بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
كالعادة أختار أربعة أعمال من الدراما الرمضانية أشاهدها خلال الشهر الكريم ولي بعض الملاحظات الأوليه لثلاث مسلسلات والباقي وبالتفصيل لكل المفردات الفنية في مرات قادمة.
الملاحظة الأولي (نيلي كريم) أتابعها منذ مسلسل (ذات)، ثم (سجن النسا) في دور (غاليه)، ثم (سرايا عابدين) في دور (صافيناز)، و (مريم) في (تحت السيطرة)، وملك في(سقوط حر)، و(جميلة) في (لأعلي سعر)، ثم (إختفاء)، و وبـ (100 وش) في دور (سكر)، ثم (ضد الكسر)، والآن (فاتن) في (فاتن أمل حربي).
فاتن أمل حربي
لا يستطيع أي ناقد أو مدرك لفنون التشخيص والتقمص أن يتجاهل تطور تلك الموهبه القديرة أولاً على المعايشة والغوص في مكنون الشخصية والاهتمام بالتفاصيل من اختيار الملابس والأداء المتمكن والتنازل الكامل وبمحض إرادتها عن الجمال وبلا أي مكياج بجرأة تحترم وشديدة الوعي، إنه عشق للمهنه ووعي بقيمة الانخراط في التفاصيل البسيطه لتضيف مصداقية للممثل، والملفت أن يتم ذلك مع مخرج واع ومختلف ينطلق ليضع اسمه بين نجوم الإخراج.
نعم (محمد العدل) قادم وبسرعه ومنذ الحلقه الأولي شعرت بتميزه فاختيار (الأفان تتر) أي ماقبل نزول التترات ليقدم لنا مواقف في حياة فاتن البائسة لنعرف مع الحلقات القادمة تراكم المعاناة مع زوج متسلط ويمارس فحولة كاذبة بلا رحمة ولا إنسانية ولا رجولة، ولكنها تصرفات متطاوسة بداخلها خواء وجبروت يمارسه علي زوجه تعمل داخل المنزل وخارجه ويطالبها بالمزيد، بل ويسرق محتويات منزل الزوجية بلا أي مشاعر تجاه بناته الأطفال ويعرضهن لمواقف مؤسفة.
المسلسل من تأليف إبراهيم عيسي، وبطولة (نيللي كريم وشريف سلامة وهاله صدقي وفادية عبد الغني) وبسمة العمل (محمد ثروت) متألقآً في دور محامي فاتن أمل حربي العمل خلفه منتج كبير وشركه تقدم دائماً أعمالا تستحق المتابعة.
الديكور في منزل الزوجيه مناسب للحاله داخل المنزل فهو تغلب عليه الألوان الباهتة كمناخ المنزل ومن بداخله فالألوان والإضاءه من وحي حالة المعيشه ولها مصدر، وذلك وعي من المخرج وإدراكه وعبر عنه بنجاح مهندس الديكور وكذلك مدير الإضاءة.
القضيه التي يناقشها المسلسل تختلف أو تتفق هى من واقع تعيشه كثير من النساء وعلى فترات تقدم تلك القضايا وتحدث تلاسن فنحن اعتدنا على التقاطع في وجهات النظر، فبعض الرجال قد يشعر بما لا تشعر به كثير من نساء، فما يحدث بين الحوائط كثير ومتنوع وليست كل النساء فاتن أو تمتلك قدرتها علي الرفض فبعضهن تتعايش بمنطق مغلوط وهو (ضل راجل ولا ضل حيطة).. مقوله انتهت مع انتهاء اليشمك وأتذكر بعض النساء في القري كانت لهن مقوله ترددها إذا تذمرت إحدى صديقاتها وكان ذلك في الستينات، فتقول: (اللي عاوزه الفحل تشيل الوحل) والمعنى هنا دعوة للاستمرار في الحياة والتحمل يوم حلو ويوم مر، ومرت السنوات والآن مع الحداثة وشبكات التواصل وآلاف من المتحذلقين والعارفين ببواطن كل الأمور وكل القضايا وما حدث من مكتسبات للمرأة في التعليم والمساواة.
وبعد أن أصبحت المرأه وزيرة وقاضية ومحافظ ومستشارة للأمن القومي ورئيس نيابه وكوتة المرأة 25 % في التعديلات الدستورية ثم تكافل وكرامة، فالوضع أصبح مختلف تماما وأنا مع طرح تلك القضايا وأجد ذلك من مهام السينما والدراما، وكما حدث في فيلم (اريد حلاً) للقديرة (فاتن حمامة) فبعد عرض الفيلم تغيرت بعض قوانين الأحوال الشخصية وأصبح من حق الزوجة رفع قضية خلع.
