بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
أصبحنا نسمع مصطلح الذكاء الاصطناعي كثيرا، نفرح به تارة، وننبهر به تارات كثيرة، دون مراجعة ملفه كاملا بين فرصه وتحدياته وإيجابياته وسلبياته وقواعده وأخلاقياته، ونقاط متعدده ذات صله بموضوع الذكاء الاصطناعي، وهذا المصطلح عندما يتم ذكره يتبادر إلى الذهن دوما عالم الريبوتات وهذا إدراك غير صحيح، حيث أن الذكاء الاصطناعي له تطبيقات لاحصر لها، وهو يهدف إلي محاكاة للبشر تقليدا وتفكيرا.
وإن كان مصطلح الذكاء الاصطناعي له تطبيقات في عالم انتقاء وسماع الموسيقي المفضلة وفي مجال خدمة المرضي وكبار السن ومتحدي الإعاقة، وفي مجالات عملية كثيرة كالطب تشخيصا وجراحة وتمريضا، وفي مجال علوم الفضاء وعلوم الملاحة الجوية والبحريه، وفي علوم الإعلام والترفيه، والتخطيط، والموارد البشريه وغيرها في مجالات عديده من أمور حياتنا اليوم، وللذكاء الاصطناعي أنواع عديده حسب التطبيق مابين ذكاءا ضعيفا وآخر قويا وثالث خارق، وكان علينا ونحن لدينا كليات للذكاء الإصطناعي وكوادر مصريه في هذا المجال سواء أساتذه وخبراء أو طلاب مهتمين يقدمون دوما مشروعات تخرجهم في صورة مشروع يعتمد علي أحد تطبيقات الذكاء الإصطناعي التي لاتحصي.
تحديات الذكاء الاصطناعي
والغريب كالعاده لدينا أننا كما استقبلنا الحواسب والوسائط والموبايلات الذكيه فرحا دون النظر إلي دراسة مخاطر أو تحديات أو أخلاقيات هذه الأجهزة وأيضا ما صاحبها من تطبيقات مثل الذكاء الاصطناعي، وخصوصا تطبيقات منصات السوشيال ميديا، ومانتج عنها من انعزال أسري وتوحد لدى البعض، والبعد الأخلاقي المؤثر على تقاليدنا وأعرافنا، وكذا انتشار عمليات النصب الإلكتروني والتحرش الإلكتروني، وأفسد جانبا ليس بقليل في حياتنا الإجتماعيه والأخلاقيه وغيرها، غير ناكرين لإيجابياته في التواصل عن بعد والعمل أون لاين والتعلم واكتساب المهارات وغيرها، استقبلنا الجديد دون البحث العلمي الدؤب حول جوانبه سلبا وإيجابا لنعظم الإيجابي منها ومحاولة تقليل الآثار السلبيه علي مجتمعنا وملامحه وعلي صغارنا ومراهقينا وحتي الراشدون منا.
إقرأ أيضا : عمرو مصطفى يرتكب جريمة في حق أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي
وهكذا تعاملنا مع ملف الذكاء الإصطناعي دون قيام الجهات والجامعات والكليات والمعاهد والخبراء والمختصين بدراسه تطبيقات الذكاء الاصطناعي سلبا وإيجابا، وحتي لايتهمنا احد بمعاداة التطور ورفض كل تقنيه، وهذا ليس إنصافا لاننا نرحب جدا بثورة التكنولوجيا وعصر تفجر المعلومات بل وفي إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مهنتنا الإعلاميه في فروع كثيره من علوم وصناعة الميديا وفنونها، ولكن دعني أنقل إليك ماقاله الرجل الملقب بالأب الروحي لـ الذكاء الاصطناعي السيد (جيفري هينتون)، والذي حذر من مخاطره بعد فقده لوظيفته في جوجل، حيث استغنت الشركه كسائر مؤسسات الصحافة والإعلام والصناعه وغيرها، استغنت عن كوادر مدربة كثيرة ووظائفها التي تم فيها استبدال وظائف كثيرة كان العنصر البشري يقوم بها ليقوم بها ريبوتات وتطبيقات الذكاء الإصطناعي، حيث قال جيفر هينتون: (أخشي أن تصبح الآله أكثر ذكاءا منا كبشر، وأن يستبدل وظائفنا، وأن يتدخل في النزاعات السياسية، وان يسهم في إنتشار المعلومات المضللة، أو أن يصل لأيدي خبيثه تعبث بنا).
