما بأننا مهووسين بها، وربما نكون كذلك بالفعل، لكن التأمل في تصرفات (أحمد سعد) وبعض الفنانين الآخرين من (حجاج موسم الرياض) وطالبي ود (طال عمره) يقود للأسف إلى أن ما نحذر منه ليس غيض من فيض.
(أحمد سعد) الذي ظهر في أكثر من مناسبة سابقة ليثير الجدل، مرة حين ارتدى جاكيت بأكمام من الساتان الذي ارتبط في خطوط الموضة العالمية بفساتين السهرات النسائية، ومرة حين ارتدى حلقا في أذنه ووضع أوشام في أجزاء ظاهرة وأخرى خفية من جسده.
ومرة ثالثة بارتداء معطف من الفرو وعقد (كولييه) من الذهب اللامع في عنقه، في إطلالة نسائية كاملة، وكتبت عن ذلك في وقته، وكان ما تصورناه في البداية أن هذه التصرفات تعكس ميول غير طبيعية لدى المطرب، وهى سلوكيات شخصية لا دخل لنا بها طالما لم يجاهر بها ويبقى حسابه أجرا أو عقابا عند الله عز وجل.
لكن الاصرار على المضي في طريق الظهور غير المقبول، وانضمام فنانين مشهورين بحجم (عمرو دياب) مثلا، لحملة التشجيع على مظاهر المثلية الجنسية، لا يمكن التعامل معه باعتباره سلوكا فرديا، أو مصادفة، خصوصا إذا كان القاسم المشترك بين هؤلاء هو ارتباطهم بعلاقات (ودية) مع كفيل الفن والرياضة السعودي.

المرحلة الثانية من الحملة
ومثلما قاد (أحمد سعد) المدفوع بحبه الواضح وضعفه الإنساني البالغ للمستشار (تركي آل الشيخ)، المرحلة الأولى من حملة تلويث القيم الأخلاقية والسلوكية للشباب العربي عموما والمصري بشكل خاص، ومحاولة تمرير الأفكار المثلية والشذوذ إلى عقولهم، بعد تغليفها بأغلفة لامعة مغرية.
يعود المطرب مرة أخرى إلى قيادة ما يبدو أنها المرحلة الثانية من الحملة المنظمة، والتي تستهدف هذه المرة واحدة من أقدس الشعائر لدى المسلمين ألا وهي فريضة الحج، حيث لم يكتف فقط بالتصوير والتفاخر بأداء الشعيرة، وإنما كان حريصا على تقديم مواد يومية للنشر.
كان أحدثها حينما نشر مقطع فيديو له عبر حسابه الرسمي على موقع (إنستجرام)، ظهر فيه وهو يتلو آيات من القرآن الكريم داخل المسجد النبوي الشريف، وعلّق عليه قائلًا: (كل التعليم في حتة وتعليم القرآن في حتة لوحده.. ويا سلام لما يكون في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم).
خطورة ما فعله (أحمد سعد) تكمن في نقل السلوك المستهتر للشباب خلال أداء الفريضة، بما يخرجها عن الوقار المفترض أن يحيط بأداء كل شعائرها، وبعد أن كان هوس البعض بالتصوير في المشاعر المقدسة، هو أكثر السلوكيات المستهترة التي يرتكبها بعض الحجاج.
شخصيا لا أستبعد أن نجد في السنوات القادمة الكثير من الحجاج وقد حولوا الحج إلى موسم لتصوير الصور الثابتة ومقاطع الفيديو، في مظاهر لا تختلف في تكلفها وبهرجتها عن (موسم الرياض) وغيره من المناسبات الفنية والدعائية.

انشغال الحجاج بالتصوير
وربما تجاوز البعض في مغالاته عبر ترجمة الشعائر، فيقال مثلا (Arafah Day) بدلا من (يوم عرفة)، و(Pacing between Safa and Marwa) بدلا من السعي (بين الصفا والمروة).. وهكذا!
وبحسب إجماع العلماء فإن أي سلوك من شأنه إخراج الحاج من الحالة الروحانية يمكن أن يندرج تحت بند التحريم، حيث يفسر بعض العلماء ومنهم (ابن عثيمين) أن التصوير أثناء المناسك خاصة إذا تسبب في زحام أو إلهاء مخالف لهدوء الحج، كما يقول الشيخ (صالح الفوزان) أن (الحج عبادة، والمطلوب فيه الخشوع والإخلاص، لا أن يُحوَّل إلى مناسبة إعلامية أو دعاية).
ورغم الاختلاف حول مشروعية انشغال الحجاج بالتصوير، إلا أن هناك إجماع بين العلماء على تحريمه إذا تسبب في تحويل الحج إلى حدث إعلامي بما يفقده المضمون التعبدي.
كما أن هناك تفسيرات للآية الكريمة التي تقول ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ ذهبت إلى أن المقصود بالجدال هو كل ما يخل بالطابع الروحي للحج، ومنه بالطبع التصوير ونشر مقاطع الفيديو.