كمال الشناوي .. غرام بائعة الفول السوداني (1)
* زينب أول حب في حياته حال أستاذه بينه وبينها
* جده كان وراء تحول زكية إلى زوزو
* شعر بالندم لما وصلت إليه زكية
* نجمة سينمائية كبيرة حاولت التحرش به في بداية مشواره الفني!
كتب : أحمد السماحي
بوسامته وأناقته، ورشاقته ودقة قسماته وتناسقها، وشاربه المميز وشعره الأسود الفاحم الغزير اللامع، وقوامه الممشوق المتفجر بالحيوية والشباب، وصوته المميز الذي لا تخطئه الأذن، والذي يستطيع التحكم في نبراته وطبقاته من حيث القوة والضعف والارتفاع، استطاع النجم الكبير الراحل “كمال الشناوي” أن ينفذ إلي قلوب العذاري ويصبح في فترة من الفترات رمز من رموز الحب، حتى أنه عندما كان يفتح نافذة بلكونته – كما ذكر لي – في نهاية الخمسينيات والستينيات، في شقته المطلة على مدرسة الأورمان الثانوية للبنات كانت بعض الفتيات يصرخن والبعض الآخر يصبن بالإغماء من شدة حبهن لهذا “الدنجوان” الذي كانت صوره تزين غرف نومهن.
لم يعش أحد من النجوم حياة عاطفية ساخنة كما عاش “كمال الشناوي”، فهو بجانب أنه تاريخ فني طويل وحافل بالأعمال الفنية المشهود لها بالروعة والجمال، لكنه في نفس الوقت تاريخ مليئ بالحب كله، والمشاعر والأحاسيس، ربطت بيننا صداقة وطيدة منذ بداية عملي الصحفي، ولدي تسجيلات يحكي فيها قصص أفلام كتبناها سويا، لكن هذه الأفلام لسبب أو لآخر لم تخرج للنور، ومن أجمل الحوارات التى أجريتها معه حوار نشر على حلقات فى مجلة “الأهرام العربي” في باب كنت أحرره بعنوان “النجوم والحب”، هذا الباب الذي اعترف فيه كثير من النجوم بأسرارهم العاطفية، ومن بين هؤلاء النجوم كان النجم “كمال الشناوي” الذي كان الحب يعني له الأمان والحنان والدفء والطمأنينة والسعادة والتفاهم.
بدأ “كمال الشناوي” مشواره العاطفي باكرا وهو في كلية التربية الفنية، وهذه التجارب الأولى لم يكن يسميها حبا، لكنها كانت مرحلة من مراحل اكتشاف اللون والطعم والرائحة والأنوثة، فنظرته إلي المرأة تختلف عن نظرة أي رجل للمرأة فبحكم أنه رسام أوفنان تشكيلي، وكثيرا ما رسم موديل “نساء عرايا” لذلك أكثر ما كان يجذبه في المرأة وجهها وابتسامتها وعيناها، ثم يأتي أي شيء بعد ذلك.
زينب أول حب
أثناء دراسته في كلية التربية الفنية وقع في حب موديل اسمها “زينب” كانت فتاة سمراء بنت بلد ترتدي ملاءة لف سوداء، وعلى قسط وافر من الجمال، وكشاب صغير مراهق تعلق بها وهى كذلك، وبدأ يلتقيان سرا وباستمرار، دون أن يلاحظ أحد ذلك، ومع مرور الأيام بدأ يشعرا أنهما لا يستطيعان الاستغناء عن بعض، وفي أحد الأيام ورغم تسترهما علي حبهما انكشف هذا الحب!، حيث كان مع طلبة الرسم وجاءت الساحرة السمراء ليرسمها الطلبة، وخلعت ملابسها كالمعتاد، ثم استقرت علي المنضدة التي تتوسط المكاتب في الوضع الذي حدده لها الأستاذ.
