بقلم: بهاء الدين يوسف
ترددت كثيرا قبل الكتابة فيما يفعله السيد (تركي آل شيخ) رئيس هيئة الترفيه السعودية في مصر ومع نجوم مصر للعديد من الأسباب التي تجعل من يفكر في دخول هذا النقاش يسير على خيط رفيع من المهنية والموضوعية بعيدا عن العواطف.
لكنني قررت خوض النقاش بكل ما يمكن أن يتضمنه من تبعات بعدما لاحظت استمرار الجدل حول ما يفعله الرجل وهجوم الكثيرين عليه وعلى قوافل الفنانين والنجوم الذين لم يعودوا فقط يلبون دعوات المشاركة في الحفلات والمناسبات الفنية والاجتماعية المختلفة التي ينظمها، ولكنهم باتوا يتكالبون على حضورها.
آخر ما فعله ( تركي آل شيخ) تمثل في حضوره إلى مصر بعد سنوات من الغياب وتنظيم حفلات في دار الأوبرا المصرية شارك فيها بالغناء معظم المطربين المصريين السوبر ستارز، وبالحضور كل الوسط الفني والإعلامي تقريبا بجانب عشرات المسؤولين المصريين تتقدمهم وزيرة الثقافة نفسها.
نشر المستشار (تركي آل شيخ) على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي صورا له بجانب العديد من النجوم المصريين، كما نشر صورة له في منزل الفنانة الكبيرة (نجاة) وكتب تحتها مبشرا بمفاجأة مهمة مع الفنانة ربما تتمثل في إعادتها للغناء بعد عقدين تقريبا من الاعتزال.
هل ما يفعله (تركي آل شيخ) جريمة؟
هل ما يفعله (تركي آل شيخ) جريمة في حق مصر يستحق عليها الهجوم عليه في مواقع التواصل؟!، أم أن الرجل لا يزال بعد كل هذه السنوات يدفع ثمن خلافاته مع مجلس إدارة الأهلي الذي ينطبق على علاقته به عنوان الفيلم الأمريكي القديم (حب.. كراهية.. حب) وحملت تفاصيل كثيرة لا مجال للخوض فيها في هذه السطور؟!
هناك اتهام للمسؤول السعودي المستشار (تركي آل شيخ) بإنه يسرق من مصر قوتها الناعمة، لكن المندفعين في إطلاق هذا الاتهام لم ينتبهوا إلى أن الفنانين والإعلاميين ليسوا قاصرين.
ولم يسقهم (تركي آل شيخ ) (حاجة اصفرا) ليسحبهم إلى العاصمة السعودية ومواسمها الفنية وإنما ذهبوا بكامل رغبتهم وارادتهم، وهناك من سعوا طوال أسابيع وشهور من أجل أن توجه لهم الدعوة للذهاب.
كذلك فإن من يسرق لايفعل ذلك في العلن وتحت سمع وبصر الدولة المصرية بمسؤوليها وأجهزتها، وهؤلاء لو كانوا يرون فيما يفعله رئيس هيئة الترفيه عملا شائنا فكان الواجب عليهم أن يتدخلوا لايقافه وهو ما لم يحدث.
بل أن حفلات دار الأوبرا الأخيرة أقيمت تحت رعاية وزيرة الثقافة المصرية التي من المؤكد إنها لا تفعل ذلك دون علم وموافقة الدولة.
هل ارتكب (تركي آل شيخ) جريمة عندما استعان بالعديد من الشباب والنجوم المصريين للعمل في القنوات الرياضية السعودية؟!
وهل كنا سنسعد لو تجاهل المصريين تماما واستعان بجنسيات عربية أخرى مثلما فعلت وتفعل دول عربية أخرى؟!
وهل يعتقد هؤلاء أن استعانة (تركي آل شيخ) بالمصريين لا تسبب اعتراض البعض في المملكة ممن يرون أن مواطني بلدهم أولى بالفرص التي يحصل عليها المصريون؟!
هل يجب أن نحاكم (تركي آل شيخ) على تعلقه بمصر وحبه لها ولأهلها ونجومها وفنها؟! ونجاحه في إخراج فنانة بقيمة (نجاة الصغيرة) من عزلتها الطويلة سواء لتكريمها أو لتقديم عمل فني جديد؟!
وإذا تعلل البعض بأن عودة (نجاة) في سنها هذا للغناء إهانة لتاريخها، فلماذا لم يروا ذلك حين غنى الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب (من غير ليه)، وكان أكبر سنا من نجاة؟!
هل المشكلة في أن تحت تصرفه ميزانية ضخمة لتطوير الإنتاج الفني والتلفزيوني في المملكة وصناعة الترفيه، وقد قرر أن يخصص جزء مهما من تلك الميزانية على الاستثمار في الفن والإعلام المصري؟!
وهل كان سينجو من الهجوم عليه لو اتجه ناحية دول أخرى تبدو أكثر تشوقا استعدادا لاستقباله؟!
هل يصح أن نحكم على نواياه؟
هل يصح أن نحكم على نواياه بأنه يفعل هذا لسحب قوة مصر الناعمة و(سعودتها) ونسيء الظن به لمجرد أن لديه إقبالا غير معتاد على الاستثمار في مصادر القوة الناعمة المصرية، وضخ أموال ضخمة لهذا الغرض؟
ونغض الطرف عن أن هناك في مصر من يتابع كل ما يحدث ولا يبدي أي ممانعة له وهو ما قد يشير بأنه لا ضرر مما يفعله المستشار(تركي آل شيخ).
في النهاية وجب التذكير بأن السطور السابقة ليست دفاعا عن المستشار السعودي (تركي آل شيخ) الذي لم ألتقيه من قبل ولا أريد منه شيئا مثلما إنها ليست هجوما عليه، ولكنها فقط محاولة متواضعة للتفكير المنطقي بعيدا عن جيشان العواطف التي تصرف الأنظار أحيانا عن الرؤية السليمة.
في روايته الرائعة (أولاد حارتنا) كتب أديب نوبل العظيم نجيب محفوظ جملته الخالدة (آفة حارتنا النسيان)، لكن الآن أضيفت إلى آفات حارتنا آفة الإنكار، فنحن نعيب على الآخرين رغبتهم في الشراء، وننكر تماما لوم من قدموا عروض البيع إذا افترضنا أن ما يحدث هو عملية بيع وشراء في الفن والرياضة.