الأب الروحي لـ الذكاء الاصطناعي
هذه مقولة الأب الروحي لـ الذكاء الاصطناعي، وعليه فإن هذا الذكاء له مخاطره وتحدياته وسلبياته على فنون الإبداع البشري وأخلاقيات مجتمعاتنا وأمننا وأماننا ووظائفنا، وحتي حركتنا في البيت والعمل سنكون أبطأ حركة وأقل تفكيرا وأندر تجاوبا وتحدثا، وسيتغلل في حياتنا وبيوتنا وداخلنا مانحب ومانكره وما نتعود عليه، وما يغير مزاجنا وكل شئ لايعلمه إلا الله وتطبيقات هذا العلم، أما عن تحدياته وسلبياته ومخاطره وتقليل فرص العمل وتعرضنا لضنك العيش فهي كثرة، أما تحدياته فمنها: أنه يتطلب نوعا متقدما من المعدات والمعالجات وهى مكلفه وتحتاج إطلاع دائم على تطوراتها التقنيه المتلاحقة، كما أن نقص الدعم التقني والمالي يعوق تطوير برامجه، كما أنه غير قادر علي كسب الثقه سريعا، وهو وحيد الغرض وليس متعدد الأغراض.
وأخيرا هو عرضه للانتهاكات ويتعرض لندرة البيانات غير التي تم إدخالها إليه بشريا، أما سلبياته فمنها: انه يجعل الآله تتجاوز الإنسان مخترعها ومشغلها، وهو يقلل فرص الوظائف ويجعل الآله محركه للإنسان وهو تابعا لها، كما يجعلنا عرضه للريبوتات القاتلة ويتيح للجهات الخبيثه العبث به وبنا، وعن مخاطره في عالم إدارات الموارد البشريه ووظائف البشر فهو قولا واحدا يؤدي لتقليل الوظائف، بل وفقدان معظمها نظرا لأنه يعتمد علي التشغيل الآلي للوظائف، وتمتد خطورته على إدارات الموارد البشرية إلى أنه يؤدي مهام العمل ومهام المراقبه للموظفين ومهام تقييمهم ومهام تصنيفهم ومهام توجيههم ومهام إمدادهم بالمعلومات حتي يتحول المرء إلي تابعا مطيعا للآلة التي إخترعها وقام بتشغيلها.
الذكاء الاصطناعي وتعطيل الفكر
ومع استمرار هذا الوضع يتحول الإنسان تدريجيا إلى معطل التفكير ومنعدم الحلول ومنتظرا لتوجيه الآله عبر تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما انه يختار المواهب ويختار الموظفين من المتقدمين لها، ويدرب ويقوم ويفعل كل شئ، بل ويجيب علي تساؤلاتهم في العمل وكأنه الأقدم في المجال والأكثر خبرة وسلطو، وهو يقدم الدعم المعرفي للموظف،ويحوله إلى كسول خامل في البيت والعمل، ويقول خبراء مجال الذكاء الاصطناعي أنه وخلال خمس سنوات لن تدار وزارة أو هيئه أو شركه أو مشروع بدون تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومع كل هذه المخاطر والتحديات، ومع دخولنا عصر التحول الرقمي فإن فرص العمل ستقل كثيرا، ومع زيادة نسبة البطاله وتراكم أعداد الخريجين فإن التحدي يتضاعف، فماذا أعددنا من بدائل لعصري الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، حتي لانجد شبابنا علي المقاهي أو في حجراتهم المغلقة، أو عرضة للتطرف والتجنيد والنصب، أو أن نجد أسرا وبيوتا بلا دخل، فكيف ستكون الحياة.
ليتنا نشكل لجنة قومية علمية من كليات الذكاء الاصطناعي وكليات الحاسب وخبراء التوظيف والموارد البشرية حتي نقدم بدائل لهذا الغول الآلي الزاحف علينا في مجال الوظائف والمعلومات المضللة والأيدي الخبيثة والأفكار الضالة وحالات الكسل الجسدي والفكري التي نحن مقبلين عليها وكذا أمراض السمنه وقلة الحركه وندرة التفكير عندما يعم حياتنا هذا الذكاء الاصطناعي، وعلينا التوعيه جماهيريا بمخاطره وسلبياته، وتحدياته والبدائل الواجب توفرها حتي نأخد منه مايفيدنا ونحجمه فيما يلحق الضرر بنا في أي مجال سواء كسب لقمة العيش أو أخلاقيات الحياة الملتزمة، أو الأمراض التي تنظر الإنسان، ونضع دليلا وطنيا لأصول استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي والنصائح الواجب الإلتزام بها والبدائل التي يجب علينا توفيرها.
ولتقم الجهات ذات الصله بدورها في التوعيه بهذا الشأن لتكون تطبيقات الذكاء الاصطناعي ثقافه مثلما أصبح عالم الوسائط والحاسوب، وتطبيقات السوشيال ميديا ثقافة شعبية، عندما نفعل ذلك فلاخوف وستكون بدائلنا جاهزة بين أيدينا.. حمي الله مصر، دولة متجهه لعصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي وتحيا دوما مصر.. آمين.