ننشر لأول مرة أغنيات (محرم فؤاد) في (النكسة، وحرب الاستنزاف) والمحذوف من رائعة (مصر لم تنم)
كتب: أحمد السماحي
يعتبر المطرب (محرم فؤاد) الذي نحيي هذه الأيام ذكرى ميلاده، ورحيله من أكثر المطربيين الذين غنوا لهزائم وانتصارات مصر، واليوم سنتوقف عند ما قدمه فقط من أغنيات في نكسة يونيو وحرب الأستنزاف.
في الخامس عشر من مايو عام 1967 وضع الجيش المصري في حالة تأهب قصوى، ومعه الجيوش السورية، والاردنية، والعراقية تحسباً لعدوان إسرائيلي مرتقب تجاة سوريا.
وفي الثامن عشر من الشهر نفسه دعا الرئيس جمال عبد الناصر القوات الدولية الموجودة في سيناء إلي الرحيل.
وفي الثالث والعشرين من الشهر نفسه اعلن عبد الناصر إغلاق مضيق تيران في وجه السفن الاسرائيلية أو أي سفن من جنسيات أخرى تحمل مواد استراتيجية الي إسرائيل، لتصبح المنطقة مؤهلة للانفجار في أية لحظة.
(محرم فؤاد) ومضيق تيران
أثناء ذلك غني (محرم فؤاد) وبالتحديد يوم 5 يونيو عام 1967 – كما ذكر الإذاعي إبراهيم حفني – في برنامجه (منتهى الطرب) أنشودة (مضيق تيران) .
والأنشود من كلمات (محمود سلامة)، وألحان (ليلي حسن الصياد) والدة وزير التعليم العالي السابق (عمرو عزت سلامة)، والتى كانت أستاذة في معهد الكونسرفتوار، ويقول مطلع الأنشودة:
مضيق تيران مليان حيتان، متسلحين للمعركة
وعلى الحدود جنود أسود بالحق نارهم مهلكة
فوقهم نسور طالعة تدور بالنفاثات الفاتكة
يوم الخلاص قرب خلاص يلا نخوض المعركة
جم الصهاينة يعتدوا والأمريكان جم يسندوا
قاموا العرب وأتوحدوا وبالجيوش حاوطوا العدو
إلى الأمام ياعائدين ويا كل المؤمنين
وناصر الشعب الأمين بيقودنا للنصر المبين
كما غنى (محرم فؤاد) يوم 4 يونيو عام 1967، أغنية مليئة بالاستهتار بالعدو الإسرائيلي والتهديد بفنائه، والحط من شأنه وقدرته، كتبها الشاعر الكبير مرسي جميل عزيز وألحان بليغ حمدي، يقول مطلعها:
العودة، العودة،على دي العودة ياصهيونية وقعتكوا سودة
العودة، العودة يا شر بره مالكش عوزة
على دى العودة يا نجم طالع، فتحنا رمل وكشفنا طالع
لقينا راية اليهود بتنزل، وراية العرب لفوق وطالع
على دي العودة راجعين منازل ليها في قلوبنا أكرم منازل
راجعين نخلص على الصهيونية ونقول لغيرهم هل من منازل
على دي العودة ياللي تحبونا بكرا تلاقونا تحت الزيتونة
تحت الزيونة هرقص بسيفي تحت الزيتونة
وأحيي ضيفي تحت الزيتونة ونغني تاني على دي العونا .
شعارات (محرم فؤاد)
في فترة النكسة خرجت عشرات الاناشيد الحماسية خلال المعركة في إطار جديد قرر القائمون على الإذاعة اعتماده كشكل جديد للأغنية الوطنية، وهو تقديم مايسمي بالشعار.
ويقصد به تقديم نشيد حماسي على إيقاع المارش في مدة زمنية وجيزة لا تتجاوز الثلاثين ثانية أو الدقيقية على الأكثر.
وهو أمر لم يقتصر فقط على غناء المجموعة بل تجاوزه الي معظم المطربين المشاركين وقتها في المعركة، كانت هذه الشعارات الغنائية تذاع قبل إلقاء البيانات العسكرية في الاذاعة وبعدها ايضا بصوت الاذاعي أحمد سعيد .
ومن الشعارات التي قدمت بصوت (محرم فؤاد) شعار (غضبا غضبا) من كلمات محمد على ماهر، وألحان سيد مكاوي سجل يوم السادس من يونيه تقول كلماته:
غضبا غضبا، لهبا لهبا، يشعل إسرائيل حريقا
جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
كما سجل (محرم فؤاد) في اليوم نفسه شعاراً آخر حمل عنوان (أهلا بالحرب) من كلمات محمد حمزة وألحان فؤاد حلمي.
عبدالناصر والتنحي
في التاسع من يونيه خرج الزعيم جمال عبد الناصر ليعترف أمام الشعب بالهزيمة وأننا واجهنا نكسة خطيرة في الأيام الأخيرة، وأنه يتحمل المسئولية كاملة عنها وأنه قرر التنحي عن منصب رئيس الجمهورية لينضم إلى صفوف المواطنين.
