زياد الرحباني .. عبقري الموسيقى المتهم بالجنون !
بقلم : محمد حبوشة
موسيقاه البديعة هى القادرة على رتق ثقوب الروح، وبعث الذاكرة، إنها السحر والساحر، و ليس المقصود بهذه الموسيقى مجرد العزف أو البراعة فى التقاط النغمة أو الإحساس بالموسيقى وتفهم النغمات والجرس والفواصل أو الإيقاعات، لكنها أعمق من ذلك بكثير، العلم يقول لنا أن للبشر ما يعرف بموسيقى العقل، نحن ننشئ وندمج كل العناصر السابقة ونكون موسيقى فى العقل، مستخدمين أجزاء مختلفة من أدمغتنا، بهذا التركيب غير الواعى أو إليه، نضيف تفاعلا عاطفيا، لكن موسيقاه تستند إلى أوليفر ساكس (شاعر الطب)، أكبر علماء النفس المعنيين بدماغك، والذي يبرز من خلال تجاربه مع أوجاع نفوس البشر وغوصه فى المعرفة، معنى جديدا لعلاقة البشر بالنغمة و الإيقاع من خلال معنى فلسفى كتبه (شوبنهور)، إن عمق الموسيقى الذى يفوق الوصف سهل الفهم جدا لكن تفسيره متعذر للغاية.
إنه عبقري الموسيقى اللبنانية وصانع بهجتها الحديثة (زياد الرحباني) الذي أكدت موسيقاه على حقيقة أنها تولد كل العواطف المتعلقة بالوجود الأعمق للإنسان من دون حقيقة ألمه.. فموسيقاه تظهر جوهر الحياة وليس الحياة نفسها، ومن هنا يكشف العلم ما قاله (نيتشة) الفيلسوف من أننا لا نستمع للموسيقى بعواطفنا وحدها، ولكن بعضلاتنا أيضا، العلم يؤكد أن ما يحدث خلال إدراكنا للموسيقي، يمكن أيضا أن يحدث حين تعزف الموسيقى فى العقل، ومن ثم فنحن مع زياد الرحباني نملك ذاكرة إدراكية للموسيقي، لدينا كبشر ما يعرف بموسيقى العقل، نقرب المسألة بعض الشىء: حال سماعك إيقاعا ما، تحرك يدا أو قدما وفق الإيقاع، إنها موسيقى العقل، حتى لدى الناس غير الموسيقيين بإمكانها تحريك الأطراف.
إحدى أكبر مميزات موسيقى (زياد الرحباني) أنها ذات توجه إيقاعي قوي، فهو يفاجئ الآذان بإيقاعات غير متوقعة بالمرة، يمد أو يقصر الجمل الموسيقيّة على نحو لم يعرف قبله، والتي تأتي محملة على الدوام بالكثير من القلق والحيرة والعنف، فهو مثل بيتهوفن قادرا على استخراج قطعة موسيقية كاملة من إيقاع نغمي بسيط، والمثال الأكثر شهرة لبيتهوفن هو بالطبع افتتاحية (تاتاتاتاااا) التي تبدأ بها سيمفونيته الخامسة الشّهيرة، بهذه الافتتاحية يمسك بيتهوفن الآذان بلا رحمة، مثلما يفعل (زياد) ليدخل الأذهان في سحر آخر من أمواج الموسيقى التي كالبحر ترتفع لتهبط ضاربة الصخور من جديد.
في العديد من ألحانه وموسيقاه يخدعنا زياد الرحباني بالكثير من الممرات الموسيقية المتشعبة، والتي غالبا ما تنم عن الاضطراب والقلق، كأن هناك عنفا ما على وشك الإعلان عن نفسه قبل أن ينفجر أمامنا، ينطبق هذا التحليل على ألحانه لوالدته السيدة (فيروز) وبدايتها القوية، لتهدأ الموسيقى فيما بعد وتخلق تناغما بين الآلات المختلفة، كما ينطبق أيضا مقطوعاته المنفردة وألحانه مع آخرين مثل جوزيف صقر، فكلاهما تنتهي بموسيقا أهدأ وأكثر تآلفا من الافتتاحيات القوية، ليشعر المستمع بالانتشاء والأمان بعد شعوره بالرعب والصخب الذي لا يعمده بقدر ما يعبر عن طاقة كامنة في داخله تعلن عن طبيعته المتمردة.
