(عادل مأمون)، و(هدى زايد).. جمعهما الزواج والأمل والفن، وخفقات القلب حتى آخر لحظة
كتب: أحمد السماحي
(عادل مأمون)، و(هدى زايد).. قصة حبهما مثل قصة (قيس وليلى)، قصة حب، وزواج من النظرة الأولى، جمعهما الأمل، والفن، وخفقات القلب، وجمعهما أيضا الظلم الذي وقع على موهبتهما من وسائل الإعلام المختلفة التى لم تقدر ولم تحتف بموهبتهما!
وقبل أن نغوص في قصة حب (عادل مأمون)، و(هدى زايد)، نتوقف قليلا مع المطربة (هدى زايد) صاحبة الصوت العذب، والمختلف، والخاص جدا.
ورغم هذه الإمكانات، ورغم إيمان العملاق (رياض السنباطي) بصوتها، وتلحينه لها العديد من الأغنيات الرائعة، لكن كل هذا لم يشفع لهذه المسكينة لأن تنطلق، وتذيع لها الإذاعة، ويعرض لها التليفزيون أغنياتها!
هدى زايد).. و(لو بالعين)
كانت أول أغنيات (هدى زايد) مع الموسيقار (رياض السنباطي)من خلال لحن (يا حبيبي قد أديه، كلمة يا حبيبي حلوة) كلمات الشاعر المبدع حسين السيد، والتى قدمتها في برنامج (البيانو الأبيض) في بداية الستينات من إخراج محمد سالم، الذي صورها لها كفيديو كليب.
بعدها توالت ألحان رياض السنباطي لـ (هدى زايد) فغنت له رائعتها (مظلوم يا ليل) التى يقول مطلعها: (مين اللي ظلمك بس يا ليل، وقال ده قاسي على العاشقين!) كلمات محمد حسين، كما غنت له أيضا (أحييني النهارده) كلمات حسين السيد، وغيرها.
وتعاونت مع الشاعر الكبير (عبدالرحمن الأبنودي) في العديد من الأغنيات لعل أشهرها الأغنية التى اقترنت باسمها وهى (لو بالعين أنظر حبيبي لو بالعين) ألحان حسن نشأت.
ولم يقتصر تعاونها مع (الأبنودي) على هذه الأغنية فقط، ولكنها قدم لها أغنيات آخرى منها (إن وصلت الرسالة سيب الدنيا وتعالى) ألحان محمد الشيخ، و(ساعة وبس) و(الكلمتين) وغيرها.
كما أعجب الموسيقار الكبير (فريد الأطرش) بخامة صوتها، وشكلها، ووعدها أن يظهرها معه في السينما، ولحن لها (فاكرنا ولا ناسينا)، لكنها بعد تسجيل اللحن، رفض (الأطرش) إذاعة اللحن لأسباب خاصة به!
ليل الشتا طويل
رغم جمال وعذوبة كل الأغنيات التى قدمتها (هدى زايد) لكن هذه الأغنيات لا تذاع على الإطلاق، رغم تعاونها فيها مع كبار الشعراء والملحنيين، الذين قدموا لها أغنيات متميزة للغاية.
ومن هؤلاء الشاعرالكبير (مجدي نجيب) الذي كتب لها (ارمي شالك عليا، ليل الشتا طويل، أنا قلبي لسه صغير بيحب المواويل)، والتى لحنها حسن نشأت، الذي تعاون مع (هدى زايد) في لحن آخر لا يقل جمالا عن (ارمي شالك) وهو لحن (يا بوضحكة حلوة) كلمات زين العابدين عبدالله.
وفي مشوار (هدى زايد) أغنيات أخرى جميلة لا تذاع أيضا مثل (طرح الهوى) كلمات صلاح فايز، ألحان حسن نشأت، و(على جناح الهوى) كلمات علي الفقي، وألحان صلاح عطية.
