سميحة أيوب طلبت الطلاق من محسن سرحان يوم عيد ميلادها (2)
* كان محسن رقيقا ليلة الزفاف، فهو يعلم بحكم التجربة ما تكون عليه حالة الفتاة يوم زفافها
* بعد أسبوع طلب مني أن يغلق باب الشقة بالمفتاح عندما يخرج من المنزل، وطلب مني الأنقطاع عن الدراسة في المعهد
* تحية كاريوكا أنقذتني من حبستي في غرفتي ونحن نمثل فيلم (شاطئ الغرام)
* بعد العشرة اتضح لي أنني تزوجت من رجل ليس عنده أي ثقة في أي إمرأة حتى في ابنته الطفلة!
* مثلت على محسن سرحان حتى أحصل على الطلاق
كتب : أحمد السماحي
كانت الفتاة الصغيرة سميحة أيوب تقارب نجم نجوم سينما الأربعينات محسن سرحان في خشية، عندما عملت معه في فيلم (الحب)، كانت قد فتنت به وكانت صغيرة في السادسة عشر من عمرها في رأسها أحلام العذارى.
كان في قلب سميحة أيوب دفء الأمل، وفي نفسها شوق ليال طويلة إلى فارس فارع الطول، وسيم، مهذب، يكون فارس أحلامها، وكالفراشة احترقت أجنحتها عندما فتنها النور، وملأ عليها الحب كل كيانها وعقلها، ألقت نفسها في محيطه ورقت إليه، وملء عينيها لهفة وشوق وحب، لكن حدثت أشياء كثيرة جعلت هذا الحب يحترق ويموت سريعا.
في الحلقة الماضية تعرفنا كيف بدأ الحب بين (سميحة أيوب ومحسن سرحان) من خلال فيلم (الحب) الذي لم يخرج للنور، وكيف هربت سميحة من بيت أهلها للتزوج من فارس أحلامها، وتوقفنا معكم عند ليلة الزفاف، وفي هذه الحلقة نستكمل باقي قصة الغرام كما حكتها سيدة المسرح العربي في مذكراتها.
المعازيم يسألون عن العروس
تقول سميحة أيوب: ليلة الفرح أغلق محسن سرحان باب غرفة النوم على وذهب لإستعجال العشاء من محل (جروبي)، وأخذ المعازيم يسألون عن العروسة، ويطرقون باب الغرفة، وأنا أقول لهم بفخر المراهقة: (محسن قافل الباب لحد ما يجيي من جروبي)، أمي كان سيغمى عليها من الخجل، وهول المفاجأة، وعلمت بحكم السن والتجربة ما سوف ينتظرني من ضغوط.
كان محسن رقيقا ليلة الزفاف، فهو يعلم بحكم التجربة ما تكون عليه حالة الفتاة يوم زفافها من خوف لحظة التلاقي، فتركني ليلتها ولم يفزعني بما كنت أنتظر من ألم كما سمعت وحكى لي من بعض الصديقات، وفي الصباح جاء أخوتي وبعض أفراد الأسرتين، ولم تأت أمي، وفهمت السبب، وغضب هو لعدم مجيئها وقال لي: (أعتقد أن أمك كانت عايزة تجوزك لحد من قرايبها).
إقرأ أيضا : سميحة أيوب .. أيقونة الفن المصري الحديث
وساعتها لم أستطع أن أقول له بل هى ثائرة لكرامتي التى أهدرت بغلقك الباب على ليلة زفافي، وسارت الأحوال، وبعد أسبوع طلب مني أن يغلق باب الشقة بالمفتاح عندما يخرج من المنزل، وطلب مني أيضا الانقطاع عن الدراسة في المعهد، لأكون ست بيت، وعندما تأخر حملي أخذ يسألني هل والدتي أعطتني شيئا لمنع الحمل، فأجبته بالنفي، حتى حملت في ابني محمود.
سميحة أيوب وشاطئ الغرام
وتضيف سميحة أيوب: أثناء حملى عرض عليه دور في فيلم (شاطئ الغرام)، وعندما ذهب لتوقيع العقد أخذني معه، وجلست في الاستراحة، ودخل هو المكتب، وبعد دقائق خرج المخرج (بركات) ونظر إلي وقال: هل تنتظرين أحد يا شاطرة؟ فقلت له: (محسن سرحان أنا زوجته)، فدخل على الفور وطلب مني الدخول، وقال لمحسن: (إيه رأيك يا محسن لو المدام تشارك معانا في الفيلم؟) فرد محسن: أنا بحاول أبعدها عن التمثيل.
ففرح بركات وقال له: إذن عندها فكرة، فقال له: أنا أخذتها من سنة ثانية من معهد الفنون المسرحية، ولا أريدها أن تمثل، وضغط بركات وأنا توسلت حتى قبل، وكنت وقتها في الشهر الثاني من الحمل، وبدأ العمل وكانت تعليمات (محسن سرحان) ألا أتحدث مع أحد أو أرد على أحد وأن أجلس في كرسي بعيدا عن الزملاء.