استحق زياد الرحباني أن يكون عبقريا عن جد وجدارة، فلا تسأل أحد في لبنان اليوم عنه إلا ويجيب: (زياد؟ عبقري) فحبر زياد متعدد المواهب والألوان فهو الملحن، والموزع، والمغني ومؤلف الأغاني والمسرحيات والكاتب والإذاعي والصحافي والمعلق السياسي، الذي ولد في الأول من يناير – الذي يحل علينا خلال ساعات من الآن – في مدينة أنطلياس، التي تبعد بضعة كيلومترات شمال بيروت لعائلة مارونية، وهو ابن عاصي الرحباني الذي يشكل مع شقيقه منصور الرحباني ما يعرف اليوم بالأخوين الرحباني في تاريخ الموسيقى العربية، ووالدته نهاد حداد، المعروفة بالسيدة فيروز، الفنانة اللبنانية التي تعد واحدة من أعظم الفنانين العرب.
تلقى زياد تعليمه في مدرسة الجمهور للأباء اليسوعيين في لبنان، حيث برزت موهبته الموسيقية في وقت مبكر، فقد كتب زياد الرحباني يوما في كتابه (صديقي الله) الذي دونه بين عامي 1967 و1968، وهو في عمر الثانية عشر فقط: (في الأرض ليس من كتّاب كلنا كتّاب نكتب حياتنا على الأيام وكل يخاف على حبره ولا يعطي منه الآخر)، وفي عام 1971، وبعمر الـ 15 عاما، لحن للمرة الأولى أغنية (ضلي حبيني يا لوزية)، التي غنتها الفنانة (هدى) في مسلسل (من يوم ليوم)، وفي عام 1973، كان من المقرر أن تلعب فيروز الدور الرئيسي في مسرحية (المحطة) كتابة الأخوين الرحباني التي لعب فيها زياد أولى أدواره التمثيلية بشخصية الشرطي.
وفي نفس العام، كان عاصي والده في المستشفى، فكتب منصور الرحباني كلمات أغنية تعبر عن غياب عاصي أسماها (سألوني الناس) فقام زياد بتلحينها في السابعة عشر من عمره لتكون هذه الأغنية الأولى التي يلحنها زياد لوالدته فيروز، والتي لاقت رواجاً وإستحساناً واسعاً لدى الجمهور العريض، وتقول كلماتها:
سألوني الناس عنك يا حبيبي
كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا
بيعز عليي غني يا حبيبي
ولأول مرة ما منكون سوا
سألوني الناس عنك سألوني
قلتلن راجع أوعى تلوموني
غمضت عيوني خوفي للناس
يشوفوك مخبى بعيوني
وهب الهوى وبكاني الهوى
لأول مرة ما منكون سوا
طل من الليل قلي ضويني
لاقاني الليل وطفى قناديلي
ولا تسأليني كيف استهديت
كان قلبي لعندك دليلي
واللي اكتوى بالشوق اكتوى
لأول مرة ما منكون سوا
وفي عام 1975، قام زياد لاحقا بكتابة موسيقى المقدمة لمسرحية (ميس الريم) التي مثل فيها أيضا دور الشرطي.
شكل زياد شخصية جدلية، ليشكل من خلال كتاباته ومسرحياته شخصية سياسية على تماس مع واقع الشعب اليومية، شخصية تمتاز بطابعها النقدي للسياسة اللبنانية ومنحازة انحيازا كاملا لقضايا المضطهدين من وجهة نظره، ففي محاوراته الهجائية تحت عنوان: (بعدنا طيبين، قول الله)، التي أذيعت من إذاعة لبنان الوطنية في عامي 1976 – 1977، أي بعد سنة على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، وجه زياد انتقادات لاذعة لسياسي اليمين اللبناني داعما الفقراء، بحسب تعبيره، الواقعين تحت (سيطرتهم العسكرية)، وعندما حوصر هؤلاء عسكريا من قبل الجيش العربي السوري لم يوفر زياد الجيوش المحاصرة من نيران انتقاداته الحامية لهم .
أما في المسرح فقد كانت مسرحية (سهرية)، المسرحية الأولى التي كتبها ولحنها زياد الرحباني في العام 1973 والأخيرة في سجل زياد المسرحي الذي ينتمي إلى الخط الذي أرساه في وقتها الأخوين منصور وعاصي الرحباني وما عرف بالمدرسة الرحبانية، حيث كانت تتعامل مسرحياتهم مع القصة كوسيلة لإمرار الأغاني، دون أن تعطى الأهمية الكبرى لها، ابتداء من العام 1974، ومع مسرحيته الثانية (نزل السرور)، مرورا بـ (بالنسبة لبكرا شو؟) عام 1978، (وفيلم أميركي طويل) في عام 1980، (وشي فاشل) عام 1983، وصولا إلى (بخصوص الكرامة والشعب العنيد) في عام 1993، (ولولا فسحة الأمل) عام 1994.