و(صفر قطر المحطة، وأنا مسافرة بعيد) كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان حسن نشأت، و(أفراح رمضان) كلمات الشاعر الكبير مصطفى عبدالرحمن، ألحان سامي الغندور.
و(أنت يمكن يا جدع) و(أوعى تسأل) كلمات سعيد أبوالنصر، وألحان صلاح الدين محمود، و(الدموع مالهاش وجود، وأنا وياك)، كلمات الكاتب والشاعر طه شلبي، والد الإعلامية سهير شلبي، وألحان عبدالفتاح راشد، و(أوعى يوم) كلمات زهير صبري، ألحان خالد صقر.
وعندما ارتدت (هدى زايد) الحجاب، لم يمنعها حجابها من الغناء فغنت العديد من الابتهالات، والأدعية الدينية معظمها من تلحين زوجها عادل مأمون منها (إليك ابتهل) كلمات نزار الحر، و(حلوة يا دنيا).
(عادل مأمون).. ظلم شديد لموهبته
نفس الظلم الذي وقع على (هدى زايد) واقع أيضا على زوجها المطرب الكبير (عادل مأمون) الذي غني لمعظم شعراء وملحني عصره.
مثل (رياض السنباطي، كمال الطويل، محمد الموجي، بليغ حمدي، على إسماعيل، منير مراد، محمود الشريف، أحمد صدقي، عبدالعظيم محمد، فؤاد حلمي، حلمي بكر) وغيرهم.
ورغم عذوبة وجمال صوته أيضا لم ترحمه وسائل الإعلام المختلفة، وتجاهلته، وقد كتبنا عنه من قبل في باب (مظاليم الفن).
غرام من أول نظرة
هذا الأسبوع في باب (غرام النجوم) سنتوقف مع قصة حب، وزواج (عادل مأمون)، و(هدى زايد)، كيف بدأت؟ وكيف استمرت حتى اللحظة الأخيرة من حياة (عادل مأمون).
كان أول لقاء بين المطرب الشاب، والمطربة الجديدة في مكتب الملحن الكبير (محمد الموجي)، الذي أطلق العديد من الأصوات الغنائية وكتب لهم شهادة ميلادهم بتوقيع ألحانه.
كان (الموجي) و(عادل مأمون) يتحدثان ويتبادلان العزف والغناء على العود، وفجأة (رن) جرس المكتب، ودخل رجل يبدو من هيئته أنه من الأعيان، وخلفه فتاة على درجة كبيرة من الجمال.
وعندما شاهد (عادل مأمون) الوافدة الجديدة على مكتب الموجي، تسمر في مكانه، كان وجهها مضيئا، شفافا، حلوا، ضاحكا، كان جمالها من النوع الذي يحفر في عينيك أثرا لا تمحوه الأيام مهما وضعت في طريقك من وجوه جميلة، ونساء فاتنات.
وكان جسدها ممشوقا ينساب ملفوفا في اتقان يحيط به فستانها البسيط بلونه الوردي الهادئ، وأثناء تأمله في وجهها المضيئ، سمعت صوت الرجل الذي معاها يقول ضاحكا له : (بتعمل ايه هنا يا عادل؟!).
والتفت (عادل مأمون) إلى الرجل الطويل صاحب الصوت، والذي لم يلتفت إلى ملامحه في البداية، والذي كان يقف وراء (هدى) فإذا به يعرفه!
أنه (عبد المنعم زايد) أحد أعيان محافظة (طنطا)، والذي تعرف عليه منذ 9 سنوات، وربطت بينهما صداقة وطيدة عندما كان (عادل مأمون) يغني في أحد الأفراح في طنطا.
وسرعان ما توالت الأفراح في طنطا بسبب ترشيح (عبدالمنعم زايد) الذي كان من أشد المعجبين لصوت المطرب الشاب، وأخذا (عادل، وعبد المنعم) بعضهما بالأحضان.