تحية كاريوكا تنقذ سميحة أيوب
كانت الفنانة تحية كاريوكا مستغربة سلوكي تقول سميحة أيوب، فجاءت جنبي وقالت لي: قصاد الكاميرا بتبقى حلوة وبتتكلمي، وفي الكواليس بعيدا عن الكاميرا عابسة الوجه ولا تردين حتى على المجاملة!.
فأخبرتها بيني وبينها على تعليمات محسن، فما كان منها إلا إنها في كل مناسبة ونحن في العمل تحكي حكاية على الناس الذين يغيرون بدون مناسبة، بمنطق الكلام لك يا جارة، ولكن لا حياة لمن تنادي، وسافرنا إلى مرسى مطروح وهناك كنت سجينة غرفتي لا أبرحها إلا للتصوير، وهو وجميع العاملين في الفيلم يسهرون ويتسامرون ويضحكون ويتندرون، وأنا محبوسة في غرفتي.
وفي ليلة فاض بالمجموعة وبتحية كاريوكا بالذات ونظرت إليه وقالت بطريقتها المعهودة وخفة دمها: (يا محسن ما تخلي عندك دم، وتجيب البت الغلبانة من الأودة تقعد معانا، ولك علينا نكتب تعهد أن محدش حياكل منها حتة!)، فحاول أن يفهمها إنها إرادتي أنا فقالت له (تعالي معايا نجيبها إحنا الاتنين، وهى مش حتقوللي لأ)، وبالفعل سهرت معهم.
محسن سرحان لايثق بأي امرأة
وتستطرد سميحة أيوب: بعد العشرة اتضح لي أنني تزوجت من رجل ليس عنده أي ثقة في أي امرأة حتى في ابنته الطفلة، وكان يكره البنات ويعامل البنت معاملة تختلف عن الولد، ولم أجد عزاء لي في هذا البيت إلا أولاده فقط، أصبحنا أصدقاء ومرتبطين ببعض، حتى جاء يوم ولادتي، وكنت في حالة رعب أن تكون فتاة، ولكن الحمد الله جاء ابني محمود.
إقرأ أيضا : عصام السيد يكتب: الأسطورة .. سميحة أيوب
وسارت الحياة رتيبة لا أهل يزورون من يوم أن جاءت والدتي مرة، ولم أستطع أن أستقبلها لأن الباب كان مقفولا على، وهى تريد أن ترى حفيدها بعد أن قاطعتني فنظرت إلى باحتقار وقالت: انتي ست أنتي! كيف تقبلين على كرامتك هذا؟!، أصبح الأولاد هم عزائي الوحيد، وكان ابنه إبراهيم – رحمه الله ولدا شقيا، ومرة كان بيتنطط فنزلت على رأسه حديد وانفجر الدم، ولم يكن أمامي شيئ غير أن أحضر علبة (البن) وأكبس على الجرح لأني لا أستطيع أن أذهب به للإسعاف، لأن الباب مقفول! ولما حضر وسمع الحكاية ضحك وقال: شاطرة يا سميحة!.
ان محسن أحيانا عندما يخرج ينسى يغلق الباب، فأنادي عليه قائلة: (لقد تركت الباب مفتوحا!)، حتى يشعر بالخجل، ولكنه كان يعود ويغلقه!، وأصبحت في حيرة، وأسأل نفسي: عندما يكبر ابني ويذهب للمدرسة، ويجد زملاءه كلهم يعيشون حياة طبيعية في منازلهم، ومنزلنا الوحيد الذي يشبه السجن، بماذا سوف يشعر؟.
غيرة محسن سرحان من تايرون باور
وتحكي سميحة أيوب عن غيرة محسن سرحان: بدأ إحساسي بالاختناق وبكراهيتي للعيش، ناهيك عن أحداث تافهة، مثلا نروح سينما فيها النجم العالمي تايرون باور، فيحدثني وأنا غارقة في أحداث الفيلم ويقول: عاجبك تايرون باور؟ يلا نروح، ونخرج من الفيلم.
وبدأ الخناق يضيق أكثر حتى الجارات، فلم أكن أستطيع أن أقول لجارة لي: صباح الخير، فقد يكون لها أخ شاب عايز يتزوج ومنتظر طلاقي، كما كان يقول لي، وأعتقد أن هناك شيئا حدث له منذ الصغر جعله لا يثق في أي أنثى، وفكرت جديا في الطلاق، وكان الشيئ الذي يمنعني حبي وارتباطي بأولاده وحبهم لي لدرجة أني في يوم أخذت ابني محمود وكان رضيعا، ومعه ابنه إبراهيم لزيارة والدتي، حتى ترى حفيدها بعد أن جاءت لتراه ووجدت الباب مغلقا.
ابن محسن سرحان وموقف لا ينسى
وعن هذا الموقف تقول سميحة أيوب: أنا عند والدتي أحببنا نسمع (الراديو) وكانت البريزة ليست في موضعها، فأخذت البريزة لأضعها في الكبس، وأحسست بالكهرباء فصدرت مني آه، فما كان من إبراهيم إلا أن ارتمى وهو يصرخ: ماما ماما، ويحتضنني ويبكي، وبكيت على بكائه، وكانت إحدى صديقات والدتي حاضرة هذا الموقف فقالت لوالدتي: (أنا لم أر ابن يحب أمه بالشكل ده)، فقالت لها: (هو ليس ابنها، بل ابن زوجها).
