رضا العربي يكتب: (خالد سليمان).. صانع اللوحات الموسيقية


بقلم الناقد الموسيقي: رضا العربي
في زمن يتسابق فيه كثير من الموسيقيين وراء الإيقاع التجاري واللحن السهل، يبرز اسم (خالد سليمان) كواحد من الأصوات الموسيقية القليلة التي تحاول أن تمنح المستمع تجربة وجدانية كاملة، لا مجرد أغنية تُسمع ثم تُنسى
منذ خطواته الأولى في عالم التلحين والتوزيع، أظهر (خالد سليمان) ميلًا واضحًا إلى الموسيقى ذات البعد الروحاني والدرامي. فالأغنية عنده ليست مجرد كلمات وألحان، بل هي بناء صوتي يتنفس مثل كائن حي. لذلك نجد في معظم أعماله تركيزًا على الهارموني والجو النفسي الذي يلتف حول صوت المطرب وكلماته.
يعتمد خالد سليمان على المزج بين:

الآلات الشرقية التقليدية
والآلات الغربية مثل البيانو والكمان الكهربائي والجيتار الكلاسيكي.. هذا المزج يمنح موسيقاه هوية هجينة لا تفقد روح الشرق ولا تنغلق أمام الحداثة. وغالبًا ما يوظف الإيقاعات بطريقة هادئة متدرجة، فيخلق حالة من التوتر العاطفي تصل بالمستمع إلى قمة ثم تنحدر بسلاسة نحو النهاية.
البساطة في اللحن الأساسي مع ثراء في الخلفية الموسيقية.. القدرة على تحويل الكلمات إلى صورة مسموعة، كأنك تشاهد مشهدًا سينمائيًا.. ميل واضح إلى الألوان الصوفية والشرقية العميقة، مع لمسة حديثة تجعلها قريبة من الأذن المعاصرة.
شارك (خالد سليمان) في: تلحين أغنيات شبابية ذات طابع وجداني رومانسي.. توزيع موسيقى تصويرية لمشاريع درامية صغيرة، أبرز فيها قدرته على بناء الجو النفسي.
مشاريع موسيقية مستقلة حاول فيها التعبير عن ذاته بعيدًا عن حسابات السوق.
ما يميز (خالد سليمان) هو أنه لا يلهث وراء الاستهلاك اللحظي، بل يكتب موسيقاه بروح الباحث عن الخلود.. أعماله تذكّر المستمع بأن الموسيقى ليست مجرد تسلية، بل يمكن أن تكون رحلة داخلية، بابًا للتأمل والتواصل مع ما وراء الكلمات.
يمكن القول إن (خالد سليمان) يمثّل جيلًا جديدًا من الملحنين والموزعين الذين يسعون لإعادة الروح للأغنية العربية، عبر المزج بين الأصالة والحداثة، وبين العاطفة والفكر.

سليماني الشجن والحنين
تحليل تراك (سليماني 1): يبدأ التراك بمقدمة سولو كمان حالمة، تعطي إحساسًا بالدفء والحميمية.. بعدها يدخل الجيتار الكلاسيكي بخطوط هادئة، وكأن هناك حوار موسيقي بين الكمان والجيتار.
ثم يُبنى الجو تدريجيًا عبر إضافة الكيبورد والكمانبيز جيتار، ما يخلق إحساسًا بتصاعد عاطفي.
النهاية تأتي بانسياب، وكأنها لا تريد أن تُغلق الباب، بل تترك المستمع في حالة انتظار للتراكات التالي:.
الكمان أضاف مسحة شرقية عاطفية.
الجيتار حمل روحًا معاصرة وعالمية.
الكيبورد كان الرابط، يعمل كخلفية تلوينية وكسديم موسيقي يعطي عمقًا.
المزج بين هذه العناصر أعطى التراك إحساسًا هجينًا: ليس غربيًا صرفًا،
التراك يجمع بين الشجن والسكينة.
هناك لحظات حزن خفيف، لكن ليس من النوع الكئيب، بل من النوع المتأمّل.
يصلح للاستماع الفردي في لحظات التأمل أو السفر الداخلي، أكثر من كونه موسيقى خلفية عابرة.

يبدو كالمفتاح للألبوم كله
(خالد سليمان) تعمّد أن يبدأ بأكثر تراك يضم تعاونات موسيقية، ليقول: هذا العمل ليس عزفًا منفردًا فحسب، بل هو عالم موسيقي كامل.
بقية التراكات الستة التي عزفها وحده على الكيبورد جاءت كاستكمال لهذه الرؤية، لكن بروح أكثر شخصية.
كيف نصنّف موسيقى (سليماني؟
أقرب ما تكون إلى الموسيقى الآلاتية المعاصرة (Contemporary Instrumental Music).
تحمل ملامح من النيو كلاسيك (Neo-Classical) لكنها بلمسة شرقية واضحة.
فيها شيء من روح موسيقى الأفلام، خاصة من حيث بناء الجو العاطفي والتصاعد الدرامي.
يمكن إدراجها أيضًا ضمن ما يسمى بـ (الموسيقى العلاجية)، أو (الاستماع الواعي)، لأنها تهدف إلى إبطاء إيقاع المستمع وإدخاله في مزاج تأملي.
وأخيرا فليس غريبا ولا جديدا علي عائلة خالد احتضان الإبداع وإنتاجه فالعائلة باسرها… كتلة فن نشرف جميعا بوجودهم بيننا.