
بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
يبدو أن العمل الصحيح في كل قطاع لا يتم الحراك فيه إلا بتوجيه رئاسي، وكأن أهل كل مهنه نيام لا يشاهدون ولا يسمعون إلا عندما يتكلم الرئيس وكأن دور محتوي (الدراما) ومحتوي الإعلام وصورة مصر وشكلها وغير ذلك من رفائع الأمور.
بجوار عظيمها من مشاغله سواء حروب المنطقه أو ضغوط المتلون ترامب أو ضغوط صناديق الإقراض أو ملفات العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي الكبري إضافة إلي ملفات إقليمية ودولية خارجيه.
ألا يعلم أهل المهنه من كتاب ومنتجين ومخرجين وأبطال (الدراما) أن محتواها مشوها ومسئا، ألا يعلموا أن المحتوي كله متشابه مخدرات وبلطجه وزنا وحقد وتآمر وتغول وطمع وخيانه وكره وسرقات؟
ألم يظهر ذلك في ورق السيناريو؟، ألم تتم مراجعته؟، وأين لجان القراءة التي هى دورها الفرز والتصويب؟، وأين لجان المشاهدة التي تقرر مايذاع وما يتم منعه؟، وأين الحس الوطني للقائمين علي ملف الدراما؟، وهل أصبحت كل الدراما بنوعية واحدة، ولماذا نتعمد التشويه والإساءه لمجتمعنا؟.
ولماذا لا نفكر في الشعوب التي تشاهدنا من حولنا، وكيف سينظرون إلى مجتمع مصر من خلال (الدراما) المصرية؟، وكيف شعور الملايين من أبنائنا في الخارج عندما يتم عرض هذه الأعمال؟،
وهل كل ما في مجتمعنا من أحيائه الشعبيه إلي مدنه وحضره وصعيده، كله ذلك فسق وفجور وآثار ومخدرات وقتل ورقص وخيانه وبيع وانتقام، وإذا كانت (الدراما) هى محاكاة الواقع، فهل هذا واقعنا؟، لا والله، وأين الطامحون من شباب مصر وأين النابهون من فتياتها؟.
وأين البسطاء الطيبون، وأين اهلنا المتسامحون، وأين الشهامة والرجولة والمبادئ، وأين التنميه والتطوير، وأين الاستثمار والفرص، وأين المدن الجديده والمناطق المطورة؟، وأين الإنجازات فوق الأرض وتحتها، وأين الباحثون والعلماء؟، وأين الرواد والقدوة، وأين مدنها وريفها، وأين صعيدها وبدوها؟، وأين الأمهات المثابرات، وأين وأين؟..

الدراما المشوهه لنا
كل ذلك لايري والظاهر فقط ما تجسده الدراما المشوهه لنا والمدمره لسمعتنا، ولو كان المنتج قطاع خاص كنا قلنا إنه يسعي وراء الربح، ولما كان الإنتاج كله شبه رسمي فكيف يكون الرأي اذن!
وهل غياب جهات إنتاج الدولة عن المشهد مثل قطاع الإنتاج وشركة صوت القاهرة ومدينة الإنتاج، سبب في هذا التدني في المحتوي أم لأن هذه الجهات كان لديها لجان قراءة من خبراء المهنة ولجان مشاهده من أعلامها؟
ولما لايتم العمل بهذا النسق من اللجان إن كنا حريصون علي سمعة الوطن وأهله؟، وهل غياب الدوله عن مشهد الإنتاج غاب معه الإنتاج الجيد من المحتوي الاجتماعي والتاريخي والديني والوطني والتنويري وما يدعم قيم العائله والانتماء والهويه؟
وهل طغي إنتاج التشويه المتشابه علي عملية الإنتاج؟، وكيف رضي المؤلفون والمخرجون والأبطال والمنتجون والقائمين علي الإنتاج بهذا الكم من السوء والتدمير والتشويه والمغالطه؟
هل الجري وراء الإعلانات أهم من سمعة الوطن وهل كان الهدف نسبة المشاهدة، فقد رفض العامه هذا المحتوي، أم ماذا كان الهدف هل هو إرضاء مجموعه من المؤلفين والمخرجين والمنتجين والأبطال؟،
وكيف خرج هذا الكم من التشابه وتعمد الإساءة؟، ألم يمر على لجان قراءة أو مشاهدة؟، ولما صمت الكل عن محتوي ردئ حتي وجه الرئيس، وماذا لو مشاغل الرئيس شغلته عن هذا المحتوى؟
هل كنا سنكمل مسيرة تشويه مصر وأهلها؟، لقد كتبنا هنا مرات على أن مصر التي في الدراما ليست مصرنا وأن الأحياء الشعبية علي الشاشات ليسوا أهلنا، وأن صعيد مصر ليس صعيد الدراما،ولم يلتفت أحد لما ذكرناه،ونضيف ان اهل مصر غير أهل مصر الدراما وإن قيمنا ليست قيم الدراما، وحتى أحلامنا ليست أحلام الدراما.