هذا مثال للعلاقة التى كانت تربطني ببيت محسن سرحان تقول سميحة أيوب في أسى بالغ: لم يعد رب البيت هو الدافع لوجودي، ولكنهم أولاده (آمال، وإبراهيم) أما ابني فالشرع يعطيني حق حضانته، وظللت في صراع بين شفقتي على الأولاد، وعلى نفسي، وهم كانوا يشعرون أن هناك خطر داهم، وبفهمهم البكر وإحساسهم الداهم في يوم في ساعة غروب الشمس، وكنا جالسين بقرب البلكونة، لأن محسن محرج على أن أخرج إليها فقال لي إبراهيم وكان يبلغ من العمر وقتها 9 سنوات: ماما أنا عارف أنتي بتفكري في إيه، بس وحياة محمود أخويا ما تعملي اللي أنا حاسس به، وبتفكري فيه.
إقرأ أيضا : د.عمرو دوارة يكتب: سميحة أيوب.. سيدة المسرح العربي، وثالث سيدة في الفن
وانفجرت آمال في البكاء وكان عندها 12 عاما وقالت: (اعملي معروف يا أبله إحنا ما صدقنا أن البيت فيه حب وحنان، بلاش بابا، اعتبري أنه مش موجود، مش كفاية إحنا؟، ثم أنا مقدرش أبعد عن محمود أخويا)، والحقيقة أن آمال هي التى تولت محمود واعتبرته ابنها مع أنها في عداد الطفولة والصبا، وأفهمتهم ما أشعر به وإنني دائما سوف أكون معهم، وأن بيت ماما لا يبعد سوى محطة ترام ورجوتهم ألا يفتحوا الموضوع معي لأن أتمزق حزنا ولوعة عليهم وعلى نفسي.
سميحة أيوب تطلب الطلاق
ذات مساء في حالة صفاء قال لي محسن: (عيد ميلادك قرب تحبي أجيبلك ايه يا حبيبتي؟)، فقلت له وأنا أشعر بالقوة الممزوجة بالخوق المكابر: أريد الطلاق، فضحك بإندهاش وقال: لا لا أحب المزاح في مثل هذه الأشياء، فقلت له جادة: أنا لا أمزح!، فنظر إلي غير مصدق، وكان عيد الفطر على الأبواب، وأحس ساعتها أنه جرح وأن كرامته تملي عليه بالإيجاب وقال لي: بعد العيد سوف أنفذ ما تريدين!
جاء العيد ولم ينفذ ما اتفقنا عليه وما وعد به، ووجدت جميع الأبواب مغلقة، وانتهزت إيمانه بالأعمال السحرية فقلت لنفسي لماذا لا استغل موهبتي في التمثيل؟!
في ليلة قمت من الفراش أصرخ، فقام مفزوعا وسألني: مالك؟ فقلت له: رأيت وجها كبيرا يملأ الحجرة، ويقول لي اخرجي من هذا البيت وإلا سوف تندمين، وتكررت الليالي والصريخ وإتقان التمثيل، وقلت له: فلنسمع كلام هذا الذي يجئ لي ليلا وأخرج من البيت شهر أو اثنين، ثم أرجع ثاني، ففكر جديا من شدة خوفه على ما سوف يحدث إن لم أخرج من المنزل.
وقال لي: على شرط ملكيش حاجة عندي لا مؤخر ولا عفش ولا أي شيئ) فقلت له: موافقة، فأنا لن أطيل المقام خارج المنزل كثير، ثم قال: ولنطلق طلقة بائنة حتى لايكون لك نفقة، وبعدين أبقى أردك تاني، وقلت له: طبعا ما هو أنا راجعة!.
سميحة أيوب.. طلقة بائنة
وتواصل سميحة أيوب حكيها: في اليوم التالي ذهبنا للمأذون وطلقني طلقة بائنة، وأخذني إلى كازينو (الجمام) اتعشينا، ثم ذهبنا إلى منزل العائلة، وفتحت والدتي الباب في اندهاش فهي لم تعتد أن أذهب عندها إلا في المواسم، ودخلت تعمل شاي وقال لي: أنا ماشي، فخرجت أوصله للباب في مجيئ والدتي فقالت: هو رايح فين؟!
فقلت لها: يشتري سجائر، فقالت بتهكم: ومش قادرة على بعده بتوصليه لباب الشقة، قلت لها: لأنه لن يعود مجددا لأننا اطلقنا، فصرخت صرخة مكتومة وقالت: ليه يا سميحة والولد حرام، فقلت لها: الولد هيتربى في جو صحي واقعي، وأنتي تعلمي هذا وتتمنيه في داخلك، ولكنك غير معترفه به، وتم طلاقي من محسن سرحان ولم أعود له مرة ثانية!