بقلم : محمد شمروخ
(لابد من عاهرة حتى يكتمل النص …..!)
لا أعلم من قائل هذه العبارة على وجه التحديد، لكنى أظن أن زاعما زعم بأنها تنتسب إلى الأديب الروسي (أنطون تشيخوف)، غير أنها كلمة دالة ومعبرة للغاية أيا كان قائلها، فالعاهرة تعكس كل الأمراض الاجتماعية والنفسية ليس لنفسها ولا لوسط العهر نفسه ولكن للمجتمع كله.
لكن مع التسارع الرهيب نحو المجهول ومع التغيرات الجوهرية في المجتمع البشري في القرن الواحد والعشرين على كل المستويات، حتى صار قانون التغير فرضا إلزاميا يسحب الجميع نحو غاية أكثر غموضا في انحدار محموم نحو اللاهدف، فقد تم تعديل الكلمة لتصبح (لابد من شاذ حتى يكتمل الفيلم!).
وهذا المبدأ تم فرضه كقانون التغيير الإلزامي، فصار شرط دخول المهرجانات الدولية الكبرى مثل مهرجان (كان) أن يكون في الفيلم أي ما يدل على علاقات (مثلية جنسية) كانت حشرا أو في السياق الدرامي، لا يهم، فالسياق الدرامى نفسه خاضع لقانون التغيير.
ثم إنه ما هو هذا السياق الذي (فلقوا دماغنا به) وكأنه مبرر عقلى أو قانون طبيعي لما يحويه من صرامة في الإقناع؟!، وكأن هذا السياق نفسه غير قابل للفساد ولا الضعف وهو مبرر لأى حدث كائنا ما كان!.
لكن لا يخفى أن قضية الشذوذ الجنسي قد فرضت نفسها على السينما العالمية والمحلية، ليس كظاهرة اجتماعية يمكن الحكم عليها، ولكن كفرض لابد منه تحت أي زعم، فالقضية تعكس حقيقة وجودها في العقلية الغربية حتى أصبحت المثلية الجنسية في الغرب قضية وجود وليست مجرد قضية حرية أو حقوق!.
وصل الأمر إلى اشتراط القبول بضرورة وجود المثليين والاعتراف بهم وإلا فبعض دول الغرب على استعداد للتضحية بمصالحها مؤقتا لنصرة هؤلاء ولو أدى الأمر لقيام حروب إعلامية ودعائية وربما عقوبات اقتصادية أو عسكرية!
هل تصدق هذا الكلام؟!
إذن أنت لاتزال ساذجا لو وقف الأمر عندك على مجرد التصديق والاستهجان اللاحق له، فقد تم تجاوز قضية الشذوذ الجنسي، كقضية حريات وحقوق، لأن هذه الفئة من البشر تحصل على حقوقها كاملة غير منقوصة بالتمكين والحماية في أماكن عدة، حتى في الأقطار والبلدان التى لم تعترف بها رسميا (حتى الآن) ولديها منظومة قوانين تعاقب على فعل الشذوذ بداية من الإعدام ونهاية بالحبس!
أما السينما فهى مرغمة على قبول نجوم من المثليين (الشواذ سابقا)، سواء مثلية حقيقية تتمثل السلوك الشخصى للممثل أو الأدوار المقدمة على الشاشة والتى تعد لها سيناريوهات (مخصوص) لتثبيت الدعاية!.
فالسينما كوسيلة دعاية أيدلوجية من أخطر وأشد وسائل الدعاية الرمادية وتبدو كثيرا دعاية سوداء مباشرة دون حاجة للتخفى وراء الرمادية!.
فبالنسبة لمسألة القبول بوجود المثليين (الشواذ سابقا) على شاشة السينما، هو أمر قد صار مفروغا منه، فقد تم تقديم دور الشاذ مبكرا ولم يكن غرضه هذا الفرض الذي صار شرطا للقبول في المجتمع الدولى الجديد، فكلنا شاهدنا أدوار الشذوذ في أفلامنا هنا في مصر وكانت بعيدة عن هذه الدعاية وجاءت ما بين المواربة والظهور كأفلام (زقاق المدق وحمام الملاطيلي وقطة على نار وخمسة باب) وغيرها من الأفلام حتى ظهرت أفلام تقدم الشاذ من حيث هو شاذ كغاية في نفسه وكتمهيد لجعله مكملا إلزاميا للنص السينمائي!.
إذن الأمر سيختلف بعد أن صار الإنسان المثلى هو مشروع العالم القادم.. نعم هو مشروع العالم القادم إلى درجة أنه صار له وجوده الظاهر في الانتخابات الأمريكية بوصفها أهم انتخابات على ظهر الكوكب، وجميعنا شاهدنا ما حدث من تدخل سافر في جانب الرؤساء المشجعين للمثلية وكانت القضية حاضرة بقوة في الصراع بين ترامب وبايدن، وكلنا رأينا قبلهما مساندتهم لباراك أوباما وكيف كانوا معه وكيف مازالوا يساندونه ويطيبون تاريخه الدموى في الشرق ليظهره كرجل سلام حاصل على جائزة نوبل ومازال داعية سلام.. يا سلام!
