ليلي فوزي .. جميلة جميلات السينما المصرية (1/2)
* ليلي فوزي جميلة الجميلات تمثل نموذجا للجمال التركي الذي وفد الي مصر، وصار جزءا منها يبهرنا
* يمكن اعتبار إطلالة ليلى فوزي في أفلامها الأولى نوع من الديكور الحي الجميل
* الجمال الخارق ومنصب ملكة الجمال لم يكونا بوابة كافية للعمل في أفلام مهمة طوال المسيرة إلا في استثناءات قليلة للغاية
* عناوين الأفلام التي قامت ببطولتها في المرحلة الأولى من عمرها الفني كانت توحي بالتفاءل
بقلم الناقد والباحث السينمائي :محمود قاسم
منذ سنوات تقترب من العشرين عاما جمعني مصعد واحد في إحدى دورات مهرجان الأسكندرية السينمائي بالنجمة ليلى فوزي، قبل رحيلها بقليل، ويومها بحثت عن أي علامات تؤكد أن صاحبة هذا الوجه اقتربت من الثمانين، فلم أجد سوي رتوشا بسيطة أقرب الي المكياج تحت عينيها، انه الشباب الدائم، كأنها شخصية (دوريان جراي) في إحدي روايات (أوسكار وايلد)، حيث اجتمع الجمال مع الشباب والخلود.
ليلى فوزي .. جميلة الجميلات
ليلي فوزي جميلة الجميلات تمثل نموذجا للجمال التركي الذي وفد الي مصر، وصار جزءا منها يبهرنا فهي مولودة في أسرة تركية الجذور، كانت تتكلم التركية داخل البيت، ويبدو هذا في اللكنة البالغة الرقة التي تنطق بها اللغة العربية، وأهمية هذه الممثلة الجميلة المولودة في حلوان عام 1926، أنها طلت بجمالها على الشاشة في فترة مبكرة، حين كانت في سن السادسة عشر بوجه صبوح مستدير دوران القمر، صار يميل إلى الاستطالة لأعلى مع الزمن، وقد احتفظت بهذا الرونق حتي رحلت عام 2005، عن سن الثامنة والسبعين، وكات قد توقفت عن العمل بالسينما لكنها طلت بقوة علي الناس في الدراما التلفزيونية.
إقرأ أيضا : نادية لطفي .. النجمة الذهبية الحلوة التى حولت نساء الأدباء إلى واقع!
وقد أتيجت لي الفرصة أن اركب مع ليلى فوزي المصعد في فندق شيراتون المنتزه قبل رحيلها بعامين، ورأيت كيف يبقي الوجه نضرا للغاية، رغم تجاعيد بالغة البساطة للغاية، وتاكدت أن من أطلق عليها اسم جميلة الجميلات كان محقا ليس فقط لأنها شديدة الحسن بل أيضا أن الكثيرات من زميلاتها اللائي ظهرن معها قد أصابهم الزمن بعلاماته المتعددة الأشكال ومنهن (مديحة يسري، وشادية، وهند رستم) وبعضهن أصغر منها سنا.
ليلى فوزي .. ممنوع الحب
أطل علينا هذا الوجه البالغ الجمال وصاحبته صغيرة السن، وبدت ابنة الخامسة عشر ليلى فوزي في فيلم (مصنع الزوجات) لنيازي مصطفى بالغة البراءة والجاذبية، وهى تقوم بالبطولة المطلقة، ولعل محمد كريم هو صاحب الفضل في هذه الطلة ونحن نري عينيها الساحرتين تقولان أشياء كثيرة دون أن تتكلم في فيلم (ممنوع الحب) عام1942، وسرعان ماتنافس المخرجون لمنحها أدوار البطولة.
