بقلم الدكتور: كمال زغلول
المسرح المصري القديم ، تظهر فيه شخصية آتوم وتنطق (توم أو أدوم)، فلازالت حروف الهجاء الهيروغليفية تختلف في طريقة نطق الحروف، ونصاب بالدهشة حينما نعرف أن آتوم هو (آدم) عليه السلام، وقد يرفض البعض أو يقبل، ولكن الفصيل هو البرهان على نطرحه، حتى نغلق أبواب الجدل العقيم، الذي نعيش فيه.
بداية ننظر في كتابات المصري القديم وعقيدته الأولى، وقد طرحناه من قبل، وسنعيد طرحها حتى تتضح الفكرة كاملة عن (آتوم) أو (آدم) في مصر القديمة.
ونذكر بأن العقيدة المصرية عقيدة توحيدية (لقد عبد المصريون إلهاً واحداً، خالق الأرض: إنه إله (الفخراني)، حرفي، قام بتشكيل خلقه بواسطة الطين الصلصالي ومياه النيل، بعد ذلك نفث فيه من روحه).
ونرى في هذه العقيدة أنها مجزئة إلى قسمين، الأولي أن الإله خلق الأرض، ومن الأرض خلق المخلوقات، لذلك شبه المصري القديم الإله بعد خلق الأرض بالحرفي الفخراني، وقام بتشكيل خلقه من الطين، ونفخ فيه الروح.
وبالطبع هذا النص تفسير لنص ديني، وليس هو النص الأصلي، ولكن من هو أول إنسان خلق من الطين، أنه (آتوم) أو (آدم)، ونعرف هذا من المدون على معبد إسنا في صعيد مصر، من الرواية المصرية عن خلق آتوم.
فيقول المصري (إن الإله خنوم على الجداران، وفي بعض البرديات يقول راع، قام بخلق أول إنسان من الطين، وأعطاه اسم (آتوم، أو آدوم) ليتحور إلى (آدم)، وشكله من التراب وماء النيل وأصبح الطين الصلصالي، الفخار.
وعندما وجد (آتوم) وحيدا شكل له الأنثى إشيت أو إشتي (واسمها يعني التي تحيا بمعنى حواء) والمصريون ينسبون نفسهم إلي الجد (آتوم)، وقد عبد المصريون (آتوم) ووضعوه على قمة التاسوع الإلهي، بوصفه خالق، (بمعني خروج الجنس البشري منه، بصناعاته وحرفه، وعلومه).
(آدم) هو بلسان مصر القديمة (آتوم أو أدوم)
وهو بلسان مصر القديمة (آتوم أو أدوم)، وباللسان السامي (آدم) عليه السلام، ويظهر آتوم في كتاب متون الأهرام متحدثا عن طوفان نوح وبأنه سوف يغرق الأرض.
ويقول: (سوف أدمر كل ما خلقته، وستتحول هذه الأرض إلي المحيط مثلما كانت في الزمن الأولي (أي نون البدائي)، ويظهر (آتوم) بغضبه من أبنائه، وأنه سوف يدمر كل ما صنعوه.
وهذا ما أخبر عنه كهنة مصر أفلاطون (التلميذ)، نقل عنهم أنه ما يسمى بالكارثة الأرضية فقال: (وقعت هزات أرضية وفيضانات لا مثيل لها أبدا، وفي خلال يوم وليله تقوضت جزيرة أطلانطيا في البحر، وعابت في أعماقه).
إن كهنة مصر تحدثوا إليه عن الطوفان، وليس عن قارة غارقة، وهذا موضوع حير علماء الآثار إلي الآن، ويبحثون عن هذه القارة التي ذكرها المصريون، وليتهم يعرفون، ويريحون أنفسهم، وجدلهم العقلي العقيم، ويعرفون بأنه طوفان نوح.