فأي زاعم يزعم بعد هذا أن المثليين (الشواذ سابقا) عاجزين لا يزالون يطالبون بحقوق مهدرة لهم؟!
فهم قد حصلوا على تلك الحقوق منذ زمن طويل علنا وقبله لأزمنة طويلة بطرق غير مباشرة وهناك ما لا يحصى ممن الدلائل والقصص!… ففى كل مكان وزمان كان هؤلاء المثليون (الشواذ سابقا) لهم ظهورهم الواضح والمدعوم
والبارز في مقدمة الأحداث!.. إنما يجب إدعاء نوع من المظلومية حتى تكتمل الرسالة كما كانت العاهرة شرطا حتى يكتمل النص!
إنها رسالة الإنسان القادم أو الكائن (مابعد الإنسان) وهو مسخ يتم الترويج له عبر مجموعات من المفكرين والأدباء والفنانين، أقربها منذ أن انتشرت أفكار مثل أفكار الفيلسوف الفرنسي (ميشيل فوكو) الذي كان يمارس أفكاره عمليا حتى أنه دفع حياته ثمنا لإصابته بمرض غامض قبيل وفاته في باريس سنة 1984، والذي تبين فيما بعد أنه مرض أطلقوا عليه (الإيدز) والذي يرجح أنه أصيب به في حفل ماجن بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، مورست فيه كل أنواع السادية والمازوشية الجنسية، حيث ذهب ليشرف على فعالياته بنفسه منظرا ومرشدا وممارسا، ثم ما لبثت أن انتشرت أفكار فوكو ومن اتبعوه أكثر من انتشار الإيدز نفسه!
والآن قد نسيت البشرية أو كادت تنسى الإيدز ولكنها لم تنس أبدا قضية مجتمعاتها المتقدمة التى تقود الإنسانية في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والفنية، فقوى المثلية الجنسية، ليست مجرد مجموعات من البشر تستسلم لشهواتها الجنسية وتمارس المثلية على أنها حرية أو حق، بل صارت مكلفة بمهام حضارية؛ بزعمهم؛ يتم الدعاية لها عبر كل الوسائل الممكنة وفوق الممكنة لفرضها على مسيرة الإنسانية ولو سحقت في طريقها كل شيء!.
ومن هذه الوسائل الفنون عامة والسينما خاصة!
ألا تعلم أن هناك قطاعات من الفنون تخضع للمثليين (الشواذ سابقا) خضوعا شبه تام وأن لهم حضورهم البارز؟!
فهم في السياسة وصلوا لمناصب الوزراء وغدا ستجد منهم رؤساء وزراء ورؤساء دول بشكل علنى!
وهم في الفنون والآداب لا يباريهم أحد في النفوذ والسيطرة!.
فلماذا بعد كل هذا نستغرب للدعاية عبر فيلم هنا أو هناك؟!.
ولنا هنا في مصر تجربة سابقة يعلمها الجميع سبق أن جرى تثبيتها على مدار زاد عن ربع قرن وكانت هذه التجربة واحدة من وسائل الدعاية للنظام السياسي وقتها في الخارج ليرضيهم ويأمن ضوائقهم وبوائقهم!
وحتى عندما سقط ذلك النظام وحوكمت كل رموزه، لم يكد يقترب أحد ولا دعا للاقتراب من أصحاب تلك التجربة والتى كانت شبه علنية وتتحدث بها همسا كل الأوساط الثقافية حتى الآن!
وتحت شعارى (الحرية الشخصية، وحرية الإبداع) تم قبول أكثر من تجربة ومازال مثقفون (مصريون) ليسوا بالضرورة من المثليين، يرددون كلمة قالها مخرج شهير راحل لم يكن ينكر أو يتنكر للشذوذ (كل واحد حر في ……!).
ومادام كل واحد حر في …….، فليس أمامه إلا أن يحنى رأسه ويطأطئ عنقه إيمانا بتلك الحرية ويقبل ما يملى عليه ضميره الفني!.
والعجيب أنهم بعد أن نالوا كل هذه الامتيازات، مازالوا يمتطون المظلومية، مع إنهم في حماية أكبرقوى عسكرية واقتصادية ودعائية في التاريخ!.
ثم تأتى بعد ذلك وتحدثنى عن إفساد الأخلاق بمحاولة فرض شخصية ظهرت في فيلم أخير تحمل اسم (ربيع)، وظهر على أنه الأكثر شهامة وتضحية!.
لا يا سيدى القضية تجاوزت مجرد إفساد الأخلاق ونشر الرذيلة، فتلك مصطلحات قديمة العهد، فالعهد الجديد هو عهد المابعديات في عوالم جديدة قادمة بالقوة، مثل (ما بعد 11 سبتمبر، وما بعد الإنترنت، وما بعد الإنسان)، وربما (ما بعد المثلية!).
فكم هى عسيرة تلك المهمة التى ستنوء بها أدمغة النقاد والمؤلفين حتى يستوعبوا عهود ما (بعد السينما)؟!.