(بوسي).. صاحبة الضحكة الأنثوية المجلجلة (2)
* من الحالات النادرة التي عرفتها السينما، وتتمثل في أن الممثل يظل أمام الشاشة في جميع مراحله تمثلت في حالة بوسي
* مع نهاية عام 1966 بدأت المرحلة الثانية عند النجمة بوسي تبرز بشكل واضح
* جسدت بوسي في فترة الصبا والمراهقة، أدواراً صغيرة لفتاة في سن المراهقة، سواء دور الفتاة الحبيبة، أودور الجريئة التي تعلن حبها
* سعد عرفه المخرج الوحيد الذي جازف ومنحها البطولة المطلقة وهي في سن المراهقة في (بيت من الرمال).
بقلم الناقد والباحث السينمائي : محمود قاسم
بعد عرض فيلم (سنة أولى حب) كتب الناقد السينمائي الكبير رفيق الصبان : (أما مفاجأة الفيلم الحقيقية فقد كانت (بوسي) التى قدمت لنا شخصية جديدة عليها كل الجدة، فأقنعتنا وسيطرت علينا.
وجعلتنا نفهم ونقبل سلوكها المتمرد ونزعة الشر التى انعكست على حياتها ضمن نمط من التربية والسلوك كان لابد له أن يؤدي ما أدى إليه).
هذا الأسبوع يواصل الكاتب والناقد والباحث السينمائي الكبير الغوص في حياة نجمتنا الكبيرة (بوسي) كإحدى جميلات الفن، بعد أن استعرض لنا الأسبوع الماضي رحلتها مع السينما التى بدأتها وهى طفلة.
في هذه الحلقة يتوقف عند سنوات المراهقة في حياة الصبية والفتاة (بوسي)، فإليكم التفاصيل:
(بوسي) والمراهقة
مع نهاية عام 1966 بدأت المرحلة الثانية عند النجمة (بوسي) تبرز بشكل واضح، وكانت (بوسي) في أفلامها التي قدمتها عام 1966 تقترب من مرحلة الصبا، وهى فترة تختلف كثيراً عن الطفولة، سواء من ناحية القبول، أوالجاذبية.
خاصة أنه من المعروف أن الكثير من الأطفال الموهوبين، قد بدءوا في الاختفاء عند المرور من مرحلة الصبا إلى الشباب، وأن الكثيرين منهم فقدوا جاذبيتهم وآثروا الابتعاد عن العمل.
بعض الأطفال كان عليه أن يعتزل أثناء فترة البلوغ والنضج، ليظهروا أمام جمهورهم بشكل جديد لكن من الحالات النادرة التي عرفتها السينما، وتتمثل في أن الممثل يظل أمام الشاشة في جميع مراحله تمثلت في حالة (بوسي).
(بوسي) وشيئ من الخوف
بدت (بوسي) في فيلم (شيىء من الخوف) كأنه تم تعميدها كفتاة مراهقة، تعيش قصة الحب لأول مرة، فهي الفتاة التي تقع في حب الشاب الذي يقتل انتقاما لموقف والده الشيخ إبراهيم المعارض لـ (عتريس).
إقرأ أيضا : (بوسي) .. قطة الشاشة التى غزت القلوب منذ طفولتها (1)
كما قدمت (بوسي) أدوار قصيرة وبسيطة في أفلام (أسرار البنات) إخراج محمود ذو الفقار، (بنت عنتر، وبلا رحمة) إخراج نيازي مصطفى، و(الخيط الرفيع) إخراج بركات.
والأدوار الخمسة التي جسدتها (بوسي) في هذه الفترة، كانت أدواراً صغيرة لفتاة في سن المراهقة، سواء دور الفتاة الحبيبة التي تلتقي بحبيبها تحت الشجرة ، تحاول مداراة وجهها بالإيشارب، وهو يعبر لها عن مشاعر الحب.
أودور الفتاة التي تعجب بالمهندس في فيلم (الخيط الرفيع) فتطلق ضحكتها المجلجلة أمامه، وتحاول أن تجذبه إليها خاصة أن أباها هو الرئيس الأعلى للمهندس في وظيفته، ويساعده على السفر، في فترة يمر المهندس بمرحلة حرجة مع حبيبته الأكبر منه سناً.
(بوسي) والضحكة المجلجلة
مسألة الضحكة الأنثوية المجلجلة، التي أطلقتها (بوسي) لأول مرة، في فيلم (الخيط الرفيع) صارت بمثابة (لازمة) فنية موجودة في أفلام عديدة جسدتها بوسي فيما بعد.
ونقول هنا لأول مرة، باعتبار أنه يمكن أن تكون هذه الضحكة معبراً ملحوظاً لـ (بوسي) من الطفولة، والصبا إلى مرحلة الأنوثة الطاغية.
وهذا المعبر هو الذي فتح أمامها الباب لتكون قطة السينما، في المرحلة التالية، فهذه الضحكة المجلجلة سوف نراها تنطلق مع تفتح واضح في الكثير من أعمالها القادمة.
وخاصة في فيلم (السكرية)، وهى ترمي بشباكها على ابن خالتها الذي سوف تقترن به، ثم في فيلم (سنة أولى حب)، وهى ترمي بالشباك على أحد رجل الحزب .
إقرأ أيضا : سر لقاء (ديمس روسس) ببوسي ونورا في نهاية السبعينات، وغنائه الأخير لـ (تحيا مصر) !
في تلك السنوات وبعد نجاح فيلم (قصة حب) لأرثر هيلر في الولايات المتحدة، شهدت السينما الأمريكية مجموعة من الأفلام الرومانسية الصغيرة التي تعتمد على قصص حب بين مراهقين ومراهقات، دون سن السادسة عشر، يقعون في الحب لأول مرة.