ليلى فوزي.. وعلي بابا
من أدوار ليلى فوزي الأولى على سبيل المثال دور الأميرة الجميلة في فيلم (علي بابا والأربعين حرامي) اخراج توجو مزراحي، تبدو صاحبة الجمال التركي وقد امتلكت موهبة تتمثل في وجهها الجميل، وعينيها، وصوتها الرخيم، وهى تؤدي دور الجارية التي تحب (حسن ابن الحطاب) دون أن تدري أنها الأميرة التي تم اختطافها من قصر أبيها وهى رضيعة، وتربيت في عرين ملك اللصوص، ما يعني أن الأميرة يجب أن تكون لها كافة تفاصيل الوجه الجميل خاصة الشفتين اللتين تتغني بهما، وحتي وأن حدث ذلك بصوت مطربة أخري، وتلك سمة يمكن أخذها في الحسبان لصالح ليلي فوزي، ففي هذه الفترة من سنوات مجد الفيلم الغنائي فإن الممثلة يزداد جمالها مع قوة صوتها بأن تكون مغنية مثل حالة ليلي مراد مثلا.
ليلى فوزي.. بنت ذوات
كررت ليلى فوزي تجربة الغناء بصوت مطربة آخري في فيلم (بنت ذوات)، وجاء ظهورها علي الشاشة ليؤكد أن الجميلات ذوات الأصل الأجنبي قد ملأن الشاشة، فلا شك أن وقوفها أمام راقية إبراهيم هنا قد أكد علي أنه عصر ازدهار الجمال، وقد جاء ترتيب اسم ليلي فوزي في العناوين رقم ثلاثة بعد (يوسف وهبي، وراقية إبراهيم) وهي تقوم بدور منيرة اخت الفلاح إبراهيم الذي تربي معها في بيت الباشا، وصار ثريا، الا أن ابنة الباشا لاتقبل الزواج منه لوضاعة أصله، أما منيرة فإن ابن الباشا يقع في غرامها ويتمني الزواج منها حتي وأن أرتدي أفرول العمال.
ليلى فوزي وتهافت المخرجين
هكذا ولد وجه ليلى فوزي الجميل علي الشاشة وفي وقت كانت أغلب جميلات السينما المصرية من الطبقة الراقية ومن أصول غير مصرية، وهى المرحلة التي سوف تتوج بظهور (شادية، وكاميليا، وكان جمال ليلي فوزي) أشبه بإشراق القمر، وتهافت عليها المخرجون، لهذا عملت كثيرا، أحيانا تكون البطلة، وفي أحيان أخري مجرد وجه ملائكي تعشقه الشاشة في أفلام منها (سفير جهنم) أمام يوسف وهبي ايضا، وكانت الحبيبة الملائكية للبطل أمام فريد الأطرش في فيلم (جمال ودلال) إخراج استيفان روستي عام 1945.
ليلى فوزي وألقاب عديدة
قبل الحديث عن جمال ليلي فوزي في هذا الفيلم من المهم الإشارة الي أن السينما المصرية منحت ليلي فوزي القابا تتعلق بعرش الجمال من خلال عناوين الأفلام في تلك السنوات، وقبل أن تسمي ليلي فوزي بـ (جميلة الجميلات) في فيلم (الناصر صلاح الدين) بقرابة ثمانية عشر عاما، من هذه الأسماء (أحلاهم، جمال ودلال) وكلاهما من إخراج ستيفان روستي، وأيضا (ملكة الجمال) إخراج توجو مزراحي عام 1946، فيما بعد كانت هى (حلاوة) إخراج ابراهيم عمارة و(أفراح)، و(ست الحسن) إخراج نيازي مصطفي عام 1950، بالإضافة إلى أن عناوين الأفلام التي قامت ببطولتها كانت توحي بالتفاءل مثل فيلم (خبر أبيض) إخرج عباس كامل 1951.
ليلى فوزي.. جمال ودلال
في فيلم (جمال ودلال) الذي شاركت في بطولته ليلى فوزي، يوحي العنوان بما سوف نراه، وليس المقصود به هو الراقصة ببا عز الدين التي جسدت دور الحبيبة الشريرة التي تدفع بالمطرب للهرب من وطنه، ولكنها الفتاة الجميلة التي تعبر عن الإخلاص، والتفاني، وهى هنا مثل كل الممثلات الجميلات في ذلك العصر تقف سعيدة أمام حبيبها وهو يغن لها وتكتفي بالاستماع والابتسام، وفي بعض الأحيان تلقي براسها علي كتفه وهو يغني لها (أحبك انت ياقلبي أنت أنت الحياة أنت).
