رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!
واجه كوادر (ماسبيرو) الإعلامية الفنية والإبداعية تحديات كبيرة

* صفوت الشريف واستضافة مصر التجمعات الدولية المهتمة بالشئون الإعلامية

بقلم الدكتور: إبراهيم ابوذكري *

(ماسبيرو)، ذلك المعلم الإعلامي الكبير في مصر، يحمل في طياته العديد من القصص والأحداث التي تعكس تاريخ الإعلام المصري والتي تتغير بتغيير قياداتها هنا بعض المواقف التي تسلط الضوء على تلك الحكاية:

من المعروف أن التفكير في تأسيس (ماسبيرو) ليكون منارة للإعلام المصري، لجذب الكثير من الموهوبين الذين ساهموا في تشكيل الوعي الجماهيري. كانت البدايات مليئة بالتحديات.

لكن الإصرار على تقديم محتوى هادف كان دافعًا للنجاح لكن هذا النجاح في الحقبة الأخيرة من الزمن توقف تفاعله مع المجتمع العربي والمصري كثيرا وتأخر ترتيبه ضمن اجهزة الإعلام بالعالم العربي وذلك بسبب قيادات (ماسبيرو) غير المهنية والبعض منهم أو جلهم يجهل صناعة المحتوى الإعلامي والهندسي والتجاري.

ولم أكن ممسكا بسياط لجلد من أسند إليه الإدارة، فلم تكن كل القصص إخفاقات ولكن على الجانب الآخر، هناك العديد من القصص التي تبرز الفخر بالمؤسسات الإعلامية.. من حفلات تكريم المبدعين إلى البرامج التي أثرت في المجتمع، ساهم (ماسبيرو) في تسليط الضوء على إنجازات المصريين.

وبرزت شخصيات عديدة في (ماسبيرو)، كان لها تأثير كبير على المشهد الإعلامي.. البعض قدموا رؤى جديدة، بينما ساهم آخرون في نقل الأحداث بشكل مهني، مما ساعد في تشكيل الرأي العام.

والجميع يعلم أن الثماني سنوات الأخيرة بعد اختراع الثلاث جهات الحاكمة بالإعلام وتحت قيادات لم تكن بحجم الدولة المصرية وأيضاً لم يكن لهم خبرات المهنيين، أو حتى لديهم الحس الإداري المهني لكي يواكبون ظهور وسائل الإعلام الجديدة والخطاب الإعلامي المصري برسائله الإعلامية الظاهر منها والمخفية.

فواجه كوادر (ماسبيرو) الإعلامية الفنية والإبداعية تحديات كبيرة منها تحريف هذه الخبرات من الهيكل الوظيفي ومن اجل هذا التحريف وصفت إدارته وقياداته بالحانوتية.

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!
حكايتي هنا مع أصحاب القرار في (ماسبيرو) ليست مجرد سرد للأحداث

هوية وتاريخ مصر العريق

وأخيرًا أقيمت الأفراح بإزاحة هذه القيادات وتم التغيير مؤخرا ونتخيل أن القيادات الجديدة تحتاج إلى التكيف مع التغيرات السريعة في صناعة الإعلام، مع الحفاظ على هويته وتاريخ مصر العريق.

وحكايتي هنا مع أصحاب القرار في (ماسبيرو) ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي تجسيد لتاريخ إعلامي غني بالتحديات والنجاحات والإخفاقات.. نسردها هنا، ربما تكون تذكير بأن الإعلام هو مرآة المجتمع، ويجب أن يعكس همومه وآماله على المجتمع المصري والعربي وإحياء الوجدان تجاه انتماء المواطن لأرضه ووطنه.

رحمة الله علي (صفوت بك الشريف) الذي كان على خلاف مهني معي وعلى اتفاق غير مرئي بيننا نحن الاثنين في حب مصر.. فاختلفنا مهنيا وإداريا، لكننا لم نختلف علي حب مصر كل منا يحب مصر بطريقته، هو العمق الثقافي المصري بين من يجلس علي كرسي القرار ويصبح من الحكومه وبين ما يوازيه بالقطاع الخاص.

وتحول الخلاف المهني الي خلاف شخصي وتعصب حكومي ضد القطاع الخاص في العموم بالعمل العام باسم مصر لسنوات طويله، وجه لي وبأيادي معاونيه خلالها الكثير من السهام الطائشة تجاهي محاولين كذبا إخفاء أضواء العداوة الإعلامية ضد الاتحاد العام للمنتجين العرب وضدي.

