(عبد المنعم إبراهيم).. صاحب الأدوار السينمائية التى تعتبر إيفيهات!
* لم يترك نفسه للإضحاك اللفظي، أو الذي يعتمد على صوته
* اعتمد أداؤه في الضحك على الشاشة حسب الموقف، والحركة التى يجسدها
* عشقت الجماهير (عبد المنعم إبراهيم) كفارس من فرسان الكوميديا الحكماء، والمتعففين عن الصغائر والبذاءات والحركات الرخيصة
* الفيلمان اللذان قام ببطولتهما لاقا فشلا ونجاحا، الأول هو (أيامي السعيدة) والثاني الذي نجح فهو (سر طاقية الإخفاء)


بقلم الباحث والناقد السينمائي : محمود قاسم
(عبد المنعم إبراهيم)، هو واحد من الذين جاءوا إلى السينما الكوميدية من برنامج (ساعة لقلبك)، وقد سعت السينما في أول الأمر أن تنقل شخصيته (المتهتهة) التى كان يجسدها في البرنامج في بعض الأفلام.
إلا أن (عبد المنعم إبراهيم) لم يقع في أسرها سينمائيا سوى مرة واحدة في فيلم هو (نداء الحب) عام 1956، والغريب في هذا الفيلم، لمن شاهدوه بعد سنوات من عرضه أن عرفوا أن (عبد المنعم إبراهيم) هو صاحب شخصية (المتهته) الذي لا يمكنه أن ينطق الكلمات كاملة، مما يسبب له المتاعب.
وهناك اختلاف واضح بين نبرات صوت الممثل في هذه الشخصية، ونبراته في أفلام أخرى عديدة، وهو الذي رأيناه يجيد تقليد الأصوات الشهيرة، مثلما حدث في فيلم (إشاعة حب) عام 1960.
لكن (عبد المنعم إبراهيم) لم يترك نفسه للإضحاك اللفظي، أو الذي يعتمد على صوته، واعتمد أداؤه في الضحك على الشاشة حسب الموقف، والحركة التى يجسدها.
وخاصة ما يعتمد عليه وجهه من تعبيرات، ابتداء من عينيه إلى فمه الذي يصنع منه (تبويزة) خاصة إلى أدائه بشكل عام الذي كان يتغير بشكل ملحوظ من فيلم لآخر.

الملامح الجسمانية والشكلية
الملامح الجسمانية والشكلية لـ (عبد المنعم إبراهيم) لا تنبئ في المقام الأول أنها لشخص مضحك، مثلما حدث لمن رآه في فيلم (ظهور الإسلام)، مما يعني أنه لم يكن ممثلا مهرجا فهو صاحب قوام فارع.
ووجه شفاف كاللؤلؤ، عبقري الملامح، تكمن عبقريتها في مرونتها، وليس في قدرتها على التشكيل فحسب، بل والحلول في الشكل الجديد، كما كتب (خيري شلبي) في مجلة (الإذاعة والتليفزيون).
وفي كل تجدد يبدو كأن الملامح في الأصل هكذا، هى ملامح قادرة على تجسيد الإحساس في شكل مرئي واضح للعيان، فضلا عن كونه محسوسا.
ومن هنا عشقت الجماهير (عبد المنعم إبراهيم) كفارس من فرسان الكوميديا الحكماء، والمتعففين عن الصغائر والبذاءات والحركات الرخيصة.
وكمضحك في السينما، فإن كافة السمات والمراحل التى مر بها أغلب نجوم الكوميديا، قد مر بها (عبدالمنعم إبراهيم)، سواء في بداياته، أو على خشبة المسرح، أو في قمة نجاحه.
وإمكانه الحصول على بطولات مطلقة بعد أدواره الثانية، ثم عودته ثانية إلى هذه الأدوار بعد عدم نجاحه في أن يجذب الجماهير إلى الشباك لكونه البطل.
وهى مسألة ليست بذات علاقة بموهبة الفنان، ولكنها تتعلق بكيميائية خاصة بالنجومية، وهي ظاهرة تكررت في حالات أخرى عديدة بالنسبة للمضحكين في السينما المصرية مثلما حدث مع (علي الكسار، وعبدالسلام النابلسي).

