رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمود عطية يكتب: ثورة (المشخصاتية) الزور!

محمود عطية يكتب: ثورة (المشخصاتية) الزور!
هذه الظاهرة التي تقتصر على فئة معينة من الأشخاص الذين أصبحوا أشبه بالحصانه في نظر الإعلام

بقلم المستشار: محمود عطية *

إذا كان هناك من شيء يستحق أن يتم تسليط الضوء عليه في سياق الحديث عن (المشخصاتية)، فهو تلك الحالة المدهشة من التضامن والتكتل الذي يظهر في كل مرة يواجه فيها أحدهم أزمة، بغض النظر عن طبيعة الأزمة أو الفعل الذي ارتكبه.

هذه الظاهرة التي تقتصر على فئة معينة من الأشخاص الذين أصبحوا أشبه بالحصانه في نظر الإعلام، على الرغم من أن أغلبهم ليس لهم أي قيمة حقيقية تذكر سوى أنهم يثيرون الضجة في كل مرة يحدث فيها شيء من قبيل الفضائح أو الأزمات.

لنأخذ على سبيل المثال تلك الحادثة الشهيرة المتعلقة بصاحبة الصورة التي ظهرت في مهرجان من المهرجانات التي لا تحمل أي مضمون ثقافي، حيث ارتدت (جيب) بدون بطانة في حدث يهدف أساسًا إلى استعراض رخيص  للأجساد وتقديم (الفن) المبتذل.

ما لفت انتباهي ليس الفعل الفاضح ذاته من جانب (المشخصاتية)، بل ما أعقب هذا الفعل من تكتل سريع لنفس الوجوه المعتادة في محاولة بائسة لتبرير ما حدث والدفاع عن صاحبة الصورة.. وكأننا نعيش في عالم حيث أفعال هؤلاء الأشخاص دائمًا ما يتم تبريرها بحجج واهية، ولا يتم محاسبتهم على تصرفاتهم المسيئة.

لكن ما يثير الدهشة أكثر هو تلك الحملة الإعلامية المضللة التي أُطلقت لدعم صاحبة الصورة، والحديث عن كيف أن الفعل كان (حرية شخصية)أو (اختيارًا خاصًا)  وأري أنه فعل فاضح في مكان عام وبعيدًا عن أي محاولة للاعتراف بأن هذا النوع من التصرفات لا يعكس سوى هبوطًا أخلاقيًا وسطحية مفرطة.

لم يتوقف تكتل (المشخصاتية) عند هذا الحد، بل تبين لنا من خلال التصريحات المستمرة أنه عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أحدهم أو تبرير أفعاله، فإن هذه الفئة لا تلتفت إلى ما إذا كان الفعل صائبًا أم خاطئًا، بل فقط كيف يمكن أن يظهروا في صورة المدافعين عن الحقوق أو الحريات حتى وإن كانت هذه الحريات تضر بالمجتمع بأسره وتكيف علي انها فعل فاضح في مكان عام.

محمود عطية يكتب: ثورة (المشخصاتية) الزور!
نقيبهم في حالة اشاباك دائم

معركة دفاعية عن شرفهم

هذه الظاهرة لا تقتصر على هذه الواقعة فقط، بل نجد أن نفس الفئة تجتمع وتتكاتف دفاعًا عن أي من أفرادها في كل مرة يُوجه له اتهام، حتى لو كان هذا الاتهام مرتبطًا بانتهاك واضح للقانون.

في كثير من الأحيان، نجد (المشخصاتية) يندفعون لتقديم الدعم المستميت والمبالغ فيه، سواء كان من خلال التصريحات الإعلامية أو من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنهم فوق القانون أو أنهم في معركة دفاعية عن شرفهم المزعوم.

الأمر يصبح غريبًا حينما نرى بعض (المشخصاتية) يصفون الأفعال المشينة بأنها أخطاء شخصيه لا تستحق التوقف عندها، بينما في الواقع لا نجد أحدًا يدافع عن الشرف أو المبادئ سوى هؤلاء الذين تخلوا عن كل شيء من أجل الشهرة الرخيصة.

هذا التكتل، وهذه الوقفة المستميتة من قبلهم لدعم من يقع في مشكلة، بغض النظر عن حجم الخطأ الذي ارتكبه، تدفعنا للتساؤل: ما الذي يدفع هؤلاء إلى الدفاع عن مثل هذه التصرفات اللامسؤولة؟

هل أصبح هذا هو المعيار الجديد للنجومية والاحترام؟، هل أضحى الفعل المشين مدعاة للثناء والتأييد فقط لأن من ارتكبه هو شخصية عامة تنتمي إلى فئة معينة من المجتمع؟ وهل يجب على الجمهور أن يقبل بتبريرات هزلية كما لو أن هؤلاء فوق القانون؟

في واقع الأمر: هذا التكتل لا يعكس فقط انعدام الوعي المجتمعي، بل يعكس أيضًا انحرافًا ثقافيًا خطيرًا، فـ (المشخصاتية) وأمثالهم أصبحوا في نظر الكثيرين – للأسف – قدوة لما يجب أن يكون عليه الإنسان في المجتمع.

