رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد عبد الواحد يكتب: حارس الوجدان القوي (محمد جلال عبد القوي).. (3)

محمد عبد الواحد يكتب: حارس الوجدان القوي (محمد جلال عبد القوي).. (3)
كان (أحمد زكى) قد قرأ بالفعل سيناريو (الغربة) كاملا وانبهر بكاتبه

بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد

كان الفنان (أحمد زكى) مازال منتشيا بنجاحه الساحق في مسلسل (الأيام) عن قصة حياة عميد الأدب العربى (طه حسين).. تم ترشيحه لبطولة مسلسل (الغربة) الذى كتبه (محمد جلال عبد القوي) والقيام بدور (هراس).

في البروفات قام (محمد جلال عبد القوي) بتأدية مشهد لهراس أمام (أحمد زكى) و الذى انبهر بأدائه وإتقانه للهجة الصعيدية، حتى أنه في نهاية المشهد أشاح بيده في يأس مشيرا إلى عدم تمكنه من مجاراة (عبد القوي) سواء على مستوى الأداء أو اللهجة.. ليقع الاختيار بعدها على (سعيد عبد الغنى).

كان (أحمد زكى) قد قرأ بالفعل سيناريو (الغربة) كاملا وانبهر بكاتبه لذلك قبل أن يرحل من الاستديو همس له إنه يدعوه على الغذاء.

 ذهب إليه (محمد جلال عبد القوي)، حيث ينتظره في احدى فنادق القاهرة و بعد دقائق انضم اليهما المخرج (يحى العلمي) فيما يبدو انه ترتيب مسبق حيث قدمه (احمد زكى) إليه قائلا: (أهو دا الكاتب العبقرى اللى كلمتك عنه)..

و حينما استغرقا في الحديث عن نهاية أحد الأفلام التي يخرجها والتي يقتل فيها البطل اقترح (محمد جلال عبد القوي) عليهما أن تأتى الرصاصة من مجهول شارحا وجهة نظره التي نالت المزيد من إعجاب (العلمى) به.

فسأله فجأة عن رأيه في رواية (أديب) لطه حسين و مدى استعداده للقيام بتحويلها على صعوبتها كونها من أدب الرسائل إلى مسلسل درامى.. ابدى (محمد جلال عبد القوي) إعجابه بالرواية حيث أنها تتنقل بين الريف والمدينة  وفرنسا..

ولكنه قرأها منذ زمن بعيد لهذا فهو يحتاج الى إعادة قراءتها مرة أخرى قبل إبداء رأيه فأخرج له (العلمي) من جيبه نسخة من الرواية والتى  يتحدث فيها طه حسين عن صديقه – الذى تم الكشف عن هويته فيما بعد وهو (جلال شعيب).

و كان الكتاب في معظمه مجموعة من الرسائل المتبادلة بين جلال و بين طه حسين حينما تم سفر جلال في بعثة الى باريس.. كان الأديب – جلال – شاعرا رقيقا لكنه ابتلى بدمامة الشكل .. في المسلسل أحب ابنة عمه وتقدم للزواج منها لكنها أقدمت على إشعال النار في نفسها مؤثرة الموت على الزواج به..

وقد أصابه الحادث بيأس لم تخرجه منه سوى (حميدة) الفتاة البريئة التي كانت تحبه في صمت.. تحب فيه الشاعر ورقته الداخلية دون الالتفات إلى الشكل.. وقد أسعدته بالفعل بزواجها منه.. وعندما سافر في بعثة الى باريس افتتن بالغرب.. وانغمس في علاقات عاطفية وجسدية..

وحينما اشترطت الجامعة هناك لإكمال دراسته أن يكون عازبا طلق حميدة.. لكنه بعد ذلك أحس بالذنب لافتقاده وجود حميده في حياته.. ومما أضاف إلى معاناته معاناة أنه أصيب بمرض الزهرى نتيجة العلاقات المحرمة مما دفعه إلى السقوط على منحدر شدي الوعورة نحو وادى الجنون..

محمد عبد الواحد يكتب: حارس الوجدان القوي (محمد جلال عبد القوي).. (3)
كتب (محمد جلال عبد القوي) المعالجة الدرامية في 80 صفحة.. انبهر بها العلمي وأحمد زكى

(أديب) كاد يقضى على الأديب

كتب (محمد جلال عبد القوي) المعالجة الدرامية في 80 صفحة.. انبهر بها العلمي وأحمد زكى.. وحينما حان الدور للحصول على موافقة الممثل عن أسرة طه حسين وهو (د. محمد حسن الزيات) الذى شغل منصب وزير الخارجية وسفير مصر في الأمم المتحدة و عرف عنه  حسه الأدبى وثقافته العميقة..

