(وليد فواز).. ممثل يملك القدرة على فهم وخلق طبيعة بشرية حقيقية
بقلم: محمد حبوشة
دون شك تختلف نوعية أداء الممثل (وليد فواز) من خلال الوحدة الكاملة للحبكة والمظهر الخارجي ما دام وجوده متحققا في عرض يمكن مشاهدته في الدراما التفلزيوني، أوالسينما أو المسرح.
ومهما تشابه الأداء عند (وليد فواز)، فإنه يمكن تميزه على الآخر، وإلا ما برز الابداع كسمة لهذا الممثل مقارنة بالآخرين، وفي موضعٍ دون الآخر، فتقاليد الإخراج السائدة في المكان والزمان والسببية.
هى التي تقتنص نوعية الأداء وأولوية المحاولات التجريبية، المتحكمة في الإلقاء والحركة لدى (وليد فواز)، وبهذا المعنى الذي يعتمد المشهد على الحضور التلفزيوني، ينتهي بتداخل فنون العرض بقدر كبير من التفاصيل.
عندما يلعب الممثل (وليد فواز) أداءً jeux de scène أو (يتقمص شخصية personage) فإنه يضع نفسه في قلب الحدث الدرامي، لذلك فهو الصلة الحية بين نص المؤلف وتوجيهات المخرج، وعين المشاهد وأذنه.
ونفهم أن هذا الدور الساحق جعل من (وليد فواز) أحيانا شخصية مداهنة وخرافية، بل عملاقا مقدسا، وأحيانا أخرى كائنا مرذولاً، يتحاشاه المجتمع بخوف شبه غريزي) بحسب (بافي)
ومن ثم فإن ما يقوم به الممثل (وليد فواز) بإيصال أفكار المخرج والمؤلف، إلى المتفرجين بواسطة جسمه وصوته، الذي يستدعي تحكما في ملامح الوجه وفي الأداء الصوتي وتنغيم الكلام وتحريك أطراف الجسد.
ومن حيث القدرة على تصوير العالم القصصي، والذي يساعدنا التحليل السيميولوجي على فهمه، إذ (يشير الأداء سيميائيا إلى الفعل الرئيسي للذات) عند (وليد فواز)، أي الحدث الذي تفضي إليه القصة والذات من خلال تحقيقها للأداء.
يستطيع (وليد فواز) التكيف مع عوالم مختلفة جدا، وهذا التعارض ينتج أحيانا، عن نقص في المخيلة لدى المخرجين، أو عن حساسية بعض الكوميديين الذين يترددون في تغيير سجلهم الذي عرفوا به.
صوت وإيماءات (وليد فواز)
أداء الممثل (وليد فواز) يتطلب إبراز صوته وإيماءاته من أجل أن يكون مسموعا ومرئيا للجميع، بمعنى أن شخوصية ووجود الممثل، هى موجودة كليا في الفضاء وفي اللحظة تماما.
ينبغي أن يكون مفهوما أن الممثل لايمكن أي يقنعنا بما يفعل أو يجعلنا يستجيب لكل ما يقوله على الشاشة بمجرد اكتفاء بإلقاء كلام الشخصية دون ان يعبر ذلك الكلام من تفاعل داخلي صادق لابد أن تعكسه كل وسائل التعبير التي يملكها.
وهو ما يفعله (وليد فواز) بجسمه كممثل وكل ما يكسو ذلك الجسم من ملابس ومتمتات، أما أفكاره أو مشاعره أو رغباته أو أحلامه فلا يمكن للعين أن ترى منها شيئا إلا في أدائه المبهر.
إقرأ أيضا : وليد فواز: 30 مارس تجربة مختلفة والقادم أحلى!
إن ممارسة (وليد فواز) للتكنيك الخارج بلقب الممثل يروض صوته وجسمه بغيه امتداده وأداء أفعاله من إجل ايصال معنى المشهد الدرامي إلى الجمهور.
أما بالنسبة إلى التكنيك الداخلي فإن الممثل (وليد فواز) يدرب نفسه باستخدام خبرته الحياتية الخاصة كوسيله لإيجاد وفهم ما هو معنى هذا الدراما، سواء كانت اجتماعية أو بحس كوميدي حتى ولو كان سوداويا في أدائه.
