
بقلم الكاتب الصحفي: بهاء الدين يوسف
شاهدت حديثا مسلسل (Zero Day) أو (يوم الصفر)، وهو أول بطولة تليفزيونية للنجم (روبرت دي نيرو)، حيث يجسد شخصية رئيس أمريكي سابق تستدعيه الرئيسة الموجودة في السلطة لمواجهة هجوم سيبراني أو إلكتروني على البلاد.
بالنظر إلى موعد عرض مسلسل (يوم الصفر) الذي عرضته شبكة نتفليكس في العشرين من فبراير الحالي بعد أيام قليلة من تنصيب ترامب رسميا، وكذلك آراء (دي نيرو) السلبية المعلنة في الرئيس الأمريكي، يمكن القول أن العمل ربما يهدف الى تحريض الأمريكيين ضد ترامب وما تمثله طريقة إدارته للدولة من خطر على قيم الحريات الأمريكية.
لكن الملاحظة الأهم أن مسلسل (يوم الصفر) الذي استغرق ست حلقات فقط هو مجرد حلقة في سلسلة من الأعمال الدرامية المتشابهة في الفكرة ولا تختلف سوى في التفاصيل.
بداية من مسلسل 24 للممثل (كيفر ساذرلاند) الذي عرض لعدة مواسم مرورا بدراما Homeland أو (أرض الوطن) للممثل (داميان لويس)، ووصولا لمسلسل designated survivor أو(الناجي المكلف) لنفس الممثل.

الاحترام لمناخ الحرية
فهناك ما يشبه الهوس يسيطر على الدراما الأمريكية في سنوات ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر بفكرة المؤامرة، معظم الأعمال البوليسية المنتجة خصوصا في الدراما التليفزيونية تدور حول فكرة واحدة تقريبا، ان البلاد معرضة لهجمات ارهابية سواء حقيقية أو سيبرانية.
وأن تلك الهجمات مخطط لها عبر مؤامرات تشارك فيها دول أو تنظيمات معادية لأمريكا بمساعدة مسؤولين كبار من داخل الإدارات الأمريكية نفسها، وهى مفارقة يمكن النظر لها من زاويتين، حيث يمكن السخرية من الهوس الجماعي المسيطر على الأمريكيين من أن بلادهم مستهدفة رغم أنها سيدة العالم كما يعتقدون.
كما يمكن تقديم الاحترام لمناخ الحرية الذي يسمح لمنتجي الدراما بإظهار مسؤولين كبار مثل رئيس الدولة أو وزير الدفاع ورئيس الكونجرس كمشاركين في المؤامرات ضد بلادهم دون أن تصدر الأوامر (للإعلاميين المخبرين) بالهجوم على المنتجين والممثلين والتشهير بهم والنبش في حيواتهم الخاصة واتهامهم بانعدام الوطنية.
نعود لمسلسل (يوم الصفر) الذي يبدأ بتعرض البلاد لهجوم سيبراني يعطل شبكات المحمول والكهرباء والقطارات ويتسبب في وقوع مئات القتلى والاف الجرحى، وتظهر رسالة على هواتف الأمريكيين تقول (أن هناك مرات قادمة من الهجوم).
تسود البلاد حالة فزع وتقرر الرئيسة إيفلين ميتشل (انجيلا باسيت) مناشدة الرئيس السابق جوزيف مولين (دي نيرو) للخروج من عزلته الاختيارية وترأس لجنة تحقيق لمعرفة من يقف وراء الهجوم، ويطلق على لجنته لجنة (يوم الصفر).
تحصل اللجنة على صلاحيات واسعة تثير غضب مناصري الحريات في أمريكا، ويبدو رئيس الكونجرس كمعارض لتلك الصلاحيات الواسعة، لكن تظهر الأحداث لاحقا أنه لا يعارض انشاء اللجنة، ولكنه يريد رئاستها بدلا من مولين ليتمتع بما تمنحه من صلاحيات.
يستعين (مولين) بعدد من مساعديه السابقين، منهم رئيسة مكتبه في البيت الأبيض، التي انضمت للجنة بناء على طلب زوجة مولين رغم أنها كانت على علاقة غرامية معه وأنجبت منه طفلة في السر، وكذلك مساعد سابق له متورط مع رجل أعمال فاسد يريد استخدام المساعد لتوجيه التحقيقات بما يخدم مصالحه.
ثم تظهر مشاكل (مولين) الشخصية كعائق في طريق التحقيق، سواء معارضة ابنته وهى نائبة في الكونجرس لفكرة عودته للحياة السياسية التي اعتزلها بعد وفاة نجله نتيجة جرعة زائدة من المخدرات.
ومشكلة زوجته التي ترشحت لمنصب القاضي الفيدرالي لكن اختيارها بيد الكونجرس الذي يعارض رئيسه بعنف لجنة يوم الصفر ورئيسها جورج مولين مما يهدد فرصة الزوجة في الحصول على المنصب المرموق.

بطل أمريكي وهمي تصنعه الدراما
كما تظهر مشكلة ضغط الرئيسة المستمر عليه للوصول الى نتائج تفاديا لضغوط الكونجرس عليها بمنح اللجنة صلاحيات غير دستورية دون أن تؤدي اللجنة دورها في الكشف عن المتورطين في الهجوم.
لكن مولين (مثل كل بطل أمريكي وهمي تصنعه الدراما) يترك كل المشاكل جانبا ويركز في التحقيقات حتى يكتشف أن الهجوم تم بواسطة مونيكا كيدر (جابي هوفمان) وهي سيدة أعمال رائدة في مجال التكنولوجيا.
ومن خلال تطبيق شركتها على هواتف 80% من الأمريكيين، قامت بنشر البرمجيات الخبيثة مما سمح لها بالانتشار إلى الأجهزة الأخرى عبر وسائل الاتصال المختلفة وحدوث الهجمة السيبرانية كما حدثت.
وبعد القبض عليها يكتشف (مولين) أن مونيكا فعلت ما فعلته بطلب من مجموعة نواب برلمانيين تضم رئيس الكونجرس وابنة مولين نفسه وأعضاء آخرين في الهجوم، بهدف خلق حالة من الذعر بين المواطنين، مما يدفعهم للتوحد ودعم تشريعات تقوض الديمقراطية زعما بأنها الحل الوحيد لإنهاء الانقسامات السياسية في البلاد.