الصدق والجرأة في سوق الدراما العربيه
* كثير من الفضائيات تستبعد ما يشير إلى هموم المواطن العربي الحقيقيه
* الفضائيات ترفع شعار أعطني سماجه وتفاهة وسخف أعطيك مالا
بقلم الفنان السوري الكبير: مازن الناطور
أود الحديث اليوم في مقالي هذا عن مسلسل”وجوه وأماكن” الذي يتكون من ثلاث حكايات، المسلسل تأليف “خالد خليفه”، إخراج شيخ المخرجين السوريين “هيثم حقي”، ذلك المخرج المعارض الذي يعيش في باريس منذ ٢٠١١، وتم إنجاز المسلسل في ٢٠١٤ وعرض على قناة واحدة ولم يتم عرضه بعد ذلك في أي قناة أخرى !، بسبب موضوعه الأساسي، وهو لماذا ثار السوريون على نظام الحكم في سوريه ؟! ويحكي عن المناخ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي الذي كان يسود سوريه إبان بداية ثورات الربيع العربي.
للأسف الشديد لم يتم شراء وتسويق العمل، الذي يعتبر العمل الدرامي العربي الوحيد الذي لم يخضع لمقص الرقيب في المحطات العربية، والتي أعتقد جازما إنها تعمل على استبعاد كل عمل يشير ولو باستحياء إلى هموم المواطن العربي الحقيقيه.
الرقيب يعمل عمله في دماغ الكاتب وهو يخط أحرفه الأولى في مشروعه الإبداعي، الذي إن شاهد النور ولاقى مكانا له على شاشات المحطات العربية، فبالضرورة يجب أن يكون خالي من كل شيء مهم وحقيقي!، إلاّ التفاهه والتسليه التي لاتغني ولا تسمن.. أعطني سماجه وتفاهة وسخف أعطيك مالا وفرصة للعرض !
وبالتالي ومن هذا المنطلق والمنطق الذي يسيطر على لجان شراء ورقابة المحطات ألعربية تم حجب مسلسل “وجوه وأماكن” الذي تم تصويره في “تركيا”، وشارك فيه أسماء يعتبرون من الصف الأول من النجوم في مقدمتهم “جمال سليمان، فارس الحلو، مكسيم خليل، يارا صبري، نجلاء خمري، أسامة حلال.
ولا أدعي أنه كان الأفضل والأروع، بل الأصدق والأكثر جرأة، ولا مكان لهتين الجوهرتين (الصدق والجرأة ) في سوق الاتجار في الدراما ألعربيه.
جسدت في الحكاية الثانية فى المسلسل التى حملت عنوان “القلعة” شخصية ” الحاج صالح “والد قمر – نجلاء خمري” أول طبيبة أسنان في العائلة، التى تعيش قصة حب رومانسية مع الفنان التشكيلي “علي – مكسيم خليل”، وينافسه على حبها المحامي البعثي “سالم – أسامة حلال” صديق “علي” وابن قريته، الذي يبني شبكة علاقات مع رجال الدين في القرية، ومع كل المخبرين، ومفارز الأمن، لكي يتمكن في النهاية من تشويه صورة الفنان التشكيلي الفقير والمحب “علي”.
ويستطيع من خلال اللعب على الوتر الديني أن يشوه صورة “علي” أمام الحاج “صالح” الذي يريد لابنته “قمر” أن تعيش حياة أفضل في القرية التى تعيش في ظل حكم الأمن ورجال الدين الفاسدين منهم، والمرتبطين بعلاقة منفعية قائمة على تزواج المصالح والديمومة الطفيلية، لتكون النهاية التراجيدية لـ “قمر” الشابة الحالمة الرومانسية التى تقع ضحية خبث ومكائد “سالم” وجهل والداها الذي تنطلي عليه ألاعيب سالم، وتتصاعد الأحداث التي تدور في قرية محافظة يعود فيها نحات سوري إلى القرية التي تعيش بها حبيبته التي لم يستطع أن يتزوجها ويشهدان صعود الأصولية والتطرف وحقد زوجها المتطرف على النحات عقب الأزمة السورية.