نشيد مجهول لـ (محمد فوزي) وهارون هاشم رشيد عن القضية الفلسطينية
كتب : أحمد السماحي
عظمة نجومنا الكبار في الزمن الجميل ومنهم المطرب (محمد فوزي) أنهم لم يتركوا مناسبة تمر على مصر، والعالم العربي، ولم يغنوا لها، أولم يوثقوها بصوتهم.
لهذا فهم موجودين بيننا حتى الآن بتاريخهم الفني الناصع البياض، المحفور في وجداننا، فرغم رحيل (محمد فوزي) في 20 أكتوبر عام 1966، لكن القضية الفلسطينية لم تغب عن ذهنه.
(محمد فوزي) والنشيد
ومن الأناشيد المجهولة التى قدمها (محمد فوزي) في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، والتى يؤكد فيها أن فلسطين التى تم احتلالها سوف تعود مرة أخرى، نشيد بعنوان (العودة).
إقرأ أيضا : حكاية محمد فوزي مع أبونواس وحذف أبيات من (إلهنا ما أعدلك)!
هذا النشيد المهم الذي يؤكد عودة فلسطين من كلمات الشاعر الفلسطيني الشهير (هارون هاشم رشيد) صاحب أروع الأغنيات عن فلسطين، منها (لن ينام الثأر) ألحان يوسف شوقي، وغناء فايدة كامل.
كما غنت له فيروز أكثر من قصيدة منها (أَتَتْ ليلى لوالِدها وفي أحداقِها أَلَمُ)، و(عائدون) و(سنرجع خبرني العندليب، غداة التقينا على منحنى).
زانزانة أسمها فلسطين
فشاعرنا الكبير هارون هاشم رشيد نذر نفسه لفلسطين وقضيتها، حتى أنه ذكر في حوار نشر له – كما تقول الدكتورة سلوي بهجت – في مجلة (دبي الثقافية):
سأله المحاور عبدالرزاق الربيعي: أما آن لك أن تتحدث عن موضوع آخر غير القضية الفلسطينية؟ أجاب: (عندما فتحت عيني على الدنيا، وجدت زنزانة فدخلتها وأغلقتها على!.
وهذه الزنزانة هى (القضية الفلسطينية) التى كتبت لها 21 ديوانا وثلاث روايات، وخمس مسرحيات، وخمس دراسات، وكلها كانت تدور حولها).
هارون هاشم رشيد والقضية
فالمكان بالنسبة لكثير من الشعراء علاقة وجود وانتماء، أو علاقة اغتراب وانفصال حتى وإن كان مقيما فيه عند البعض.
نلمس تلك الحميمية والتماهي مع المكان، في شعر شاعر (العودة) هارون هاشم رشيد من خلال التكريس للمكان في شعره فما من بقعة على الأرض الفلسطينية إلا ونجد لها في شعره ظلا.
وليس أدل على ذلك من أنه قد أفرد في دواوينه التي تزيد عن العشرين ديوانا لكل مدينة منها ديوان ، فللقدس ديوان، ومثله لغزة، وآخر ليافا وهكذا .
وظل (هارون هاشم رشيد) طوال سنوات الاغتراب، يحمل قضيته أيقونة مقدسة يعرف بوجعها الأليم، وينادي باسمها تأكيدا على الحرية المشتهاة.
وفي مسرحه الشعري كما في شعره، ظلت فلسطين حاضرة بشهدائها وبطولاتها، وجرحها المفتوح، بصمودها الذي لا يرتج ولا ينكسر، بانتفاضاتها الهادرة وقوس نارها الذي لا يخبو.
محمود عباس يعزي الراحل
لهذا لم يكن غريبا أن يهاتف رئيس دولة فلسطين محمود عباس، نجل الشاعر الفلسطيي الكبير هارون هاشم رشيد، معزيا بوفاة والده.
ونعت وزارة الثقافة الفلسطينية، في بيان لها المناضل الأدبي الكبير، الذي وفاته المنية في مدينة (ميساساجا) الكندية، عن عمر ناهز 93 عاما، قضى أكثر من 60 سنة منها مغتربا خارج بلاده فلسطين.
وقالت الوزارة: (إن رحيل الشاعر الكبير خسارة للثقافة الوطنية والعربية، وبرحيله تخسر فلسطين رمزا من رموزها الإبداعية وعلما من أعلامها النضالية الكفاحية، الذي كرس حياته وعمره من أجل الحرية والخلاص والعودة).
نشيد العودة لـ (محمد فوزي)
تقول كلمات (نشيد العودة) الذي قام بتلحينه وغنائه سابق عصره مطربنا الكبير محمد فوزي :
أخي مَهْما ادْلَهَمَّ الليلُ سوف نُطالِعُ الفجرا
ومهما هدَّنا الفقرُ غدًا سنُحطِّمُ الفقرا
أخي والخيمةُ السوداءُ قد أمْسَتْ لنا قَبرا
غدًا سنُحِيلُها رَوْضًا ونبني فوقها قَصْرا
ستعلو صيحةُ الأحرارِ يومَ نعاودُ الثأرا
وتمضي جلجلات الرعب إن بَرًّا وإن بحرا
سنمشي مِلْءَ عينِ الشمسِ نحدو رَكْبَها الحُرا
ونَطْلُعُ في الغدِ الآتي نُجُومًا حُرَّة زُهـْرا
غدًا يومَ انطِلاقِ الشعبِ يومَ الوَثبةِ الكبرى
غدًا في زَحْمةِ الأقدارِ سوف نُحقِّقُ الأمْرا
فلسطـينُ التي ذهبتْ سترجِعُ مَرَّةً أُخْرى
أنا لن أعيش مشرداً أنا لن أظل مقيداً
أنا لي غد وغداً سأزحف ثائراً متمرداً
أنا لن أخاف من العواصف وهى تجتاح المدى
ومن الأعاصير التي ترمي دماراً أسوداً
ومن القنابل والمدافع والخناجر والمدى
أنا صاحب الحق الكبير وصانع منه الفدى
أنا نازح داري هناك وكرمتي والمنتدى
صرخات شعبي لن تضيع ولن تموت مع الصدى
ستظل لسعا كالسياط على ظهور من اعتدى
ستظل في أجفانهم أبدا لهيبا مرعدا
وطني هناك ولن أعيش بغيره متشردا
سأعيده وأعيده وطنا عزيزا سيدا
لي موعد في موطني هيهات أنسى الموعدا
أنا ثورة كبرى تزمجر بالعواصف والردى
سأزلزل الدنيا غدا.. و أسير جيشا أو حدا.