إقرأ أيضا : سعاد حسني .. وجه جميل مفعم بالغموض والأسرار !
وهذا كان دور الممثلات الجميلات اللاتي لايجدن الغناء، ما يعكس أن الجمال هنا هو نوع من الديكور الحي الجميل، وجمال هنا هو اسم المطرب الذي أحب الفتاة دلال، ولأن الراقصة تكيد لهذا الحب فيهرب الشاب الي المغرب، ثم يعود من أجل حبيبته بالطبع.
محمد عبدالوهاب وليلى فوزي
هذا الجمال الخارق ومنصب ملكة الجمال لم يكونا بوابة كافية لعمل ليلى فوزي في أفلام مهمة طوال المسيرة إلا في استثناءات قليلة للغاية، وكانت الممثلة في حاجة إلى مخرج يقتنع بها، أويرتبط بها كي يدخلها الي عالم النجومية أو الأدوار المهمة، حتي وإن كانت أقل موهبة من قريناتها، أو لم تكن مطربة مثلما كانت المرحلة تتطلب، أو ربما أن تكون نجمة مسرح مثلما حدث مع فاطمة رشدي، وقد نظر إليها محمد عبد الوهاب مع صديقة ومخرجه محمد كريم على أن كل مافي ليلى فوزي من جمال يتركز في وجهها، وخاصة عينيها، وعليه فإن الأفلام الثلاثة التي ظهرت فيها معهما لم نرها بعيدا عن هذه المكانة.
إقرأ أيضا : تحية كاريوكا … كل النساء في امرأة واحدة !
حتي وأن قامت ببطولات مطلقة خارج هذه الدائرة، وصار في إمكان عبد الوهاب أن تكون البطلة أمامه هي نور الهدي في فيلم (لست ملاكا) عام 1946 ، وتكتفي ليلى فوزي بدور ثانوي تبتسم فيه، بينما تملأ نور الهدي الأحداث والشاشة بحيوتها تغني وتمثل وكان ينقص ليلى فوزي شئ ما من الحيوية أوالشقاوة، وربما هذا يرجع إلى عدم وجود مخرج من طراز كمال الشيخ، أو يوسف شاهين اللذين ظهرا فيما بعد.
ليلي فوزي .. ملكة الجمال
المخرج الوحيد الذي كان يمكنه أن يغير لها مسيرتها هو توجو مزراحي الذي قدمها في فيلمه الأخير(ملكة الجمال) عام 1946 قبل رحيله عن مصر، والمقصود بملكة الجمال بالطبع هى ليلي فوزي، وهل هناك من يمكنها أن تكون صاحبة اللقب عداها باستثناء راقية إبراهيم التي بدأت السينما تسند اليها أدوار الأم الشابة في تلك الفترة، في فيلم (ملكة الجمال) تلعب ليلى فوزي دور بطولة كوميدي، حول الفتاة التي يذهب أبوها الي مسابقة لاختيار ملكة الجمال، ومن أجل كسب الجولة فالاب يبيع كل ما لديه حتي يبدو كالأثرياء في الحفل، وتقع الأسرة في شرك أن شابا فقيرا يتصنع الثراء، ويرمي شباكه على نادية، وهو موضوع أشبه بقيلم قامت ببطولته المطربة نجاة الصغيرة ببطولته بعد اثني عشر عاما في فيلم (سبع أيام في الجنة).
……………………………………………………………………..
الأسبوع القادم نستكمل مشوار جميلة الجميلات ليلى فوزي في السينما
ليلى فوزي مصرية أبا عن جد, فوالدها تاجر صعيدي كان له متاجر أقمشة بكل الشرق حسب قولها بأكثر من لقاء وتزوج في أحد رحلاته في أسطنبول من أم ليلى وهي سيدة تركية.