بقلم: محمود حسونة
كتبت قبل أسبوعين عن المسلسل الممل (وسط البلد)، وهذا الأسبوع أجد نفسي مضطراً للعودة للكتابة عنه، بعد أن استفزني توقفه المفاجئ عند الحلقة 222 من دون نهاية لأي من تقاطعاته الدرامية.
وكأن الوقت الذي قضاه الناس في مشاهدته لا يمثل شيئاً لصناعه الذين تباهوا أنهم يقدمون (أول سوب أوبرا) مصرية، وهم عاجزون عن استكمال التجربة التي اعتزوا بها ولا الوفاء بالتزاماتهم تجاه مشاهديه ولا تجاه الفنانين الذين شاركوا فيه ليمثل أعلى درجات الاستهانة بوقت المشاهد وبجهد الفنان.
عندما تم الإعلان عن هذا (وسط البلد) قالوا أن أحداثه ستدور في خمسة مواسم، كل موسم 192 حلقة، أي أنه كان سيقترب من الألف حلقة وهو رقم مفزع لمسلسل عربي، وسارق لوقت المشاهد.
كثيرون ممن تورطوا في مشاهدته لم يجدوا مفراً من استكماله خصوصاً مع تشابك خيوطه الدرامية وكثرة مفاجآت شخصياته، رغبة في معرفة نهايات خطوطه الدرامية المتشابكة ونهايات الشخصيات التي انتهج كثيرها النصب والاحتيال على أقرب الناس إليهم، ولكنه توقف دون سابق إنذار عند الحلقة 222.
الشركة المنتجة لم تكلف نفسها عناء إصدار بيان عن توقف (وسط البلد)، وهو ما يمثل أعلى درجات الاستهانة بالمشاهدين، بل إنها لم توضح أسباب الإيقاف المفاجئ للفنانين.
(وسط البلد) في حالة (هيص بيص)
واكتفت بإبلاغهم بوقفه، ليقع الفنانون في حالة (حيص بيص)، ولتظهرهم أمام جمهورهم في صورة العجزة الذين لا يعلمون من الأمر شيئاً، وكأنهم مجرد دمى حركهم الإنتاج وقت التصوير ثم أوقفهم عندما قرر ذلك.
أبطال (وسط البلد) ومخرجه عجزوا عن تقديم أي إجابة عن أسباب وقف المسلسل، واكتفى بعضهم بابداء الحزن وترديد جملة (قدر الله وما شاء فعل)، خالطين بين القدر الإلهي والإرادة البشرية.
وهم يعلمون أن قرار الوقف اتخذه فرد ينتج فناً ولكنه يعجز عن احترام صناعه ومبدعيه، ولو كان الإيقاف لأسباب مادية، لأبلغ ذلك للمؤلف وللمخرج مطالباً إياهم بتكثيف الأحداث ووضع نهاية لها.
وهو ما يستلزم حلقات معدودة لن يكون صعباً الإنفاق عليها ممن أنفق على 222 حلقة، ولكانت هذه النهاية ستجيب على تساؤلات الجمهور عن مصير الشخصيات التي ارتكبت جرائم مختلفة ولم يعاقب أي منها على شيء.
قبل انتهاء مسلسل (وسط البلد) تم قتل (نهلة)، وتم اتهام معظم شخصياته والتحقيق معهم، وتوقف المسلسل من دون أن يكشف عن القاتل!
فجر العمل قنبلة أن (طارق كامل الجارحي) هو (ابن فضل) شقيق (كامل)، ثم أثبت تحليل DNA أنه ليس (ابن فضل) ولا (ابن كامل) أيضاً، وبعد مقتل والدته (نهلة) ظلت الحقيقة ضائعة.
وقام سعيد الجارحي بالنصب على كثير من الناس وهرب من دون معرفة مصيره، وعاشت هالة الجارحي أزمة مع زوجها بعد زواجه السري من صديقتها وبدأت معه صراعاً من أجل الطلاق لم ينته، وظهرت نرمين ابنة شلباية (الشحاتة).
بعد أن ورثت ثروة كبرى من زوج مجهول، جاءت فجأة تتوعد الحارة بالكثير ثم توقف المسلسل من دون أن تفعل شيئاً، والغريب أن هذه الشخصية ظهرت فقط قبل التوقف بحلقات معدودة.
ولو كان الانتاج أبلغ القائمين على المسلسل بنوايا الإيقاف لما أضافوها.. وظل مصير النصابين، (فوزي وابراهيم وعماد ومنعم وثريا وفتحي ونادية) وغيرهم مجهولاً للمشاهد.
ناهيك عن الصراعات بين فضل وشقيقه كامل، وصراع فضل مع زوجته سميحة التي تحولت من ملاك إلى شيطان، ومصير علاقة حمدي وسهير، ومصير عائلة رؤوف.
أسئلة كثيرة بلا إجابات دفعت ببعض المشاهدين للخروج على مواقع التواصل مطالبين المؤلف بتحديد مصير الشخصيات على مواقع التواصل أو عبر الإعلام!
(وسط البلد) توقف ولن يعود
عبث غير مسبوق، والغريب أن جميع الفنانين التزموا الصمت، خوفاً على لقمة العيش، خصوصاً أن المسلسل كان قد تم انتاجه لصالح (mbc – مصر) ومنصة شاهد.
والكل يعرف أنهما من مراكز القوى في مجال الانتاج الفني، ولديهم القدرة على تجميد الفنان الذي يخرج عن إرادتهم أو يتجرأ بالصراخ رفضاً لهذا الفعل المهين للفن والفنانين.
لكن حتى لو خاف الفنانون كان ينبغي أن تسجل نقابة المهن التمثيلية أي موقف، ولو مجرد المطالبة بتحديد أسباب الإيقاف.
مسلسل (وسط البلد) توقف ولن يعود، فقد كان عرض آخر حلقاته منذ أشهر عدة ولا يبدو في الأفق أي أمل، وليت منصة (شاهد) تزيله من على موقعها حتى لا يتورط المزيد من الناس في مشاهدته وتلقّي الصدمة التي تلقاها غيره.