

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد الغريب
ما هى الإ أيام حتى راحت وسائل الإعلام الإسرائيلية للاحتفاء ببطلها الجديد المدعو (شوقي أبو نصيرة) وتقول للجميع جهراً..أن رحيل (أبو شباب) ليس نهاية المطاف.. فمن بعده هناك من هو مستعد لبيع نفسه لإسرائيل وخدمتها والولاء لها مقابل الحصول على المال والمخدرات.
يأتي هذا في سلسلة قصص الخيانة والعمالة للاحتلال الإسرائيلي التي لا تنتهى ولا تتوقف ولا تختفى.. بعد عملية قتل المدعو (ياسر أبو شباب) زعيم أحدى العصابات المدعوة من إسرائيل في قطاع غزة قبل أيام، سرعان ما أن راحت وسائل الإعلام العبرية للبحث عن زعيم عصابة أخر للإحتفاء به والحديث عنه بعد أن فقدت (أبو شباب) التى طالما وجدت فيه الشخص المناسب لتنفيذ جرائمها داخل القطاع.
أسماء مثل (أبو شباب)، (غسان دهيني)، (شوقي أبو نصيرة).. وغيرها.. هؤلاء يقفون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في مواجهة سكان القطاع، وينوبون عنه في تنفيذ ما يُعرف بـ (الأعمال القذرة)، من الإبلاغ عن أماكن وجود قادة الفصائل الفلسطينية والمساعدة في عمليات الاستهداف عن بُعد.
وصولًا إلى خطف النساء والفتيات للضغط على ذويهن، وانتهاءً بقتل فلسطينيين بالسلاح الإسرائيلي بشكل مباشر، وتتكرر هذه التجربة مع كل شخصية جديدة تظهر، لتؤكد أن الاحتلال يسعى باستمرار لصناعة شبكات خيانة تخدم أهدافه في غزة.
وكان السبق للقناة الرابعة عشرة الإسرائيلية في الكشف عن بطل إسرائيل الجديد، (شوقي أبو نصيرة)، وهى القناة الأكثر تطرفًا وعنصريّةً وتحريضًا على العرب والفلسطينيين، وتعد القناة الناطقة بلسان رئيس وزراء الاحتلال، (بنيامين نتنياهو)، وحكومته الفاشيّة.
وعلاوةً على ذلك، فإنّ (نتنياهو) الذي يرفض التحدّث للإعلام العبريّ، يُوافِق بين الحين والأخر على إجراء (مقابلاتٍ).. (!) مع هذه القناة، التي تتمتّع بدعمٍ حكوميٍّ ماديٍّ وسياسيٍّ.

أشخاص إنسانيون وصادقون
وفي مقابلة بثتها مع (شوقي أبو نصير) قائد ما يُعرف بـ (ميليشيا خان يونس)، وهى مجموعة مسلحة موالية للاحتلال الإسرائيلي، تحدث (شوقي أبو نصيرة) بصراحة لافتة عن طبيعة العلاقة مع الاحتلال، بقوله (إنّ العلاقة بيننا وبين الإسرائيليين علاقة قوية وصداقة حميمة وسنعيش معهم بقية العمر في أمنٍ وسلامٍ وهم يمدوننا بالسلاح والطعام واللبس وننسق معهم أمنيًا لأبعد مدى).. طبقًا لأقواله.
وحول السؤال: هل يخشى مع الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة ترامب، أنْ تسحب إسرائيل والولايات المتحدة أيديهما وتتركاه وحيدًا؟ فأجاب: (لا أعتقد ذلك.. ترامب والإسرائيليون أشخاص إنسانيون وصادقون، ومن المؤكد أنهم سيدعموننا).
وعند سؤاله عن طبيعة العلاقة مع الحركة، أجاب (شوقي أبو نصيرة) بأن العلاقة معها هي صراع حياة أو موت، معتبرًا أن المواجهة معها حرب مفتوحة، وأنه يخوضها حتى (تحرير فلسطين من حماس)، على حد وصفه، ويُشار إلى أنّ اللقاء معه جرى باللغة العربيّة، وتمّت ترجمته للعبريّة.

