رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود حسونة يكتب: الفنانون المضللون وفوضى (الدراما)!

أرقام مزيفة عن أعمال تتمتع بالرداءة على مستوى الشكل والمضمون

بقلم الكاتب الصحفي: محمود حسونة

حالة فوضى (الدراما) التي نعيشها حاليا ليست علتها فقط حالة الزحام والتشويش، ولكن أيضا الفنانون المصلون الذين يسعون لتضليل الناس لركوب تريند مزيف.

فشهر رمضان ليس فقط الموسم المفضل لصناع (الدراما)، ولكنه موسم الزحمة والضجيج الدرامي، كثير من المسلسلات التي تغطي ساعات اليوم ولا تترك مكاناً لاهتمامات الناس ومشاغلهم اليومية والتزاماتهم الحياتية.

والفوضى لا تخلقها كثرة الأعمال التي تسبب لمحبي الدراما حالة من التيه وصعوبة في اختيار من يتابعونه ومن يتجنبونه ومن يؤجلون متابعته إلى حين، ولكن تخلقها حالة التصارع بين الفنانين على استقطاب المشاهد إلى أعمالهم، تصارع يستخدمون فيه كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، الكذب والادعاء والتضليل وتشويه الآخر.

وسائل التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، ومن حق أي كان أن يستخدمها لترويج نفسه وأعماله وأفكاره في (الدراما)، ولكن أن تصبح وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية أدوات تضليل للناس فهذه هى الطامة الكبرى.

فالصحافة تحولت من مهنة البحث عن الحقيقة إلى مهنة ترويج الأكاذيب وفرض البضاعة الفاسدة طالما أن أصحابها لديهم القدرة على استقطاب الصحافة الرخيصة سواء بالمال أو بغيره.

والبرامج التليفزيونية تحولت في حد ذاتها إلى برامج للتضليل الفني والتشويش الاجتماعي بعد أن عزف عن الظهور فيها المبدعون الحقيقيون، والراديو لم يعد يشغل بعض العاملين فيه سوى ملء مساحتهم البرامجية بالمتاح بصرف النظر عن محتواه.

الغريب أن الكثيرين يستغربون انصراف الناس عن الإعلام متوهمين أن السوشيال ميديا هى السبب الرئيسي وراء ذلك متناسين أن مضمونه أصبح أجوفاً ونجومه فارغين من الفكر مسطحين في المعرفة، وأنه مهنة يغتالها حفنة من أبنائها الخادعين والمخادعين، غير مدركين لما يرتكبونه من جرائم في حق مهنة كانت عنواناً للحقيقة.

منذ أول رمضان تلاحقنا أخبار وآراء مزيفة ومضللة، تنشرها مواقع صحفية من دون استحياء عن (الدراما)، ليست سوى ترويج لفنانين يزعمون أن أعمالهم تحتل المركز الأول في نسب المشاهدة الرمضانية.

إش إش.. نموذجا للتشويه الدرامي

الدراما وسيلة لتشويه

والغريب أن من يكتبون هذه الأخبار لا يخصهم هؤلاء الفنانين بها ولكنهم ينقلونها من صفحاتهم الشخصية على السوشيال ميديا أو يستقطعونها من لقاءات تليفزيونية لهم، بعد أن تحولت الصحافة من المصدر الرئيسي الذي تنقل عنه باقي وسائل الإعلام، إلى مجرد ناقل ومروج للشائعات والأكاذيب من دون إعمال العقل أو التحقق من مدى مصداقية ما ينشره.

وصل الأمر بأحد النقاد أن ينحرف بتقييمه بعيداً، ويحوّل قلمه إلى أداة للإشادة لما يتفق الرأي العام على سوئه من (الدراما) المعروضة، وتبرير خطايا من يتخذون الدراما وسيلة لتشويه قيم المجتمع وإفساد عقول شبابه وفتياته.