وكانت “زينب بالنسبة لمكتب “كمال” في زاوية جانبية أي أنه كان يراها “بروفيل” ولا تكاد تراه إلا بطرف عين، وبدأ ” كمال” وزملائه في الرسم وانشغل كل طالب بالورق الذي أمامه، وبقي الأستاذ غير بعيد يتابع إنهماك طلبته في العمل، ولاحظ أن أغلب الطلبة بدأوا استعمال الأستيكة في إزالة خطوط القلم الرصاص، ثم البدء من جديد، وهو أمر لم يكن مألوفا ولا يمكن أن يصدر إلا إذا كانت الموديل قد غيرت وضعها، ونظر الأستاذ إلي “زينب” فوجدها قد فعلت هذا فعلا، وأصبحت عيناها في مواجهة “كمال” تماما، فطلب إليها بحزم أن تعود إلي الوضع الأول السليم، ثم همس في أذن تلميذه قائلا: أرجو يا شناوي بعد انتهاء الدرس تمر علي في مكتبي، وبطبيعية شديدة لم تفقده حزمه قال له: كما أنه ليس من حق الطبيب أن يحب ممرضة، ولا يجوز لمحام أن يوقع إحدي عميلاته في حبه، أيضا لا يصح أن ينشيء طالب علاقة مع موديل، وإلا قطع رزقها، ومنع الكلية من التعاون معها، وبعد هذه الأمثلة سأله الأستاذ: هل أنت علي علاقة بزينب؟ وأطرق الشناوي برأسه ولم يجب، فقال الأستاذ: حتي لو أنكرت لما صدقتك فقد وشت بالعلاقة عيناها، ولم يتركه يغادر مكتبه إلا بعد أن وعده بأن يقطع علاقته بالموديل السمراء وقد كان.
زكية التى أصبحت ” زوزو”
لم تكن “زينب” هى الفتاة أو “الموديل” الوحيد الذي وقع في حبها ” الشناوي” فبعد تخرجه من كلية التربية الفنية أوشك أن يحب موديلا أخري صادفها على مقهي في شارع “خيرت” في الجيزة حيث كان من عادات شباب المنطقة أن يترددوا على هذا المقهي، وفي أحد الأيام وجد فتاة سمراء – ذات وشم صغير في وسط الذقن، وعينين شقيتين ذكيتين فيهما نظرة صادقة، وفيهما نداء غريب صامت – تحمل مشنة صغيرة علي رأسها وتمشي بخطوات إيقاعية فلا تسقط المشنة من علي رأسها، كان من عاداتها أن تضع يدها في المشنة وتضع الفول أمام الجالسين على الموائد، ثم تجمع القروش التي يجودون بها عليها وتمشي.
وأعجبته جدا كرسام وصمم على رسمها وبدأت ينتظرها كل يوم فلم تخلف موعدا، كانت دائما تجيء في الخامسة بعد الظهر، واعتاد أن يشتري منها الفول، وفي أحد الأيام عرض عليها أن يرسمها فدقت “زكية” بيدها على صدرها علي طريقة بنات البلد وقالت بكلمات مبطنة بالريبة والشك في قصده ترسمني أنا ليه يا سيدنا الأفندي؟! وكان السؤال على بساطته من الصعب الرد عليه وعلي الأصح إقناعها برد معين، ولكنه أثنى علي جمالها وطابعها الخاص، وبعد تردد وافقت أن يرسمها في أحد الغرف على سطح منزله.
وبعد مرور أيام سمع “الشناوي” جلبة وضجيجا على السلم وفجأة اتخلع باب الغرفة، ووجد جده الذي كان يسكن معه في هذا الوقت، بعد أن ترك أهله في المنصورة، يصرخ ويتهمه بالفساد والفجور، بل وينهال عليه ضربا وهو يصرخ: يا مجرم يا منحرف أحلق شاربي لو فلحت؟!، وبعد أن انتهي من عقابه بيده ولسانه استدار جهة “زكية” وراح يضربها ويركلها ويصفها بأنها عاهرة رخيصة تحاول إفساد أخلاق حفيده، وتسللت المسكينة هاربة، ولم يرحمها أهل الحي بالطبع الذين شاهدوها تغادر البيت والدموع في عينيها واللعنات تطاردها واختفت “زكية” من الحي.