لكننا نعلم جميعًا أن هذه الفئة لا تروج إلا للسطحية، وتهدم كل ما يتعلق بالقيم الحقيقية من أجل إظهار أنفسهم بمظهر الضحايا أو المظلومين وكأنهم يعتقدون أنهم إذا كانت لديهم القدرة على حشد أكبر عدد من المؤيدين، فإن ذلك سيمنحهم الحق في تجاوز أي قانون أو تقليد اجتماعي محترم.

وفي هذا السياق، يمكن أن نلاحظ ظاهرة أخرى، وهى كيفية تدافع هذه الفئة عن فيلم (الست) وهو أحد الأمثلة الواضحة على كيف أن هؤلاء يقومون بتقديم الدفاع عن أفعال فنية أو ثقافية مشكوك في قيمتها.

في نفس الوقت الذي يتبنون فيه مواقف رخيصة دفاعًا عن من هم في أزمات، تجدهم يتوحدون في دفاع غير مبرر عن منتج ثقافي لا يحمل في طياته أي قيمة فنية حقيقية.. هذه الحملة الدفاعية العمياء تؤكد لنا أن الغاية عندهم ليست المصلحة العامة، بل الاستفادة الشخصية من هذه الفوضى الإعلامية التي يخلقونها.

محمود عطية يكتب: ثورة (المشخصاتية) الزور!
إنهم لا يقفون عند الحدود المعقولة للدفاع، بل يزجون بأنفسهم في معركة دفاعية حتى عن التهم القانونية

الدفاع عن فيلم (الست)

ما يزيد الأمر سوءًا هو أن هذه الفئة من (المشخصاتية) تعتقد بأنها فوق الجميع، وأن ما يفعلونه هو أمر طبيعي وأن لهم الحق في الحصول على هذا النوع من الدعم غير المبرر، بينما يعاني باقي أفراد الشعب من مشاكل حقيقية لا تجد حتى أذنًا صاغية.

في الوقت الذي نجد فيه مئات الآلاف من المصريين يعانون من غلاء الأسعار أو مشاكل اجتماعية حقيقية، نجد أن هذه الفئة التي لا تساهم في حل أي من هذه القضايا، تجد نفسها محط اهتمام دائم من الإعلام، مما يزيد من حدة التناقض بين الطبقات الاجتماعية في مصر.

وفي هذا السياق، إذا كانوا يدافعون عن فيلم (الست) وعن أي قضية شخصية لكل منهم، فإنهم لا يقفون عند الحدود المعقولة للدفاع، بل يزجون بأنفسهم في معركة دفاعية حتى عن التهم القانونية التي قد تصل إلى مخالفات صارخة.

إذا تحدثنا عن القوانين، نرى أنهم يتعاملون مع هذه القوانين كأنها غير قابلة للتطبيق عليهم. وكأنهم فئة استثنائية، تحتل موقعًا أعلى من باقي أفراد الشعب، بل وكأننا في معركة مع الشعب، لا مع القانون.

هل يعقل أن يكون هؤلاء (المشخصاتية) فوق القانون؟، وهل يعقل أن يُسمح لهم بتكرار الأخطاء والإفلات من العقاب لمجرد أنهم ينتمون إلى فئة من الناس يُطلق عليها المشخصاتية؟، أعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة واضحة.

فهذه الفئة يجب أن تعرف أن الشعب لا يُحكم عليه بما يرتديه أو ما يقال عنه في الإعلام، بل يُحكم عليه بما يقدمه من قيم حقيقية.. إذا كانت هذه القيم هى سلوكيات الابتذال والشهرة الرخيصة، فإن المجتمع الذي نعيش فيه سيبقى في حالة من التدهور المستمر وعسي ان يعلموا أن دوام الحال من المحال

الخلاصه يا سادة: إن تكتل هذه الفئة لدعم أفرادها في كل مرة يُساء فيها التصرف لا يعكس سوى هشاشة قيمهم، وعدم قدرتهم على التحلي بأي نوع من المسؤولية  الاجتماعية.. يجب أن يعي الجميع أن الدفاع عن الباطل، وتقديم التبريرات له، ليس إلا تعزيزًا للمشاكل المجتمعية التي نواجهها يومًا بعد يوم.

المجتمع بحاجة إلى نهضة حقيقية لا إلى مزيد من الإلهاء والتهريج.والعري والتكتل المذموم وان الشعب لا ينسي  وكلامي هذا ليس دفاعا عن من قام بالتصوير فهم اصلا من يشجعوهم حتي لو كانوا من مواقع مجهولة.

* المحامي بالنقض منسق ائتلاف مصر فوق الجميع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.