بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
تعد منصات التواصل الاجتماعي والتي يطلق عليها السوشيال ميديا، تعد سلاحا ذو حدين، أولهما التواصل البشري بين الأفراد والجماعات وتبادل المعلومات التي ينقصها التدقيق أحيانا، وتبادل الآراء في القضايا العامه وأحيانا الخاصة، وهذا جميل من جراء استخدام هذه المنصات، والتي أصبحت أداة في يد المواطن لكشف ما يمكن أن تصمت عنه الأنظمه والحكومات، أما الحد الثاني فهو هذا الكم الهائل من المعلومات المغلوطه والشائعات غير الصحيحة، وكذا هذا السيل من التعدي علي الأخلاق والقيم والموروثات.
أما الخطر الأكبر فهو انتهاك السوشيال ميديا الخصوصيه وقتل حرية البعض، وتحويل أمور تبدو في جوهرها بسيطة إلي قضايا رأي عام، إضافة إلي ارتباطها بنظريه المواطن الصحفي، أو المواطن الإعلامي، أو المواطن صانع المحتوي، ورغم أن الإعلام والصحافه وصناعة المحتوي هى علوم لها أسس ومواصفات علميه وأكاديميه توصف أسس التصوير ونظم الكتابه الإلكترونية ومواصفات المحتوي الجيد، ولكن كل ذلك لايتوافر في إعلام المواطن غير الدارس أو المتخصص مما يحدث بلبلة وارتباكا وخلافات ناتجة عن عدم مهنية ما تنشره هذه المنصات من مواد إعلاميه عبر المواطن الإعلامي أو صانع المحتوي.
إقرأ أيضا : خصوصيات الفنانات ومعارك السوشيال ميديا
وقد سارعت كليات وأكاديميات ومعاهد الإعلام والحاسب الآلي في تدريس علوم منصات السوشيال ميديا وقواعد التعامل معها كإعلام إلكتروني جديد وبديل للإعلام التقليدي، ولكن مازلنا بحاجه لتنظيم هذا القطاع عبر لوائح ومدونة سلوك مهنيه وأخلاقيه وتشريعات تجرم نشر الشائعات، والتعدي علي الأخلاق والقيم، وتحترم خصوصية البشر، وتجرم استخدام الأطفال كصناع محتوي، نعم تمتلئ هذه المنصات بمقاطع لأطفال كصناع محتوي وهو اعتداء وسوء استغلال لبراءة الأطفال، بل وغالبا مانجد الآباء والأمهات هم من يقومون بتصوير أطفالهم كصناع محتوي غالبا لايلائم عمر الطفل ولا براءته في تعد سافر علي عالم الطفوله وبرائتها.
السوشيال ميديا والقوة الغاشمة
ودعنا ندلل على نماذج من مظاهر القوه الغاشمه لمنصات التواصل الاجتماعي أو وسائل السوشيال ميديا حتي نستطيع التفرقه بين العام والخاص، وبين ماينشر ومالا ينشر، وبين حقي وحقك كناشر، ونحافظ علي السلام والتعايش المجتمعي في ضوء هذه القوه الغاشمه للسوشيال ميديا في حشد الرأي العام وتحريك القضايا، فمثلا المدرسة التي خرجت في رحلة مع أصدقائها وكعادة الرحلات تتمايل مع الموسيقي والأغنيات الشهيره وهو ما فعلته المدرسة كأي مواطنة في رحلة، ولكن حركت لقطات السوشيال ميديا والتي التقطتها من لاحق له في ذلك ونشرها، وعانت المدرسة من اللوم لطبيعة مهنتها، بل وتم فصلها، بل وطلاقها، وخراب بيتها ومستقبلها لا لشئ سوي أن مارست حرية التنقل والتعبير كسائر البشر.
