(أدمون تويما).. أشهر خواجة عرفناه، مترجم مسرحيات يوسف وهبي !
كتب: أحمد السماحي
الفنان (أدمون تويما)، من أشهر نجوم الكومبارس الذين عرفناهم في السينما المصرية، والدخول إلى عالم الكومبارس أشبه ما يكون بالغوص في أعماق بحر مليئ بالأسماك الملونة والأصداف التى تخفي في جوفها الكثير من الأسرار والحكايات السحرية.
فوراء كل كومبارس شاهدناه في أفلام (الأبيض والأسود) قصة وحدوتة، تشبه في جمالها وسحرها حواديت (ألف ليلة وليلة) مثل (أدمون تويما).
لم يكن (يوسف سليم تويما) الذي عرفناه جميعا باسم (أدمون تويما) 1895 – 1975، مجرد (كومبارس) سينمائي أشتهر بتمثيل تلك الشخصية الفريدة .
والتى أصبحت علما عليه في الأفلام، وهى شخصية (الخواجة) الذي يتكلم اللغة العربية بلكنة أجنبية، والتى قدمها في أفلام كثيرة لعل أبرزها فيلم (دعاء الكروان).
والذي يعلم (خديجة) بنت المأمور اللغة الفرنسية، والتى كررها في العديد من الأفلام المصرية لعل أشهرها (شارع الحب، الأيدي الناعمة، زوج في اجازة، المتمردة..
وألمظ وعبده الحامولي، الترجمان، قلب في الظلام، مغامرات إسماعيل ياسين، بنات حواء، ظلموني الحبايب، بلبل أفندي، سلامة في خير) وغيرها الكثير.
البحث عن (أدمون تويما)
بالبحث عن معلومات عن (أدمون تويما)، هذا الفنان في المجلات الفنية القديمة، وجدنا بعض المعلومات الشحيحة عنه، لعل أبرزها ما كتبه المؤرخ الفني محمد السيد شوشة في كتابه (رواد، ورائدات السينما المصرية).
حيث أعتبر (شوشه) الفنان (أدمون تويما).. من رواد السينما المصرية خاصة في مجال التمصير والترجمة والاقتباس، كما أنه قام بتأليف عدة أعمال مسرحية وسينمائية.
أشهر هذه الأفلام، فيلم (نشيد الأمل) لكوكب الشرق أم كلثوم الذي عرض عام 1937، والأوبريت الغنائي (ليلة من ألف ليلة وليلة) الذي قدم لأول مرة عام 1931.
وقام ببطولته (فاطمة رشدي، وعزيز عيد) ووضع موسيقاه وألحانه الملحن سيد مصطفى في البداية.
مولد (أدمون تويما)
ينحدر أدمون تويما من أسرة لبنانية كانت تقيم في مصر، إذ كان والده (سليم تويما)، موظفا في الحكومة المصرية.
وكان يسكن (سليم تويما) في في (ميدان رمسيس) في شقة جميلة جدا مليئة بالفل والياسمين، خاصة في (البلكونات).
وفي هذه الشقة ولد (أدمون تويما) وتلقى تعليمه في المدارس الفرنسية التى كانت منتشرة في مصر في نهاية القرن الثامن عشر، وأجاد االلغة الفرنسية إجادة تامة، كواحد من أبنائها.
وإجادته للفرنسية أثرت على لغتة العربية كتابة وقراءة ونطقا، فكان يكتب أدواره العربية التى تسند إليه باللغة الفرنسية، ثم يلقيها بتلك اللكنة الأجنبية التى أشتهر بها.
(أدمون تويما) بين أولاد عكاشة ورمسيس
بعد رحيل الأب اكتفى (أدمون تويما) بتعليمه الثانوي، لكنه كان عاشقا مولعا بالقراءة، لهذا اتجه إلى قراءة المجلات الأجنبية خاصة الفرنسية.
وبدأ مشواره الفني من شارع عماد الدين من خلال فرقة شركة (ترقية التمثيل العربي) التى أطلق عليها (أخوان عكاشة)، لكنه لم يرتاح معهما وترك الفرقة.
وعندما علم بأن الفنان يوسف وهبي يؤسس لفرقة مسرحية، سرعان ما ترك (أولاد عكاشة) وانتقل إلى مسرح (يوسف وهبي) .
وكان(أدمون تويما) من النجوم الذين ارتفعت عنهم الستار في ليلة الافتتاح الأولى، في مساء يوم 10 مارس عام 1923.
