
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
أول ما يخطر ببال المشاهد لمسلسل (Mobland) أو (أرض العصابات)، الذي يحطم كل الارقام القياسية في المشاهدة عبر شبكة (باراماونت بلس)، حيث لا يزال يعرض حاليا، انه مجرد استنساخ لنفس نوعية المسلسلات الأمريكية التي تتناول عالم الجريمة والعصابات المنظمة.
مسلسل (Mobland) الذي حقق نجاحا تاريخيا منذ عرض حلقته الأولى في الثلاثين من مارس الماضي، وحطم ارقام شبكة باراماونت بلس داخل بريطانيا في أسبوعه الأول، متجاوزًا مسلسلي (1923، وYellowston) يرصد الصراع بين عائلتي (هاريغنز وستيفنسون) اللتان تتزعمان عالم الجريمة في بريطانيا.
الأولى يتزعهما كونراد (بيرس بروسنان) وزوجته المتسلطة مايف (هيلين ميرين)، ويساعدهما في إدارة الأعمال القذرة وتنظيفها، هاري دا سوزا (توم هاردي)، بينما يدير العائلة الثانية ريتشارد ستيفنسون “جيف بيل”.
يتورط (إيدي) حفيد كونراد ومايف في قتل تومي أبن ستيفنسون وتقطيع جثته – بحسب أحداث (Mobland) ، ما يهدد بتفجر الوضع بين العائلتين اللتين تتحكمان في عالم الجريمة المنظمة في بريطانيا، وبينما يسعى هاري بالتعاون مع كيفن (بادي كونسيدين) نجل كونراد ووالد ايدي لاحتواء الازمة قبل تفاقمها، تقوم مايف بالنفخ في النار لتغذية الصراع، بهدف التخلص من عائلة ستيفنسون نهائيا.
حبكة مسلسل (Mobland) تقليدية لا تختلف في مضمونها عن مئات الأعمال الدرامية الأمريكية، وتحفل بمشاهد العنف الجسدي واللفظي، مع خليط من المؤامرات والتدابير المضادة، وبعض المشاهد الجريئة ما يزيد من احساس المشاهدين بانهم يشاهدون عملا امريكيا يحمل الجواز البريطاني.

أبرز الممثلين البريطانيين
يسيطر عليك هذا الشعور رغم كون العمل بريطانيا خالصا كتبه السيناريست الأيرلندي (رونان بينيت)، وأخرجه البريطاني (جاي ريتشي)، الزوج السابق لملكة البوب في الثمانينات والتسعينات مادونا، كما يقوم ببطولته مجموعة من أبرز الممثلين البريطانيين، يتقدمهم توم هاردي، وبيرس بروسنان وهيلين ميرين.
لكن حتى هؤلاء الذين يتم تصويرهم في بريطانيا باعتبارهم فخر المملكة التي لم تكن تغرب عنها الشمس في أزمنة سابقة، وربما قريبا لن تعود الشمس تشرق عليها من الأساس، نالوا شهرتهم عبر الدراما والسينما الأمريكية.
(توم هاردي) على سبيل المثال اشتهر بعد أدواره في عدة أفلام هوليوودية مثل: (Inception وMad Max: Fury Road) كما أنه عندما يظهر اسم بيرس بروسنان فان أول ما يخطر في ذهنك تجسيده لدور العميل البريطاني في سلسلة أفلام جيمس بوند الشهيرة.
كذلك (هيلين ميرين) التي منحتها هوليوود ليس فقط شهرتها ونجاحها العالمي، ولكنها منحتها كذلك جائزة الأوسكار عام 2007 عن دورها في فيلم (The Queen)، وأخيرا (جاي ريتشي) الذي شق طريقه للصفوف الأولى بين المخرجين الكبار في هوليوود بعدما قدم اعمالا ناجحة مثل King Arthur: Legend of the Sword وSnatch.
حتى اسم مسلسل (Mobland) نفسه منسوخ بالحروف من فيلم أمريكي عرض قبل عامين من بطولة النجم (جون ترافولتا)، لكنه لم يحقق النجاح المنشود، ورغم اختلاف قصة المسلسل عن الفيلم، إلا أن استعارة الاسم ربما تكشف تغلغل ثقافة الشاشات الأمريكية في (اللا وعي) لدى صناع الدراما البريطانية.
حاول (جاي ريتشي) إدخال لمسات إنسانية على العمل، للابتعاد به ولو قليلا عن الروح الأمريكية المتغلغلة فيه، فتوقف طويلا بدرجة تدفع الى الملل عند تأثير اخلاص هاري لعائلة هاريغنز على تماسك علاقته بزوجته وابنته.

تصدع هذه العلاقة
وكيف تسبب انهماكه في عمله القذر في تصدع هذه العلاقة، سواء بسبب التبعات السيئة لعمله على الزوجة والابنة، حيث تعيشان في تهديد دائم غير معروف المصدر للانتقام منهما بحكم أن الوصول إليهما أسهل من الوصول لعائلة هاريجانز، كما تتعرض الأبنة والزوجة من قبلها للتحرش من قبل كونراد دون ان يحرك هاري ساكنا.
بل على العكس هو يتهرب من الذهاب مع زوجته الى استشاري علاقات بسبب انشغاله في جرائم العائلة، مضحيا بفكرة استمرار زواجه واستقرار عائلته، كما يظهر في مشهد آخر وهو يذهب الى ابنته في لجنة امتحان ليسحبها بعيدا خوفا من تهديد محتمل، دون مراعاة لتبعات ذلك من رسوبها في الامتحان وتعثر مشوارها الدراسي.
من أبرز الملاحظات حول مسلسل (Mobland) تسببه في تعرض (بيرس بروسنان) الايرلندي الأصل لانتقادات عنيفة في إعلام بلده المحلي، بسبب لكنته الأيرلندية السيئة، ومع الحساسيات المعروفة بين بلدان التاج البريطاني، رأى الايرلنديون في عدم إتقان بروسنان للغة بلده الأم إهانة وطنية.
ما دفع صحيفة ايريش تايمز لوصفها بأنها (كارثة صوتية)، وحظيت (هيلين ميرين) ببعض النقد على لكنتها لكن بدرجة أقل بحكم انها انجليزية وليست أيرلندية.