ويظهر مما يتقدم الفعل الداخلي للممثل (وليد فواز) هو الذي يوجه ويصوغ الحركات الجسمية بقدر الذي يتفاعل في داخله ثم ضهر بعدها الجسد في حركه جسميه ذات لون معين تحمل بين ثناياها فكره الفعل والهدف الذي تسعى ورائه.
الممتع في الممثل المجتهد (وليد فواز)، هو قدرته على عرض وإضافة أفعال بشرية، وتوليد مشاعر إنسانية محددة وواقعية بالتأكيد (سلوك/ فعل)، بواسطة مهاراته الفنية، وضمن ظرف حياتي معطى.
(وليد فواز).. خلق طبيعة بشرية
والموهوب من الممثلين كـ (وليد فواز)، هو ذاك الذي يمتلك القدرة على فهم وخلق طبيعة بشرية حقيقية، وتوليد مشاعر وأحاسيس صادقة، وإعادة إنتاج شخصيات وأنماط إنسانية لا حدود لها.
إن أخطر شيء يمكن أن يواجه الممثل (وليد فواز)، هو تجسيد الحالات المتكررة كثيرا في الحياة وفي الدراما، مثل: الاعتراف بالحب، الخوف، السرقة، التحية، الدهشة فكيف نحصن أنفسنا من الوقوع في (الكليشة) والتقليد، وكيف نبتكر تعبيرات جديدة لهذه المشاعر/ الأفعال؟ هذا هو سؤال الفن عنده.
ولذلك، يدعونا فن التمثيل عند (وليد فواز) إلى التفكير العميق الخلاق، بعيدا عن كل ما هو سهل ورقيع، واستنباط أو خلق حالات وأفكارا إبداعية جديدة، نابعة من الموقف والظرف المعطى، وطبيعة الشخصيات والأحداث الموجودة في النص؛ لا أن نختار المعروف والمستهلك لدينا ونقذفه في وجه المشاهد!
الذاكرة الانفعالية لدى (وليد فواز) تعني: الخبرة الشخصية والمعاناة الحياتية والمشاهدات والصور المخزنة في ذاكرته كممثل، والتي يتم الاستعانة بها للقيام بالدور.
إشارة إلى التعريف الذي قدمه (فردريك إنجلز) للواقعية: (الواقعية في رأيي، عدا كونها تفترض الصدق في التفاصيل، تتطلب التصوير الصادق لشخصيات نمطية في ظروف نمطية تماما كما يفعل (وليد فواز) في حالاته على مستوى الأداء.
يعتقد الكثيرون أن الممثل البارع من يلعب دوره بشكل طبيعي ودون اصطناع واضح، لكن الحقيقة، وفقا لكثير من المخرجين والمشرفين الفنيين، أن أداء الدور بعيدا عن الاصطناع بل التقمص أي أنه سيكوم تقريبا تلك الشخصية التي سيمثلها أمام الجمهور.
(وليد فواز) باستطاعته مفاجأة الجمهور
ومن هنا يبدو تميز (وليد فواز) في أنه يكمن باستطاعة مفاجأة الجمهور بردود فعله وعدم قدرة المشاهد على التنبؤ بما سيقوم به لأنك ببساطة عندما تقف أمام إنسان في الحياة وقع في مأزق نفسي أو اجتماعي لن تعرف ما ستكون ردود أفعاله في أغلب الاحيان.
ورغم معرفتك الجيدة بذلك الشخص وأنك ستندهش لما سيبدر منه لأنه صار تحت ضغط الأزمة، ومن هنا الممثل الناجح (وليد فواز)، هو الذي يدهش الجمهور المتلقي بأيصال مشاعره وفعله الدرامي بكل جديد يقدمه.
لانه كاد أن يجعلهم يصدقون أننا أمام أشكال حقيقية من الحياة، ومن النقاط الأخرى المهمة التي تبدو في شخصية (وليد فواز)، هى قدرة الممثل على كشف المشاعر والعواطف المجاهرة بها.
أي أنه كممثل سيتعرى عاطفيا للتأثير على المتلقي بعد عرض الممثل لمشاعره وعواطفه بشكل صادق ومخلص لحالته النفسية في موقف درامي ضمن الحكاية المراد تقديمها مسرحيا أو سينمائيا أو في الدراما التلفزيونية.