واستمر هذا العداء ظاهرا كالشمس متوهجا بين كواليس الإعلام بمصر وامتد الي العالم العربي هجمة شرسة من (ماسبيرو) إلينا (من 1994 بداية الدورة الثانية لمهرجان التليفزيون والي عام 2004 عندما قررنا نقل مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب خارج مصر)

وهنا كانت المفاجأة في سير الأحداث فقد اتخذ الوزير موقفا جديدا تجاهنا واتخذ موقفاً تاريخيا لا ينسي لصفوت بك الشريف كما كنا نطلق عليه.

موقف مصري عظيم ورائع حين شجب خروج مقر الإتحاد العام للمنتجين العرب خارج مصر، ورفض هذا الإجراء متجردا من مواقفه الشخصية السابقة تجاهي وتجاه الاتحاد العام للمنتجين العرب الذي دب بيننا منذ تحديناه وأطلقنا المهرجان العربي للتليفزيون 1994.

وللحق والتاريخ هذا الموقف الإيجابي ليس جديدا على (صفوت الشريف)، فله الكثير من المواقف الإيجابية لصالح مصر وكرامة مصر، فأنا أعلم  والجميع يعلمون من كواليس واجتماعات مجلس الوزراء كيف ناضل صفوت بك بعد عودة الجامعة العربية، من تونس الي القاهرة مدافعا عن مواقف مصر والتي كان لا يعلمها الكثيرون من العرب.

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!
ناضل كثيرا لعودة جميع الاتحادات والمنظمات العربية التي سبقتنا في التأسيس وكانت مقراتها بالقاهرة

عودة جميع الاتحادات

كما ناضل كثيرا لعودة جميع الاتحادات والمنظمات العربية التي سبقتنا في التأسيس وكانت مقراتها بالقاهرة، وللأسف خرجت من مصر ولم تعد الي الآن منذ أن خرجت هذه الاتحادات والمنظمات احتجاجا علي اتفاقية كامب ديفيد، واستقرت في كثير من البلاد العربية أهمها اتحاد إذاعات الدول العربية الذي كان مقره القاهرة ومديره العام كان متفق عليه وديا ان يكون مصريا أسوة بما يجري بجامعة الدول العربية

وتراجع (صفوت بك) عن هذه العداوة وتقرب مني بواسطة المرحوم (أمين بك بسيوني)، عندما شل نشاط الاتحاد العام للمنتجين العرب بأرض جمهورية مصر العربية وبعد أن هاج وماج معظم رموز الاتحاد العام للمنتجين من العرب وعلي رأسهم رئيس الاتحاد (جواد مرقة) – رحمة الله عليه.

والذي وفر لنا رعاية واحتضان لمقر الاتحاد في عدد من الدول العربية ليكون بديلا عن المقر بالقاهرة الغاضبة من خلال بعض رموز (ماسبيرو) الذين حولوا الخلاف المهني الي خلاف شخصي يضر بمصلحة  البلاد، هذه الرعاية من دولة ليبيا والأردن وسوريا والعراق.

وبعد مناقشات استمرت سنوات وإصراري على أن لا ينقل مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب من خارج مصر وإصرارهم علي الخروج من مصر، وتأكيدهم لي عن الكثير من الدول التي تستضيف المقر.

وفي النهاية وافقت تحت ضغط لم أكن أتحمله لا من أعضاء الاتحاد المصرين على نقل المقر ولا من ضغط اصحاب القرار في (ماسبيرو)، الذين يحاربوننا بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنه.

وهنا تحركنا في كواليس جامعة الدول العربية وأصحاب القرار فيها لنقل مقر اتحاد المنتجين العرب الي إحدى الدول العربية المجاورة، وتداولت الأوراق داخل قطاع الاعلام والاتصال بجامعه الدول العربية ومكتب الامين العام للجامعة العربية.

وضمن هذه الكوكبة داخل كواليس جامعة  الدول العربية نمي الي علم رئيس اللجنة الدائمة للإعلام العربي المرحوم (أمين بسيوني) وكان رئيسا لمجلس إدارة النايل سات ورئيس اللجنة الدائمة للإعلام العربي آن واحد، فسألني عن الملابسات  التي أدت الي قرارنا بنقل مقر الاتحاد العام للمنتجين فصارحته عن تداعيات الموروث الذي تركة في (ماسبيرو).

