ملف أعده : أحمد السماحي
على جناح الحرف الصادق والمشاعر النبيلة برع في وصف الحبيبة وفي حب الوطن، ولأن الوطن والحبيبة يعتبران من أثمن الأشياء التي يملكها الإنسان، فقد تفانى غنائيا في الذوبان فيهما باعتبار أن قد نشأ في هذا المكان وترعرع في ربوعه، وبه يقطن أهله الذين يشكلون العون والسند والأخوة، فعلى تراب هذا الوطن ولد “سيد مكاوي” المعروف مجازا بـ “مسحراتي الوطن” فوق هذا التراب المقدس حتى صار شابا، وبه أيضا كبر وصار رجلا مسئولا عن التعبير بالكلمة واللحن والموسيقى العذبة النقية التي حلقت بهم في سماء الإبداع، ثم إلى شيخ طاعنٍ في السن يملك الحكمة وعذب الكتابة واللحن، وفي ثراه ورى جسده يوم 21 أبريل1997، ولكن ظلت روحه تحلق من حولنا في سماء الإبداع الفني والثقافي.
ولأن أثمن وأسمي حب في الوجود هو حب الوطن والانتماء إليه، فإن فطرة “مكاوي” ارتبطت به، فأحبه وولاه، واجتهد في رفع شأنه، وتحسين صورته، وقد أورث هذا الحب لابنته السفيرة “إيناس مكاوي” مدير بعثة الجامعة العربية في روما، ولا يقتصر الأمر هنا على كون الوطن أعطى الإنسان خيراته منذ كان طفلا صغيرا، ويرتبط كل إنسانٍ بعلاقة حبٍ للوطن فيما يعرف باسم الوطنية، وهى مشاعر صادقةٌ في أغلب الأحيان، بل تمثل حب الوطن عند “سيد مكاوي” الذي تحل ذكراه هذه الأيام في عدم قبول إهانته أو التعرض بسوء له من طرف أو جهة ما، لقد بقى التعبير عن حب الوطن بأجمل ما في هذا الوطن.
وما أحوجنا اليوم في مجتمعاتنا العربية إلى أن نحيا تلك المشاعر والأحاسيس والمعاني التي عاشها الجمهور العربي طوال سنوات نهاية الألفية الثانية ومطلع الألفية الثالثة بمداد موسيقاه وكلماته المعبرة عن عشق تراب الوطن، في الوقت الذي يتداعى فيه شبابنا العربي في كل ناحية وصوب الى الهجرة من أوطاننا، رغم أن الوطن بمثابة الروح الأخري الذي تعيش بداخلك، والأب الأكبر للجميع، فالوطن هو دفئ النفس في برودة الدهر، والوطن ليس بقعة جغرافية بتغيرها تتغير الأزمان، بل إن الوطن هو حيث تكون بخير، وتشعر بالدفئ والأمان.
تعالوا معا نحلق في سماء إبداع “سيد مكاوي” كي ننهل من حروف كلماته وموسيقاه زادا جديدا، ربما يقوينا على تحمل مشوار الحياة الصعب في زمن التغريب والانكسار والاضطراب الذي أصاب الذائقة العربية في مقتل، فإلى التفاصيل..