رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود عطية يكتب: إساءة (كومبارس)!

محمود عطية يكتب: إساءة (كومبارس)!
د. أشرف زكي

بقلم المستشار: محمود عطية *

في الحقيقه كتبت هذا المقال قبل اللقطة التي صنعها نقيب الممثلين د. أشرف ذكي باصطحاب صاحبة الواقعه الي الممثله القديره التي أساءت إليها (كومبارس) صغيرة، ولا أدري: هل هذا يعفيها من الجزاء؟!

صحيح (مشيرة إسماعيل) قبلت، ولكن أين الجزاء ليكون قدوة جراء إساءة (كومبارس)، بصرف النظر عن قبول (مشيرة) الاعتذار من عدمه، أفهم أن الاعتذار ممكن يكون سبباً لتخفيف الجزاء، لكن لايوجد جزاء، وكما يقول المثل الشعبي (خالتي عندكم لأ مجتش) فهذه نكبة ضمن نكبات هذا الوسط وعيب يا د. أشرف!

ندخل في الموضوع :

ما الذي يمكن أن يُقال في زمنٍ تحوّل فيه الـ (كومبارس) إلى نجوم، والمجعرون إلى ناطقين باسم الأخلاق، والكومبارسات إلى رموز للوعي والتنوير؟، ما الذي يمكن أن يُقال حين تتجرأ مشخصاتية مجهولة، لا يعرفها الجمهور إلا من خلال بضعة مشاهد هامشية أو العري أو ظهور عارض في برنامج بير سلم.

على التطاول على ممثلة كبيرة، لها اسمها وتاريخها، لمجرد أنها تجرأت وطالبت بحق مشروع في بيئة نظيفة وآمنة داخل العمارة التي تسكنها؟، المشخصاتية التي لا تملك لا موهبة ولا رصيد ولا احترام لم تجد وسيلة للظهور سوى السباب الرخيص والتعليق القذر والتطاول  والحط من الكبار في ساحة فنية لم تعد تعرف الفرق بين الأصل والتقليد، بين القيمة والفقاعة.

أي انحطاط هذا الذي يسمح لمن تعيش على الفُتات أن تعلّق في الهواء كأنها مصباح منير؟، أي مسخ هذا الذي يجعل من فتاة أو مدام العلم عند ربي التي لم تتقن يومًا إلا التصريحات علي مواقع بير السلم وأمام الموبايلات، وذلك بسلطة أخلاقية تهب لتأديب من هى أشرف منها وأنظف وأعلى شأنًا؟

الممثلة الشهيرة التي دافعت عن خصوصيتها وحقها في بيئة لا تلوثها الروائح ولا أصوات النباح والمواء، تحوّلت في نظرهم إلى مجرمة  منكرة تتحدث ضد الإنسانية والحيوانات، بينما هم أنفسهم لا يعرفون معنى الإنسانية، ولا اقتربوا من الرحمة إلا حين استغلوها في صورة أمام كاميرا باحثة عن لايكات.

محمود عطية يكتب: إساءة (كومبارس)!
كيف يمكن لـ (كومبارس) مجهولة أن تخرج علينا بتلك الثقة لتسب ممثلة لها تاريخها؟

أشباه البشر وأشباه الفنانين

الردود التي جاءت على لسان أشباه البشر وأشباه الفنانين بشكل مخزٍ، تعليقات تحمل من السباب والسُخف أكثر مما تحمل من العقل أو المنطق، وكأن مواقع التواصل صارت مستنقعًا للتفاهة، وأوكارًا للتصفية المعنوية، وأيادي مأجورة تنبح عند الطلب.

كيف يمكن لـ (كومبارس) مجهولة أن تخرج علينا بتلك الثقة لتسب ممثلة لها تاريخها؟ كيف تحوّلت المنابر إلى كباريهات إعلامية يُصفّى فيها الحساب بالصراخ والردح والغمز ولمز السمعة؟، هذا ليس خلافًا على عيادة بيطرية، بل هذا انفجار حقد طبقي ومعنوي من (كومبارس) معتاد على التهميش تجاه من يحمل اسمًا حقيقيًا ومكانة راسخة في ذاكرة الناس.