وعليه فما يطلق عليه من دراما مصرية هى ليست مصرية أصلا وإن صنعها مصريون، وفجأه تدخل الرئيس وتوالي تدخل رئيس الحكومة، وكأن نواب الشعب بغرفتيه غائبون عن سمعة الشعب، رغم لجان مجلسهم الموقر المتخصصه في شأن الدراما والإعلام.
وتوالت الصيحات من مجلس الوزراء لجنة، ومن ماسبيرو الذي لاينتج لجنة، ومن المتحدة سيدة الإنتاج لجنة، ومن أحزاب لجان ولم نسمع من لجان الثقافة والإعلام بمجلس النواب والشيوخ صوتا.

كوادر وطنية مخلصة
وكل اللجان المعلنة تنادي بمراجعة المحتوي ومناقشة مستقبل الدراما في مصر ولم تتحرك المجالس المتخصصة ولا الأكاديميات والكليات والأقسام والصحف والقنوات، والمواقع المتخصصه ذات الصله بمحتوي (الدراما) والإعلام، وتحرك الكل فجأه وكأن الأمر مفاجأة، وكأن الشاشات والمنصات لا تذع شيئا وكأننا لانري يوميا أكثر من إذاعة وإعادة، وهذا شئ مستغرب!!!
أما وقد ظهرت (الدراما) في دول المنطقة ذات الإنتاج الضخم، تاريخي وديني تهدد ريادتنا ومنصات تذيع (الدراما) غير المصرية، وهذا أيضا لم يلفت الانتباه كدرامانا المشينة.
فهل آن الآوان لو ضع خطة قومية للإنتاج الدرامي والبرامجي تراعي أهداف الوطن وأحلام أهله، يقوم عليها خبراء ومختصون وصناع محتوى، ولها متابعة تنفيذ ومشاهدة وتقييم حتي تري النور وتضيف جديدا للعمل الوطني، وتنفذه شركات إنتاج مسئولة، وكوادر وطنية مخلصة.
بحيث يتنوع الإنتاج مابين اجتماعي وتاريخي وديني ووطني وهوية وتنمية ومستقبل واستشراف الغد، ويشارك في صنعه معظم كوادر مصر مؤلفين ومخرجين ومنتجين وأبطال، ونصدر هذا المحتوي ليدعم قوانا الناعمة ويشرف أبنائنا في الخارج ويدعم خططنا في الاستثمار والجذب والريادة ويعيد لصورة مصر رونقها وبريقها.
والأهم في هذه الدعوات والمؤتمرات واللقاءات، هو الخطه الاستراتيجية، وتنوعها، وتمويلها، ومراجعتها، وبثها، وتأثيرها، ومحتواها، والقائمين عليها، ولابد من دور لمؤسسات الدوله الإنتاجيه ودور للدولة تمويلا وتنظيما وتوزيعا ومتابعة.
عندها ستعود (الدراما) المصريه إلي بريقها وإلي دورها وإلي قواها الناعمه فخرا لمصر وأبنائها والقائمين عليها وينتهي احتكار المهنه انتاجا وبثا وتوزيعا وتشغيلا، لأنها مصر وأهلها وسمعتها وقوتها الناعمة، والسلام وتحيا دوما مصر، وللمحتوي البرامجي حديث آخر ذو صلة.. والله الموفق، ورمضان كريم.