كما أن له مشاركته الخاصة مع المخرجة (رندة الشهال) عام 2003 في العمل السينمائي (طيارة ورق) بالتمثيل والموسيقى التصويرية، والتي لاقت تفاعلا قويا من الجماهير، في سوريا بعد إقامته بعض الحفلات في العاصمة دمشق، باعتبارها عاصمة الثقافة العربية، استمرت لأربعة أيام متتالية بعد أن عادت أمه السيدة فيروز إلى دمشق من خلال عرض مسرحية (صح النوم) خلال احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية عام 2008، وشارك (الرحباني) في إعداد ألبومات غنائية لعدة فنانين من الأصدقاء منهم: ألبوم (أحمد الزعتر) لخالد الهبر من خلال التوزيع الموسيقي، ألبوم (امرأة خطيرة) لشربل روحانا من خلال الغناء والتلحين والتوزيع الموسيقي، ألبوم (شي جديد) لفرقة (كلنا سوا) السورية من خلال التوزيع الموسيقي وهندسة الصوت، ألبوم (معلومات مش أكيدة) للمطربة لطيفة حيث كتب ولحن بعض الأغنيات.
ويمكنني القول أن مسرحيات زياد اتخذت طابعا سياسيا سهلا ممتنعا تلعب فيها القصة دورا أساسيا يحاكي من خلالها عن قرب الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد بأسلوب نقدي ساخر، فعلى سبيل المثال، كتب في إحدى المرات (ما في شعب ما بيوعى، في شعب بطول تا يوعى… أوقات بطول كتير قدنا نحنا، بس بدو يرجع يوعى)، ولم يخفي يوما (زياد الرحباني) إنتمائه السياسي، هو الفنان (الغير شكل) ينتقد الفنانين الذين لا يعبرون عن أرائهم السياسية خوفاً منهم على خسارة جمهورهم .
وزياد صحافي أيضا، كتب في صحيفتي (النداء والنهار) وفي صحيفة (الأخبار) دعما لانطلاقتها، فهو الذي ولد وترعرع في منطقة كانت تقع في الماضي تحت سيطرة الأحزاب اليمينية المسيحية، ولطالما كان يساريا منتميا إلى الحزب الشيوعي اللبناني، ومدافعا شرسا عنه، نافيا أن يكون هذا الحزب قد اندثر من لبنان بخلاف ما يعتقده البعض، ومن ناحية أخرى وفي مقابلة لزياد الرحباني على قناة (الميادين) مع الإعلامي (غسان بن جدو)، اعتبر فيها أن تدمير مخيم اللاجئين الفلسطينيين، تل الزعتر، من قبل المليشيات المسيحية اليمينية عام 1976، كان السبب الأساسي وراء خروجه من بيئته سياسيا، كما صرح خلال المقابلة عن دعمه للمقاومة ومشروعها في مواجهة العدو الإسرائيلي .
حياة زياد الرحباني العاطفية عاصفة أيضا كحياته الفنية والسياسية، ففي عام 1979، تزوج زياد من السيدة دلال كرم، وأنجب منها إبنا أسماه عاصي على إسم والده، كانت كرم تقطن في ما كان يعرف يومها بالمنطقة الشرقية، أما زياد فكان يعيش في الغربية وكان الانتقال من منطقة إلى أخرى صعبا جدا، وفي العام 2009، طلق زياد الرحباني كرم، وبعد إجراء فحوص الـ (DNA) تبرأ زياد من إبنه عاصي الذي تبين أنه ابن طليقته وليس ولده، وفي المقابل تساكن زياد مع الممثلة اللبنانية المشهورة كارمن لبس، أي عاشا سويا من دون زواج لمدة خمسة عشر عاما، حيث تركته بعدها معتبرة أن زياد رجل لا يمكن أن يحقق حلمها بالاستقرار.
تأثر زياد الرحباني في أعماله بموسيقى الجاز والكلاسيكية والبوب، والموسيقى الشرقية مثل زكريا أحمد وسيد درويش، اشتهر في لبنان بموسيقاه الجديدة التي تعرض حال لبنان، ولكن بشكل فكاهي، كان أسلوبه يعتمد على العمق والسخرية في طريقة حل الموضوع، وفضلا عن كل ذلك فهو يمتلك مدرسة كبيرة في الموسيقى العربية والمسرح العربي الحديث، ويعد (زياد) هو أكثر الملحنين الذين تعاونت معهم فيروز رغم أنه الأكثر تطرفا، متطرف في العبقرية وفي الأيدولوجيا وقد ينسحب تطرفه في السقوط أيضا.
