“حربي أبو رجيلة” يعتصر ألما على فراق أخته “صفية”
كتبت : سدرة محمد
إنه مشهد يجسد كل ألوان التراجيديا السوداء، حيث يدخل حربي أبو رجيلة – الذي يجسده” بعذوبة واحترافية النجم محمد رجب – في زي منتقبة في محاولة للتمويه على البوليس المنتشر خارج المنزل، وتستقبله “سنية”وتؤدي دورها بعفوية وتلقائية “زينة منصور” وتدخله الغرفة المسجي فيها جثمان أخته “صفية” التي تلعب دورها ببراءة وشفافية الفنانة “هبة مجدي”، ويكشف غطاء وجه متأملا في ذهول “صفية” داخل الكفن، ويدور شريط الذكريات في صورة “فلاش باك”، ليستعرض لحظات من الماضي الجميل له مع أخته التي تلوح بـ “كرافتة” كانت قد أحضرتها له في عيد ميلاده الأخير، ثم تنتقل الكامير إلى طاولة وضعت عليها تورتة عيد الميلاد.
يلتف كل أفراد الأسرة حول الطاولة مغنين : “يلا حالا بالا .. غنوا لابو الفصاد”، وتعود الكامير مركزة على الجثة الملقاة على السرير بينما “حربي” يقترب بخطى متثاقلة، وفي الخلفية “زغاريد” قادمة لتوها من قلب أهازيج ليلة زفاف “صفية” على “صابر” الذي جسده الفنان “محمد عز” بأداء ساحر، حيث لعب دور صديق أخيها الذي ارتبطت به منذ الطفولة، وتنتقل الكاميرا مرة أخرى إلى ذكرى يوم أن أحضر لها “حربي” طاقم الكاسات الذي كثيرا ما كانت تحلم به في خيالها، واليوم قد حقق لها حلمها في مفاجأة مذهلة لم تكن تتوقعها.
ويدور شريط الذكريات متوقفا عند ذكرى أخرى حيث يقول لها “مش ده الموبايل اللي كنتي عوزاه”، وهى ترد عليه : “ياحبيبي ياحربي .. ياحبيبي يا اخويا .. ربنا يخليك ليا يارب”، وها هى “صفية” في نفس الشريط ترقص متهللة فرحا في ليلة زفافها، وحربي يهز رأسه فرحا من نشوة اللحظة في ليلة عمر أخته الغالية على قلبه، ثم تعود الكاميرا إلى غرفة الموت من جديد، ويقترب “حربي” بخطى متثاقلة نحو السرير، وصوت “صفية” يأتيه في خلفية المشهد قائلا : “البنت غير الولد في الحكاية دي” .. قاصدة حكاية المرواغة من أخيها وصمتها في أيام زواجها الأولى، وتهربها بلطف من وجه “حربي” وزوجها “صابر”، وذلك في أعقاب وصول الفيديو الصادم لها مع أحد العاملين في محل سيدة الأعمال المشبوهة “سوزي”.
تبدأ قمة التراجيديا في أروع صورها هنا، وهو يمد يده كاشفا الكفن “وهى تقول : قلب الأخ زي قلب الأب .. ممكن يساعي أي غلطة” عندئذا ينكشف وجه “صفية” في حالة من السكون، وهيبة الموت تخيم بظلالها الكئيبة على المكان، بينما حربي يدخل في حالة بكاء هيستري وقلبه يعتصر الما وحزنا على أخته التي قتلت بلا أي ذنب، قائلا : آه .. آه ، ويلامس وجهها البريء، قائلا : “بنتي .. بنتي”، متمتما بآهات قادمة من الأعماق : آه ياصفية .. لو كان على أدفنك جوه قلبي”، ويصرخ مكلوما على فراق أخته قائلا : “آآآآآآآآآآآه .. آآآآآآآه”، ويدفن وجهه في السرير، ثم يرفعه مرة ثانية قائلا: ياااااارب”، ثم يقبلها في جبهتها، قبلة الوداع الأخيرة ، ويزيح الكفن ليغطي وجهها ثم يغلقة بإحكام بكلتا يديه.
وفي نهاية تلك اللحظات الصعبة، يبدو شارد الذهن مطأطأ الرأس، وهو يتمتم بكلمات لا تفهم منها سوى نشيجا يقول: “يارب .. يارب” لينتهي المشهد الذي يعد “ماستر سين” الحلقات الـ 22 من المسلسل الذي يلامس حياة الناس في إحدى المناطق الشعبية، ويرصد همومهم كبشر يقع عليهم الظلم من جانب من يملكون الجاه والثروة، دون أي ذنب ارتكبوه سوى النخوة والشهامة التي يتمتعون بها، ومع ذلك وبحكم الجيرة والعشرة الطبية والنفوس الطيبة التي مازالت مطمئنة تجدهم دائما في حالة حنو بالغ على بعضهم البعض، دون انتظار مقابل سوى الرضا والإحساس بالسعادة، والأمل في غد أكثر إشراقا.