الكل يسير في اتجاه ووحده هذا الناقد في الاتجاه المعاكس، يقول على الأسود أبيضاً وعلى الفاسد صالحاً وعلى المظلم مضيئاً بلا خجل ولا استحياء ولا احترام لشيبته، وهو مسكين فعليه الالتزام بما قطعه على نفسه أمامهم حتى يواصلون الالتزام بعطاياهم.

(الدراما) مثل الأشخاص، بعضها صوتها عالي، تثير الصخب والدوشة، والسبب ليس تميزها ولا جودتها ولا أهدافها النبيلة، ولكن السبب تماديها في الاعتداء على قيم المجتمع والتجاوز في حق فئاته وصناعة بطولات وهمية منه وغرور صناعه وتعاليهم على زملائهم وتوهمهم أنهم  في مجالهم (الأوائل) أو (نمبر وان)، سمها ما شئت.

وهؤلاء ستجد وجودهم هم وشلتهم شبه يومي على السوشيال ميديا والإعلام التقليدي، يكذبون ويروجون أنهم الفرسان الرابحة في السباق، ينتقدون غيرهم من الفنانين بهدف خلق معارك تضمن لهم البقاء لبعض الوقت في دائرة الضوء.

في المقابل فإن بعض (الدراما) لا صوت له، أعمال صنعها مبدعوها وقدموا فيها ما يضيف للمشاهد، وبعد بداية عرضها يتركونها للناس يشاهدون ويستمتعون ويكوّنون عنها رأياً موضوعياً من دون مؤثرات ولا ضغوط وقد تجدهم بعد العرض يقبلون بإطلالة تليفزيونية للإجابة على أي تساؤلات تثار بشأن هذه الأعمال.

الشرنقة
النص

لا (الشرنقة) ولا (النص)

لن تسمع صوتاً لأبطال (قلبي ومفتاحه) ولا (النص) ولا (ولاد الشمس) ولا (الشرنقة)، ولا (إخواتي) ولا لغيرهم من الأعمال المتميزة، ولكن ستسمع ضجيجاً لـ (إش إش) الذي وصل غرور بطلته مي عمر إلى إدعاء أنه احتل (المركز الأول على مستوى العالم)، بعد عرض 5 حلقات منه!..

نعم (على مستوى العالم)، لتصل بالمبالغة إلى أقصى الأقصى، وقالت ذلك عبر بوست على فيسبوك، وفيه تغنت بعظمة زوجها (محمد سامي) واصفة إياه بـ الخطير الموهوب الرائع برنس الإخراج)، قائلة (أنت مخرج عظيم)، وعلى الفور هرولت الصحافة الرخيصة للنقل والترويج والتبني!

المسلسل الثاني الذي يتصدر التريند (سيد الناس)، ولعل السبب ما فيه من خروج فج على قيم وأخلاق ولغة خطاب المجتمع المصري، وهو أيضاً في نظرهم (الأول)، ولو أن الناس امتعضت من أحد المشاركين في هذا المسلسل وانتقدته تكون لجاناً، مثلما وصفها (أحمد زاهر).

حيث قال عن منتقديه عبر السوشيال ميديا: (دي لجان وناس بتدفع فلوس عشان تشتم في زمايلها أنا مليش علاقة بالموضوع دا، نفسي يبتكروا يعملوا أكونت حقيقي لكن أغلبها مزيف لمجرد تدمير النجاح فقط لا غير وطبعاً كلنا عارفين مين اللي وراها وأنا مش هتكلم في دا لأنه لا يعنيني”! خلص الكلام وبدأ التعجب!

من مسلسلات الصوت العالي الكثيرة يلفتك ما قالته ريهام حجاج أيضاً عن (أثينا)، أنه الأول والأعلى مشاهدة، وإذا أجريت استطلاعاً للرأي في الشارع فنادراً لو وجدت أحداً يعرفه، ولكن الجميع يعرفون (أثينا) وتاريخها الحضاري !!

للأسف هذا هو حالنا، المتميز يتوارى والسيء يتقدم، الهادف بلا صوت والفاسد عالي الصوت، وحال الدراما ينطبق على قطاعات أخرى عدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.