إقرأ أيضا : السوشيال ميديا تزيف الحقائق حول دراما رمضان
أما فتاة الفستان الأزرق والتي كانت تحضر فرحا فرقصت وكل الفتيات يفعلون هذا وصورها من صورها ونشر ما نشره وأصبحت الفتاه تعاني في شارعها ومنطقتها وكليتها نظرات غير مقبوله لكونها رقصت بحريه أمام كاميرا من لم يعلن عن نفسه ولا يحق له ذلك، أما جزار المونوريل والذي علق لحمته علي منشآت المونوريل، وكان هذا يحدث قبل السوشيال ميديا حيث كان البعض ينشر غسيله أو بياضات بيته أو يعلق شيئا مؤقتا على أعمدة الكهرباء أو التليفونات أو أبراج الكهرباء وغيرها وكلها ممتلكات عامه، ولانحبذ هذه الأفعال ولكن لم يحركها أحد حينئذ، أما جزار المونوريل فتحركت كل جهات التحقيق فور نشر مقطع السوشيال ميديا وحول الموضوع إلي تريند وقضية رأي عام.
وعندك قضايا فتاة المنصورة وفتاة الإسماعيليه وغيرها الكثير من تغول تأثير السوشيال ميديا وتحريكها للقضايا وفضح وإيذاء أصحابها دون علمهم بالتصوير أو أخذ موافقتهم على ذلك وهى أبسط القواعد القانونيه كحق للإنسان، وأن مصور المحتوي وناشره هو معتد علي خصوصية فرد ويقتل حريته ويدمر مستقبله وأسرته أحيانا، أما تأليب الرأي العام والضغط الشعبي على منفذي القانون ومتخذي القرار، وغالبا ما يقع الظلم على طرف دون وجه حق، ولابد من تشريعات تنظم عمل هذه المنصات، وتضع قواعد تصون الحرية الشخصيه، وتجرم التصوير بدون علم او موافقة، وأيضا النشر بدون موافقة صاحب المحتوي، وتنظم سيل الضغط عليىمتخذي القرار ومنفذي القانون من تحويل صغائر إلي قضايا رأي عام.
جموح السوشيال ميديا
هذا مايمكن أن يلجم جموح السوشيال ميديا، وجموح المتصيدون بموبايلاتهم الذين يقتحمون الحياه الخاصه للأفراد في مناسباتهم، وعلينا إيجاد تقني لكل أكونت مزيف من خلال رقم الجهاز الذي أرسل منه، أو السايبر المستخدم، أو الشريحه وان كانت بدون اسم وهذا ماعالجه أخيرا المجلس الأعلي لتنظيم الاتصالات، وعلي الأسر توعية أبنائها بهذه المخاطر، وكذا المدارس والجامعات من خلال نشر ثقافة أسس التعامل مع هذه المنصات، وكذا الأندية والأحزاب، وعلي المؤسسات الدينيه ترسيخ ثقافة الحريات الخاصه ومنع الأذي عن الآخر وهو مانصت عليه الكتب والشرائع السماوية،وعلي الإعلام الاهث خلف كل تريند ومقطع ان يقدم توعية لحقوق البشر وتجريم إنتهاك الخصوصيه،وعلي مؤسسات التشريع وضع القواعد للتعامل مع السوشيال ميديا وتجريم انتهاك حريات البشر وخصوصياتهم.
وعلي البرلمان إيجاد تشريع لذلك، وعلى الخبراء وضع مدونة سلوك أخلاقية لأصول التعامل مع محتوي منصات السوشيال ميديا، أما عن استخدام الأطفال كصناع محتوي والقضاء على طفولتهم وبراءتهم فهذا حديث يطول الخوض فيه، وعلي موعد معه في مقال قادم.. حمي الله مصر وشعبها، وألجم جموح وتجاوز السوشيال ميديا بين أهلها، ووقانا أخطارها، ونفعنا بفوائدها حتي يختفي الصمت الأسري الذي خلفته، ويعود لأسرنا دفئ الحديث والتعايش.. وتحيا دوما مصر.. آمين.