أهرامات مصر العظيمة
بقلم : فراس نعناع
أثار الملياردير الأمريكي (إيلون ماسك) صاحب ومؤسس (تسلا) الشركة العملاقة جدلاً واسعاً، عبر تغريدة على منصة “تويتر” مفادها أن بناة الأهرامات “كائنات فضائية” جدلاً واسعاً عبر العالم، وخاصة من قبل المختصين والآثارين المصريين، حيث رد عليه الكثيرين أصاحب الرأي والاختصاص وعلى رأسهم ، مدير آثار أهرامات الجيزة “أشرف محي” وقال: “بأنها خزعبلات كونه يتمتع بخيال واسع” ، حيث لا دليل علمي واحد على الإطلاق على كلامه، بينما لدينا أدلة عديدة كون من بنى الأهرامات هم المصريين القدماء.
وكوني من محبي وعشاق حضارة مصر القديمة، وأتابع الدكتور “زاهي حواس” وهو الذي اكتشف “مقابر العمال” بناة الأهرام والتي تعود إلى (الأسرة الرابعة -٢٦٤٩-٢٥١٣ ق.م)، وهى بمثابة مقابر خاصة تعود للملك خوفو(٢٦٠٩-٢٥٨٤ ق.م) والملك خفرع (٢٥٧٦-٢٥٥١ ق.م)، والذي يعد اكتشافاً كبيراً ومذهلاً للعالم وللحضارة المصرية القديمة، والتي بدأت عام ١٩٩٠ من القرن الماضي البعثة المصرية برئاسة الدكتور (زاهي حواس) البحث والتنقيب إلا أن اكتشفت تلك المقابر والتي تقع جانب الهرم الكبير وتشرف عليه. وهذا ما أكده الدكتور حواس على صفحته على موقع فيس بوك قبل أيام ورفض ما كتبه (إيلون ماسك)، بل وأكد حواس من خلال المكتشفات عدم صحة ما يقال حول أنهم كانوا عبيداً، وأسماء بعض هؤلاء العمال مكتوبة.
وإذا ذهبنا بعيداً عن أهرامات الجيزة ، لوجدنا الكثير من المكتشفات والتي كشفت لنا العديد من الاسرار ، وعلى رأسها على سبيل المثال، لا الحصر مكتشف كتاب أسرار الموتى ، أو لفافة (آني).
إذ يُعتَبر كتاب الموتى، أو لفافة (آني) أول وثيقة دينية والتي تعود لأكثر من 4000 عام، وهى الرسالة الأبدية التي يلفّها الغموض، وهى بمثابة تصوّر ليوم الحساب الذي شغل البشرية منذ آلاف السنين، وهى تذكير بالمومياءات الغامضة وتذكير بفنائها، ووعد لها بالخلود، (كتاب الموتى) ذلك اللُغز القديم الذي آمن بحياة ما بعد الموت.
هو بمثابة المُرشد الوحيد عبر لفائف وتعويذات، تساعد في حياة ما بعد الموت والبحث عن سرّ الخلود، وقد اهتمّ المصريون القدماء بحياة ما بعد الموت، أكثر من الحياة العادية الدنيوية، (آني) هى إحدى الشخصيات التي يذكرها لنا التاريخ عبر مكتشفة (كتاب الموتى) في طيبة والذي يقول فيه: أيّتها الآلام، أناديك أيها القلب. آه منك يا قلبي أرجوك، لا تخدعني في العالم الآخر.
لقد ساهم المصريون ببناء الدولة الحديثة وامتدّوا إلى فلسطين وسوريا وبلاد النوبة، ولقد شغلت حضاراتهم “فكرة الموت وما بعدها” وكانت تؤرِق (آني) والذي يعتقد بأنه كاتب ديوان الحاكِم وقتها، وبدأ بالبحث عن سرّ الأبدية الطويلة فوثّقها وكتبها عبر لفافته الشهيرة والتي رسمها سنة 1250 ق.م وطولها 78 قدماً، والذي اكتشفها السير (أرنست طومسون باج) عالِم الآثار البريطاني الشهير الذي أتى إلى مصر سنة 1887م.
لقد كان رجلاً يسرق وينهب ويشتري الآثار المصرية – حسب رأي زاهي حواس – مدير الآثار الفرعونية المصري السابق ، وكان (باج) يعرف الهيروغليفية وأحد أشهر العاملين في المتحف البريطاني آنذاك، حيث أرسل إلى مصر ليجمع الآثار منها، حيث كانت اكتشافات الآثار في مصر العُليا قد وصلت أخبارها إلى كل أوروبا ومتاحفها، حيث ذكر (باج) في مذاكرته، مطلع القرن التاسع عشر والذي كان عصر ازدهار عِلم الآثار وتجارتها وسرقتها. والذي سجنه الفرنسي (يوجين ديبو) حين كان وقتها مدير المتحف المصري، إلا أن (باج) هرب مع مُكتشفاته التي حصل عليها أو سرقها من الأقصر وأهمها (كتاب الموتى) أو (لفافة آني) في طيبة، وكان قد جمَعَ كل الآثار من مصر لصالح المتحف البريطاني، ويقول عن كتاب الموتى بأنه (إنجيل المصريين القدماء) الذي كتبه آني وهو الذي يُعتَبر (أدب الموتى) الذي كان حِكراً على الأسرة الحاكِمة التي تستطيع فعل ذلك لكلفته الباهظة، وربما كانت الفئات المتوسّطة والفقيرة تطمح لذلك وتمارس تلك الطقوس.
إن (كتاب الموتى) أثّر في اليهودية والمسيحية وكل الأديان في البحث عن الفردوس المنشود كجوهرٍ للآخرة، ومشاركة مَن تحبّ أن يكون معك في مسيرة الخلود، وربما كتاب الموتى الفرعوني والذي يبحث عن طريق حقل القصب المبارك كما كتبه “آني” وبحث عنه هو وكل مكوّنات الحضارة الفرعونية، ما ساهم في خلق فكرة الجنّة عند الآخرين، وربما هناك تشابه في حضارات بلاد الرافدين في البحث عن سرّ الخلود.
بالتأكيد من كتب وبنى تلك الحضارة المصرية القديمة هم أبناء مصر، وهذا ما يؤكده علم الآثار والمشتغلين في حقله، حيث لا مكان للأحلام والتخيلات والمراهقة الفكرية، فالعلم هو من قادنا إلى تطور الإنسان عبر مكتشفاته، ومن بنى الأهرامات هم أبناء مصر، وليتسلى صاحبنا بخيالاته وكائناته الفضائية بعيداً عن حضارة مصر العظيمة.