أبو عيون جريئة .. درس في التلبك السينمائي
بقلم : سامي فريد
قد يصيبك الفيلم (أبو عيون جريئة) بحالة شديدة من التلبك السينمائي – ولا يمكن لعلاج حالتك هذه أو الخروج منها إلا بنشاط مفيد يغسل لك ما حدث وابتليت به.. كأن تقرأ كتابا مهما أو أن تشاهد فيلما آخر سينمائيا ولكن بجد هذه المرة!.
والفيلم يمكن أن نطلق عليه اسم فيلم (المظاليم) وأولهم الفنان القدير محمود المليجي رئيس العصابة المتخصصة في السرقة ولكنها هذه المرة تسرق رأس سيدة من كلية طب الإسكندرية (!).. ولماذا؟ لأن البروفيسور شتوف الألماني واستيفان روستي جاهز لأن يدفع 150 ألف جنيه لمن يأتيه برأس سيدة شريفة وعاملة ومتزنة ليضعه في رأس زوجته المستهترة الخليعة الراقصة كيتي التي لا يستطيع الاستنغناء عنها لأنه يحبها (هكذا).. هكذا أراد المؤلف جليل البنداري في قصته التي يستحيل ان تدور إلا في رأسه هو ليقع من ضمن الضحايا فنان كبير مثل محمود المليجي وآخر مثل إسماعيل يس (نبيه) الذي لم ينجح في تحريك ولو شعر كوميدا واحدة في جمهور السينما في هذا الفيلم.
ولو تطرقنا ألي باقي ممثلي الفيلم وهم مجموعة سبق لها العمل في العديد من الأفلام ورحب بهم الجمهور فيما أحبهم .. كان منهم زينات صدقي أم زهرة العلى (نواعم) وهى امرأة مصابة بصداع دائم فيكون من نصيبها أن تعالج عند لبروفيسور شتوف (استيفان روستي) لينقل مخها إلى رأس زوجته كيتي التي تتحول بعد الجراحة الي امرأة بنت بلد سليفة اللسان فقد أصبحت هى زينات صدقي التي تحولتها الي كيتي بشخصيتها اللعوب المستهترة فترقص وتغني وتشرب الخمر.. بل وترتدي المايوه ايضا وأين؟ في بيتها وهو دور لا ندري كيف ارتضته زينات صدقي التي اشفقنا عليها ؟ .. لكنها هكذا كانت القصة العجيبة التي لم يعرف أي من القائمين على الفيلم ماذا يصنع بها فكان ما كان.
بدأ الممثل القدير محمود المليجي في الفيلم تائها لا يعرف ما هو الدور الذي سيتقمصه ولا معقولية القصة أو عدم معقوليتها فكان يردد كلام الحوار وكأنه يردد ما يسمعه من المؤلف دون اقتناع.
ولنقس على هذا أدوار ممثلين لم تتجاوز أدوارهم في الفيلم مشهدين أو ثلاثة على الأكثر مع جملة أو جملتين وبغير نفسه.. كان منهم صلاح نظمي الذي كان في الفيلم كظل محمود المليجي ولكن بدون حوار.. أو رياض القصبجي الذي أدهشنا في أفلام مثل سمارة أو الاسماعيليات.. إسماعيل يس في الجيش أو في الاسطول أو في الطيران وغيرها.. وكان أيضا من أقدر من لعب أدوار الشر بملامحه القاصية والمتجهمة.. وقد اقصتر دوره في هذا الفيلم على مشهدين فيما أظن.. أحدهما وهو يفتح الباب للمليجي والثاني وهو يسحب نبيه (إسماعيل يس) إلى البروفيسور شتون لينزع مخه لحاجته إليه في استكمال تجاربه.. لكن إسماعيل يس وقد فشل في إضحاكنا إذ لم يكن نعرف حقيقة من هو في الفيلم إلا كيف ظهر فيه ولا ماذا يفعل سوى أنه وبكل جراحة استئصال مخه يقوم بضرب البروفيسور الألماني (شتون) على رأسه بغازة يجدها الي جوار فراش العملية.
ولو لجأنا إلى أسلوب شيخ النقاد الرياضيين نجيب المستكاوي – يرحمه الله – في وضع درجات للممثلين لحصل محمود المليجي مثلا عن دوره في الفيلم الذي بدا واضحا انه قد قبله من أجل أن يدفع أجرة الشقة وسنعطي المليجي مثل اثنان من عشرة وإسماعيل يس إثنان أيضا من عشرة وزينات صدقي على جرائها في الفيلم وقبولها به ىرغم عدم اقتناعها الذي بدا واضحا ثلاثة من عشرة، أما زهرة العلا الفنانة القدير دائما فكان واضحا أن المخرج حسن الصيفي زوجها قد زج بها في الفيلم بدلا من انتظاره في البيت.. ولم نكن لنعرف كيف ظهرت في الفيلم ولا ماذا تفعل فيه، فهى في أحد المشاهد فتاة عصرية مرسلة الشعر وفي مشهد آخر فتاة ذات ضفائر لتدل على أصلها البسيط، ويمكن هنا بعد كل هذا العك أن تعطيها ثلاثة من عشرة بالعافية.
أما عبدالنبي النجدي الخادم الريفي في شقة أو عيادة الدكتور شتوف والذي لابد أن اختاروه ليضيف مهما إلى الكوميديا فأضاف البلاهة ورقاده على فراش العمليات واحد إلى مشاء الله ولكن باللغة الفرنسية حتى نضحك، لكننا نكون قد أوشكنا على البكاء.. والمشهد الوحيد الذي يمكن أن يكون قد أصابنا بصدفة الضحك غير المتوقع عندما فتح البروفيسور رأس نبيه (إسماعيل يس) قفزات منه حشرة كالخنفسة ولنكتشف أن رأسه كان بلا مخ!!
ناهيك عن سذاجة غرفة العمليات وسذاجة التخدير بالقطنة المبللة ببعض الكحول ومتى؟ في إجراء عمليات نزع أو استئصال المخ!
وينتهي الفيلم.. ولابد أن ينتهي لأنه حرام أن يستمر أكثر من هذا.. ينتهي بالبروفيسور وقد أبى الكل من أجرى لهم الحراجة فمخ الأول ليعود كل شيء إلى سابق أصله لكنه يكون قد أبلغ الشرطة ولا ندري لماذا بأن المليجي وعصابته يسرقونه فيتم القبض على الجميع.. وفي مشهد (عبيط)، وهذا أقل ما يمكن أن يوصف به، تلوح لنا زينات صدقي لكنها من عربة الحنطور إلى ركبتها عائدة إلى بيتها لتنزل كلمة النهاية فنحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه!!