(وليد فواز.. (ستاند آب كوميدي)
ولد (وليد فواز) بمدينة الزقازيق التابعة لمحافظة الشرقية، واسمه الحقيقي بالكامل هو (وليد طارق عبد العزيز فواز)، وبدأ علاقته بالفن من الوقوف على خشبة المسرح (ستاند أب كوميدي) شارك بعدها في عدة أعمال فنية.
من مسرح صغير في مدرسة ابتدائية بالزقازيق، يضج بالناس رغم بساطة المكان وقلة الامكانيات، جاءوا جميعا بدافع مساندة أطفالهم، طلاب الصف الثالث، في عرضهم المسرحي الأول، فيما كان الطفل (وليد فواز) يجلس خلف الستار.
يتمم على كميات من القطن وضعها على جسده وثبتها بلاصق، حتى يبدو أكبر سنا، من أجل الفوز بدور الراوي في المسرحية، حيلة أقنع بها أستاذه المشرف على العرض، قبل أن يفتح الستار ويبدأ العمل.
اللحظات الأولى مضت ببطء لكنه سرعان ما تخلى عن توتره وانطلق في أداء الدور وسط تصفيق الجميع.
من تلك الواقعة بعيدة الزمن، كر خيط البحث عن الفرصة والتمسك بها واستثمارها في حياة الفنان الشاب (وليد فواز)، الذي لمع اسمه في السنوات الأخيرة بعد عدة أدوار قدمها في مسلسلات تلفزيونية، بعد سنوات من البحث عن مكانة تليق بموهبته.
(وليد فواز) طالبا مجتهدا
كان (وليد فواز) طالبا مجتهدا في دراسته، خطط لدخول كلية الصيدلة، لم يكن وقتها منشغلا بالفن رغم تلك الخطوات التي خاضها في سنوات الدراسة المختلفة، غير أن أقل من نصف درجة أبعدته عن حلمه وأرسلته إلى كلية (تجارة إنجلش) بجامعة الزقازيق في عام 1997.
بعد أيام قليلة شعر بالملل، لجأ إلى مسرح الجامعة، ليجد بداخله طاقات لم يكتشفها من قَبل، وشغف بـ (خشبة) المسرح.
بعد تخرجه من جامعة الزقازيق في 2001 قرر (وليد فواز)، أن يلتحق بمعهد فنون مسرحية لاحتراف التمثيل، غير أن والده رفض الأمر، خشى عليه من هذا العالم المبهر الغامض، منعه، هدده.
ثم دفعه إلى العمل في أماكن عدة من بينها مسؤول شئون عاملين في إحدى الشركات، حتى ينسى ابنه مع هموم الحياة الاعتيادية طريق الفن، لكن الأخير حاول – دون معرفة الأسرة – دخول المعهد لـ 3 مرات، رفض مرتين.
لكنه فاز في المحاولة الأخيرة لإيجاد مكانة له في قسم (دراما ونقد مسرحي)، لأنه لم يعتاد مرافقة اليأس.
(وليد فواز) ومطبخ (الصنعة)
اختار أن ينضم إلى هذا القسم لأنه أراد أن يتعرف على التفاصيل كافة في مطبخ (الصنعة) كيف يكتب النص ويدار، مما يمنحه الفرصة في إيجاد مساحة خاصة ومختلفة في التمثيل.
لذا لم يفوت أية فرصة للتعلم على يد أساتذته (فوزي فهمي، عصام عبدالعزيز، أحمد سخسوخ)، وأقربهم إلى قلبه (سامي صلاح).
بعد تخرجه من المعهد في 2007 كان (وليد فواز) يمتلك حصيلة كبيرة من الإمكايات ناتجة عن خبرة جيدة من سنوات العمل على مسرح الجامعة، ودراسة أكاديمية، وقدرة على تطويع ملامحه وصوته لأداء أي شخصية.
فضلا عن عشقه للكوميديا والكتابة الساخرة وتقديمها في المسارح وبرامج (ستاند آب كوميدي) على قنوات كوميدية.
البحث عن الفرصة بات الشاغل الأول لدى الفنان الشاب (وليد فواز)، يجتهد في كل الاتجاهات، حتى جاءته في دور صغير في مسلسل (خليها على الله) من إخراج ممدوح مراد، ثم دور آخر في مسلسل (جدار القلب) من إخراج أحمد صقر.
