* في المسرح القومي كان يوجد عمالقة وكل فنان منهم كان عبارة عن معهد علمي في حد ذاته، تجلس أمام الواحد منهم تشعر أنك في قلعة فنية
* (أحمد حمروش) هو الذي أطلق على المسرح القومي اسمه، لأن كل بلد يجب أن يكون لديها مسرح الدولة
* من أول عملي بالمسرح، وأنا ألعب دور البطولة أمام الكبار العظام وكنت ألعب أدوار متعددة ومختلفة.
* صوتي المميز الجهوري، وشكلي ساعدان في نجاحي المسرحي وإخلاصي في العمل، وجديتي جعل المخرجين يثقون بي
* يوجد ممثلين موهوبين، ولكن ليسوا مخلصين للفن فلا يتفقوا أبدا لأن الإنسان الناجح لابد وأن يخدم عمله ويأخذه باحترام
بقلم الإعلامية الكبيرة: أمينة صبري
مازال الحديث الشيق الذي دار بين سيدة صوت العرب الإعلامية الكبيرة (أمينة صبري)، وسيدة المسرح المصري (سميحة أيوب) مستمرا.
في الحلقة الماضية، قرأنا الملامح التى شكلت طفولة (سميحة أيوب)، وكيف بدأت رحلتها مع الفن والتمثيل، وموقف عائلتها منها، ومن كانوا أساتذتها وزملائها في معهد الفنون المسرحية.
وهذا الأسبوع نستكمل باقي الحوار الممتع بين (أمينة صبري)، و(سميحة أيوب) فإلى نص الحوار:
* نبدأ حكايتك مع المسرح من مسرحية (البخيل) ما ظروف عمل سيدة المسرح العربي في هذه المسرحية؟
** (سميحة أيوب): تكونت فرقة المسرح الحديث من خريجي المعهد وأستاذي العظيم الذي تبني موهبتي الفنية الأستاذ زكي طليمات، الذي نصحني بأن انضم لفرقة المسرح الحديث.
وذلك حتى اكتسب ميزتين، ميزة الدراسة الأكاديمية، وميزة التطبيق العملي على خشبة المسرح.
وأول مسرحية كانت (كسبنا البريمو)، ثم (الفرسان الثلاثة)، وبعدها (المتحذلقان)، و(شروع في جواز)، و(بنت الجيران)، و(البخيل)، وست روايات وأعمال كثيرة أخرى، وكنا ننتقل من نجاح إلي نجاح.
* يعني أنتِ من أوائل المؤسسين للمسرح الحديث، ونجمة من نجماته فما حكايتك مع المسرح القومي إذن؟
** (سميحة أيوب): المسرح الحديث كان اسمه (الفرقة المصرية)، أو (الفرقة القومية)، ثم ضموا الفرقتين واسموها (الفرقة المصرية الحديثة)، وكنا غير راضين على انضمامنا للفرقة القومية فنحن شباب متعلم ومثقف..
ونريد أن نثبت وجودنا، طبعا ذلك هو تهور الشباب!، لأن في الفرقة القومية كانوا أساتذة المسرح وعمالقته، مثل الست أمينة رزق، والأستاذ حسين رياض، والأستاذ حسن البارودي، والست نجمة إبراهيم.
وكل فنان منهم كان عبارة عن معهد علمي في حد ذاته، تجلس أمام الواحد منهم تشعر أنك في قلعة فنية، ولأننا اتعلمنا كويس واحترمنا الفن والأساتذة استطعنا أن ننجح ونستمر يعني باختصار اتربينا كويس جدا.
* واستمرت رحلة النجاح ألم تقابلك عوائق في طريقك؟
** (سميحة أيوب): كثير جدا، فالحياة بها الحلو والمر، وعلشان تعرفي طعم النجاح لابد أن تواجهي الشوك.
* وكيف واجهتي العوائق أو الشوك؟
** (سميحة أيوب): الغريبة أنني كنت كبيرة وأنا صغيرة!، يعني كنت أغفر وأتسامح كثيرا، وأقدر ظرف الذي أمامي.
* نكمل حكاية المسرح القومي؟
** (سميحة أيوب): بعد انضمام الفرقتين معا جاء الأستاذ (أحمد حمروش) ومسك مدير المسرح، فاقترح نسمي الفرقة (المسرح القومي) لأن كل بلد يجب أن يكون لديها مسرح الدولة مثل المسرح القومي بانجلترا مثلا، ولابد أن يكون لمصر مسرحا قوميا.
