رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(شادية) الدلوعة، فتاة الأحلام التى قلبت (المرأة المجهولة) حياتها السينمائية

(شادية) الدلوعة، فتاة الأحلام التى قلبت (المرأة المجهولة) حياتها السينمائية
مشهد من فيلم (الزوجة 13) مع رشدي أباظة

* أغلب الأمهات الجميلات اللائي عملن في السينما هن من مواليد أوائل الثلاثينيات، وقد اشتهرت كل منهن في سن صغيرة

* طوال عقود عديدة كانت هي (دلوعة) السينما المصرية، فهي الفتاة المراهقة التي تقع في الحب لأول مرة، وتتسم بالبراءة الواضحة

* المخرج الوحيد الذي غير من الصورة السينمائية للفتاة الدلوعة التي لم تنجب أطفالاً في الواقع هو المخرج (محمود ذو الفقار)

* كل من (محمود ذوالفقار) و(فطين عبدالوهاب) قد قدمها بشكل مختلف تماماً، لكنها في كل الحالات إمراه جميلة، إما أم أو زوجة تسعي لإسعاد زوجها.

(شادية) الدلوعة، فتاة الأحلام التى قلبت (المرأة المجهولة) حياتها السينمائية
مع عماد حمدي في فيلم (لا تذكريني)

بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم

نحيي هذه الأيام الذكرى الثامنة لرحيل الفنانة الكبيرة معبودة الجماهير (شادية) التى تعتبر تاريخ فني طويل حافل من الإبداع، 500 أغنية، 115 فيلما، 10 مسلسلات إذاعية، ومسرحية واحدة.

وتوجت مشوارها بالعشق الإلهي، أحبت كل الناس، وبادلها الناس حبا بحب، وأحبت وطنها فجعلت من الغناء الوطني عشقا له مذاق مختلف، وأصبح الوطن هو المحبوب الذي تعشقه بكل جوارحها.

هذا الأسبوع في باب (أمهات السينما) نتوقف مع رحلة (شادية) السينمائية كأم، فأغلب الأمهات الجميلات اللائي عملن في السينما هن من مواليد أوائل الثلاثينيات.

وقد اشتهرت كل منهن في سن صغيرة، وبدأت عملها كفنانة وهى غالباً دون العشرين، ولعل أبرز مثال علي ذلك (فاتن حمامة)، و(مريم فخر الدين)، ثم (شادية) التي عرفت النجومية، وهي تكاد تغادر سن الخامسة عشر.

وطوال عقود عديدة كانت هي (دلوعة) السينما المصرية، فهي الفتاة المراهقة التي تقع في الحب لأول مرة، وتتسم بالبراءة الواضحة.

وتكاد تكون واحدة من أفراد الأسرة، فهي شقيقة وابنة، كما أنها شاركت أفلاماً رومانسية وكوميدية كل من (كمال الشناوي)، و(إسماعيل ياسين).

وزاد الإقبال عليها، فرأيناها أحياناً تتعرض لبعض المتاعب الأنثوية، كأن تقع في ذلة، وترتكب الخطيئة مع حبيبها الذي يهجرها ولكنها تظل وفية له.

 وتحمل جنيناً في بطنها، وتعيش في الريف، وتعرف الأمومة قبل الأوان، مثلما حدث في فيلم (ليلة من عمري)، وأيضاً في فيلم (شاطئ الذكريات).

(شادية) الدلوعة، فتاة الأحلام التى قلبت (المرأة المجهولة) حياتها السينمائية
مع رشدي أباظة في (نص ساعة زواج)

(شادية).. المرأة المجهولة

عن هذا السبب فإن عمرها كفتاة أولي قد طال بشكل ملحوظ إلي أن فاجأنا المخرج محمود ذو الفقار بأن أسند إليها دور الأم المحاطة بالخطايا والمتاعب في فيلم (المرأة المجهولة) عام 1959.

وهنا انقلبت الموازين في مسيرة النجمة بشكل ملحوظ، فقد رأيناها زوجة لرجل وقور هو في الواقع زوجها (عماد حمدي)، وفي الفيلم تتعرض لكثير من المتاعب ما يؤدي الي طلاقها.

 طردها من المنزل دون أن تعرف مصير ابنها الذي هاجر الي الخارج مع والده، وتحولت الي واحدة من بنات الشوارع، يطاردها بلطجي خلال مسيرتها التالية، يبتز أموالها.

وعندما يكبر أبنها يحاول هذا البلطجي أن يبتزها من خلال إبلاغ الابن بحقيقتها، إنه (عباس)، واحد من أكثر الأشخاص شراً في تاريخ السينما المصرية.

وفي هذا الفيلم أدي (شكري سرحان) المولود عام 1925 دور الابن الذي لا يعرف أن هذه المتهمة هي أمه، وهو يحاول الدفاع عنها كقاتلة في المحكمة .

وذلك في أولي القضايا التي يتولاها بمعاونة أبيه، الذي شاهد زوجته السابقة في المحكمة قد تحولت الي حطام بشري تختلف تماماً عن البنت الدلوعة التي تزوجها، ولم يعرف أبداً ببراءتها.

المشاهد الأخيرة من الفيلم كانت مليئة بمشاعر إنسانية مجسدة حاولت فيها (شادية) أن تعوض كل الحرمان الذي عرفته في حياتها الطبيعية، وهي التي تزوجت ثلاث مرات دون إنجاب طفل.

لكنها في السينما، وخاصة في هذا الفيلم قامت بدور الأم للفتي الذي كانت حبيبته في أكثر من عشرة أفلام أخري، وبدت براعة الأداء أن المتفرج صدق أن هذا الوجه العجوز، الكئيب، القاتل، هو وجه دلوعة الشاشة في الخمسينيات، وما بعدها.

