رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود عطية يكتب: (الإلهاء) في (الفن) والسياسة بمصر والدول العربية

منظومة سياسية تسعى لإلهاء الجمهور، تمثل هذه الظاهرة تحولًا جذريًا في الفنون الترفيهية

بقلم المستشار: محمود عطية *

في الآونة الأخيرة، برزت ظاهرة غريبة في عالم (الفن) في مصر وبعض الدول العربية، تتمثل في (التشخيص) الذي يبتعد عن الجوهر الثقافي والفني الحقيقي، ليغرق في سطحية مبتذلة.

وتصبح جزءًا من منظومة سياسية تسعى لإلهاء الجمهور، تمثل هذه الظاهرة تحولًا جذريًا في الفنون الترفيهية، حيث أصبح (الفن) مجرد أداة للتهكم أو التحريف المبالغ فيه لواقع المجتمع، ليُعرض في قالب مبتذل يروج لأجندات سياسية أو اجتماعية معينة.

ولتوضيح التشخيص كأداة لإلهاء الرأي العام.

يعود مفهوم (التشخيص) إلى أسلوب فني يسعى لتقديم صور نمطية مبالغ فيها عن الواقع الاجتماعي والسياسي، ويتعمد إظهار الأحداث بشكل مشوه أو غير واقعي.

وقد أصبح هذا (الفن) في الآونة الأخيرة أداة لتوجيه الرأي العام، خاصة في ظل الأنظمة السياسية التي تستخدمه للإلهاء عن القضايا الجوهرية، وتوجيه الانتباه نحو قضايا تافهة تُعرض في قالب فني مبتذل.

هذا (الفن) لا يعكس الواقع بتفاصيله المعقدة من قضايا خلافية، بل يعمد إلى تبسيط الواقع بشكل مبالغ فيه، في صورة مبتذلة عبر نوعيات من الدراما الرديئة، ليغيب عن الجمهور الفهم العميق للمشكلات المجتمعية.

فدرب طياب الأزبكية: رمز الماضي والتشخيص الحالي..

إذا عدنا إلى تاريخ مصر، نجد أن (درب طياب الأزبكية) كان يشتهر كمركز للفساد والرذيلة في القرن التاسع عشر والعشرين، حيث كان يمثل نوعًا من الإلهاء الاجتماعي والجمالي في ذلك الوقت.

اليوم، يمكن تشبيه هذه الظاهرة في الفن (التشخيصي) في العصر الحالي، حيث أصبح الفن يتبنى السطحية والابتذال كأداة للإلهاء، تمامًا كما كان الحال في درب طياب الازبكية، وذلك عبر نوعيات من المسلسلات والأفلام التاي ترسخ للعنف تارات، وتارات أخرى من العشوائية والبغض والكراهية، والتسطيح المرعب لأهم قضايانا.

(الفن) في مصر وبعض الدول العربية أصبح يسعى لتقديم التسلية السطحية ويرسخ لقبح العشوائيات

تقديم التسلية السطحية

في ظل هذا الاتجاه، نجد أن (الفن) في مصر وبعض الدول العربية أصبح يسعى لتقديم التسلية السطحية ويرسخ لقبح العشوائيات التي تخلو من القيم والتقاليد الأصيلة، التي لا تحمل أي قيمة فكرية أو اجتماعية.

فالأعمال الفنية التي تعتمد على التشخيص غالبًا ما تروج لأفكار نمطية، ما يعكس تحولًا في الفن من وسيلة لتقديم قضايا المجتمع بصدق إلى أداة لترفيه لا طائل منه سوى التغييب المتعمد، مثل هذا (الفن)، الذي يعتمد على الاستعراض والمبالغة، يعزز من المفاهيم السطحية، ويغيب الفهم العميق للواقع الذي هو منوط بالفنون بالأساس.

إلى جانب التشخيص في الفنون التمثيلية، نجد أيضًا تأثيرًا خطيرًا لما يُسمى (النهيق الغنائي)، أي الأغاني التي تفتقر إلى العمق أو الرسالة الثقافية، تُعرض هذه الأغاني في معظم الأحيان على وسائل الإعلام بشكل مفرط إلى حد السفة، مما يساهم في خلق حالة من الهياج الجماهيري الذي يروج لهوية ثقافية معينة أو يخدم أجندات سياسية، دون تقديم محتوى ذا مغزى.

هذا النوع من الأغاني لا يعكس الثقافة العربية الأصيلة للمجتمع المصري والعربي، بل يُسهم في تحريف الهوية الثقافية، مما يجعل الأجيال الشابة تنشأ على أعمال سطحية تروج لصور مشوهة عن المجتمع.

إن التأثيرات الاجتماعية والسياسية لهذا التحول في (الفن) تعد خطيرة للغاية، حيث أن الأجيال الشابة قد تتأثر بهذه الأعمال التي تروج للسطحية والابتذال، مما يضعف من قدرتها على التفكير النقدي أو التفاعل مع القضايا الاجتماعية والفكرية بجدية.

يجب على الفن أن يعود إلى جذوره الأصلية التي تعكس الواقع بصدق وموضوعية

وظيفة (الفن) السامية

فنجد أن هذه الأعمال الفنية كما هو موجود في الدراما التلفزيونية وأفلام السينما تساهم في تشكيل وعي اجتماعي سطحي، لا يعكس عمق المشكلات الحقيقية، ويعزز من التحولات السياسية التي تسعى لإلهاء الناس عن قضاياهم الجوهرية، على الرغم من وظيفة (الفن) السامية في النهوض بالمجتمع تحث على التثقيف والوعي والتنمية.

الخلاصه ياسادة:

يجب على الفن أن يعود إلى جذوره الأصلية التي تعكس الواقع بصدق وموضوعية، بعيدًا عن التشويه أو المبالغة، يجب أن يظل (الفن) أداة للتعبير عن التحديات الاجتماعية والسياسية، ويعكس قضايا المجتمع في أبعادها الحقيقية، بعيدًا عن الإلهاء أو الترفيه السطحي الذي يظهر في معظم فنوننا الحالية.

إذا استمر (الفن في) السير في طريق (دروب الهوى)، فإننا نخاطر بفقدان جزء كبير من هويتنا الثقافية والفنية التي كانت تمتاز بها شعوبنا في الماضي.

* المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.