وسأل المطرب الشاب: المدموزيل دي بنت حضرتك يا عبدالمنعم بك؟! فرد سريعا: لأ يا عادل دى يا سيدي بنت أخويا، وبتحب الغناء، والأستاذ (رياض السنباطي) لحن لها، وظهرت في برنامج (البيانو الأبيض) في التليفزيون.
لكن عيزين نتعاون مع الأستاذ الموجي لأنه من الملحنيين الشطار جدا، واللي بيعمل بصمة مع كل صوت يتعاون معه.
فتدخل (محمد الموجي) في الحديث، وشكر عبدالمنعم زايد، وقال: طالما أستاذنا السنباطي لحنلك فأكيد عندك صوت حلو، وطلب منها الغناء، فغنت (هدى زايد) بعض الأغنيات التى تحفظها كما غنت جزء بسيط من لحنها الأول مع السنباطي.
وأعجب محمد الموجي وكذلك عادل مأمون بالصوت الجديد، وطلب منها الموجي أن تزوره مرة ثانية بعد أيام حتى يكون عثر لها على كلام جديد يتناسب مع شكلها وسنها.
القلب بيتنهد والعين بتتكلم
خرجت (هدى زايد) وعمها من مكتب محمد الموجي، لكنها حركت شيئا ما في قلب المطرب الشاب، وبعد أيام جاءت (هدى) ومعها عمها، وفتح لهما (عادل مأمون) باب المكتب بنفسه، جاءت (هدى) تتعثر في حيائها، وفي الضوء الذي كان يشع من وجهها الباسم.
وبعد السلامات والتحيات، بدأ الموجي يدندن على عوده بكلمات، وطلب من المطربة الشابة تغني ورائه، وبدأ (عادل مأمون) يسمع ويتأمل في صمت المطربة الجديدة، وفي هذه المرة رأها أكثر مما رأها في المرة السابقة.
وأخذ يقرأ عينيها وجبينها وشفتيها وجسدها، قرأها لنفسه، فقد كانت قصيدة رائعة كتبها شاعر عذري يؤمن بالحياء، والحب معا، وأثناء ذلك تلاقت عيونه وعيونها أكثر من مرة، وكانت هذه النظرات بمثابة معاهدة قاما بتوقيعها معا.
وفي نهاية الزيارة الثانية طلب ا(لموجي) من الأستاذ عبدالمنعم زايد، أن تأتي (هدى) عدة مرات أخرى حتى يكتمل اللحن.
وهنا نظر (العم) إلى (عادل مأمون)، وقال له: (يا عادل أنا للأسف مضطر أرجع طنطا بكره لظروف عملي، وهاترك هدى أمانة لديك أنت والأستاذ الموجي، أنتما الآن أولياء أمرها بالنيابة عني، أحنا نزلين في أحد الفنادق).
(عادل مأمون) ولي أمر (هدى زايد)
يقول (عادل مأمون) في حديث له لمجلة (الكواكب): شعرت بعد مغادرة (عم هدى) إلى القاهرة ورجوعه طنطا، أنني مسئول عن (هدى) وولي أمرها في القاهرة، كما أفهمها عمها قبل مغادرته القاهرة.
وكنت أعرف أن الطريق أمامها طويلا مثل طريقي، لكنني رجل، وقطعت جزء من الطريق، وقريبا سيعرض فيلمي الأول (ألمظ وعبده الحامولي) الذي قمت ببطولته مع (وردة) وإخراج حلمي رفلة، بعد ظهور صوتي في بعض الأفلام الأخرى.
والآن أمثل مع (سعاد حسني وعبدالمنعم إبراهيم) فيلم (العزاب الثلاثة)، لكن (هدى) لم تبدأ بعد مشوارها الحقيقي، وجميلة وبنت ناس، وتعيش وحيدة، وكل هذه المميزات يمكن أن تجعلها فريسة سهلة لبعض هواة الحب!