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!
امين بسيونى

فهم (أمين بسيوني) للموقف

والذي تفاقم وتزايد لدرجه إننا لا نستطيع التحرك إعلاميا علي الأرض المصرية، وشرحت له عن الضغوط التي كانت تمارس علينا، ومحاولات القضاء علي الاتحاد بمواقف لا يطلق عليه وتسميتها إلا باسمها الحقيقي رشوة غريبه لأعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام للمنتجين العرب المصريين منهم، وتحويلهم الي منتجين منفذين ليكونوا تحت سيطرة قطاع الإنتاج بماسبيرو ويتم تجريف الاتحاد من كوادره لإسقاط الاتحاد وشل حركته.

وتفهم (أمين بسيوني) الموقف وحاول معي العدول عن الموقف لكن دون جدوى وانتهى الاجتماع بطلبه الانتظار أيام قبل إنهاء الاجراءات داخل الجامعة ووافقت على طلبه، على الرغم من الاتفاق الذي تم من قبل الجامعة العربية على نقل المقر وتم تجهيز الخطابات الموجه للدول التي تستضيف مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب بعواصمها.

ولم يمر يوما واحداً على هذا الاتفاق كلمني تليفونيا المرحوم (أمين بسيوني) بقوله: صفوت بك عاوز يقابلك بكرة الساعة تسعة مساء في مكتبي بشارع السودان أوعي تتأخر..!!

المهم وقبل التاسعة كنت في مكتب (أمين بسيوني) وجلسنا قليلا ووصل (صفوت بك)، وبدأ الحوار بقوله: (سمعت من (أمين بسيوني) أن (جواد مرقة) رئيس الاتحاد عاوز ينقل مقر الاتحاد خارج مصر).

ومن هنا بدء الحوار وإعادة ما شرحته لأمين بسيوني بجامعة الدول العربية، وتحدثنا معا واسترجعنا معا الظروف والملابسات التي تمت بين (ماسبيرو) بعد خروج (أمين بسيوني) من رئاسة (ماسبيرو) وبين الاتحاد العام، وأخبرته عن الشرائط المسجلة للدورة الاولي لمهرجان التليفزيون الذي أطلقناه معا قد محيت من المكتبة، وتم إلغاء تاريخ تأسيس الدورة الأولي لمهرجان التلفزيون الذي عقد بالشراكة مع (ماسبيرو).

وفي نهاية هذا الحوار بدأ صفوت بك باعتذار مبطن موجها كلامه للمرحوم (أمين بسيوني) معاتبا وبطريقة رجل المخابرات، مبررا التراجع في العداء وبداية لمرحلة جديدة بقوله: (يا أمين الواد ما هو كويس أهه (يقصدني بالولد).. أنتم كنتم مقدمينه لي غلط..!!

ضحكنا وتباوسنا، وكنت سعيد بهذا الاجتماع وبهذا التراجع الوقور في إنهاء الخصومة التي كانت بيني وبين صفوت بك، والتي استمرت سنوات وسنوات.

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!
صفوت الشريف

فارس الإعلام العربي

وفي الحقيقة أنا ومن أول اللقاء شعرت أنه متخذ قرار إرضائي، ومنع نقل مقر الاتحاد العام للمنتجين العرب من القاهرة بأي طريقة من الطرق.

بقوله: يكفينا أننا لا نستطيع إرجاع الاتحادات التي خرجت أيام كامب ديفيد، وكم سعدت بقرار الأمانة العامة للجامعة بضم اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون، أول اتحاد يهتم بصناع الإنتاج التليفزيوني للعمل العربي المشترك واعتماد مقره بالقاهرة.

وكما نرى أن هذا الاتحاد الوحيد الذي أسس بعد كامب ديفيد ومستمرا بالقاهرة، وسألني على احتياجاتي لتدعيم أعمال ونشاطات الاتحاد بالقاهرة، فطلبت منه الدعم والرعاية واختيار مقرا للاتحاد من خلال مباني وزارة الإعلام واتحاد الاذاعة والتلفزيون.

خيرني الوزير فارس الإعلام العربي الشريف صفوت بك – رحمة الله عليها بين مبني ماسبيرو وصوت القاهرة ومدينة الانتاج الإعلامي.

رفضت (ماسبيرو) لأنه مبني حكومي، وأيضا رفضت صوت القاهرة والتي كانت ملكية خاصة لاتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري فاخترت مدينة الإنتاج الإعلامي، لأنها شركة مساهمة مصرية لها سجل تجاري صادر من غرفة تجارة الجيزة، شركة مساهمة مصرية ولا يتعارض عملها معنا، والذي يتطابق مع نوعية الأعمال التليفزيون والتي هي هوية الاتحاد العام للمنتجين العرب.

