حدث من 100 عام، (يوسف وهبي) يحاول شراء النقاد ورئيس تحرير(المسرح) يتصدى له!

إعداد: أحمد السماحي
منذ 100 عام بالتمام والكمال حدثت هذه الواقعة الفنية، حيث حاول عميد المسرح العربي (يوسف بك وهبي) أن يمنع النقد الذي يكتب عن مسرحه!، لكن هذه المحاولة تصدى لها نقاد وكتاب هذه الفترة.
ومنهم الكاتب (محمد عبد المجيد حلمي) رئيس تحرير مجلة (المسرح) فتعالى بنا عزيزي القارئ نعود إلى عام 1925 ونقرأ كواليس ما حدث كما جاءت في مجلة (المسرح):
(يوسف وهبي)، صاحب (مسرح رمسيس) أمر بتكوين لجنة للرد على جميع ما يكتبه النقاد عن مسرحه، وهذه اللجنة مؤلفة من أحمد عسكر وكيل فرقة مسرح رمسيس، وعبدالجواد محمد سكرتيرها، وحسن البارودي، وأحمد علام الممثلين بالفرقة، والدكتور محمد أسعد لطفي حسن طالب الطب، ومترجم روايات (الطاغية، الهملانا) وعبدالقادر أفندي المسيري الموظف.
ويشرف على أعمال هذه اللجنة الكاتب التحرير قاسم وجدي، مساعد ميكانست الفرقة، وستكتب هذه اللجنة مقالات وتنشر في الصحف بأجر معلوم يدفعه صاحب فرقة (رمسيس) المحترم، ظنا إنه بمثل هذا العمل ينال من النقاد الفنيين.
وهدد الأستاذ (يوسف وهبي) المحترم!، الجرائد بقطع إعلاناته عنها إذ هى سمحت لنقادها وكتابها بالكتابة عن الروايات التى يخرجها بحرية رأي!
وإن جريدة (الأهرام) جبنت أمام هذا الإنذار فرأى كاتبها الفني (محمد عبد القدوس) الشهير بـ (حندس) أن يمتنع عن الكتابة حفظا لكرامته!

يوسف وهبي.. ويسكي بالصودا
لكن الذي لا يعلمه القارئ العزيز أن من كان يكتب في جريدة (المقطم) من سنة طعنا في الكاتب (أمين صدقي) هو أحمد أفندي عسكر وكيل فرقة رمسيس.
وأن العلاقات حسنة اليوم بين أمين صدقي وأحمد عسكر، إذ أن الأول لا يعلم من أمر هذه المقالات شيئا ولا من كان يكتبها!.
وإن عبدالقادر أفندي المسيري الموظف بوزارة الحقانية، موظف أيضا بوزارة (يوسف وهبي)، وإنه يتقاضى مرتبا شهريا قدره ثلاثة جنيهات.
وليس هذا فقط، فقد علمنا أن أحد محرري جريدة أسبوعية في عددها الأخير نقد (يوسف وهبي) فأرسل (يوسف وهبي) في طلبه، وأجلسه في بوفيه مسرح (رمسيس) ثم طلب له (ويسكي بالصودا)!.
وهناك ممثلتين في فرقة كبيرة أعتادتا الجلوس كل ليلة في بار (الكوزمجراف) بشكل غير لائق ينافي الآداب، يتفاوض معهما (يوسف وهبي) حاليا لضمهما إلى فرقته.




الرئيسة ومسرح رمسيس
نحن في مجلة (المسرح) سنظل ننقد ما يقدمه (يوسف وهبي)، ولن تمنعنا نقوده من هذا النقد الصريح له ما له، وعليه ما عليه، وهذا الأسبوع أخرج (مسرح رمسيس) رواية (الرئيسة) مترجمة عن (هنكان) بقلم الأستاذ عزيز عيد.
وقام ببطولة (الرئيسة) أعضاء فرقة (رمسيس) وهم (عزيز عيد، فاطمة رشدي، أمينة رزق، أحمد علام، حسن البارودي، فتوح نشاطي، أدمون تويما، إستفان روستي، فردوس حسن، ومختار عثمان).
تدور الرواية حول ما يجري في دواوين الوزراء من الاختلال والفوضى التى تسببها الضغائن من ناحية، والمحسوبية من ناحية أخرى، وأغراض الوزير وشهواته الشخصية من ناحية ثالثة.
هى نقد جرئ وفضيحة منكرة، كل هذا في قالب هزلي يعكره شيئ من التهتك الذي كنا نربأ بمسرح رمسيس عن اتيانه أو العمل على إظهاره بهذه الصورة المخلة بالآدب الشرقية والتقاليد الإسلامية.
لغة الترجمة في الرواية ليست مما نوافق عليه، ولنا وقفه فيما بعد عن ذلك، ومناظر الرواية ليس فيها جديد يستحق الذكر!

(ستيفان روستي) في دور (أوكتاف)
ومثل الأستاذ (عزيز عيد) دور المسيو (ريكوانت) فكان فيه أفضل منه في (حانة مكسيم)، وألاحظ عليه أنه حين وقف أمام الوزير في منزله في الفصل الأول كان ينسى أنه أمام رئيسه فيضع يديه في جيوبه بدون مبالاة.
ولا يزال صوت الأستاذ (عزيز عيد) موضع نظر واهتمام، ومثل (أحمد علام) دور (الوزير) فأجاد الإلقاء كأحسن خطيب، ومثل (حسن البارودي) دور (ماريوس)!
أما (ستيفان روستي) فقدم دور (أوكتاف) فكان كعادته غير مهتم إلا بأن يأتي بحركات، ويصطنع مواقف لا مجال لها ولا موضع، فهو دائما يخرج من دوره حتى في الدراما.
ومثل (أدمون تويما) دور (بياناسي) فكان في غاية الإبداع، ومثل (فتوح نشاطي) دور (بوش) البوليس فكان كزميله مبدعا، ومثل (مختار عثمان) دور (مدام تريكوانت) وأنا غير معجب بهذه الشخصيات من (مختار) لأسباب مطولة سأذكرها في مجال يتسع غير هذا!
أما (فاطمة رشدي) فمثلت دور (جوبيت) فكانت بدعة، إلا أنها كانت تغالي كثيرا في بعض المواقف مغالاة ربما اكتسبتها من مغالاة (ستيفان) على أن طبيعتها قد تشوه أيضا من جمال تمثيلها، مع هذا فمستقبل البنية في الفودفيل عظيم.
ومثلت أمينة رزق دور (دنيز) ابنة القاضي فكانت أبدع الجميع في لهجتها الإنجليزية، وسذاجتها وعدم تكلفها، ومثلت (فردوس حسن) دور (أنجلينا) عشيقة الوزير فكان تدهورها عظيما!