ثم يظهر (آتوم) داخل نصوص المسرح القديم، وهذا ما يدهشنا، فلأول مرة في التاريخ البشري تظهر شخصية (آدم) عليه السلام في صورة تمثيلية مسرحية، وهذا من العجيب في التاريخ البشري ككل، وندلل على ذلك ببعض الأمثلة:
مشهد مقتل أوزيريس (مسرحية الأسرار).
فعندما شعر (أوزير) بدنو أجله ومقتله على يد (ست) كان يستغيث بالجد آتوم (آدم) ويقول: (أوزيريس: لا تتخل عن أوزيريس أيا آتوم – رع، وإلا فهو هالك لا محال، ثم يأتي ست ويقتله).
ثم يظهر (آتوم) في صورته البشرية على المسرح في إحدى مسرحيات إيزيس (مؤكدا على حمل إيزيس من أوزيريس، بعد التشكيك في حملها).
المرأة: ولكن كيف تعلمين أن ذلك الذى سوف تضعينه في داخل البيضة هو من أجل الإله السيد ووريث آلهة العناصر.
إيزيس: أنا إيزيس أكثر الآلهة شهرة وقداسة، إن الإله الذى بين أحشائي هو غرس أوزيريس.
(يتدخل آتوم ليؤكد أن في أحشائها غرس أوزيريس).
آتوم: يقول هذه التي حملت سرا، هى فتاة حملت وستضع دون تدخل من الآلهة حقا، وهذا يعني أنه غرس أوزيريس، وليحجم هذا العدو الذي قتل أباه عن تحطيم البيضة الصغيرة وليضمن الساحر الأكبر له الاحترام ولتطيعوا أيتها الآلهة ما تقوله إيزيس.
إيزيس: لقد تحدث (آتوم) سيد قصر الصور الإلهية وقد التزم من أجلي بحماية ابني في أحشائي ووضع حارسا خلفه داخل هذا الصدر، ولتضمنوا حماية هذا الصقر الذى في الأحشاء).
وفي مشهد آخر يصور وضع إيزيس لحورس، عندما ولدته نجد ظهور (آتوم) ليعلن عن مولد حورس ويقول:
سأضع اسمك حين تبلغ الأفق
آتوم: (هيا يا رب الأرباب، أظهر للعالم وأنا ضامن لك أن يعبدك ويقوم على خدمتك رفقاء أبيك أوزيريس، سأضع اسمك حين تبلغ الأفق وتقترب من أبراج ذلك الذى اسمه خفيا..
إن القوة تترك جسدي ويستمسك الضعف بجسدي، وحينما يستمسك الضعف به ينحني، ويرحل المضيء ويختار مكانه جالسا أمام الآلهة بين حاشية المتقاعدين).
(ملحوظة الذي اسمه خفيا (هو الله الإله الأعظم الذي لا تدركه الأبصار).
وفي مشهد آخر عند دخول إيزيس وابنها حور كي يأخذ مكانه بينهم باعتباره، وريث عشر أبيه أوزيريس، يراه آتوم ويقول:
آدوم: رائع يا ولدي حور، ولتبق في بلد ابيك أوزيريس باسمك الذى هو الصقر الذى فوق أبراج قصر ذلك الذى خفى اسمه، إنني أطلب أن تكون بين رفاق إله شمس الأفق في مقدمة سفينة الإله الخالق أبدا.
(تأتي إيزيس لتقابل الذى قعدت به السن مصطحبة حور، وتطلب إيزيس أن يكون حور مع ذلك المتقاعد مثل معبود سرمدي).
إيزيس: أنظروا حور أيها الآلهة.
(ويرتقي حور مكانه بين الآلهة من خلال تنافس إيزيس أدوم وعلى تحسين مصيره).
ونكتفي بهذا القدر من الأمثلة، ونقول لقد عبد المصريون القدماء أبيهم (آدم) ونسبوا نفسهم إليه.
وظهر في المسرح القديم كشخصية، تحكم بين البشر، وبهذا تكون مصر أول دولة في التاريخ ، تقدم شخصية (أبو البشر) جميعا (آدم) داخل المسرح، لتؤكد أن أبيهم وجدهم الأول هو (آدم) عليه السلام.