وعندما تدافع الشعب وعبر عن غضبه من قرار عبدالناصر، وطالبه بالعدول عن قرار التنحي، ووافق (أبوخالد) على البقاء في منصب رئيس الجمهورية خرج علينا محرم فؤاد بأغنية (واصل سيرك يازعيم) التي كتب كلماتها صلاح أبو سالم ولحنها عبد العظيم محمد وتقول كلماتها:
واصل سيرك يازعيم مالناش غيرك يازعيم
الكلمة لجماهير الشعب دي بإرادته
وفي وقت الجد بيقولها من جوه القلب
وصداها بيرج الأرض
الريس أهو وافق وافق أبو قلب حنين قام وافق
أبو ميت مليون عربي موافق، أعلنها وقال إنه موافق.
أغنيات ما بعد النكسة
نظرا لقصر مدة الحرب بيننا وبين إسرائيل في عام 1967، لم يقدم (محرم فؤاد) إلا ست أغنيات، الخمس التى ذكرناها، وأغنية (كنيسة عيبلون) التى تحدثنا عنها أمس.
لكن يحسب لصوت النيل أن صوته لم ينقطع يوما وحتى حرب أكتوبر عن تقديم الأغنيات والشعارات الوطنية التى تشحذ الهمم وتمسح الدمع، وتحلم بالانتصار والقضاء على العدو.
ومن هذه الأغنيات شعار قدمه عام 1968 بعنوان (أيوه أمال) كلمات نادر أبوالفتوح، ألحان عبدالعظيم محمد، والذي يقول مطلعه:
أيوه أمال، أيوه أمال، لجلك يا حبيبتي أشد الرحال
أهد الليالي، وأعد المحال، يا بلدنا اتوعدنا
والوعدة، وعدة رجال.
وواصل محرم فؤاد تسجيل الشعارات ففي بداية شهر يناير عام 1969 يسجل ثلاث شعارات وطنية كلهم من كلمات نادر أبوالفتوح، وألحان عبدالعظيم محمد هم (يا عتمة إمشى إمشى القمر ما إتخنقشى) و(آديكوا وآدينا يا الدم يا سينا)، و(يلا ويلا ويلا ويا شدة هاتي).
وسجل أيضا ثلاث شعارات أخرى كلمات نادر أبوالفتوح، وألحان إبراهيم رأفت، وهي (إملى قلتك يا خالة بِلّى لقمتك يا خالة)، (والله لنعديكِ وإلّى يعادينا لاجل خاطرك يعادى)، (عدى إسوار، وهِد إسوار، وعاود ع البيار).
حرب الاستنزاف و(مصر لم تنم)
كما قدم (محرم فؤاد) مجموعة رائعة من الأغنيات في حرب الاستنزاف كان أولها في بداية شهر يناير عام 1970، وكان بعنوان (شدوان، يا وثبة البركان، ويا غضبة الطوفان) كلمات نجيب نجم، ألحان إبراهيم رأفت.
وفي شهر سبتمبر عام 1970 يقدم صوت النيل (محرم فؤاد) رائعة (مصر لم تنم) كلمات الشاعرالمبدع فتحي سعيد، ألحان العملاق رياض السنباطي.
وتألق (محرم فؤاد) وهو يغني هذه التحفة، وكان رائعا وهو يكرر بكل وحزم وإصرار (مصر لم تنم) لدرجة أن الجمهور كان يردد في الحفلات وبعد هذه الجملة (الله وأكبر ولن تنام).
وفي هذه التحفة الغنائية قام السنباطي العظيم بتغيير وحذف بعض كلمات من القصيدة، حيث حذف بيت (ماخر سورها العتيد ما انهدم)، واستبدل كلمة (متوج) بكلمة (مجدد) في بيت (متوج الأمل في الأرض كالهرم).
واستبدل الشاعر فتحي سعيد كلمة (مناجل) بكلمتي (قنابل، زلازل) في بيت (مناجل لكل من جثم)، وحذف السنباطي بيت (هنا، هناك كلنا علي قدم).
وهذا الأسبوع ومن خلال باب (محذوفات الأغاني) ننشر القصيدة كاملة كما كتبها المبدع فتحي سعيد، وستجدون الكلمات المحذوفة أو التى تم استدبالها مكتوبة باللون الأحمر، فإليكم نص القصيدة:
مصر لم تنم ولم تزل، يقظانة العينين صلبة القدم
في الأرض كالجبل، وفي السماء للذري وللقمم
مصر لم تنم
ماخر سورها العتيد ماانهدم
ما أنهار شعبها العظيم ماانهزم
ولم يزل مزودا بأعرق القيم
متوج الأمل في الأرض كالهرم
وفي السماء للذري وللقمم
مصر لم تنم
الموكب الكبير سار كالخضم
أمامه وخلفه قد أقسموا القسم
حرائق مشبوبة لكل من هجم
مناجل لكل من جثم
بنادق، مطارق، سواعد، وفم
ولوحة، وراية، واللحن، والقلم
هنا، هناك كلنا علي قدم
فلم تزل في الأرض كالجبل، وفي السماء للذرى.