الطيب والشرير بين صفوت الشريف وممدوح الليثي.. !

بقلم الدكتور: إبراهيم أبو ذكري *
في جلسة عمل خاصةً كانت بين وزير الاعلام (صفوت الشريف) وبين شقيقي (وجيه أبوذكري) وبيني بعد معركة طويلة بيني ومعي جميع مؤسساتي وبين اتحاد الإذاعة والتليفزيون بقيادة المنتج (ممدوح الليثي) حول مهرجان التليفزيون بدورته الأولي عام 1993.
جاءت هذه الجلسة عقب مقال كتبه شقيقي (وجيه أبوذكري) بيومياته بجريدة (الأخبار)، يهاجم فيه موظفي رئاسه الجمهورية وضباطها الذين يستخدمون قاعة كبار الزوار لتهريب الأجهزة والسلع التي تُلزم القادم دفع رسوم بالآلاف لصالح الجمارك لإدخالها الأراضي المصرية.
وكانت أجهزة الفيديو وكاميرات التصوير والأجهزة إليكترونية حديثة موضع اهتمام الجميع، وعليها طلب كبير وكلها تستورد من الخارج، وعليها رسوم جمركية تصل في كثير من الاحيان الي نسبة 150 % من قيمتها.
بدأت قصة (يوميات الأخبار) بقلم (وجيه أبوذكري) التي أغضبت الرئيس حسني مبارك، والذي أوعز للوزير (صفوت الشريف) تعديل الموقف مع شقيقي (وجيه أبو ذكري) كاتب اليوميات.
بحوار بيني وبين شقيقي (وجيه أبوذكري) بمكتبي بمقر اتحاد المنتجين، وأثناء الحوار دخل علينا مخلص الجمارك الذي كان يعمل لدي بشركة (أفلام الشاطئ)، وخلال حديث العمل بيني وبين مخلص الجمارك سمع شقيقي (وجيه) منه ما يجري بقاعة كبار الزوار بمطار القاهرة.
ولم يسلم مخلص الجمارك من سيل الأسئلة التي انهالت عليه من شقيقي (وجيه أبوذكري) عن حجم الأموال ورسوم الجمارك الضخمة التي تفقدها الدولة من جراء تصرفات بعض موظفي استقبال الرئاسة المتواجدين بمكتب الرئاسة الموجود بمطار القاهرة الذين يستقبلون أقاربهم وأصدقائهم القادمين من الخارج وفي صحبتهم هذه الأجهزة.
ويتهربون من دفع رسوم الجمارك المفروضة علي الأجهزة القادمة من الخارج بصحبة الركاب القادمين من الخارج ويتم استقبالهم بقاعة كبار الزوار.
وفي يوميات الثلاثاء قرأت مصر كلها فضيحة قاعة كبار الزوار التي تستغل من قبل موظفي وأعضاء مؤسسة سيادية.

يوميات (وجيه أبوذكري)
مقال طويل هاجم فيه موظفي الجهة السيادية في يومياته بالصفحة الأخيرة بالأخبار ضمن يوميات (وجيه أبوذكري) التي كان ينتظرها الملايين كل ثلاثاء من كل أسبوع والتي كانت تحمل بين سطورها قضايا فساد اقتصادية واجتماعية وسياسية ضمن حملات صحفية كبيرة.
تصادف يوم النشر كان الرئيس (حسني مبارك) مسافر متوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الطائرة قرأ الأخبار، وهنا هاج الرئيس وماج وشاط شررا وغصبا على المساس بمؤسسة الرئاسة.
وتحدث الرئيس مع الوزير (صفوت الشريف) ورؤساء التحرير الذين كانوا في صحبته على الطائرة.. وطلب منه أن يلتقي بوجيه (أبو ذكري) ليقدم اعتذار بالعدد القادم من يومياته ويشير إلى أن هذه القصه لا تخص مؤسسة الرئاسة وينفي هذا الاتهام جملة وتفصيلا عن مؤسسة الرئاسة باي شكل ترونه مناسبا.
وفور وصول الوزير الي القاهرة طلب شقيقي (وجيه) وطلب منه الاجتماع به وطلب شقيقي منه اصطحابي في محاولة لترطيب العلاقة الملتهبة التي تولدت بين الوزير وبيني بعد استيلائهم على مهرجان الإذاعة والتليفزيون الذي أطلقناه سويا عام 1993
المهم تم اللقاء بيننا نحن الثلاثة ودار حوار كبير بين الوزير (صفوت الشريف) وبيننا عن مدي غضب الرئيس (حسني مبارك)، فيما نشره (وجيه أبوذكري)، قائلا: أن الرئيس مستغربا أن أحد من عائلة (أبو ذكري) يهاجم مؤسسة الرئاسة وهو يعلم وجيه بل متيقنا أن الرئيس ليس طرفا في اي فساد.
وليس معني قوله أنها سيادية دون ذكر الرئاسة لا يفهم الجميع منه أنه يشير إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية وبلغ الوزير وجيه عتاب الرئيس وغضبه، لأن وجيه لم يعمل حساب لا له ولا للجيرة بالقرب الجغرافية بينهما ولا العائلي للتقارب والنسب بين العائلتين (مبارك) و(أبو ذكري).
وهما من رموز المنوفية ويفصل حدودهما ترعه كبيرة ما يطلق عليه بحر شبين وهى أحد فروع النيل الذي يشق محافظة المنوفية من الوسط بين قريتين قرية الرئيس (حسني مبارك) كفر المصيلحة وقرية شنوان بلد (وجيه أبوذكري).
وطلب من شقيقي (وجيه) أن يكتب اعتذار من اجل خاطر الرئيس الذي يكن له كل احترام له ولعائلته، ويبين في التوضيح والاعتذار أن ما ورد اليه معلومات كانت مدسوسة عليه.