* إحكي لنا عن نجاحك في المسرح القومي وسط عمالقته ونجومه الكبار؟
** (سميحة أيوب): الحقيقة من أول عملي بالمسرح، وأنا ألعب دور البطولة أمام الكبار العظام، وكنت ألعب أدوار متعددة ومختلفة، من الست الفلاحة، الى الزوجة التي تقف وتساعد زوجها المريض..
والمتحذلقة، وسيدة الصالون، والملكة، وبنت البلد، وأيضا صوتي المميز الجهوري، وشكلي ساعدان في نجاحي المسرحي وأخلاصي في العمل وجديتي جعل المخرجين يثقون بي.
فيوجد ممثلين موهوبين، ولكن ليسوا مخلصين للفن فلا يتفقوا أبدا لأن الإنسان الناجح لابد وأن يخدم عمله ويأخذه باحترام.
* توجد محطة مهمة في حياتك الفنية وهي محطة الإذاعة، وتميزتي بصوتك الآثر البديع؟
** (سميحة أيوب): الإذاعة لها أهمية كبري في حياتي، فحدث أن الإذاعي الكبير (محمد محمود شعبان) الشهير بـ (بابا شارو) أراد صوتا جديدا لم يسمعه الجمهور بعد..
وذلك لتمثيل دور (آزار) في أوبريت (عذراء الربيع) فنصحوه بي وأنا كنت صغيرة، ولم أعمل قط بالإذاعة، وخايفة من (بابا شارو) وعمل لي تست ووافق عليّ..
وأنا لم أكن أعرف كيف سأتعامل مع الميكروفون، والحقيقة أن العظيمة (زوزو نبيل) ساعدتني كثيرا، وعلمتني كيف أتعامل بحرفية مع الميكرفون، وكيف أقطع الجمل..
والزاوية الصحيحة للميكرفون، وأنا عملت هذا أيضا مع (زيزي البدراوي)، فقد كانت نجمة في السينما، ولم تتعامل مع ميكروفون الإذاعة من قبل، فعلمتها كيف تقف أمام الميكرفون.
وهي اندهشت جدا!، لأن الكثيرين قالوا لها إن (سميحة أيوب) سوف تضيعك، وتاكلك أمام الميكرفون!، وعلى فكرة رغم حداثة سني أيام (عذراء الربيع) فقد أعطوني أعلي أجر.
* مسلسل (سمارة) كانت له حكاية معك، ومع الجمهور فقد نجحتي نجاح ساحق في هذا الدور، وكانت الشوارع خالية أثناء إذاعته من شدة نجاحه رغم أنك رفضتي الدور ولم توافقي عليه من البداية؟!
** (سميحة أيوب): نعم رفضت الدور في البداية، أنا كنت في باريس، وعندما رجعت، قالت لي والدتي: (المخرج الإذاعي يوسف الخطاب يريدك ضروري).
فذهبت له، وأعطاني دور (سمارة) لكي ألعبه بالإذاعة، ولكن عندما قرأته لم أجد نفسي فيه، فقلت لـ (يوسف الحطاب) هذا ليس دوري، ولا أستطيع أن أقدمه، زعل جدا وهو مخرج قدير..
واتخانقنا، وهو صمم أن ألعب الدور، وأنا صممت أن أرفض فهو مسئولية، المهم اتفقنا أنني أسجل أول حلقة ثم نري رد الفعل وإذا لم يعجبني فسوف أتوقف ويبدلني بممثلة أخري..
وأخذت واحدة صاحبتي، وذهبنا إلي المدبح، لكني أتعرف على الناس هناك، ووجدت بائعة للفاكهة تعاكس حوالي عشرين شابا، ولا أحد يستطيع أن يهوب ناحيتها.
المهم قلت لها إنني مذيعة، وأريد أن أسألك عدة أسئلة، وفعلا سمعتها وهى تتحدث مع الناس، ومع الشباب، وطريقتها في أن تتعامل بذكاء ودهاء مع الجميع، وتعلمت طريقة كلامها وذهبت للإذاعة وقدمت أول حلقة.
* ونجحت أول حلقة وأكملتي المسلسل، ولكن فوجئتي بالنجاح غير المسبوق لهذا المسلسل؟
** (سميحة أيوب): لم يتخيل أحد هذا النجاح الساحق الذي كانت المواصلات تتوقف خلال إذاعته، والشوارع تخلي من الناس، وظل نجاح (سمارة) حتي الآن، واتعمل بعدها سينما وتليفزيون من شدة نجاحه وأصبحت نجمة مهمة في الإذاعة.
