بقلم المستشار: محمود عطية*
فـ (النهضة) كانت في مرحله زمنيه في أوروبا واقتبسها لاطبقها على حالنا، فأجدها تنطبق علي مصر في عقود من القرن السابق فنيا وأدبيا وثقافيا وموسيقيا وعلميا وغيرهم من مقومات (النهضة) في الدول.
ولكن للاسف الشديد نعيش الآن عصر الانتكاسة أو (الاضمحلال) في معظم مناحي الحياة، فكما يوصف قلة المياه بالفقر المائي فالآن فقر علمي وأدبي وفني بجميع فروعه وطبي واجتماعي وتعليمي.
وأهم انتكاسة هى الانتكاسة الأخلاقية، وهذه مصدر الخطوره البالغه فالرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قال (إنما بعثت لاتتم مكارم الأخلاق)، فلنجعلها بداية وملخصا للانتكاسات والانطلاق نحو (النهضة).
فلقد أصاب أمير الشعراء أحمد شوقي، عندما قال (إنما الأمم الاخلاق مابقيت، فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا)، فهذه العباره تلخص مجمل الحياة، فنجد ضياع الاخلاق هي البذره الخبيثه التي طرحت انعدام الضمير فنتج عنه العزوف عن كل أدب فاصبح كل شىء مباح حتي احل البعض الحرام.
وهذا أخطر مايكون، والكارثة أننا نجد منهم من حاول بخبث لأسباب مادية بحتة بيع ضميره بدنياه، فنجد من يرد على من صرحت بانزعاجها لوقف تصوير عمل تدعي أنه فني، بحجة أن المخرج أوقف الصوير عندما سمع الآذان ليؤدي فرض الصلاة.
ولأنها اصبحت لها كلمه مسموعة، وذلك من عقد من الزمان إلى الآن فتناقل التصريح وللأسف علي مواقع المفترض أنها رسمية، والغريب أن أحد فقهاء الشاشات يخترع لها كعادته مخرجا فقهيا محيرا بين آراء الفقهاء.
كعادته استعراض آراء أغلب آراء الفقهاء، ويتركنا بلا تحديد الأفضل في اتخاذه فلا كأنه أجاب، لأنه يفسر الماء بالماء عكس ما تعلمنا تماما في الشريعة والقانون، فيجب علينا ذكر الآراء الفقهيه والقانونية ونختتم (بالراي الراجح).
ولكن كيف يغضب من يظن أنهم موافقين علي تصريح معين، وكذلك الأمر في موضوع الزنا باسمه الجديد (المساكنه)، وبالنسبه لي ولأمثالي ما صرحت به التي أدلت به ليس غريبا حتي لو تصريح كما ادعت قديما.
عمل فني عن زنا (المحارم)
فهذه عادتها، فقالت من قبل إنها تريد أن تقوم بعمل فني عن زنا (المحارم)، والأغرب أن يفسح لها ولأشباهها المجال على الشاشات والمواقع، ولا يخجل بعض الأساتذه من (ترقيع) التصريحات.
أما انعدام الأخلاق والأدب في أغلب المواطنين فحدث ولا حرج في كل مكان، وفي كل مهنة، والبعض يجملها بأنها ليست القاعدة إنها أعمال فردية، وأنا أقولها بلا مواربة: كلا إنها أصبحت القاعدة في عصر الاضمحلال.
وأصبحت المادة هى المتحكمه في كل التصرفات حتى انعدام الأخلاق والتربيه على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصه خلع برقع الحياء من قبل النساء والبنات من أجل جمع المال!
صحيح لا أنكر صعوبة الحياة، ولكن لا تاكل المرأه بثدييها، وهذه وجهة نظر مختصرة مبسطة بأمثله يعلمها الجميع.
ثم ناتي للانتكاسة الأدبيه فأين الأدباء والشعراء بالعامية والفصحى والمؤلفين، وهذه الانتكاسة كان لها الأثر البالغ في مستنقع الاضمحلال الذي نعيشه، فلقد انتهي عصر (النهضة) الذي صنعه العظام أمثال: (طه حسين والعقاد والمازني وشوقي وحسين السيد ومرسي جميل عزيز واحمد شفيق كامل والشناوي) وغيرهم.
ومعهم (عبد الوهاب وأم كلثوم وحليم وفريد) وباقي هذا البستان الذي كان يضم عشرات المواهب الحقيقية في زمن الفتوة المصرية.
وأقولها حازما لن يعود عصر (النهضة) الأدبيه التي أثرت تاثير مباشر علي الفنون، فكيف نصنع مثلا مطرب بدون كلمات وألحان؟، فلقد فقدنا المؤلف والملحن والصوت الذي يصل بهما لآذان الناس فاصيبنا بالتلوث السمعي.
أعمال فارغة من أجل المال
وبالمثل كيف ينفذ عمل درامي أو كوميدي سينمائي كان أو مسرحي أو تليفزيوني) دون كاتب وسيناريست وغيرهم، فنجد أعمالة فارغة من أجل المال فقط، وجميع المشركين يمدحوا فيه لانهم (قبضوا)، ولا في رأسهم وطن ولا أجيال ولا أي شئ من هذه الأمور الهامشيه بالنسبه لهم.
وبرغم أنهم أصبح أكثرهم يجمعون عشرات الملايين في العام فبماذا أفادوا المجتمع والدولة، برغم أنني أحمل الدوله نتيجة هذه الانتكاسة، لأنها فرضتهم فرضا بضغط إعلامي رهيب علي الشعب من فوقهم وتحتهم ويمينهم وشمالهم، ووظفت من يدافع ويضرب تعظيم سلام لواحدة خلعت أهم ملابسها الداخلية.
ولما لا وهو الصعلوك القذر الممول المتحول الذي لم يكن يجد قوة يومه، وكان يرسله الناشر الصديق العزيز – رحمه الله – جزء من راتبه ليأكل، ولكن المال يغير النفوس فترة مع وفترة ضد.
والأغرب أن مثله أقصد المدعو (حمالات) وأمثاله ينسون أو يستغبون المشاهد بأن كل مواقفهم مسجلة صوت وصورة على اليوتيوب، أي أن مواقفهم مفضوحة، ولكن طالما اتخذهم أولي الأمر ظهيرا لهم، فلا بأس وليتحملوا النتيجة.
وكذلك الانتكاسة الاجتماعية، فتفككت الأسر بالإعلام المحرض بهدم البيوت المشفرة بتحريض المراءه علي الرجل والعكس، وانشغل الآباء والأمهات عن الأبناء، وضاعت عبارة: (الأم مدرسة، إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق)، ولو كان بيننا الآن الشاعر الكبير (حافظ إبراهيم) ما نطق حرفا من هذه العبارة.
الخلاصة: أنا لا أنشر الإحباط، ولكن أؤكد فقط الفرق بين عصر وآخر والعوامل التي تسببت الى وصولنا إلى الاضمحلال الذي أودي بنا إلى مستنقع من الهيافات والتفاهات وإلقاء أوصاف ليسوا أهلا لها.
مثل ألقاب (المثقفون والنخب) دون الرجوع إلى أسباب أصل المسميات والأوصاف مع فوضي في المؤساسات الحكومية أدت بالضرورة إلى اضمحلال الخدمات في شتي المجالات.
وبناء عليه أسلط الضوء على الداء.. يمكن نجد له دواءا، برغم أني أشك في ذلك، لانه صار (سلو بلدنا) التي خاضمت (النهضة) الحقيقية للأسف!!!
*المحامي بالنقض – منسق ائتلاف مصر فوق الجميع