خيري بشارة) و(وليد فواز)
قبل أن يدفعه المخرج (خيري بشارة) خطوة إلى الأمام في مسلسلي (الهروب من الغرب) و(ريش نعام)، ومثله المخرج (محمد علي) في (مجنون ليلى)، وبينهم ظهور خاص في حملة إعلانية ذاع صيتها تحت اسم (هس السلعوة)، تمكن من خلالها (فواز) بأداء بسيط وفي ثواني معدودة من الوصول إلى قلب المشاهدين.
في 2013، أدى (وليد فواز) دورا مميزا في مسلسل (بدون ذكر أسماء) للمؤلف الكبير (وحيد حامد) والمخرج (تامر محسن)، كان لشخصية (الشيخ معتمد) التي قدمها خلال العمل حضورا طاغيا، دفعته خطوة إلى الأمام.
ليحصل على دور (عرنوس) في (السبع وصايا) لتجد علاقته الفريدة مع (إم إم) تعاطفا لدى المشاهدين، وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي كقصة حُب جديدة وغريبة في آن واحد.
وأظهر الشاب الثلاثيني طاقة هائلة في أداء دور (زينهم) بمسلسل (العهد)، قدم مباراة في التمثيل مع كبار النجوم الذين شاركوا في العمل،
قبل أن يؤكد على موهبته – وفق نقاد – بدور (حِنش) في فيلم (من ضهر راجل) خلال عرضه الأول في مهرجان القاهرة السينمائي الشهر الماضي.
وليد فواز و (السبع وصايا)
لعب (وليد فواز) أدوارا متميزة في عدة مسلسلات، مثل ( قاتل بلا أجر، حرمت يا بابا – ضيف شرف، منتهى العشق، أهل كايرو، ريش نعام، كابتن عفت – حكايات بنعيشها، ماما في القسم، سيرة حب، الشحرورة، أبواب الخوف، رقم مجهول..
سيدنا السيد، المنتقم، السبع وصايا، حارة اليهود، أزمة نسب، السهام المارقة، طاقة نور، فكرة بمليون جنيه، 7 أرواح، لحم غزال، ملوك الجدعنة)، وفي السينما شارك في أفلام (زهايمر، المصلحة، بعد الطوفان، دماغ شيطان).
يعيش الفنان وليد فواز انتعاشة فنية كبيرة خلال عام 2023، فمن مشاركته في مسلسلين بدراما رمضان 2023، ما بين (رسالة الإمام)، والذى شهد تألقه بصورة كبيرة إلى مسلسل (الكتيبة 101) مع شخصية الإرهابى القيادى داخل الجماعات الإرهابية بسيناء.
(وليد فواز).. (صوت وصورة)
ثم إلى (صوت وصورة) مؤخرا، والذى لعب فيه شخصية (عبد الغنى) زوج (حنان مطاوع)، والذى يمر بالكثير من التحولات على الشخصية الذى جسدها بالأحداث والتي نالت استحسان الكثيرين من مشاهدى العمل.
وليد فواز لم يتوقف عند (رسالة الإمام) و(صوت وصورة) وإنما يشارك حاليا مع مسلسل (العودة)، الذى بدأ عرضه مؤخرا، وهو العمل الذى يدور داخل دراما صعيدية، ليجسد بذلك فواز خلال عام 2023 أدوارا ما بين الصعيدي والتاريخى والإرهابى.
(وليد فواز) يتمتع بكاريزما خاصة
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للفنان (وليد فواز)، الذي يتمتع بكاريزما خاصة، نجح من خلالها في عمل قاعدة جماهيرية عريضة، فدائما ما يثبت لجمهوره إنه فنان من طراز مميز.
كما أنه يتفوق علي نفسه ويبهرنا دائما بأدواره وموهبته التي مكنته من الظهور مع نجوم كبار في وقت قصير، من خلال لعبه الأدوار المركبة الذي به انتقالات كثيرة ومشاعر متضاربة وجوانب نفسية.
فهو يرى أن هذه النوعية من الأدوار تحتاج لبذل مجهود كبير كي يتم تجسيدها بالشكل الصحيح وحتي تصل للمشاهد ويقتنع بأدائي كممثل، وهذا يدل علي أنه نجح في أدواره، وهذا النجاح لم يأت من فراغ فهو ناتج عن تعب ومذاكرة كثيرة للشخصية التي يلعبها.