وعليه أمر الوزير صفوت الشريف أمين بسيوني بقوله: اتصل يا أمين بالمهندس عبد الرحمن حافظ رئيس مدينة الانتاج الإعلامي، وحدد موعد معه لمقابلة الأخ إبراهيم، وبلغه تعليماتي بدعم الاتحاد وتوفير كافة الإمكانات التي تساعده على تجديد نشاطه على الارض المصرية.

وبالفعل تمت المقابلة الثلاثية الاستاذ (أمين بسيوني والمهندس عبد الرحمن حافظ وأنا) في مكتب المهندس عبد الرحمن بالمدينة بالسادس من أكتوبر، واتفقا نحن الثلاثة علي عدد كبير من النقاط والسياسة التي ستتبع بالتنسيق مع المهندس عبد الرحمن حافظ بالمدينة بلا مقابل.

مع وجب العرض على مجلس الإدارة المدينة ليكون المقر متواجدا بقرار رسمي الذي اصدره صفوت الشريف موثقا بتهنئة وبقرار إضافي من مجلس أدارة مدينة الانتاج الإعلامي، وهذا نص القرار من واقع السجلات بالمدينة محضر الاجتماع المودع برقم 118 بتاريخ 2004/7/14 وبالموضوع الثامن: ما يستجد من موضوعات:

أولا: النظر في طلب اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون أن يكون هناك مقر له في مدينة الإنتاج الإعلامي.

 حكايتي مع الإعلام وصناع الاعلام.. (ماسبيرو) و(صفوت بك الشريف)!
شعار اتحاد المنتجين العرب

مقر الاتحاد العربي

تحدث السيد المهندس/ رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، موضحا أن هناك أهمية كبيرة لاتحاد المنتجين العرب، والذى يعمل تحت مظلة جامعة الدول العربية، وأن وجود مقر له داخل مدينة الإنتاج الإعلامي من الأهمية لكون ذلك يجعل المدينة تحتفظ بمقر الإتحاد العربي وتكون جمهورية مصر العربية هى الحاضنة لأكثر من خمسمائة شركة هم أعضاء اتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون.

وهذه الشركات هى: (الشركات العربية العاملة في مجال الإنتاج الإعلامي)، وأوضح سيادته أن احتواء هذه الشركات يحقق الأهداف الاقتصادية والسياسية التي ترسمها مدينة الإنتاج الإعلامي، وهى أيضاً تطابق الأهداف العليا لسياسة مصر عموماً في وجود مثل هذه الاتحادات والمنظمات الدولية والعربية وتكون مقرها جمهورية مصر العربية.

وبعد المناقشة وتبادل الآراء اتخذ المجلس القرار التالي:

– وافق المجلس على تخصيص مقر لاتحاد المنتجين العرب لأعمال التليفزيون بدون مقابل داخل الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي.

ومن هذا التاريخ حتى وبعد أن ترك الوزير (صفوت الشريف) منصبه من وزارة الإعلام وأصبح رئيس مجلس الشوري قدم لي وللاتحاد العام للمنتجين العرب الدعم لسنوات وسنوات، فلم يتخلى عن دعمه لنا بالرأي والمشورة ، حتي قيام الثورة 25 يناير وحدث ما حدث بخراب مصر المحروسة علي أيدي الإرهاب والإرهابين.

وشهاده بهذه المناسبة لهذا الرجل الذي سجن وشهر به وسحل أولاده، ولم يشفع له إيجابيات ومبادراته الإعلامية الناجحة المتوجه لمشاريع تعيش معنا إلى الآن، كلها علي سبيل المثال لا الحصر مدينة الانتاج والنابل سات والقنوات المتخصصة، وكثير من الإنجازات، والتي لم يضاف اليها اي نجاحات جديدة في هذا المجال بل البعض منها توقف تماما من بعده.

وكذا سلوكه المهني معي ومع كل اتفق معه في حب مصر، فللأسف أخذه معه ورحل، ولم يُوّرثه لأحد بالأمانة والحرص، كما كان حرصه علي مصلحة المدينة من خلال الاتحاد العام ممن جلسوا مكانه إلى الآن.

هذه شهادة للتاريخ

* رئيس اتحاد المنتجين العرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.