* ما أهم أعمالك الإذاعية؟
** (سميحة أيوب): أنا عملت أعمال كثيرة جدا، مثلا أوبريت (رابعة العدوية) وغيرها، ولكن أهم أعمالي أيضا كانت في البرنامج (الثاني) أو (الثقافي)، فقد عملت العديد من روائع المسرح العالمي منها (عربة اسمها الرغبة)..
و(وشم الوردة)، و(سيف ودخان)، و(فاصل غريب)، يعني مثلت معظم المسرحيات العالمية كنا نعمل لمدة 15 ساعة، ونأخذ أجر سبعة جنيهات، ونحن في غاية السعادة.
بالنسبة لنا لم تكن النقود هى الأهم وإنما القيمة كنا نشعر أننا نساهم في تثقيف وإمتاع المستمع.
* نرجع لحاجة شخصية وهو أنه يقال عنك أنك جدعة وتساعدي ناس كتير لأنك تحبي العدل والحق؟
** (سميحة أيوب): الحمد لله
* يوجد جزء في حياتك أيضا مهم وهو جزء الإدارة فأنتِ كنت أول مديرة للمسرح القومي من النساء؟
** (سميحة أيوب): الإدارة الوظيفية شئ عارض في حياتي، فالأساس أن يكون الإنسان حياديا، وموضوعيا، وكانت تجربة الإدارة صعبة لأنني أتعامل مع زملاء وأصدقاء لي وبينهم علاقات متشابكة..
ويوجد من يحبني ومن يغير مني، وهكذا النفوس، فالمسألة احتاجت مني جهد عصبي شديد ودراسة لعلم النفس والصبر.
* الفنان صعب أنه يكون حيادي وموضوعي فالفنان يمر بحالات نفسية مختلفة ومزاج متغير فكيف استطعتي أن تنجحي في الإدارة؟
** (سميحة أيوب): الناس بتقول عني إنني متعقلة في علاقاتي العملية، وأنا فعلا صبورة، ولدي قدرة على ضبط النفس، وعلى سيطرتي علي أعصابي، ويمكن هذا كان جزءا من نجاحي في الإدارة وسط رغبات الفنانين المتضاربة.
* ذكرتي لي بعض أعمالك المسرحية الناجحة في البداية، ذكرينا ببعض أعمالك المسرحية التالية؟
** (سميحة أيوب): والله كثيرا جدا مثلا (سكة السلامة، الفتي مهران، السلطان الحائر، ست الملك، الإنسان الطيب، دائرة الطباشير، الندم، فيدرا دماء علي استار الكعبة).
* لو تحدثنا عن السينما نجد أنك مقلة فيها ولم تنجحي فيها كثيرا فلماذا؟
** (سميحة أيوب): السينما لم تكن من اهتماماتي أبدا، ولكني كنت أعمل بالسينما لكي أصرف علي المسرح.
* وماذا عن التليفزيون؟
** (سميحة أيوب): أنا أحببت التليفزيون جدا لأنه جزء من المسرح، وجزء من السينما، وأول دور عملته مسلسل ديني من إخراج حمدي غيث اسمه (عذراء مكة)..
ثم سهرة مكونة من اثنين فقط أنا و(محمود المليجي)، كان إخراج أنور المشري، ثم عملت مسلسلات ناجحة جدا مثل (الضحية، وخيال المآتة)، وظللت أقدم أعمالا في التليفزيون إلى الآن.
* من نجاح لنجاح ومن حب الجماهير في العالم العربي كله لك فأنت سيدة المسرح العربي بلا جدال وحققتي آمالك في الفن، فلو سألتك لك أمنيات أخري في المجال الفني؟
** (سميحة أيوب): أتمني أقدم أعمالا عظيمة تفيد الناس لأن الفن رسالة، ولذلك أمنيتي أن يكون لي مسرح خاص يقدم أعمالا عظيمة، والمسرح انعكاس للمجتمع، وبما أني أحب أن تكون بلدي عظيمة فلابد أن يكون لدينا مسرح عظيم يليق ببلدنا.
أستاذة سميحة: نحن بدورنا نتمني أن يحقق الله أمنياتك وأن تقدمي لنا دائما ما يليق بك كفنانة كبيرة وعزيزة علينا كلنا وشكرا لهذا الحديث.