اعتراف صريح بالخيانة
حديث (شوقي أبو نصيرة) عبر القناة الـ 14 بالتلفزيون الإسرائيلي ليس مجرد تصريح إعلامي عابر، بل اعتراف صريح وموثق بالخيانة والتنسيق الأمني مع الاحتلال في ذروة العدوان على شعبه، فمجرد وصف العلاقة مع الاحتلال بـ (الأخوية والحميمة) يعكس سقوطًا أخلاقيًا كاملًا، وانفصالًا تامًا عن معاناة الفلسطينيين، لا سيما في غزة التي تُحاصر وتُجوّع وتُقصف.
لكن الأخطر في هذه التصريحات لا يقتصر على الإقرار بتلقي السلاح والدعم اللوجستي من الاحتلال، بل يتعداه إلى محاولة شرعنة العمالة وتقديمها كنموذج لـ (الأمن والسلام)، في وقت تُستخدم فيه مثل هذه المليشيات كأدوات لضرب الجبهة الداخلية وتفكيك المجتمع من الداخل، وتنفيذ ما عجز عنه الاحتلال بالقوة العسكرية المباشرة.
كما أنّ هذه التصريحات تفضح حقيقة المشروع الذي يمثله (شوقي أبو نصيرة) ومن على شاكلته، فليس هذا مشروع (وطن حر)، بل وظيفة أمنية رخيصة في خدمة الاحتلال، تُلبس ثوب الوطنية زورًا، وتعمل على تسويق الخيانة باعتبارها خيارًا سياسيًا.
فضلاً عن أنّ التاريخ الفلسطينيّ واضح في هذا السياق، إذ إنّ كلّ مَنْ راهن على الاحتلال خسر، وكلّ مَنْ تواطأ معه سقط أخلاقيًا وشعبيًا، مهما وفرّ له من سلاحٍ أوْ حمايةٍ مؤقتةٍ.
بعد ظهور (شوقي أبو نصيرة) في القناة الـ 14 الإسرائيلية، كان لافتاً إعلان عائلته، عن براءتها الكاملة من المدعو (أبو شباب)، وقالت العائلة في بيان إنها (تتمسك بالثوابت الوطنية وتنحاز إلى صفوف الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة).
مؤكدة أن (التصرفات الفردية لا تمثلها بأي شكل وتتنافى مع الأعراف الوطنية وتتماهى مع مخططات الاحتلال)، وأشارت العائلة إلى أنها كانت وستبقى جزءا أصيلًا من النسيج الوطني وترفض أي تساوق مع المشاريع المشبوهة أو الأطراف المأجورة. مشددة على أنها ستقف دوما بصف الوطن ومعركة التحرير وصوت شعبنا الحر المقاوم.
لكن من هو شوقي أبو نصيرة ؟، (شوقي أبو نصيرة) من سكان مدينة غزة وهو أسير محرر سابق.. هارب من قضايا قتل وفساد تعود لسنوات مضت ووجد في العصابة مظلة تحميه من المحاسبة.
أتاح ذلك فرصة إعادة توظيف صورته كواجهة ضمن شبكة تتخذ من الفوضى والاختراق أسلوبًا ثابتًا.. بات جزءًا من الدائرة الضيقة لعصابة (أبو شباب)، وجرى تداول صور جديدة له داخل معاقل العصابة جنوبي القطاع.

مصير الخونة واحد
مدونون فلسطينيون، علقوا على هذه التصريحات بتأكيد أن مصير (شوقي أبو نصيرة) لن يكون مختلفًا عن مصير (أبو شباب)، الذي تنكر له الاحتلال بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار، وقُتل في ظروف غامضة، وسط تقديرات إسرائيلية تحدثت عن تصفيات وصراعات داخلية.
وكانت إذاعة جيش الاحتلال قد أعلنت مطلع الشهر الجاري مقتل (أبو شباب)، قائد الميليشيا المسلحة شرقي رفح، مشيرة إلى أن التقديرات الإسرائيلية تفيد بأنه قُتل على يد أحد رجاله.
كما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة أن جهاز الشاباك استخدم عصابة (شوقي أبو نصيرة) كمشروع تجريبي لمعرفة إمكانية فرض حكم بديل لحماس في رفح، إلا أن الرفض الشعبي والعشائري وتبرؤ أهالي غزة منه أسقط المشروع مع مقتله.
وبعد مقتل (ياسر أبو شباب)، تولى نائبه (غسان دهيني) القيادة، وظهر في مقاطع مصورة يتجول بين عناصره لتأكيد استمرار مهمة الميليشيا في محاربة حماس بدعم مباشر من جيش الاحتلال. ويُعد (دهيني) من أقرب المقربين من (شوقي أبو نصيرة)، ويُوصف بأنه العقل المدبر للمجموعة المسلحة.
كما تشير معلومات إلى أن (دهيني) سبق اعتقاله مرتين على خلفية قضايا جنائية، كما أن شقيقه (وليد) أقدم على الانتحار داخل السجن عام 2018 بعد توقيفه في قضية مخدرات.
الثابت..أن (شوقي أبو نصيرة) وغيره من عملاء الإحتلال داخل الأراضي الفلسطينية.. هم قلة لا تذكر.. مقابل شعب بطل يتمسك بخيار المقاومة ومحاربة الإحتلال بكل ما أوتى من قوة، ورغم ما يتعرض له من قهر وبطش وظلم.
وبطبيعة الحال ستظل إسرائيل وإعلامها البغيض تبحث عن أمثاله والإحتفاء بهم وتقديمم على أنهم رموز تهدف إلي تخليص سكان القطاع من ظلم (المقاومة) لكن عبر طريق واحد للمضي فيه.. وهو طريق العمالة والخيانة والولاء لها.
وللحديث بقية..