الوزير (صفوت الشريف)
وللأسف لم يجد كلام الوزير صدي طيب لدي شقيقي وجيه بل كان رفض (وجيه أبوذكري) على هذا المقترح رفضا قاطعا ومعللا ذلك بانه لا يقبل أن يضلل قراءه الذين يتابعونه ويثقون فيه.
المهم حوار طويل ومع تليفونات جانبيه من الوزير (صفوت الشريف) الذي وضع بين رحى (وجيه أبوذكري) والرئيس يحاول الوصول إلى اتفاق وسطي بين ما ترتضيه الرئاسة والوزير ووجيه صاحب القلم الذي لا يرحم فاسدا.
الطريف في هذه المقابلة دخل علينا رئيس قطاع الانتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون آن ذاك (ممدوح الليثي) وكان قد مضت مده طويلة على الصراع الكبير الذي كان بيني وبينه حول مهرجان القاهرة للتليفزيون
دخل (ممدوح الليثي) – رحمة الله عليه مهللا واصفا المجلس وهو يقول: يا معالي الوزير أنت الآن تجلس بين (الطيب والشرير) مستعينا بعنوان فيلم كاوبوي إيطالي مشهور كان يعرض بالقاهرة في نفس التوقيت تحت هذا الاسم (الطيب والشرير)
فسأله الوزير (صفوت الشريف) ضاحكا:
قل لي يا ممدوح مين الطيب ومين الشرير؟
رد ممدوح مستشفيًا في وعيونه متجهة إلىّ:
يا معالي الوزير هل ده يحتاج إلى سؤال.. هو فيه شرير في مصر كلها غير إبراهيم أبو ذكري).
وأضاف متألما والله يا (وجيه) أنا لم أندم في حياتي إلا في حالتين دخولي كلية الشرطة وتعاملي مع أخوك إبراهيم أبو ذكري.. وضحكنا جميعا لأن ممدوح دائم الفكاهة
فأعاد عليه السؤال بعيدا مشاكلك مع إبراهيم من الطيب ومن الشرير فكر وقول؟
فأجاب ممدوح:

احترام (ممدوح) لشقيقي (وجيه)
بقدر ما (إبراهيم) شرير تجد (وجيه) من أطيب الناس اللي في الدنيا، وكنت أعلم مدي حب واحترام (ممدوح) لشقيقي (وجيه) رغم خلافي معه.
رد الوزير (صفوت الشريف) ضاحكًا؛ يا راجل انت لسه زعلان من (إبراهيم) الراجل انسحب بهدوء من موضوع المهرجان، كمان تبقي أنت مش بتفهم في الناس يا ممدوح،
وأضاف الوزير(صفوت الشريف): يا ممدوح لا تحكم علي الظاهر (إبراهيم) لسانه يسبق تفكيره عشان كدا يظهر أنه شرير أمامك، أما (وجيه) أخوه فقلمه يحمل طلقات رصاص قاتله واحنا قاعدين معه مجروحين من قلمه.
وكان حوار الوزير (صفوت الشريف) مع ممدوح نوع من أنواع إبداء الرأي والإشارة إلى شقيقي على ما يشعر به الوزير تجاه شقيقي وجيه بهذا الموقف.
ورد وجيه ضاحكًا يا معالي الوزير قلمي لا يجرح إلا الظالم فقط، وأنا أشير الي الفساد فقط والظلم إذا وقع على المواطن وأنا لست شخوص بعينهم وكلني دائما مع مصر قلبا وقالبا وأنت تعلم يا معالي الوزير وتعلم أيضا ان قلمي لا يخطئ.
وتعالت صيحات الضحكات بيننا وتوالت القفشات بخفة دم ممدوح الذي لديه أكثر من قفشه خاصه معي..
ومن خلال الحوار الرباعي الذي تم بيننا وتحت ضغط مني لصالح اقتراح الحل الذي اقترحه (ممدوح الليثي) وباركه الوزير (صفوت الشريف) وأبلغ به الرئاسة وصلنا إلى اتفاق أن ينشر (وجيه أبو ذكري) بأن المؤسسة العسكرية هى المقصود بها ما نشر عن المؤسسة السيادية، وليست مؤسسة الرياسة وعرض الوزير الحل على الرئيس (حسني مبارك)، والذي وافق على أن يتم اتهام الجيش ويبرأ مؤسسة الرئاسة من التهرب الجمركي.
وفعلا تحت ضغط كتب (وجيه أبو ذكري) أنه ورد إليه الكثير من التساؤلات عن ما هى المؤسسة السيادية التي تستغل قاعة كبار الزوار في التهرب الضريبي والجمارك وتوضيحا أن المؤسسة السيادية التي كان يقصدها في مقاله هي المؤسسة العسكرية وانتهت الجلسة.
وفي يوم الثلاثاء الذي تلي الاتفاق فوجئ القراء بكتابه التفسير عن المؤسسة السيادية، ولم يعقب أحد من قيادات القوات المسلحة الي ما نشر، وكانت هذه هى المرة الأولي والأخيرة التي هاجم صحفي فيها المؤسسة العسكرية المصرية دون عقاب أو حتي عتاب، ولم يكن هناك رد لا بالنفي ولا بالإيجاب وانتهت هذه القصة.
وللحق فرضت قيود كبيرة على قاعة كبار الزوار منذ ذلك الوقت خاصة على موظفي الرئاسة.
رحمة الله على الجميع، فكان جميع أطراف هذه الحكاية يعشقون تراب مصر وجيش مصر.