رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عصام السيد يكتب: حكايتى مع (الكتابة) !

عصام السيد يكتب: حكايتى مع (الكتابة) !
كتابى الخامس (عن المسرح سألونى)

بقلم المخرج المسرحي الكبير: عصام السيد

منذ أسابيع قليلة صدر عن دار كنوز كتابى الخامس (عن المسرح سألونى) أي والله الخامس!!.. خمسة كتب برغم أنى لا أعتبر نفسى كاتبا ، فالكلمة ليست مهنتى بل الفعل، فالكاتب يصوغ الكلمات والمخرج يحول (الكتابة) إلى أفعال تكتسى لحما ومشاعر وربما دم و دموع أو بهجة وضحكات.

ولذا لم أفكر أبدا فى امتهان (الكتابة)، بل لم أتخيل أن يكون لى كتاب يتم تداوله في المكتبات ذات يوم، ولكن الأمر كله جاء بمحض الصدفة – مثل أحداث كثيرة جرت في حياتى – ولكنه القدر الذى يشاء ويدبر ويمهد الطريق وفي النهاية نتخيل أنه بمحض الصدفة.

كانت لى محاولات لـ (الكتابة) سابقا لكنها لم تكن منتظمة، فلقد كتبت مقالات في عدة صحف مثل (جريدة الجمهورية، روز اليوسف، جريدة الخليج، مجلة تياترو) التي كانت تصدرها نقابة المهن التمثيلية، ولكنها كانت مجرد مقالات متفرقة عن أحداث مسرحية بعينها وسرعان ما أتوقف.

ولم تنشر لى مقالات بشكل منتظم إلا في جريدة (اليوم السابع) – لفترة قصيرة – عندما قدمت للصديق العزيز (وائل السمري) بعد ثورة 30 يونيو دراسة كتبتها عن السخرية عند الشعب المصرى على مر العصور فنشرها على شكل مقالات مسلسلة ، و بعدها لم أنشر شيئا.

أما مسألة (الكتابة) المنتظمة فبدأت منذ حوالى خمس سنوات بنشر (بوست) على مواقع التواصل الاجتماعى ولكنه بوست مطول، وإذا بالصديق الكاتب الكبير (محمد حبوشة) يتصل بى ليطلب منى تحويل هذا البوست لمقال كى ينشره في موقع جديد أنشأه يتابع أخبار الفن (سينما ومسرح و غناء ودراما تليفزيونية).

كى يعيد للصحافة الفنية وجهها المشرق بعد أن تهاوت أو كادت بفعل (الصحافة الصفراء) التي ملأت عشرات المواقع – أصبحت مئات فيما بعد – وتأثرت بها، وربما قلدتها بعض الصحف، على الفور استجبت وأعدت صياغة البوست ليناسب النشر.

عصام السيد يكتب: حكايتى مع (الكتابة) !
مع الدكتور محمد فتحي الذي شجعني على نشر كتابي الأول

الدكتور محمد فتحى

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا، فلقد فوجئت بصديقى (حبوشة) يطلب منى مقالا أسبوعيا لموقعه (شهريار النجوم)، وحاولت الاعتذار ولكنه أصر قائلا: أننى أملك ملكة (الكتابة)، وأنى لى أسلوبا سهلا بسيطا، وعبثا حاولت الهروب، ولكن أمام إصراره وتشجيعه رضخت.

وإذا بى اكتشف أن ا(لكتابة) بالنسبة لى (عذاب شديد)، فلقد تملكنى إحساس مخيف بالمسئولية، مسئولية الكلمة ومسئولية الالتزام بالموعد المحدد، لذا كانت أيامى كلها تقريبا مخصصة لتلك المقالات: أبدأ يوم الإثنين التفكير في موضوع المقال بالبحث عن موضوع يستهوينى للكتابة.

وأضع عدة مقترحات لأفاضل بينها بعناية، و عندما استقر على موضوع محدد أقرأ عنه جيدا، وفي يوم الثلاثاء أبدأ في كتابة عناصر المقال، و أضيف لها وأحذف حتى أستقر، وفي يوم الأربعاء أبدأ في كتابة المقال نفسه وذلك غالبا ما كان يستغرق اليوم بأكمله، وفي يوم الخميس أراجع الصياغة لأجعلها في أبسط شكل ممكن.

وربما اضطررت لكتابة المقال من جديد، ثم أرسله يوم الجمعة بعد مراجعة أخيرة، لينشر يوم الأحد من كل أسبوع، ومن يوم الإثنين تتجدد معاناتى!

كدت أعتذر عدة مرات عن الاستمرار، و لكن جاء الفرج وتغيرت المسألة إلى العكس عندما قررت أن أكتب عن تجربتى مع (شركة ديزني) في إخراج شريط الصوت لأفلامها في بداية تعاملها مع الشرق الأوسط وإصدار تلك الأفلام بنسخ ناطقة بالعربية. صارت (الكتابة) أسهل وأيسر حتى أننى أصبحت أكتب مقالين في الأسبوع و ليس مقالا واحدا و لكن يتم نشرها أسبوعيا، وعلى مدار 25 أسبوعا كتبت تجربتى كاملة، و فوجئت بالصديق الكاتب و الاعلامى الدكتور محمد فتحى يتصل بى متحمسا لنشر المقالات في كتاب.