ومن قبله حدث مع فيلم (جعلوني مجرمآً) عام 1954 للنجم فريد شوقي فقد صدر قانون الإعفاء من السابقة الأولي في الصحيفة الجنائية ليتمكن المخطئ من بداية حياة جديدة.
الملاحظة الثانية : مسلسل (المشوار)
محمد رمضان ممثل وموهوب ويمتلك كل صفات النجم القادر علي التعايش والتقمص الواعي، وقد ظهر ذلك مع المخرج القدير والمتميز محمد ياسين لقد شاهدت محمد رمضان كما لم أشاهده واستمتعت بالأداء والإخراج والتصوير.
لقد اختار محمد ياسين أماكن للتصوير شديده الوعي والجمال للكادرات ومع وجود مدير التصويرعبد السلام موسي أكثر من مبدع ومدرك بقيمة الإضاءة وتأثيرها علي الدراما فالمشاهد الخارجيه كانت إبداع يذكرني بأفلام (دفيد لين) البديعة، وكذلك كيروساوا المخرج الياباني.. إنه المخرج يا سادة رب العمل والمسؤل الأول عن النتيجة النهائية إذا توافقت معه باقي كتيبة الإبداع من ديكور وتصوير ومكياچ وملابس
والتمثيل.
وكما أعجبت بمحمد رمضان فقد أبدعت وتقمصت وتعايشت بصدق النجمه دينا الشربيني فقد تعايشت مع الشخصيه وتقمصتها بوعي وصدق كان واضحا في اختيار الملابس وقلة المكياچ أو عدمه، فقد أضفي ذلك صدق ومصداقيه أضافت للإبداع، وقد ساعدت ملامح دينا الشربيني وعيونها المعبره وهى من أكبر أدوات الممثل تأثيرا فهي كـ (سالي فيلد، آل باتشينو، أنطوني هوكبنز، عمر الشريف، أحمد زكي، ومحمودالمليجي، ولقد أعجبت جدا بالتقمص والأداء الرائع لـ (ندي موسي) في دور (عزة) صديقه (ورد)، فقد ارتدت ملابس الشخصيه بتفاصيلها وطريقه الأداء الحركي باقتدار، وبرع المخرج في اختيار ديكور شقة عزة فقد كان من مناسب لذوق شخصية عزة الراقصة وصديقها (شامل/ أحمد صفوت).
ولدى ملاحظه أخري لم أعجب باختيار حديقة الحيوان والثقه في تخبئة الشنطة في حفرة بعد إخراج كل الآثار الثمينة وكأنهم بالمنزل أو في رحلة في حديقة الطفل واندهشت حين ترك ماهر الشنطة وهم في الحديقة تركها بجوار شنطه الملابس واتجه يحدث ورد بعيد لحوالي عشرين متراً من شنطة المشوار المليئه بالآثار والدولارات. أنا شخصيإً حين أذهب البنك بعشرين الف مصري احتضن الشنطه ولا أتركها ولا أبعد عنها اتنين متر!.
محمد رمضان في وجود مخرج كبير قادر علي السيطرة عليه وحين يتفرغ هو للسيطرة على الشخصية الدراميه يكون نجماً ويستحق كل التقدير، وأدعو الله أن يجد أيضاً أصدقاء مخلصين يجد منهم النصيحه والإرشاد ويتخلص من حالة الاهتمام بالمظاهر والعربات والطائرات، فمعظم تجار المخدرات في أمريكا لديهم طائرات وعربات، والباقي هو الفن على شرائط تسجل باسمه ويضع نفسه مع عظماء المبدعين.
(الاختيار 3)
اول ملحوظة: مكسب هذا العمل هى كشف الإخوان بالصوت والصورة فما زال بعض الضحايا والمتأسلمين شكلاً لم يتخيلوا كيف كانت مصر ستختطف لجماعه لها مطامع وحلم لقيام دولة الخلافة الإسلامية، وتتعرض مصر لما حدث في سوريا والعراق وليبيا، ولكن مصر كانت عصية بجيشها ورجالها وأبنائها المخلصين مصر دولة لها درع وسيف ورجال يستطيعون حمايتها.
ثم المخرج بيتر ميمي وقدرته على مزج الدراما بالوثائقي بشكل محترف، وكذلك اختيار مجموعة من كبار نجوم مصر والنتيجه عمل نتابعه وننتظر الكثير ولي كثير من ملاحظات خصوصاً الكتابة.. لنا بقية وتناول بالتفصيل.. مصر تستحق.