سبوبة صاحب المقام
بقلم : فتحي محمود
بعيدا عن أن فكرته الاساسية مقتبسه من الفيلم الاسرائيلى (Maktub) أو انه لم يشر بأى شكل إلى العالم الكبير الدكتور سيد عويس صاحب الدراسة الوحيدة والشهيرة عن رسائل المصريين إلى الإمام الشافعى، فهذه بعض الملاحظات عن فيلم صاحب المقام للكاتب إبراهيم عيسى والمخرج محمد العدل:
أولا: الفيلم تعامل بسطحية شديدة مع الفكر الصوفى واختزله فى زيارة مقامات الأولياء وحل بعض مشكلات من يلجأون لها، بينما كاتب آخر مثل عبد الرحيم كمال نجح فى التعبير عن العمق الصوفى الحقيقى فى عدة اعمال درامية على رأسها الخواجة عبد القادر وبمهنية عالية.
ثانيا: موضوع رسائل المصريين إلى الإمام الشافعى قماشة عريضة (بتعبير اهل الدراما) تستطيع من خلالها تقديم صورة عن قرب للمجتمع المصرى والمتغيرات التى يشهدها وخاصة بالنسبة للطبقات الدنيا، ولكن الفيلم قزم هذه القماشة العريضة وحولها إلى مجموعة قصص عادية جدا متناثرة لا تعكس حقيقة ما يحدث فى المجتمع، وتحول البطل إلى صورة باهتة من روبن هود أو المنقذ فقط.
ثالثا: شخصية روح (التى جسدتها يسرا) تمثل الضمير، وهى موجودة فى أعمال درامية مصرية كثيرة، لكنها مكتوبة هنا بشكل متناقض ما بين الحقيقة والخيال، فلا تؤدى الغرض الدرامى منها.
رابعا: فارق كبير بين الكاتب والروائى وبين السيناريست، وكتاب كبار مثل يحيى حقى وتوفيق الحكيم وجمال الغيطانى تحولت كتاباتهم إلى أعمال درامية على أيدى آخرين لديهم موهبة حقيقية فى كتابة السيناريو والحوار، بل ان رواية للكاتب الكبير نجيب محفوظ هى احاديث الصباح والمساء تحولت إلى عمل درامى متميز على يد السيناريست محسن زايد، ونفس الشئ لرواية احسان عبد القدوس لن اعيش فى جلباب أبى على يد السيناريست مصطفى محرم، ولو اكتفى إبراهيم عيسى بكتابة رواية صاحب المقام فقط، وترك كتابة الفيلم لسيناريست كبير لأصبحنا امام فيلم مختلف تماما.
خامسا: فى نهاية الفيلم يلجأ البطل إلى إعادة بناء المقام الذى تم هدمه فى بداية الفيلم رغم انه اكتشف بعد الهدم انه لا يوجد شيخ او ولى أو أى شئ مدفون فى المقام، وهى رسالة صريحة للمشاهد بأن نعبد (المبنى) وليس (المعنى) .. وهى رسالة عكس كل مايردده إبراهيم عيسى فى مقالاته وبرامجه .. وليس لها سوى تفسير واحد فقط: ان الفيلم مجرد سبوبة !!