رجاء الجدواي .. “مانيكان قصر النيل” التى نجحت في التمثيل
كتب : شهريار النجوم
اليوم يبكي الوسط الفني كله قلبا لم ينبض بغير الحب والحنان، يبكي ابتسامة تتوارى في مواجهتها الأحزان، يبكي تواضعا تستحي أمامه الكبرياء، يبكى سفيرة سلام ومحبة كانت تفتح لها عواصم المشرق والمغرب ذراعيها في ترحاب، تبكي فنانة منحتها السماء الرقة والأدب والجمال والثقافة، مما جعلها تنفذ إلى أعماق النفوس، نبكي جميعا الفنانة “رجاء الجداوي” التى حظت على مدى مشوارها الفني الذي بدأ عام 1959 وانتهى 2020″ بحب المشاهدين واحترام الفنانيين.
ناشرة السعادة
كانت تنشر التفاؤل بين أصدقائها، وتعامل الجميع على طريقة فرسان الزمن القديم، بكل حب وشهامة، ولا تترك مناسبة سعيدة أو حزينة إلا تجدها، حتى أن الفنان الكبير “سمير غانم” أطلق عليها “رجاء تعازي” بدلا من “رجاء الجداوي”، أحبت كل من اقترب منها ونجدت كل ملهوف، ومسحت دموع كل محزون، جمعت بين الإسهام في الفن والإسهام فى الحياة العامة، كانت ابتسامة على شفاة الحياة، وكانت ابتسامتها تتسع لكل الناس، وقلبها يتسع لحب الإنسانية، وكلماتها تتسع للخير والحب والأمل.
كثير من الفنانات كن يعتبرونها بئر أسرارهن، فهي كانت قادرة على حضن مشاكل الآخرين والتعاطف معهم وفتح نافذة الأمل والحياة أمامهم، كما فعلت مع الكاتب والسيناريست “تامر حبيب” الذي أنقذته من اليأس والإحباط.
ملكة جمال القطن
بدأت “رجاء الجداوي” مشوارها من خلال عروض الأزياء التى حققت فيها نجاحا كبيرا، وأطلق عليها عدة ألقاب منها “ملكة جمال القطن، ومانيكان قصر النيل”، هذا النجاح جعل المخرج “هنري بركات” يستعين بها في بطولة فيلمه “دعاء الكروان” مع سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامه وأحمد مظهر، زهرة العلا، ناهد سمير، حسين عسر”، ونجحت فى دور “خديجة بنت المأمور” نجاحا كبيرا، وفى نفس العام عرض فيلمها الثاني “غريبة” مع “نجاة الصغيرة وأحمد مظهر وأحمد رمزي”، كما شاركت في بطولة فيلم “إشاعة حب” مع عمر الشريف وسعاد حسني، وتوالت أفلامها السينمائية التى حققت فيها نجاحا كبيرا، يتناسب مع حجم الأدوار التى كانت تسند إليها.
عادل إمام يعيد اكتشافها
رغم هذا النجاح الفني المبكر، ورغم إنها عارضة الأزياء الوحيدة التى نجحت كممثلة لم يختل توازنها كمعظم النجوم من الشباب الذين يتصورون أنهم خلقوا للفن وحده، وأنهم أصحاب مواهب لن تتكرر، وعندما بدأ التليفزيون المصري إرساله كانت من نجومه الأوائل، لكن نظرا لرشاقتها وثقافتها وإجادتها لأكثر من لغة، فقد تم حصرها فى أدوار بنت الذوات، أو الست الشريرة التى تخطف الرجل من زوجته، وظلت تقدم هذا الدور فترة كبيرة، حتى أعاد الزعيم “عادل إمام” اكتشافها في الأدوار الكوميدية من خلال أعماله المسرحية وأولها “الواد سيد الشغال”.
رغم عمل “رجاء الجداوي” في كثير من الأعمال الفنية، لكنها فى إحدى الجلسات التى جمعتني بها فى قناة “أوربت” مع الناقد السينمائي الكبير “طارق الشناوي”، حكت لنا أنها رغم انتشارها في كثير من الأعمال التليفزيونية لكنها لا تحصل على مبالغ كبيرة كما يعتقد كثير من الجمهور، وفي أحيان كثيرة تمثل الأدوار الثانوية بدون أجر نظرا لصداقتها بأحد العاملين في العمل الذي تم الاستعانة بها لأجله.
ستعيش “رجاء الجداوي” فى وجدان كل من عرفها، وحسبها إنها رحلت وهي فى وسط الميدان، وسلاحها الفني مشرع في يدها، وإيمانها قوي مكين في قلبها، لتعود إلى ربها راضية مرضية تدخل في عباده وتدخل جنته.