وبالفعل تواصلت معى إحدى دور النشر الكبرى بتوصية منه لنشر الكتاب، لم يكن ذلك هو العرض الوحيد لنشر (حكايتى مع ديزنى)، فلقد اتصلت بى دار نشر أخرى فاعتذرت، فطلبوا منى أن أكتب عن تجربتى فى الإخراج المسرحى بصفتى أحد الممارسين له لأكثر من 55 عاما منهم 50 عاما كمخرج محترف.

والحقيقة اننى بدأت منذ سنوت فى كتابة ما يشبه مذكراتى – أو بصورة أدق ما صادفت من معارك فى مجال المسرح – مرتبطة بحركة المجتمع المصرى صعودا وهبوطا.

ولأننى شديد الصراحة كنت أتوقع (شجارا سياسيا) حول ما سأكتب، و ربما خلاف حول بعض الاشخاص، وربما الوقائع – برغم توثيقى لها.

وكلها خلافات ستتم وفقا لقواعد الحوار حاليا من (شرشحة وسب وتقطيع هدوم وربما التهديد بوجود سيديهات)، وربما أعتبر البعض ما أكتبه طعنا فى رموز و شخصيات عامة، فتقوم القائمة واتهم بهدم الرموز وتلويث التاريخ.

عصام السيد يكتب: حكايتى مع (الكتابة) !
مع ناشر كتابي (عن المسرح سألوني)

(سميحة أيوب)، و(فاطمة المعدول)

وكان الحل من وجهة نظرى أن أكتب عن أشخاص وموضوعات منتقاة لأننى رأيت في كتاباتى بعضا من شهادتى على عصر كامل بدأ فى الأفول والانصراف، ورأيت فيها شهادة حق لعظام مروا على حياتنا المسرحية ولم نعطهم حقهم كاملا، فللأسف الشديد هناك جيل جديد لا يعلمهم ولا يعلم ما قدموه، و لم تتح له أعمالهم كاملة ليستطيع تقييمها والاستمتاع بها.

و هكذا جمعت مقالات كتبتها في مناسبات مختلفة عبارة عن شهادات عن سيدة المسرح العربى الأستاذة (سميحة أيوب)، والأستاذة (فاطمة المعدول) رائدة مسرح الطفل والفنان الكبير أحمد بدير، والمخرج صاحب الجوائز الصديق ناصر عبد المنعم والدكتور عاطف عوض عميد معهد الباليه، والفنان القدير عزت زين أمد الله في أعمارهم جميعا.

إلى جانب شهادتى عن مجموعة من الراحلين على رأسهم أبى وأستاذى (حسن عبد السلام)، والكاتب الكبير شريك النجاحات (لينين الرملي)، والفنان الصديق جورج سيدهم).

والنجوم الكبار الذين أسعدنى زمانى بالعمل معهم ومعرفتهم عن قرب:  بدون ألقاب أو ترتيب: (عزت العلايلي، فؤاد المهندس، صلاح السعدني، نبيل الحلفاوي، أشرف عبد الغفور، عهدي صادق، ومصمم الاستعراضات الكبير محمود رضا).

والمخرجين الكبار أصحاب البصمة (فهمى الخولي، عبد الرحمن الشافعي، محسن حلمي، عزيز عيد، عبد الرحمن عرنوس)، ومن النقاد أساتذتى (الدكتور فوزى فهمى، الأستاذ سامي خشبة، الصديق محمد الرفاعي، أمين بكير).

وفي الباب الثاني من الكتاب جمعت مقالات عن مشاكل و قضايا مسرحية مختلفة بدءا من (الحوار الوطنى حول المسرح، نهاية بحلول قام بها زملاء للتغلب على الأزمات المسرحية، وبين البابين استراحة قصيرة جمعت فيها مقالات متفرقة عن المسرح في زمن حكم الإخوان قصير العمر والنظر.

 وفجأة اختفى مسئولي دار النشر التي كانت ستطبع كتابي عن (الدوبلاج)، بعد الاتفاق على كل شيئ، وبعدها اختفت أيضا الدار الأخرى وظل الكتابين بحوزتى ، فصرفت النظر عن طباعتهما.

عصام السيد يكتب: حكايتى مع (الكتابة) !
كتابي (حكايتي مع ديزني)

أهمية (كتاب ديزني)

ولكن صديقى الدكتور (محمد فتحي) ظل مؤمنا بأهمية كتاب (حكايتي مع ديزني)، وظل وراءه إلى أن أصبح مسئولا وشريكا في دار نشر، ليفتتح أعماله بنشر الكتاب الذى تمت منه طبعتين حتى الآن، ويصبح ثالث كتبى بعد (الحيطة المايلة) الذى يتكلم عن حال الثقافة المصرية وكتاب (اعتصام المثقفين) الذى سجل الوقائع التي أدت إلى اعتصام مثقفى وفنانيها في مبنى وزارة الثقافة وكان مقدمة لثورة 30 يونيو.

وظلت مقالات المسرح (مركونة) حتى قيض لى الله الصديق الكاتب (أيمن الحكيم) الذى كان يتابع مقالاتى، فأخذ يحرضنى على نشرها في كتاب، فلما صارحته بمعاناتى مع دور النشر إذا به يدفع بتلك المقالات بعد أن قرأها الى ناشر كتبه الأستاذ (ياسر رمضان) صاحب (دار كنوز) الذى تحمس للكتاب وتولى نشره ليصبح كتابى الخامس، وهكذا تصبح الصدفة وكأنها أمر محتوم.

تحية تقدير وعرفان لأصدقائى الأعزاء أصحاب الفضل لأن يصبح لى خمس كتب.. و لكني مازلت لا أعتبر نفسى كاتبا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.