وعلى مدى أسابيع كنت يوميا أتصل بـ (هدى) تليفونيا، وأمر عليها في الفندق وأحضرها لتجري بروفاتها مع الموجي، وأثناء ذلك تحدثنا كثيرا في أمور عديدة من بينها الحب والزواج.
وعلمت منها أنها لا تفكر في الزواج حتى تؤمن مستقبلها الفني، ووجدت نفسي لا أستطيع الابتعاد عن (هدى)، إذا ودعتها وعدت إلى بيتي حيث أعيش وحيدا مع أفكاري وأحلامي ووحدتي.
وانتهى اللحن، وقامت (هدى) بتسجيله، بعدها سافرت إلى طنطا، وقبل أن تودعني أعطتني تليفون منزلها في طنطا، وغابت يوما، ويومين، ومضت أسابيع..
وشعرت بوحدة فظيعة رغم انشغالي الشديد في تصوير فيلمي، وتسجيل أغنياته، وكنت أعود إلى شقتي وأجد تليفوني أخرس لا يتكلم، والصباح مثل المساء).
غرام عادل بهدى
أثبت غياب (هدى زايد) لـ (عادل مأمون) أنه (غرقان في حبها) ولم يستطع الصمود والمقاومة أكثر من هذا، لهذا سارع إلى التليفون وطلبها في طنطا، وسألها: هدى هترجعي امتى أنت غيبتي كتير، لازم ترجعي؟!
واستغربت (هدى زايد) من كلامه وقالت له بسرعة ودون تفكير: قريبا يا عادل، ولم تنم ليلتها، وظلت تفكر في المكالمة، حيث لفت انتباهها وسمعها صوت (عادل مأمون) صحيح أنه لم يصرح بحبه، لكن نبرات صوته ولهفته، وإصراره على أن تعود أكد لها حبه.
وبعد يومين نزلت (هدى زايد) إلى القاهرة لارتباطها بعدة أعمال، وأثناء رجوعها إلى القاهرة وهى في القطار ناقشت نفسها طويلا وسألت نفسها عدة أسئلة مثل من أصلح الناس لرحلة الكفاح؟
ومن أكثر الناس حرصا علي؟ وفي الوسط الفني أقاويل حول من لا تربط حياتها باسم رجل، وعلى الفور وجدت نفسها تفكر في (عادل مأمون)، فهو شاب ووسيم وينتظره مستقبل.
وتحسست قلبها وسألت نفسها لماذا عدت بسرعة يا هدى إلى القاهرة؟ لماذا تفكرين فيه طول الوقت؟ لماذا سمعت كلامه ورجعتي بسرعة إلى القاهرة؟!
واستقبلها (عادل مأمون) وأجابتها عيناه عن لماذا؟، وحين جلسا قال لها: أنا بحبك يا هدي وعايز أتجوزك! والتزمت الصمت وعيناها تبتعدان عنه وإن كانتا تختلسان النظرات إلى وجهه الذي كانت في شوق إليه.
وطلبت منه (هدى زايد) مهلة للتفكير، لكنه أصر على أن يأخذ منها جاوب حالا، ووافقت هدى، ومن كثرة حبه واشتياقه لها قام بتقبيلها قبلة سريعة على جبينها، وقال لها ارجعي إلى الفندق وانتظريني.
وطار إلى طنطا وعرض على أهل (هدى) الزواج، ووافق الجميع، خاصة العم، وفي نفس اليوم رجع إلى القاهرة، وأبلغ (هدى) أنه طلبها من أهلها، وخلال أيام سيحضرون ليتم عقد القران.
وبالفعل تزوج (عادل مأمون) و(هدى زايد) وظلا مع بعضهما حتى النفس الأخير من حياة (عادل مأمون)، وأثناء رحلة الحياة والفن والكفاح، كان (عادل مأمون) لزوجته الرجل الوفي والسند والزميل الذي كون معها ثنائيا غنائيا أمتعنا بالعديد من الأغنيات العذبة الجميلة.