العبث بتاريخ الحجار، وإبداع شادي مؤنس، وأشعار عبدالرحيم كمال في (جزيرة غمام) !
كتب : أحمد السماحي
من الأعمال المتميزة جدا التى عرضت طوال الشهر رمضان الكريم، مسلسل (جزيرة غمام)، تأليف المدهش عبدالرحيم كمال، إخراج المتميز حسين المنباوي، هذا العمل الذي سيقف التاريخ الدرامي أمامه كثيرا في السنوات القادمة، نظرا لأهمية الموضوع الفلسفي والديني والتربوي والأخلاقي والاجتماعي والسياسي الذي قدمه العمل بنعومة شديدة وبدون صراخ ولا زعيق، ولكن من خلال رسائل في غاية الأهمية لمن يريد استقبال هذه الرسائل، وترجم الإخراج كل هذا من خلال مخرج زكي أصبح له أسلوب مميز، يعرف كيف يقص موضوعه؟ وكيف يرسم جوا؟ وكيف يحرك أبطالا؟، وفوق كل هذا لديه وجوه عدة فى الإخراج، لهذا فالمشاهد يحاول دائما عند ظهور عمل جديد لهذا المخرج الموهوب أن يحدد الطريق الذي سيسلكه في المشاهدة لكي يرى الطريقة التى اختارها (حسين المنباوي) ليعرض فيها فنه.
وجاء الأداء التمثيلي رائعا ومبهرا لكل فريق العمل وكشف عن موهبة الكثيرين وأعاد اللمعان لموهبة آخرين، المهم أننا أمام عمل مصري جاد، يقول كلمة جادة بأسلوب جاد، دون أن ينسى في غمرة العواطف والرؤى الكثيرة التى يطرحها أن يذكرنا بالأبعاد الدينية والسياسية والخلفيات الاجتماعية التى تنمو فيها هذه العواطف لأبطاله.
ونظرا لأعجابي الشديد بـ (جزيرة غمام) هذه الأنشودة الجميلة والعتيقة، عتق شجرة الجميز على الترعة، لاحظت كما لاحظ بعض عشاق الموسيقى والغناء استهتار الشركة المنتجة بالجزء الخاص بالموسيقى والغناء، ففي مشاهد كثيرة شعرنا أمامها أنها كانت تتطلب أغنية قصيرة مكثفة، لتأكيد الحدث وتعميقه، منها مثلا موت (مليحة).! ومشاهد كثيرة للشيخ عرفات، ومشاهد لـ (خلدون) والتوظيف الغنائي للدراما شاهدناه في أعمال كثيرة مهمة مثل (الأيام، قال البحر، الرحايا) وغيرها، لكن هذا للأسف الشديد لم يحدث في (جزيرة غمام)!.
والحقيقة وقبل أن استرسل في كلامي لابد أن نوجه التحية إلى المبدع (شادي مؤنس) الذي قدم موسيقى مصرية رائعة، منذ سنوات لم نستمع إلى مثلها في هذا الاتجاه، حيث أبدع بشكل متميز للغاية، وقدم لنا لوحات تشكيلية في موسيقاه صعب أن تمحى من الذاكرة لسنوات.
لكن يبدو أن الشركة المنتجة علاقتها بالموسيقى كعلاقة الشعب المصري باللغة الصينية!، حيث أقدمت على عمل فيه عبث بتاريخ مطربنا الكبير (علي الحجار) وبإبداع شادي مؤنس، وبأشعار الكاتب ومؤلف العمل (عبدالرحيم كمال) حيث وضعت الرباعيات التى كتبها (عبدالرحيم) وأبدعها (مؤنس) وقام بغنائها باحتراف شديد وبعذوبة أشد (الحجار) في تتر النهاية للحلقات الثلاثة الأخيرة!، حتى الرباعية الأخيرة لم تطرح!، والسؤال الذي نتوجه به إلى الشركة أو المسئول عن هذا العبث بالله عليكم هل ينتبه الجمهور في زحمة الأعمال الكثيرة المعروضة إلى تتر النهاية، حتى لو تم الإعلان عن هذا في تتر البداية، خاصة أن معظم الجمهور من الشباب يشاهد الآن الأعمال الفنية على (الإنترنت)، وعلى الإنترنت لا يوجد تتر نهاية! .
المثير أن هذه الرباعيات كتبت ولحنت وغنت لمواقف معينة في المسلسل، فكيف تحذفها من أماكنها التى وضعت خصيصا لها، وتضعها في تتر النهاية، وبهذا أفقدتها أهميتها والغرض الدرامي التى صنعت خصيصا له، ما حدث جعل كثير من الجمهور لا ينتبه إلى هذه الرباعيات الرائعة ولا يشعر بقيمتها الكبيرة، مما دعا الكاتب (عبدالرحيم كمال) وحتى يجبر بخاطر نجمنا الكبير (علي الحجار) ويعطيه جزء من حقه، يكتب على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك : (لا أخفي عنكم سعادتي الشخصية بأن إمبارح كانت غنوة التتر الأخير بصوت (علي الحجار) من كلماتي وألحان شادي مؤنس وكذلك حلقة الليلة والحلقة الأخيرة غدا تحمل كل منهما غنوة من كلامي، وألحان شادي .. فكرة ان الواحد يكتب أغنية وتتغنى بصوت الأستاذ علي الحجار دي لوحدها فرحة فعلا كبيرة .. قلت أشارككم تلك الفرحة)!.