وبعد سنوات وبعد احترافه التمثيل في الإذاعة وأثناء جلوسه مع زملائه الفنانين “فريد شوقي وعبد المنعم مدبولي وعبد البديع العربي” علي أحد المقاهي مرت بهم فتاة جميلة جدا ترتدي ثوبا على أحدث طراز وتقص شعرها علي طريقة ذيل الحصان، ونظرت الفتاة إليهم جميعا ثم اختصت “الشناوي” بابتسامة حلوة أطالت النظر إليه، فانتحل عذرا لمغادرة المقهي وما إن رأته الفتاة يخرج من المقهي حتي سارعت إلي شارع جانبي، فذهب إليها، وما إن دقق النظر إليها حتى صاح” زكية”! فقالت وهي تبتسم: لا زوزو يا أستاذ كمال، وركبا أول سيارة أجرة وفي أحد الكازينوهات الهادئة علي شاطيء النيل لم تتكلم “زوزو أو زكية” كثيرا عن التحول الذي طرأ عليها، ولم يكن في حاجة إلي كلماتها ليعرف أي الطرق سلكت؟! وماذا باعت بعد أن كانت تبيع الفول السوداني وتركها وهو يسأل نفسه هل كان مسئولا عن انحرافها؟
النجمة التى حاولت التحرش به
ظلت ” زكية أو زوزو” تطارده في الأحلام وهو يأنب نفسه ويؤنب جده، وأثناء ذلك وفى نهاية الأربعينات دعته نجمة شهيرة جدا في هذا الوقت لزيارتها في منزلها، لكي تتحدث معه عن فيلم ستقوم بإنتاجه خصيصا له وتشاركه بطولته، وبعد دخوله المنزل قالت له الشغالة: الست نائمة وسوف تستيقظ حالا، فجلس ينتظرها.
وأثناء انتظاره لفت نظره وجود ألبوم صور، وعند تصفحه وجده يضم صورا من بعض أفلامها، وبين صور الألبوم كانت هناك صور لها عارية تماما، وأثناء استعراضه لهذه الصور، دخلت عليه النجمة الشهيرة، وشهقت شهقة من الأعماق وقالت بلهجة تمثيلية واضحة: يا ندامتي إيه اللي حط الصور دي هنا؟!، لا لا وريني كده يا كمال وحاولت أن تستردها منه، فقال لها والصور في يده: لا تنزعجي أنا أتفرج علي هذه الصور بعين الرسام المصور وليس بعين أخري!
فقالت وهي تظهر أنها مكسوفة : مش بذمتك أنا عندي جاذبية؟! فقال لها: فعلا إنما هذا الوضع كان يجب أن يكون بشكل كذا، وهذا البوز بشكل كذا، وهذه القعدة خطأ، واستمر يتحدث في أمور لم تكن هي لتتصور أنه سيتكلم بها، فهي كانت تتصور أنه سيقول لها: يا سلام ما هذا الجمال الفتان أو يعدد لها محاسنها ويصف لها إعجابه به فلم يعجبها ما قاله، وسألته في أسى يعني ده بس اللي لفت نظرك يا سي كمال؟!
فسألها ماذا تقصدين؟! فقالت بغضب: مش عارفة!، وبدأت تعامله بجفاء بعد أن كانت تعامله من قبل بلطف شديد، وبعد دقائق جاءها اتصال هاتفي فانشغلت به وعندما طلب الانصراف، قالت بتهجم شديد وكأنها تنتظر هذا الطلب: مع السلامة يا أستاذ؟!
……………………………………………………………..
في الأسبوع القادم نستكمل الحكايات…