بقلم: محمد شمروخ
ما حدث في زلزال المغرب ثم في إعصار ليبيا يستحق بالفعل إعلان حالة الحداد الرسمى في مصر بـ (شريط أسود) وهو ما حدث وأبلغت والتزمت به القنوات التلفزيونية المصرية الرسمية وشبه الرسمية.
لكن هل كان مجرد وضع (شريط أسود) مائل أعلى أحد جانبى الشاشة، هو تعبير حقيقي عما ترنو إليه الدولة المصرية بإعلان حالة الحداد الرسمى تضامناً مع الشعوب المنكوبة بحدث ما؟!
والله حاحة تكسف!.
فماذا يعنى وما فائدة وضع هذا الـ (شريط أسود)، مع بقاء المواد المعروضة على الشاشات من أفلام ومسلسلات ومسرحيات، بما تحويه من موسيقى ورقص واغانى واستعراضات؟!
فما وقع من كوارث يستوجب الحزن الحقيقي رسمياً وشعبيا.
ففي كلا البلدين الشقيقين، اختفت من فوق سطح الأرض قرى ومدن وأحياء كاملة باتت كأن لم تكن بعد أن أفنتها الزلازل والفيضانا وبقي الحزن ممثلا في (شريط أسود) على الشاشة.
إقرأ أيضا : محمد شمروخ يكتب: استعراضات شباب الباتيناج.. كارثة في الانتظار
أعداد القتلى والمفقودين فوق كل التوقعات والاحتمالات، خاصة أن المفقودين وتجاوزا عشرات الألوف، ردما تحت الركام والأنقاض في المغرب، أو غرقا في مياه البحر في ليبيا.
كل هذا يستحق الفزع والهلع وليس مجرد الحداد بـ (شريط أسود) على الشاشة، وإن كانت أجهزة الدولة قد قامت بواجبها المنتظر، سواء بإرسال المواد الغذائية والطبية وفرق الإنقاذ المدربة.
فإن هذا الموقف ليس تفضلا ولا منا، فما حدث في مراكش ودرنة، يجب التفاعل اعلاميا معه وكأنهما مدينتان مصريتان لكن الإعلام التليفزيونى لم يكن على قدر موقف الدولة.
(شريط أسود) للمغرب وليبيا
ربما لا يدركون أن ما بين مصر والمغرب وليبيا ليس فقط روابط تاريخية، قومية أو دينية، إنها تصل إلى درجة الروابط العائلية، فلعل منفذي قرار الدولة بوضع (شريط أسود).
إن هناك قبائل ممتدة بطول مصر وعرضها هى في واقعها امتدادات لأصولها أو فروعها في المغرب العربي، وبالنسبة إلى ليبيا فيكفي أن تعرف أن أهالى الواحات المصرية، بالإضافة إلى سكان كثير من قرى ومدن بمحافظات البحيرة والفيوم وبنى سويف والمنيا، مازالوا يرتبطون بأبناء عمومتهم في ليبيا والذين يندرجون معهم تحت مسميات قبيلة واحدة!.
إقرأ أيضا : محمد شمروخ يكتب: في مدينة نصر .. إحباط محاولة إعادة البهجة بسقوط خلية موسيقية !
فالقول بأن ما حدث في المغرب وليبيا كأنه وقع في مصر، ليس نوعا من الدعاية، بل هو الحقيقة الواقعة بيد أنها لم تصل لسكان المنتجعات الإعلامية، فالروابط تتعدى الحدود السياسية والتنوعات الجغرافية.
لكن السادة في المنتجع الإعلامى المغلق، اكتفوا بتنفيذ التعليمات الصادرة بـ (شريط أسود) مائل كتعبير عن حداد الدولة.
فما معنى أن تبث مسرحيات كوميدية على قنوات ماسبيرو أو غيرها وتسمع شادية في مسرحية (ريا وسكينة) تصرخ بأعلى طبقة صوت لعبد المنعم مدبولي: (حبك جنني يا اسمك إيه)، بينما (شريط أسود) على جانب الشاشة العلوى يبدو متناقضا مع ضحكات الجمهور في المسرحية أو المشاهدين في المنازل!.
أليس فيكم رجل رشيد؟!
طيب بلاش رشيد.
حد يفهم أو يقدر أو حتى يحس؟!
كسفتونا الله يكسفكم.
فماذا لو أن أى مقيم في مصر يحمل جنسية مغربية أو ليبية، كان يقلب القنوات التلفزيونية المصرية لاهثا وراء أي أخبار جديدة، فوجد هذا التناقض الصارخ ما بين وضع (شريط أسود) وما يبث تحته مما لا يمكن أن يشير إلى أدنى أثر لوجود حزن حقيقي يتناسب مع الحداد المعلن رسمياً في مصر تضامناً مع البلدين الشقيقين؟!
ياخى ده حتى لو لم تشعروا بأحزان الإخوة المغاربة أو الليبيين، حسوا على دمكم واعملوا على الأقل حسابا لمشاعر لأهالى المصريين الذين ماتوا أو فقدوا في درنة!
لقد أفزعنى هذا العدد الهائل من القتلى والجرحى والمفقودين، ومن بينهم عدد كبير من المصريين أعلن حتى الآن عن موتهم أو أنهم لم يزالوا مفقودين ويتضاءل كل يوم الرجاء في العثور عليهم أحياء.
هناك قرية تبعد بضعة كليومترات عن قريتي في الصعيد تأكد أنه راح 18 من أبنائها ضحايا للإعصار، وهناك أضعاف هذا العدد في محافظات أخرى في قبلى مصر وبحريها!
اكتفوا بوضع (شريط أسود)
ومع هذا فالسادة المشرفون على الإعلام التليفزيونى والذي يتردد أنهم (محصنون ضد أى مساءلة قبل أو بعد) لم يكلفوا خاطرهم لتشكيل لجنة لاختيار المواد المفترض عرضها على القنوات التلفزيونية، واكتفوا بوضع (شريط أسود) على الشاشة.
ما الذي يحدث لو تم هذا؟.
أكانت ستكف الأرض عن الدوران وتضطرب حركة الأجرام السماوية لو صبرنا لمدة ثلاثة أيام بلا رقص او غناء أو كوميديا هزلية أو موسيقى صاخبة؟!
كان يمكن ان يمر كل ذلك لو لم تعلن الدولة الحداد، لكن السادة المحترمين في مراكز اتخاذ القرار الإعلامى، استهانوا بتطبيق معنى الحداد الرسمي!.
(ربما نلتمس لهم العذر لأن قرار إعلان حالة الحداد لم تصدر معه لائحة تفسيرية تبين ما هو مطلوب منعه في حالة الحداد).
…………….
(حاكم الناس دول إيديهم تقيلة في حتة المنع دى)
…………….
نهايته:
المهم خدوا بالكم المرات الجاية خصوصاً إن الحاج (ريختر) وأخته المعلمة (أعاصير).. ولاد الست (كوارث طبيعية).. شكلهم متوصيين بينا في المنطقة وربنا يسترها علينا وعلى أهالينا.
وعلى رأي المثل (الوبا ولا الغبا).. ويكفينا شر الشرايط وسنينها السودة”.