البطولة الثانية بداية ونهاية
الغريب أن (عبد المنعم إبراهيم) الذي قام ببطولة مطلقة في أفلام من طراز (أيامي السعيدة) عام 1958، و(سر طاقية الإخفاء) عام 1959، وبطولة مشتركة في (أحبك يا حسن) عام 1958.
و(سكر هانم) 1960، قد قبل أن يظهر في أدوار قصيرة للغاية، مع مجموعة فنانيين في أفلام أخرى في نفس السنوات مثل (شارع الحب) و(بهية) وغيرها.
كما أن (عبدالمنعم إبراهيم) قد شارك آخرين في عالم الكوميديا في الأدوار التى جسدها في آواخر حياته، حيث بدا كأنه هجر الكوميديا تماما، وصار ممثلا مأساويا، يمتلئ بالحكمة مثل دوره كماضل في (عودة مواطن) عام 1987، وكان قد بدأ يغير من أدواره تماما منذ عام 1974 في دوره الإنساني في فيلم (الرصاصة لا تزال في جيبي).

أكثر من بطولة
(عبد المنعم إبراهيم)، المولود في قرية (ميت بدر حلاوة) بمحافظة الغربية أشبه بكل ممثلي الكوميديا من جيله وممن سبقوه، حيث أتيحت له الفرصة أن يعمل بكثرة، وفي أدوار صغيرة.
كما تمكن من الحصول على أكثر من بطولة سينمائية، إذن فهو أحد الكثرة التى أخذت فرصتها لكنه تعثر في الاستمرار في أدوار البطولة.
وليس هناك تفسير محدد لهذه الظاهرة، فالفيلمان اللذان قام ببطولتهما لاقى فشلا ونجاحا، الأول هو (أيامي السعيدة) أمام الطفلة المعجزة فيروز، وإخراج أحمد ضياء الدين عام 1958.
أما الثاني الذي نجح فهو (سر طاقية الإخفاء) لنيازي مصطفى، أي أن الفرصتين جاءتا من مخرجين متميزين، فضلا عن دوره الأكثر أهمية في (سكر هانم) للسيد بدير عام 1960.
عبد المنعم إبراهيم والخمسينات
كانت بدايات (عبد المنعم إبراهيم) في الخمسينات مع مخرجين كبار، وأمام نجوم كوميديا، ومن المعروف أن نجم الكوميديا قد يكون في أحسن حالاته حين يعمل أمام زميله في نفس المجال، فتبدو الكوميديا ساخنة، متدفقة.
في بعض الأحيان وهى قليلة، فإن أحد الممثلين يطغى على زملائه إما بخفة ظله، أو بما يسمى سرقة الكاميرا، وهى ظاهرة تبدو في أعلى تجلياتها بالنسبة للإضحاك.
حيث على الممثل أن يؤدي ما يشاء من حركات بجسمه، أو لسانه تدفع إلى الضحك، وهو أمر مفضل ومطلوب لأن الضحك في أغلب السينما المصرية ارتجالي واجتهادي ومطلوب.

فطين عبدالوهاب والسيد بدير
رغم عمل (عبد المنعم إبراهيم) مع كثير من المخرجين المتميزين، وتقديمه لأفلام كثيرة، مثل (وداع في الفجر، أنت حبيبي، فتى أحلامي، الوسادة الخالية، الهاربة، توحة، بنت 17، توبة، مع الأيام، كهرمانة) وغيرها الكثير.
لكنه كان في حاجة الي مخرج من طراز (فطين عبد الوهاب) ليعمل معه ويفجر فيه قدرات اكتشفها أيضا في (إسماعيل يس، وفؤاد المهندس، وعادل امام).
لكن يكفيه دور (عصفور) في (سر طاقية الإخفاء) كان الأداء الجسماني ملازم لحركته، وهو يضرب خصمه معتقداً أنه لا يراه وهو يصفعه في الشارع.
لكن دوره في فيلم (سكر هانم) كشف عن مواهبه، فهو من أكثر الممثلين جاذبية وهو يجسد دور رجل في زي النساء، مثلما كانت (سكر هانم) التي أثارت انتباه رجلين مرا إلى مرحلة الكبر، وسعي كل منهما للزواج منها.
وقد لعب الممثل دور امرأة في أفلام منها: (لوكاندة المفاجآت)، لكن (فطين عبد الوهاب) استفاد منه في دور (زاهر) في (إشاعة حب) فهو يقلد صوت مديره بإتقان وهو يتحدث الي زوجته في الهاتف.
وفيما بعد صار له إيفيه في كل فيلم، منها أنه أحب فتاة غريبة الاسم في فيلم (حبي الوحيد) ويردد اسمها بتلذذ معبراً عن حبه ( بابا باكاستا) تخيل نفسك مكانه واقعا في حب فتاة تقول لك عدة جمل طويلة تكون ترجمتها مثلا شرفتنا.