
بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة
مهرجان (القاهرة السينمائي) الذي تنطلق دورته الجديدة 12 نوفمبر القادم سيظل أيقونة المهرجانات الفنية والأب الشرعي للمهرجانات السينمائية في المنطقة، فهو الأهم والأكثر تأثيراً على صناعة السينما، ومن أقدم مهرجانات المنطقة والعالم.
ظهرت الكثير من مهرجانات الصدفة التي حاولت سحب البساط من تحت أقدامه، بعضها مثلما ظهر بشكل مفاجيء انتهى بشكل مفاجئ، وبعضها تحول من مهرجان للسينما إلى مهرجان للأزياء، وبعضها تحول إلى مهرجان للليزنس أكثر من كونه للسينما.
فما بين يوم وآخر نتابع أخباراً وصوراً من مهرجانات فنية تنتشر على أرض مصر وتقام في مدن مختلفة بها، وهو أمر يبهجنا ونعتز به لعله يسهم بشكل أو بآخر في تحقيق نهضة فنية ويؤكد أن مصر ستظل هوليوود الشرق ومنبت الابداع وراعية الموهوبين.
حولنا دول تنظم مهرجانات وتنفق عليها ما يوازي ميزانيات دول وتستقطب فيها أكبر نجوم العالم بعد أن تدفع لهم بسخاء وتقدم كل المغريات، ولكنها لا تنتج أفلاماً وإذا أنتجت تعجز عن التسويق لعدم قدرة منتجيها على جذب الناس إليهم حتى وإن نالوا جوائز مستحقة أو غير مستحقة من مهرجانات خارجية.
فهدف تلك الدول من هذه المهرجانات والإنفاق السخي هو لفت أنظار العالم إليها وترديد اسمها في وسائل إعلام عالمية ومنصات إليكترونية، ورغم كل جهودها فهي لن تجني ما تبتغي تماماً مثل الفلاح الذي يحرث في أرض غيره ويمهدها له لكي تكون جاهزة للزرع والحصاد.

القاهرة ستظل عاصمة الفن والإبداع
الغريب أن هذه الدول لم تستفد من تجارب دول شقيقة أقامت مهرجانات واستضافت نجوم العالم ولفتت الأنظار لبضع دورات مثل (القاهرة السينمائي)، ووقت الحساب اكتشفت أن هذه المهرجانات لم تفدها في شيء فأغلقت عليها حنفية الفلوس وأوقفتها وخصوصاً أنها لا تنتج ما تحتفي به.
القاهرة كانت وستظل عاصمة الفن والإبداع، ومصر ستظل حاضنة المواهب التي تقصدها من مختلف الدول القريبة والبعيدة؛ ومثلما أن مصر هي أول دولة في العالم بالمفهوم العصري، فإن السينما في مصر يصل عمرها إلى 130 عاماً، والغناء يمتد إلى مصر القديمة صانعة الحضارة العظيمة والتي ستظل لغزاً أمام المختصين والمهتمين والعلماء.
لذا فلو كانت بعض الدول حولنا نجحت في تنظيم مهرجانات في عواصمها أو حتى بعض مدنها فإن مصر من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها غنية بالمبدعين وقادرة على أن تمثل وتغني وتعزف أجمل الألحان.
لا تستغرب لو وجدت مهرجاناً سينمائياً وآخر غنائياً وثالث مسرحياً في كل محافظة، فمصر مؤهلة، ولكن المهم أن تكون هذه المهرجانات هدفها تطوير الصناعات الإبداعية وخلق فرصة الاحتكاك بين الفنانين المصريين والأجانب والاحتكاك بين الكبار المخضرمين والشباب الواعدين بما يضمن تبادل الخبرات والتعرف على أحدث أدوات الصناعة الفنية.
ولكن ما يؤخذ على بعض مهرجاناتنا أنها أصبحت احتفالية لاستعراض الأزياء ومساحات التعري في الملابس النسائية، وأصبحت الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية حول الأفلام المشاركة هامشية لا يحضرها سوى صناع الفيلم والمجاملون لهم.
الترويج السياحي يعد أحد أهداف المهرجانات التي تقام في مدن وعواصم مختلفة حول العالم، ولكن أن يصبح هو الهدف الأوحد لبعض المهرجانات فهو ما ينتقص من قيمة المهرجان ويجعل عمره محدوداً ويتعلق مصيره بالجهة السياحية الداعمة له التي يمكنها التخلي عنه بعد نفاذ الغرض منه.

الأب الشرعي لكل المهرجانات
سيظل مهرجان (القاهرة السينمائي) الدولي هو الأب الشرعي لكل المهرجانات التي تقام في مصر وغير مصر من دول المنطقة حتى ولو كانت ميزانيته أقل من غيره، فهو مهرجان الدولة المصرية وهدفه الدائم هو تطوير الصناعة السينمائية في مصر وليس الاستعراض الأجوف أو التعري المبتذل.
ولذا فمهما تعددت المهرجانات التي تقام هنا أو هناك ينبغي أن تقدم له الدولة وجهات الرعاية كل الدعم حتى يصمد أمام المهرجانات ذات الميزانيات الضخمة، وحتى يحتفظ بالمكانة اللائقة به كمهرجان يحمل اسم عاصمة الفن والإبداع في المنطقة.
القاهرة وحدها تستضيف الكثير من المهرجانات المتنوعة، والتي تشمل كل ألوان الفن، سينما ومسرح ودراما وغناء وموسيقى عربية.. لدينا مهرجانات في الجونة والإسماعيلية والإسكندرية وبورسعيد والعلمين والغردقة والأقصر، ويمكننا أن نضيف مهرجانات جديدة في مدن مختلفة، ومهرجاناتنا متنوعة التمويل والأهداف.
بينها ما تنظمه وزارة الثقافة وما تنظمه محافظات وهيئات سياحية ورجال أعمال، ناهيك عن أن مهرجانات السينما ليست كلها عامة بل لدينا ما يهتم بسينما المرأة وما يهتم بسينما الشباب وما يهتم بالسينما الأفريقية، وكلها احتفاليات تليق بمصر التي ستظل حاضنة الفن العربي وبعاصمتها هوليوود الشرق وبمدنها المنجبة للمبدعين والفنانين.