ونجحت (شادية) بقوة في هذا الدور، وكان ذلك بداية لأن تؤدي فيما بعد دور ابنة الليل الواقعة في الخطيئة، وهو الدور الذي جسدته من قبل في فيلم (لواحظ).

والغريب أنها استمرت بعد ذلك في أداء أدوار البنت الشقية المليئة بالأنوثة أمام نجوم السينما التي اعتادت أن تعمل معهم، خاصة (كمال الشناوي)، و(عماد حمدي) في فيلم (ارحم حبي) إخراج بركات عام 1959، أي في نفس العام.

(شادية) الدلوعة، فتاة الأحلام التى قلبت (المرأة المجهولة) حياتها السينمائية
مع كمال الشناوي الذي كونت معه ثنائيا ناجحا

شادية.. لا تذكريني

يبدو أن المخرج محمود ذو الفقار الذي كان شقيقاً لزوجها فيما بعد، قد أصر أن يقدم وجها مختلفاً للممثلة في فيلم يحمل اسم (لا تذكريني) عام 1961.

 هذا المخرج هو نفسه الذي قدم شادية كفتاة فقدت حبيبها وهي حامل منه في فيلم بعنوان (امرأة في دوامة) عام 1962، أي أن نقطة التحول الثانية في حياة (شادية) كان أيضاً دورها كأم لفتاة ناضجة جسدتها (لبني عبد العزيز) المولودة عام 1935.

وفي هذا الفيلم فإن أيضاً هناك عماد حمدي في دور الأب، أما (شادية) فهي الفنانة التي اغترت بها الحياة فصارت متعددة العلاقات، أما (لبني عبد العزيز) فإنها تعمل صحفية دون أن تدري أن تلك الفنانة التي تخاصمها هي أمها.

ومثلما حدث في (المرأة المجهولة)، فإن الأب هو الوحيد الذي يعرف الحقيقة، فإن الأب هنا في (لا تذكريني) هو الوحيد الذي يعرف أن الفنانة هي أم ابنته!.

أي أننا نشاهد مشاعر عكسية لما حدث في الفيلم السابق، فالمحامي الشاب يدافع عن أمه دون أن يعرف الحقيقة، والصحفية الشابة تهاجم أمها وسلوكها الفاحش دون أن تعرف الحقيقة، كما أن المرأة لا تعرف الأمر سوي في مرحلة متأخرة جداً.

مثل هذه الحالات اعتبرت استثناء في مسيرة النجمة التي تغير مسارها تماماً في الستينيات، وليس من الغريب أن فيلم (المرأة المجهولة) كان نقطة تحول.

أما المشاهد العادي وأيضاً العديد من النقاد لم يشاهدوا، ولا يعرفون أن هناك فيلماً في تاريخ السينما يحمل عنوان (لا تذكريني)!.

وفي الستينيات جددت (شادية) مسيرتها بعد فيلم (الطريق) الذي لعبت فيه دور شابة تتزوج من عجوز، وتخونه مع النزلاء في الفندق الذي يملكه.

 أي أن المخرج الوحيد الذي غير من الصورة السينمائية للفتاة الدلوعة التي لم تنجب أطفالاً في الواقع هو المخرج (محمود ذو الفقار) قبل أن تتولد صلة نسب معها بعد أن تزوجت من شقيقه (صلاح ذوالفقار) .

وتغير أمامه جلدها لتتحول من عاشقة في فيلم (أغلي من حياتي) الي دور الزوجة المبتهجة في أفلام أخري منها: (عفريت مراتي)، و(مراتي مدير عام)، و(كرامة زوجتي) إخراج فطين عبدالوهاب.

(شادية) الدلوعة، فتاة الأحلام التى قلبت (المرأة المجهولة) حياتها السينمائية
مع حسين رياض في فيلم (أغلى من حياتي)

شادية.. أغلى من حياتي

هذا المشوار يعني أن محمود ذو الفقار قد شجع (شادية) أن تغير من مسيرتها، لتقوم بدور الأم أكثر من مرة، ثم عاد في عام 1964 ليقدمها في دور عاطفي في فيلم من إخراجه وهو (أغلى من حياتي) المأخوذ عن رواية عالمية بعنوان (الشارع الخلفي).

وفي هذا الفيلم قامت بدور العاشقة التي تنتظر حبيبها طويلاً، وتقابله بعد أن صار أباً وزوجاً، فتصير ظلاً له، تعيش معه، حتي يعرف الأبناء الحقيقة ويصطدمون بها.

 إذاً فـ (شادية) هنا تقوم بدور أم مختلف تماماً، وقد قامت بالعمل أمام (صلاح ذو الفقار) وبعد هذا الفيلم تزوجا في الواقع، وانتقلا الاثنان ليعملا طويلاً في السينما الكوميدية تحت إدارة المخرج (فطين عبد الوهاب).

في الأفلام التالية كانت هى الزوجة الجميلة، العاشقة، لكنها لم تكن أماً في كل هذه الأفلام أمام زوجها، ثم أيضاً أمام (رشدي أباظة) في فيلم (نص ساعة زواج).

بما يعني أن كل من المخرجين قد قدمها بشكل مختلف تماماً، لكنها في كل الحالات إمراه جميلة، إما أم أو زوجة تسعي لإسعاد زوجها.

أما حسام الدين مصطفي فقدمها في دور كريمة زوجة العجوز في الفندق التي تخونه وتدفع عشيقها أن يقتله وذلك في فيلم (الطريق).

الأسبوع القادم نستكمل (مشوار شادية) مع أدوار الأم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.