ويعرفون العواطف الجياشة وسط قيود اجتماعية ملحوظة، مثل قصة (أوليفر) الثري، و(جينفر) الفقيرة في (قصة حب)، والتي انتهت بوفاة الحبيبة بمرض عضال لا شفاء منه.
كما قدمت (بوسي) غيره، من هذه الأفلام الأمريكية (الصديقان)، و(جيني) وغيرها، وفي هذه الفترة أيضاً، كان النجوم الذين تخطوا سن الشباب لا يزالون يقومون بأدوار ا لعشاق، ويسيطرون على بطولة الأفلام.
وعلى رأسهم (كمال الشناوي، وأحمد مظهر، وشكري سرحان) ، مع ظهور حذر لنجوم جدد مثل (نور الشريف ومحمود يس ، وحسين فهمي)، ولم يكن هناك مخرج جرئ يمكنه أن يمنح الدور لفتاة صغيرة مثل (بوسي)، تلعب دور المراهقة، غير الراشدة، سوى مخرج من طراز سعد عرفة أحد أجرأ المخرجين في السينما المصرية.
بوسي وسعد عرفه
قرأ المخرج سعد عرفة خريطة السينما العالمية بذكاء، كانت السينما الأمريكية في تلك الفترة تمر بمرحلة انتكاس ملحوظة، وحاولت إنقاذ نفسها بالأفلام الرومانسية التي تعتمد على قصص المراهقين والمراهقات.
وكانت مصر في تلك الفترة في حاجة إلى هذا النوع من الأفلام، خاصة بعد النجاح المحلي لفيلم (قصة حب)، وإن كان النجاح نفسه لم يتحقق للآفلام الأخرى من النوعية نفسها سواء في مصر أو العالم، إلا لفيلم واحد مهم هو (صيف 42) إخراج روبرت موليجان.
(بوسي) وبيت من الرمال
من هنا جاءت صدمة فيلم (بيت من الرمال) الذي أسند سعد عرفه دوري البطولة إلى كل من (بوسي) في أول بطولة مطلقة لها، إلى جانب شاب صغير، كان يعمل معيداً في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية هو (علي كمال) وذلك في أول وآخر تجربة له في السينما.
ولاشك أن هذه مغامرة محسوبة لدى المخرج والمنتج، الذي قدم قصة حب بسيطة، لا تختلف كثيراً عن فيلم (الصديقان) إخراج لويس جيلبرت، أكثر منها فيلم (قصة حب).
وذلك أن العاشقين هربا من الأهل لبعض الوقت، ليعيشا في منطقة العجمي بعيداً عن الأعين، يرتعان من الحب، ويشبعان رغباتهما المحمومة، وقد كرر المخرج الموضوع مرة أخرى في فيلمه التالي (رحلة العمر).
يعتبر فيلم (بيت من الرمال) نقطة تحول ملحوظة في حياة (بوسي)، وأيضاً في عمل هذا النوع من الأفلام، حيث لم تعرف السينما المصرية مثل هذه النوعية إلا بصورة نادرة لا نكاد نستطيع حصرها .
إقرأ أيضا : محمود ونور وبوسي وشهيرة أشهر ثنائيات السبعينات
الفيلم يدور حول قصة حب بين اثنين من المراهقين بينهما فارق اجتماعي ملحوظ، فـ (عصام) سليل أسرة برجوازية تتكون من الأم الصحفية المعروفة، والأب المتزمت.
أما (أمينة) فأبوها تاجر سيارات يعاقر الخمر، وأم متزمتة تجري وراء الخرافات، يحاول (عصام) طلب يد (أمينة) لكن الأسرتين معاً تعارضا هذا الزواج.
فيهرب الاثنان ويعيشان في فيلا نائية على شاطئ البحر عيشة الأزواج، بالرغم من اعتراض المأذون على عقد القران لأنهما دون السن القانونية، لكنهما يوقعان عقداً عرفياً بقطرات الدم.
وظلا ينعمان بحياتهما وسعادتهما المختلسة إلى أن تدخلت الشرطة، فتنتحر (أمينة)، ويحمل (عصام) جثمانها، وهو يصيح في رجال الشرطة أنهم قتلوها .
نبوءة مجدي فهمي لـ (بوسي)
كتب الناقد مجدي فهمي، عن دور (بوسي) في فيلم (بيت من الرمال) قائلاً في مجلة (الشبكة): احفظوا اسم (صافينار) – قبل أن يطلق عليها اسم (بوسي) – بالرغم من صعوبته، لأنها قطعاً من نجوم المستقبل القريب، فأداؤها طبيعي، وملامحها قريبة من القلب .
وقد كان الناقد المتميز على حق ، فقد انطلقت (بوسي) بقوة في المرحلة التالية، لتتواجد على الشاشة في أدوارها التي عرفناها، وهى تمثل مراحل متعددة، يمكن الوقوف عندها من خلال عدة مداخل.
سواء من حيث المخرجين الذين تعاملت معهم، أو الأدوار التي جسدتها أو المراحل الزمنية الممتدة التي عملت فيها.
وإن كنا نفضل عند الحديث عن مراحل فنية لممثل ما، التوقف عند علاقته بالمخرجين، لكن بالنسبة لـ (بوسي)، فإنها عملت في الكثير من الأحيان مع مخرجين لهم أهميتهم، لكنها لم تكرر العمل معهم كثيراً مثل: (عاطف سالم ، وسمير سيف، ومحمد النجار).
وللحديث بقية في الحلقة القادمة.