تمت المقابلة في مكتب السيدة (سامية صادق) رئيس التليفزيون، وبمجرد رؤيته للكاتب الشاب الحدث سنا (محمد جلال عبد القوي) قادما بدى على ملامح (د. الزيات) عدم الاقتناع بشخص الكاتب و دعا العلمى الى الانفراد به في غرفة جانبية.. أحس عبد القوي بالإهانة فلم ينتظر خروجهما وانصرف عاقدا العزم على نسيان (أديب) إلى الأبد..

في المكتب الداخلى عاتب د. الزيات العلمى قائلا: جايب لى لعيب كورة يكتب أديب؟!.. أقنعه العلمى أن يؤجل حكمه النهائي إلى ما بعد قراءة المعالجة ومنحه نسخة منها أخذها عن غير اقتناع ..

بعد أيام قليلة كان العلمى يبحث في لهفة عن (محمد جلال عبد القوي) و عندما عثر عليه أبلغه أن د. الزيات ينتظرهما مساء اليوم في فيلته لتناول الشاي ..

 في الموعد وجد (عبد القوي) ترحيبا شديدا من د. الزيات بقدومه حتى انه فتح الباب له بنفسه .. مشيدا بموهبته في المعالجة ليبادره بعدها بالسؤال (أنت وصفت الأماكن في باريس بدقة متناهية.. المقاهى  والشوارع والبيوت والجامعات.. كم مرة سافرت الى باريس و كم من الوقت قضيت هناك؟)..

لتفاجئه إجابة عبد القوى أنه لم يغادر مصر طيلة حياته.. لم يتردد الزيات في منح موافقته مع ثقته المطلقة في الكاتب.. بالفعل كان تفاعل الجمهور مع المسلسل غير مسبوق حتى فرغت الشوارع من المارة وقت العرض..

محمد عبد الواحد يكتب: حارس الوجدان القوي (محمد جلال عبد القوي).. (3)
تحمس (أحمد زكي) للقيام بدور إبراهيم بطل مسلسل (أديب)

غضب أحمد زكي من أديب

رغم تحمس (أحمد زكي) للقيام بدور إبراهيم بطل مسلسل (أديب) إلا أن العلمى الذى حقق نجاحا لتوه مع (أحمد زكي) في مسلسل (الأيام) كان قد قرر أن يحقق في أديب نجاحا مع غيره.. فرشح (نور الشريف) للدور مما أثار غضب (أحمد زكي) مطالبا عبد القوى سحب المسلسل فاعتذر أن ذلك ليس من سلطته الآن بعد توقيع الاتفاق بكامل تفاصيله مع د. الزيات..

ازداد غضب أحمد زكى فتخاصم مع عبد القوى لفترة لكنه ما لبث أن عاد إليه مع اتفاق أن يقوم بإعداد عمل آخر له في المستقبل.. لكن ذلك لم يتحقق حتى وفاة (أحمد زكي) متأثرا بمرض السرطان..

في مسلسل (أديب) برع بالفعل (نور الشريف) في إضافاته إلى الشخصية بإبراز آثار الجدرى على وجهه و انحناءة ظهره و المزج بين رهافة حسه كشاعر يتمتع بجمال داخلى مع دمامته الشكلية ..

محمد عبد الواحد يكتب: حارس الوجدان القوي (محمد جلال عبد القوي).. (3)
(نصف ربيع الآخر)، يتناول  المشاعر الجميلة والقيم السامية

نصف ربيع الآخر

استمر (العلمي) طوال حياته على انبهاره بقلم (محمد جلال عبد القوي) رغم أنه لم يخرج له إلا عملين (أديب) و(نصف ربيع الآخر)، و الذى يتناول  المشاعر الجميلة والقيم السامية من خلال (ربيع الحسيني) المحامي الشهير الذي يواجه اختبارات عديدة ما بين قيمه ومبادئه وما بين الثراء من أجل تأمين مستقبل أبنائه.

من خلال صراع عنيف بين حبه لزوجته (سناء الأنصاري (فادية عبد الغني) و ناهد الوكيل (إلهام شاهين) حتى يجد نفسه أمام محاكمة أصعب من القضايا التي يترافع فيها فهو الآن في اختبار النفس واختبار الضمير).

نجح هذا المسلسل نجاحًا باهراً لأنه دعوة للرومانسية بمعانيها الشاملة بدفء الأسرة وحب الزوجة الطاهر والحبيبة المخلصة في ظل براثن سرعة الزمن الشرس وتطور التكنولوجيا الرهيب ليكون المسلسل بمثابة واحة للنقاء والصفاء والهدوء والعودة للزمن الجميل..

بلغ اقتناع العلمي بجلال عبد القوى أنه دخل يوما مكتب رئيس الاتحاد عبد الرحمن حافظ فشهد خلافا بينه و بين عبد القوى الذى يطالب بالحصول على مبلغ أكبر بكثير من المعروض مقابل حلقاته وحينما طلب عبد الرحمن حافظ تحكيم العلم أجاب دون تردد (أعطه ما يطلب.. إنه يستحق).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.