لنتحدث بصراحة، هل هذه المشخصاتية كانت ستجرؤ على هذا التطاول لولا أن الوسط نفسه صار يكرّم النطيحة والمتردية، ويحتفي بالسطحية، ويفتح الأبواب للمجهولات الباحثات عن شهرة بأي ثمن؟

هل كانت هذه النكرة ستصبح خبرا لولا أنها صرخت في وجه من هو أهم منها بألف مرة؟، لا.. لكنها وجدت الساحة مفتوحة، والذوق العام منهار، والجمهور أو فلنقل بعض المتابعين – صار يتلذذ بالفضائح كما يتلذذ المدمن بالجرعة الرخيصة. – فهل يُلامون؟ أم يُلام من صمت طويلًا وترك للردح المبتذل أن يصير عنوانًا لفن كان يومًا يُحترم؟

(كومبارس) نكرة تحوّلت فجأة إلى مدافعة عن الحيوان، كانت بالأمس القريب تفتخر بأنها لا تعيش إلا لنفسها، ولا يهمها أحد، ولا يعنيها من يعيش أو من يموت، لكنها اليوم تهب فجأة لنصرة الحيوانات من باب النكاية في ممثلة شهيرة رفضت أن تتحول عمارتها إلى ملجأ مزعج.. يا للسخرية.

وكأن الرقي يُقاس بعدد القطط في البدروم، أو بنباح الكلاب في السلالم، وهل تصبح معايير الرحمة أن نُجبر السكان على تحمل أصوات وأنين وروائح لا تنتهي فقط لأن هناك من يريد فتح (بيزنس بيطري؟).

هل الرحمة أن تعيش وسط الحشرات والفئران التي تجلبها الحيوانات المريضة في عيادات تفتقر إلى معايير النظافة والسلامة؟، لكن الـ (كومبارس) لا يفهمون هذا، فهم اعتادوا على العيش في الفوضى، ويتصورون أن التحضر يعني التنازل عن أبسط حقوقك من أجل شعارات فارغة.

محمود عطية يكتب: إساءة (كومبارس)!
لماذا تلك الردود السلبية التي صدرت عن مشخّصين من الدرجة الثالثة

ردود الفعل السلبية

أما تلك الردود السلبية التي صدرت عن مشخّصين من الدرجة الثالثة، ممن لا تاريخ لهم ولا عمل، فحدّث ولا حرج، أحدهم كتب على صفحته: (اللي مش عاجبها الحيوانات تسيب مصر)، وكأن حب الحيوانات صار مبررًا لطرد البشر من بيوتهم!

وآخر قال: (دي ست متكبرة شايفة نفسها)، وكأن المطالبة بالهدوء والنظافة أصبحت كِبرًا.. إنه الانقلاب الكامل في منظومة القيم، حين يُمنح البلهاء الميكروفون، ويُقصى من لديه كلمة متزنة ورأي محترم.. لقد أصبحت المنصات ساحة لتفريغ الحقد، ومراحيض عمومية يكتب فيها كل متسلق ما يشاء، حتى ولو كان تفاهة في تفاهة.

الممثلة الشهيرة لم تخطئ حين عبّرت عن رأيها، بل أخطأ هذا المجتمع حين صمت عن قلة الأدب، ورفع من قدر السفيه، ووضع في الاعتبار أن السباب على الإنترنت مجرد اختلاف وجهات نظر.

هذه ليست وجهات نظر، هذه جريمة سب وقذف علنية تستوجب العقاب، لكنها تمر مرور الكرام، لأن من يقف وراءها أسماء لا وزن لها ولا قيمة، وبالتالي لا أحد يأخذهم على محمل الجد، فيتمادون أكثر في الغمز واللمز دون رادع.. إنها نفس العقلية السوقية التي تتربى على الشماتة، وتجد لذتها في إيذاء من هم أنظف منها لمجرد أنهم رفضوا الانخراط في القذارة.

لقد صرنا في زمن تحوّل فيه الفنان إلى مجرم إذا طالب بحقه، والمجعر إلى ناشط إذا صرخ على إنستغرام، والمبتذل إلى أيقونة إذا احترف السباب.. لا شيء يُكافأ مثل قلة الأدب، ولا أحد يُصفق له الجمهور مثل من يسب ويلعن على الهواء.. وفي خضم هذا العبث، تتجرأ (كومبارس) لا يعرفها أحد، لتسيء إلى فنانة نعرفها منذ عقود، لنصدق أننا فعلاً في زمن المسخ.

المسألة لم تعد خلافًا على عيادة، بل خلاصة لواقع مرير، فيه تنقلب الموازين، ويُحاكم الشريف، ويُصفق للسفيه، وتُهان السيدة المحترمة من (كومبارس) ومتفزلكة حاليًا.

وحين تتحوّل الهرمونات إلى بوصلة أخلاق، ومواقع بير السلم إلى محاكم تفتيش، فلننتظر الأسوأ.. لكنه أسوأ لن يصمد طويلًا، لأن الزبد يذهب جفاء، وما ينفع الناس فيمكث في الأرض، حتى لو حاصرته الكلاب من كل صوب.

* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.