انتماؤه للخط اليساري.. وعماد ألحانه السخرية من كل شيء، جعلا موسيقاه مؤدلجة.. ولكن دون أن تطغى على مشروعه الفني الذي انطلق وأعلن عن نفسه منذ الصغر، فأبدع زياد وتدفقت ألحانه، ويمكن اعتبار الحس الساخر هو العنوان العريض لإبداع زياد.. وأين فيروز من ذلك، لقد غنت أغنية (البوسطة) من ألحان زياد والتي غناها من قبل (جوزيف صقر) فأعطى لهذه السخرية طابعا خاصا، وهنا لابد من لفت النظر إلى أنه وجد زياد ضالته بالتعبير عن مشروعه الحقيقي بصوت جوزيف صقر، صوت جميل معبر، فيه حس ساخر ذو طابع خاص، في تلك الفترة كان زياد يعمل تحت شروط النجاحات المبهرة للمدرسة الرحبانية من جهة، ومن جهة أخرى يطلق صوته الخاص عبر حنجرة جوزيف صقر.. ألحان ساخرة ناقدة فيها الكثير من التطريب والقليل من الأيدولوجيا.. خلطة سلسة هضمها الشعب اللبناني واستساغها الجمهور العربي.
توفي جوزيف صقر سنة 97 وكان آخر تعاون له مع زياد في ألبوم “بما إنو” سنة 96. من الواضح أن مسيرة زياد الإبداعية تمشي بخطين متوازيين لكنهما غير منتظمين، تتنازعه الأيدولوجيا حينا بما فيها من نقد اجتماعي ينحاز للطرب وفيه يصب كل طاقته الإبداعية بتكوين مفهومه الخاص عن الموسيقى، لكن يتماشى مع ذلك خطه الثاني الذي يستمر بالعمل ضمن الأطر العامة للأغنية الرحبانية محاولا التطوير فيها.
وضمن عمله مع السيدة فيروز فقد ظل الخط الثاني يضمر على حساب الخط الأول حتى جاءت تلك الليلة التي اقتنعت فيها السيدة فيروز بأغنية (مش كاين هيك تكون) ألبوم صدر في سنة 99، فامتزج بذلك الخطان مع انحياز مؤكد للخط الأول، وضمن وعيه أو وعي السيدة فيروز للتقليل من صدمة محبيها عند سماعهم لكلمات من قبيل (ضاق خلقي يا صبي)، أو أغنية فيها كلمات (الصابون، ومش كاين هيك تكون).. ضمن هذا الوعي قررت أن يطعم ألبوم (مش كاين هيك تكون) بألحان تتماشى مع جمهورها القديم فتعاونت مع الملحن السوري محمد محسن لغناء بعض المقطوعات الشعرية وبألحان لم يعد يأبه لها الجمهور لاحقا في ظل تغول ألحان زياد الساحق ضمن ذلك الألبوم.
في ألبوم (ولا كيف) سنة 2001 مع السيدة فيروز كانت روح زياد مسيطرة تماما عليه دون أي اعتبار لتاريخ السيدة فيروز، هذا الألبوم ظل مثيرا للجدل وبعد تسع سنوات استعاد زياد حيويته بألبوم (في أمل)، مازجا بين الخطين ببراعة ومؤثرا خط الأغنية الرحبانية بقوة على الخط الأول، يدل على ذلك تسمية الألبوم باسم أغنية رحبانية بامتياز لكن بروح هذا الفتى الذكي المعذب، والذي ظلت حياته وعذاباته تطل بوجهها الصغير من خلال الموسيقى التي يمنحنا إياها دائما.
وأخيرا لابد لي من تحية تقدير واحترام لعبقري الموسيقى اللبنانية (زياد الرحباني)، الذي ربما لا تستطيع أن تستوعب ما يفاجئك في موسيقاه من أول مرة، وربما تدهشك تلقائيته وبساطته التي يتبدى فيها، ثم يبهرك بعد قليل بمدى ما تحمل تلك البساطة من عمق ودراية، وفن وعبقرية، تلك العبقرية المنسية، التي في اعتقادي أن صاحبها نفسه لا يقف على أبعادها جيدا، ولا يعيرها اهتماما من شدة تلقائيتها، تلك العبقرية التي لن يقدرها الناس ولا الدارسون إلا بعد أن يصبح صاحبها أيقونة تميز تاريخنا، وهذا يجرني لسؤال لا جواب له: لماذا عبر التاريخ، لا يقدر العظماء الحقيقيون حق قدرهم إلا بعدما ينقضي زمنهم؟، لماذا لا تبرزهم مجتمعاتهم وتفخر وترتقي بهم وهم مازالوا بينهم أحياء يرزقون؟
وحتما سيظل (زياد الرحباني) روحا تتجول بحرية في هذا الفضاء الواسع، ستراه في محطات كثيرة، تتعارك معه بعد أن تحبه، يصدمك ثم تشفق عليه.. سيرته مع الموسيقى و المدينة و السياسة والفن و المعيشة لايمكن اختصارها في خط واحد، صاعد وهابط، ساخن وباهت ملول و متحمس.. هو ارتباك السنوات الصعبة والسهلة معا، إبن الرحباني وبيروت وسليل سيد درويش وموسيقى الجاز.