وكانت أدواره المسرحية في أيام الشباب، تتفق مع شخصيته الطبيعية في الحياة، من حيث المظهر والأداء، اللذين يوحيان بأنه شاب أجنبي.
(أدمون تويما) مترجما
في بداية ظهور فرقة (رمسيس) كون عميدها يوسف وهبي لجنة للقراء أطلق عليها لجنة (التأليف والترجمة) للاطلاع على ما يقدم إليها من مؤلفات أو مترجمات.
بجانب الاطلاع على المسرحيات العالمية في أصولها الأجنبية، خاصة ما ينشر منها في مجلة كانت ذائعة الصيت في هذا الوقت وهي (الليستراسيون) الفرنسية.
وكان من بين أعضاء هذه اللجنة ثلاثة من الذين كانوا يجيدون اللغة الفرنسية في ذلك الوقت وهم (عزيز عيد، وفتوح نشاطي، وأدمون تويما).
ولم يكن دور (أدمون تويما) قاصرا على قراءة ما يقدم إليه من المسرحيات ليقوم بترشيحها للترجمة، أو التمصير أو الاقتباس، بل كان كثير الرحلات إلى باريس.
وذلك لمشاهدة العروض المسرحية الجديدة التى تقدم على مسارحها خصوصا المسرح التجاري الذي كان يقدم (الفودفيليات والكوميديات).
ويعود من كل رحلة، وهو يحمل في حقيبته النصوص المسرحية لتقدم على مسارحنا باللهجة المصرية.
(أدمون تويما) والقومي وطليمات
ظل (أدمون تويما) يعمل في فرقة (رمسيس) إلى أن أنشئت (الفرقة القومية) عام 1935، فالتحق بها منذ ذلك التاريخ في قسم الترجمة، حيث كان يقوم بمراجعة المسرحيات الفرنسية المترجمة على أصولها الأجنبية.
من المعلومات التى يمكن ذكرها عن هذا الفنان متعدد المواهب أن رائد المسرح المصري زكي طليمات عندما قام بترجمة مسرحية (الوطن) للكاتب الفرنسي (فيكتوريان ساردو) قام (أدمون تويما) بمراجعتها أيضا على الأصل الفرنسي، وأصبح شريكا في ترجمة هذه المسرحية.
والتى قدمت في ذلك التاريخ على مسرح دار الأوبرا الملكية من إخراج زكي طليمات، وتمثيل أحمد علام، وإحسان شريف.
(أدمون تويما) ونشيد الأمل
كان أدمون تويما يمتلك مكتبة ضخمة مليئة بآلاف الكتب، لهذا كان يعتبر مرجعا للسينمائيين في اقتباس وتمصير الروايات الأجنبية، عن طريقة مكتبته الخاصة الزاخرة بالكثير.
وهذه المكتبة ساعدته على تأليف قصة فيلم (نشيد الأمل) عام 1937، والذي يعتبر ثاني أفلام قامت كوكب الشرق أم كلثوم، والذي قام بإخراج أحمد بدرخان.
والذي قام ببطولته (عباس فارس، زكي طليمات، فؤاد شفيق، حسن فايق، استفان روستي، عبدالعزيز خليل).
(أدمون تويما) وانتصار الشباب
بدأ (أدمون تويما) مشواره السينمائي من خلال فيلم (انتصار الشباب) بطولة أسمهان وفريد الأطرش، وإخراج أحمد بدرخان.
وقام في هذا الفيلم بدور ناشر موسيقى أجنبي يذهب إليه بطلا الفيلم فريد الأطرش وأسمهان وهما في أول الطريق ليتيح لهما الفرصة لتسجيل صوتيهما على أسطوانات.
كما قام بدور مماثل في فيلم (مجد ودموع) بطولة نور الهدى ومحمد فوزي، لكنه في هذه المرة كان ثقيل السمع، فتصر البطلة أن تسمعه صوتها.
وتلتقط الميكرفون وتصرخ بأغنيتها (أسمعني اسمعني لما أغني)، وتوالت أفلامه التى كان آخرها في فيلم (نادية) بطولة سعاد حسني، وأحمد مظهر، حيث جسد دور مدرس اللغة الفرنسية.
(أدمون تويما) والرحيل الصامت
كان (أدمون تويما) في آخر أيامه يقوم بتدريس اللغة الفرنسية لكثير من كبار الفنانيين والفنانات والشخصيات المعروفة، وعاش سنوات عمره الأخيرة في الظل، بالرغم من أنه أمضى حياته كلها تحت الأضواء.